موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحقيق أمريكي: إنفاق الإمارات ببذخ لتجميل صورتها انتهى بفشل ذريع

179

قال تحقيق أمريكي إن أنفاق النظام الحاكم في دولة الإمارات ببذخ وبذله جهوداً جبارة من أجل تجميل صورته وتصوير الدولة على أنها واحة التسامح والتنوع في منطقة الخليج انتهى بفشل ذريع.

وجاء في التحقيق الذي نشره موقع (لوب لوغ) الأمريكي أن سياسات النظام الإماراتي ونهجه القائم على القمع وتقييد الحريات أثبتت أن استثماره في تجميل صورة الدولة هو استثمار رخيص حيث ينفق أموالاً باهظة في مشاريع تافهة بينما قدسية حرية البحث وعدالة المحاكمة لا وجود لها.

واستعرض التحقيق شهادة شانا مارشال مديرة في مشروع أبحاث ومعلومات الشرق الأوسط بواشنطن، تناولت فيها حادثة اعتقال السلطات الإماراتية الأكاديمي البريطانية ماثيو هيدجيز منتصف العام الماضي.

وتم اعتقال هيدجيز في مايو/أيار 2018، علما أنه كان في حينه باحث يعد للدكتوراه في جامعة دورهام – وهو يقوم بأبحاث ميدانية.

وقد ظل هيدجيز في حبس انفرادي لمدة سبعة أشهر، حيث تعرض للاستجواب بشكل يومي مع حرمانه من أي تواصل مع محام.

وتم القبض على هيدجيز في مطار دبي أمام أعين والدته التي كانت تعيش هناك بعد أن أوصلته كي يستقل الطائرة عائداً إلى بريطانيا. ولم تظهر أنباء القبض على ماثيو في الأخبار إلا بعد القبض عليه بنحو 6 أشهر، عندما لجأت أسرته للإعلام بعد فشل المحاولات الدبلوماسية للإفراج عنه.

وأبرزت مارشال محاكمة ماثيو هيدجيز بتهمة التجسس لصالح الحكومة البريطانية، وأدين وصدر الحكم عليه بالسجن مدى الحياة، لكن تم العفو عنه بعد أسبوعين وترحيله إلى بريطانيا.

والسلطات الإماراتية لا تزال مصرة على أن ماثيو هيدجيز كان يعمل جاسوساً لصالح المخابرات البريطانية، وتدلل على ذلك بفيديو له وهو يعترف  بالإجبار بمحاولاته لاكتشاف أسرار الإمارات العسكرية، بما فيها تفاصيل عمليات شراء الأسلحة.

وعلقت مارشال على ذلك “عندما ألقي القبض عليه كنت أعمل أنا وماثيو على مشروع بحثي بشأن دور المؤسسات المالية في تسهيل إقامة مشاريع إنتاج أسلحة في بعض الدول الخليجية”.

وقالت “في آخر رسالة بريدية منه بتاريخ 26 إبريل/نيسان قال إنه حدد موعداً لمقابلتين مع مسؤولين إماراتيين يعملون في مكاتب شركة أمريكية بارزة تعمل في مجال الأسلحة هناك، بينهما الشخص المسؤول عن اتفاقيات المشاركة الصناعية التي تنقل الخبرات التقنية من عمليات شركة لوكهيد الأمريكية للشركات المحلية في الإمارات. ولكن تم القبض عليه بعدها بعدة أيام.

ربما يعتقد الشخص العادي أن الوصول لمعلومات هامة ومفصلة عن أنظمة التسليح أو القدرات العسكرية لأي دولة يتطلب مهارات خاصة أو شبكة اتصالات على أعلى مستوى ربما لا يمتلكها إلا جاسوس، لكن حقيقة الأمر هي أن الغالبية العظمى من تلك المعلومات متاحة وموجودة في مصادر مفتوحة يمكن لأي شخص لديه اتصال بالإنترنت أن يصل إليها!

وتروي مارشال كيف واصلت هي وزميلها المعتقل البحث واعداد التقارير عن صناعة الأسلحة “التي يعمل فيها عدد ضخم من الموظفين والمهنيين في مجالات الاستشارات والمعلومات والعلاقات العامة وجماعات الضغط وتنظيم المعارض والمؤتمرات الخاصة بالصناعة، إضافة لصحفيين وناشرين لتقارير وأبحاث خاصة بتلك الصناعة ومجلات ونشرات إخبارية وقواعد بيانات”.

ولكن على الرغم من أن قواعد البيانات تلك عبارة عن مصادر معلومات مفتوحة ومتاحة للجميع، إلا أنه من الصعب جداً الوصول للمعلومة المطلوبة، نظراً لوجود ملفات ضخمة ومعلومات متناثرة وربما لا يعرف من يريد معلومة محددة أين يبحث أو حتى عن ماذا يبحث.

ونظراً لوجود أعداد كبيرة من الشركات والهيئات التي تعمل في مجالات الأسلحة، سواء كانت حكومية أو خاصة، فهم دائماً يدفعون أموالاً طائلة لأي شخص لديه خلفية جيدة في كيفية الوصول للمعلومات التي يحتاجونها كي يتولى بنفسه البحث عن تلك المعلومة وسط هذا الكم الهائل من المعلومات.

“حتى وقت قريب لم تكن تتوفر معلومات كثيرة حول مغزى قيام أكاديمي بأبحاث تحلل الأنشطة العسكرية في دول الخليج، ببساطة لأنه لم يكن هناك معلومات من الأساس كي يتم تحليلها، باستثناء بعض التدريبات الرمزية المشتركة والأبحاث الاجتماعية حول تشكيلات القوات المسلحة في المنطقة، ومشاركات إماراتية محدودة في عمليات غير قتالية في أماكن مثل كوسوفو، وتركزت الدراسات والأبحاث الأكاديمية على دراسة الخليج في إطار إعادة تدوير «دولارات النفط» (استبدال فائض رأس المال من عائدات النفط بالمعدات العسكرية الغربية باهظة التكاليف) أو الخليج كموضوع للتدخل العسكري، ولكن لم تكن هناك دراسات حول كون الإمارات عميلاً لشركات التصنيع العسكري.

لكن ضعف قبضة السيطرة الأمريكية في الخليج في أعقاب حرب العراق الكارثية والأزمة المالية العالمية في 2008، إضافة للتوسع الدرامي لسلاسل الإمداد العسكري وأبحاث التسليح في الخليج، أدت لاحتمالية وجود مجال بحثي واعد، ومن خلال دراستي الممتدة لهذا الموضوع توفرت لدي معلومات كثيرة عن أنظمة التسليح وقدراتها وأسعارها وتأثيرها وأساليب بيعها وأين يتم تصنيعها والأنظمة واللوائح ذات الصلة.. إلخ.

تعلمت هذه التفاصيل ليس لأنني جاسوسة، ولكن لأنني أردت أن أفهم كيفية ومدى تأثير السياسات المالية لشركات التسليح متعددة الجنسيات على حركة التسليح في منطقة الخليج.

وعلى الرغم من أنني قضيت أوقاتاً طويلة في المنطقة كطالبة دراسات عليا، إلا أنني لم أسافر قط إلى الإمارات، حيث توفرت لدي معظم ما كنت أبحث عنه من معلومات من خلال المصادر المفتوحة عبر الإنترنت وأنا موجودة في واشنطن، والآن بعدما تعرض له ماثيو بالطبع ربما لن أقدم أبداً على مخاطرة زيارة الإمارات تحت أي ظرف من الظروف!

جواسيس أم طلاب علم؟.. السلطات الأوتوقراطية الديكتاتورية التي تتمتع بدعم مطلق من واشنطن والدول الغربية تتهم أعداءها من الساعين للديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان بأنهم عملاء للغرب وللولايات المتحدة!

اصيت  تلك الأنظمة بداء الارتياب المرضي الذي يجعلها غير قادرة على التفريق بين الباحث الأكاديمي والجاسوس، وربما كنت سأتعاطف مع السلطات الإماراتية لو أنها لم تقم بترويع ماثيو واستجوابه بصورة تخلو من أدنى الاحترام لحقوقه وحرمانه من حق الدفاع عن نفسه وحبسه انفرادياً لسبعة أشهر.

ولنتصور هنا أن سوريا هي من قبضت على ماثيو واحتجزته معزولاَ لمدة سبعة أشهر في حبس انفرادي ولم تسمح له سوى بزيارة واحدة لا معنى لها من محامٍ وحكمت عليه بالسجن مدى الحياة في محاكمة هزلية استغرقت خمس دقائق، وماذا لو كانت إيران هي من قامت سلطاتها الأمنية بقتل الباحث الإيطالي ريجيني كما فعلت مصر عام 2016 وشاركت أذرع النظام كله في التغطية على الجريمة؟ كيف كان رد الفعل سيكون وقتها؟

إن المعايير المزدوجة التي يتم تطبيقها في مثل هذه الحالات من جانب الحكومات الغربية وواشنطن هي ما يشجع الإمارات على أن تواصل تلاعبها بالقوانين وتعديها على الحريات بهذا الشكل الفج دون أي اعتبار لرد فعل أو عقاب من المجتمع الدولي طالما تواصل مراكز تحسين الصورة عملها بكفاءة.

تضيف مارشال “الورقة البحثية المشتركة التي كنت أخطط مع ماثيو لإنجازها كانت تركز على التدقيق في دور المؤسسات المالية العالمية (القطاع الخاص والأموال المخفية والبنوك الدولية) في دعم نمو هيكل صناعة تسليح في الخليج، من خلال أموال النفط وجيل جديد من الحكام مهووسين بالقوة واستعراضها من خلال التدخل في شؤون غيرهم، مما جعل الخليج ليس فقط أكبر مشترٍ للأسلحة ولكن أيضاً شريكاً في صناعة التسليح”.

لم تعد قصة الإمارات اليوم هي قصة دبي كمركز مالي وتجاري عالمي، بل هي قصة أبوظبي كلاعب إقليمي بارز في مجال تطوير الأسلحة ذات التقنيات العالية، وتتمثل أهمية هذه الورقة البحثية في أن مواقع الإنتاج العسكري الناشئة تلك تمثل صعوداً جديداً وخطيراً لأيديولوجيات التدخل في شؤون الغير عسكرياً وسياسياً حيث بدأت تظهر آثارهما من خلال التدخل المسلح في اليمن وليبيا والقرن الأفريقي.

في هذا الإطار يأتي القبض على ماثيو واحتجازه كرسالة واضحة من السلطات الإماراتية بأن البحث في صناعة الأسلحة المتنامية داخل الدولة ممنوع، بنفس القدر من الملاحقة والتعذيب والسجن الذي يتعرض له الباحثون في مجال حقوق الإنسان هناك.