موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

بالفيديو: شواهد على انتكاسات حلف الثورة المضادة بقيادة الإمارات

526

يقود النظام الإماراتي وحلفائه في السعودية وبشراكة كاملة مع الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل حلف الثورة المضادة لإفشال موجات الربيع العربي المطالبة بالحرية والتغيير وإنهاء حكم العسكري السلطوي.

وقد حقق حلف الثورة المضادّة العربية عام 2013 نجاحات كبيرة، في مقدمتها الإطاحة الثورة المصرية وتجربة الحكم الديمقراطي في مصر ودعم انقلاب عسكري ضدهما.

يضاف إلى ذلك دعم صعود ميليشيات خليفة حفتر في ليبيا، وإعادة تأهيل علي عبد الله صالح في اليمن، وشيطنة جماعة الإخوان المسلمين عبر العالم العربي، ووصمها بالإرهاب، وحظرها في بعض الدول.

لكن مؤخرا يمر تحالف الثورة المضادة بمأزقٍ حقيقيٍّ، ليس فقط بسبب تجدّد الحراك الشعبي في السودان والجزائر، والصعوبات السياسية والميدانية التي تواجهه في اليمن وليبيا، بل أيضا، لأن هناك تصدعا داخل هذا التحالف، يهدّد بانفراط عقده في أي لحظة.

وفيما كان الدور الإماراتي السعودي خفيا في قيادة حلف الثورة المضادة بسبب عوامل كثيرة، أولها غموض هذه الثورة وانقسام الشعوب وأنصار التغيير تجاهها بحيث كان من الصعب إقناع المواطن في مصر وسوريا واليمن ودول أخرى، بحقيقة الدور الذي يقوم به النظامان في أبو ظبي والرياض عبر الإقليم، وحقيقة نظم الثورة المضادة الجديدة كنظام عبد الفتاح السيسي في مصر.

لكن هذا الدور في حلف الثورة المضادة أصبح حاليا مكشوفا ومفضوحا بعد أن تكرس دوره التخريبي بحيث باتت لا تخلو مظاهرة ضمن موجات الربيع العربي المتجددة خصوصا في السودان والجزائر إلا وتطالب بوقف أي تدخل تخريبي للإمارات والسعودية.

ويطمع النظام السعودي فقد تولى فعلياً زعامة النظام العربي، مستفيداً من ثروته الضخمة وأيديولوجيتيه الدينية، والصورة التي رسمها لنفسه عقوداً أنه مدافع عن الإسلام والشعوب العربية. بل مدافعاً عن التغيير والثورات نفسها في سورية واليمن.

من جهته لعب النظام الإماراتي على أوتار التحديث، وصورة دبي وصورة إمارات الشيخ زايد في وجدان عربٍ كثيرين. ولذلك كله، دعم عربٌ كثيرون، بما في ذلك أنصار الثورة والتغيير، التدخل السعودي الإماراتي في اليمن عام 2015، ضد انقلاب الحوثيين وشريكهم علي عبد الله صالح، الذين أدى السعوديون والإماراتيون أنفسهم دوراً كبيراً في إعادة تأهيله.

واستضافت السعودية قوى المعارضة السياسية السورية، وظل كثيرون يحلمون بتدخل غربي – عربي في سورية نصرة للثورة ضد نظام بشار الأسد.

ولذلك استمرت الثورة العربية المضادة في منحنىً تصاعدي سريع وخطير، وصل إلى أوْجه  بصعود دونالد ترامب إلى سدة الحكم في أميركا في 2017.

ويبدو أن هذا الحدث أخرج الثورة المضادة عن عقالها، وجعلها تتخلى عن أي محاولةٍ للتخفي أو الحذر، فمنذ صعود ترامب، تحولت الثورة المضادّة نحو إسرائيل واليمين المتطرّف بشكل فاق التصور، وجعل دولها، وفي المقدمة السعودية والإمارات، تخسر كثيراً من دعم الجماهير العربية التقليدي لهما.

بعد صعود ترامب، صمتت نظم الثورة المضادّة على نقل ترامب سفارة بلاده إلى القدس، وتعاونت مع إدارته في ما تسمى صفقة القرن، التي رفض الفلسطينيون، بمختلف توجهاتهم، المشاركة فيها، باعتبارها محاولة واضحة لتصفية قضيتهم.

كما تعاونت نظم الثورة المضادّة بشكل علني غير مسبوق مع إسرائيل، حيث تم استقبال مسؤولين إسرائيليين بشكل متكرر في الإمارات. وسمح نظام السيسي للطيران الإسرائيلي بضرب أهداف في سيناء.

وتقاربت السعودية بشكل غير مسبوق مع إسرائيل التي باتت تدافع بقوة عن سياسات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وأخطائه، وهو الذي صعد سياسياً بدعم أميركي.

الحماية التي وفرها ترامب لنظم الثورة العربية المضادة دفعها إلى التوحش داخلياً وإقليمياً، فاغتال مسؤولون سعوديون كبار (يشك أن ولي العهد السعودي من بينهم) الكاتب السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول، وقام الرئيس المصري وقائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي، بتعديل الدستور بما يسمح ببقائه في السلطة أكثر من مدتين، وترك الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي يموت في محبسه من دون أن يوفر له الرعاية الصحية الضرورية.

وفي ليبيا دعمت الثورة المضادّة قوات خليفة حفتر للتوسع في شرق ليبيا وجنوبها، حتى انتهى به الحال بالهجوم العسكري على العاصمة طرابلس، مقر الحكومة المعترف بها من الأمم المتحدة، ومحاولة السيطرة عليها بالقوة.

واستمرت الحرب في اليمن بلا نهاية في الأفق، وبغض النظر عن تكاليفها الاقتصادية والإنسانية المدمرة لليمن، الذي يواجه أكبر مأساة إنسانية حالية، من حيث انتشار الفقر والمجاعة.

واقع التراجع..

لكن الصعود السابق حلف الثورة المضادة لم يكن بلا حدود أو موجات ارتدادية قوية، ففي ليبيا، توقفت قوات حفتر  جنوب طرابلس، وباتت عرضة لخسائر متتالية.

وفي اليمن، بات ينظر إلى قوات التحالف باعتبارها قوات احتلال من بعض أبناء المناطق المحرّرة، كما عجز التحالف عن تحقيق نصر سريع أو جادّ.

وأصبحت المملكة السعودية نفسها عرضةً لهجمات متتالية من طائرات سلاح الجو المسير التابع للحوثيين، في معادلة ردع جزئي جديدة، فيما قررت الإمارات انسحاب أو إعادة انتشار قواتها المشاركة في الحرب.

أما حكومة إسرائيل، شريك نظم الثورة المضادة العربية، فتتوجه باستمرار نحو اليمين المتشدّد. ويواجه رئيس وزرائها، بنيامين نتنياهو، اتهاماتٍ بالفساد، أعجزته عن تشكيل حكومة جديدة بعد الانتخابات أخيراً، واضطرته إلى إعادتها. هذا بالإضافة إلى البداية المتعثرة لصفقة القرن، التي غاب الفلسطينيون عن ورشتها الاقتصادية الأولى في عاصمة البحرين.

وأهم من كل ما سبق، انفجار الربيع العربي في بلدين جديدين وكبيرين؛ الجزائر والسودان، وإطاحته رأسي النظام في البلدين. وعلى الرغم من التحديات التي يواجهها دعاة التغيير فيهما، ومحاولة الثورات المضادّة الالتفاف على الثورتين، من خلال دعم قيادات استبدادية بديلة، إلا أن الثورتين الجزائرية والسودانية، دليل على أن التغيير في بقية الدول العربية مسألة وقت.

مؤشّر آخر يبرز حالة التصدّع في هذا التحالف، ويتعلق بما يحدث في السودان، فمصلحة نظام السيسي، وإن كانت تقتضي الالتفاف على الحراك الشعبي، وإعادة إنتاج نظام عمر البشير بصيغةٍ أو بأخرى، إلا أنه معنيٌّ، أيضا، بالحفاظ على الحد الأدنى من الاستقرار والسلم الأهلي، بمعنى أن مصلحة النظام المصري في حلٍّ سياسيٍّ لا تتطور معه الأمور في السودان إلى ديمقراطية عربية ثانية، على غرار التجربة التونسية، وفي الوقت نفسه، يَحول هذا الحلُّ دون انهيار الدولة والمجتمع في السودان، لما لذلك من تداعيات أمنية واجتماعية على مصر. وإذا أضفنا إلى ذلك الحسابات المرتبطة بحاجة مصر لجارها الجنوبي، لتعزيز موقفها بشأن قضية سد النهضة، يصبح أي انفلاتٍ سياسيٍّ أو أمنيٍّ في السودان مصدرَ تهديد حقيقي للمصالح المصرية.

وبالنسبة للسعودية والإمارات، فحتى وإن تقاطعتا مع مصر في الاستراتيجية القاضية بإقصاء الإسلاميين، واجتثاثهم من المشهد السياسي، إلا أن الحسابات المصرية لا تدخل ضمن منظورهما للوضع في السودان، فهما معنيتان، أكثر، بإجهاض أي تحول ديمقراطي فيه، مهما كانت التكاليف، لأن نجاح هذا التحول سيعطي زخما آخر للربيع العربي، بعد تجدّد الاحتجاجات في الجزائر، واقتراب موعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية في تونس، بكل ما يعنيه ذلك بالنسبة للديمقراطية التونسية، ما يعني أن هناك مخاوف سعودية وإماراتية متنامية من أن يصبح السودان، بكل ثقله الجيوسياسي، نقطة انطلاق لمتغيرات جديدة في منطقة القرن الإفريقي.

هذا يعني أن الثورة المضادّة موجاتٍ تخضع لقانون المدّ والجزر. وقد استفادت في بدايتها من عدم وعي الجماهير العربية بحقيقتها، أو بطبيعة نظمها وأساليبها، ومن الدعم الدولي الكبير الذي حصلت عليه من حكومة ترامب، وكذلك من انقسام دعاة التغيير أنفسهم.

ولكن السنوات الست الأخيرة أسقطت أوراق توتٍ كثيرة عن مختلف نظم الثورة المضادة، وفي مقدمتها السعودية والإمارات. كما أظهرت أن لقدرات نظم الثورة المضادّة حدوداً، فعلى الرغم من كل مواردها المالية والعسكرية، تقف نظم الثورة المضادّة عاجزةً عن تحقيق أي تقدم حقيقي في اليمن وليبيا وفي مواجهة إيران.

هذا بالإضافة إلى انفجار ثورتي السودان والجزائر، في رسالة واضحة بأن التغيير في مختلف الدول العربية مسألة وقت. ولعل تغير الإدارة الأميركية في الانتخابات الرئاسية المقبلة (2020) أو التالية لها (2024)، قد يقوّض جزءاً أساسياً من الدعم الدولي للثورات المضادّة العربية.

بالتالي كشفت السنوات الست الماضية بوضوح أن لمدّ الثورات المضادّة حدوداً، وأنه عرضة للتراجع والتقهقر ولو جزئياً، وربما للانحسار التدريجي أمام رغبة الشعوب العربية في التغيير، التي تنفجر تلقائياً في دولةٍ بعد أخرى. وهو تغيير لن يكون سهلاً بأي حال، ولكنه يبدو قادماً لا محالة.

وعلى الرغم من أن الكثير من المؤشرات الحاصلة قد لا تعكس، في الظاهر أزمةً انهيار فورية في طبيعة الاصطفافات المُشكِّلة لتحالف الثورة المضادة، إلا أن تطوّرها قد يدفع بها إلى إنتاج توازنات جديدة في المنطقة.