موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

إمارات لتكس ترصد تورط مشبوه مجددا للإمارات في تونس

340

شكلت إدانة رجل الأعمال لطفي جمعة شقيق رئيس الحكومة الأسبق ورئيس حزب البديل التونسي مهدي جمعة بالسجن المقرب من النظام الحاكم في الإمارات كدليل جديد على التورط المشبوه لأبو ظبي في تونس.

وقد أدانت محكمة تونسية لطفي جمعة بالسجن في قضايا تتعلق بالفساد، وهي إدانة أعادت إلى الواجهة الاتهامات الموجهة إلى مهدي جمعة خاصة أن شقيقه كان همزة الوصل بينه وبين الإماراتيين وحلفائهم في ليبيا، فكيف استغل رئيس الحكومة التونسية الأسبق منصبه لنيل مكاسب عائلية على حساب أمن الدولة ومصلحتها العليا.

الدائرة الجنائية المختصة في قضايا الفساد المالي بالقطب الاقتصادي المالي بالعاصمة تونس، قضت بسجن لطفي جمعة لمدة عشر سنوات نافذة مع تخطئته بمبلغ مليون و971 ألف دينار، وبنفس الحكم في حق متهم ثانٍ وبـ8 سنوات سجنًا في حق فتاة وتخطئتها بـ37 مليونًا وذلك في قضية فساد مالي.

ووجهت المحكمة لشقيق جمعة، تهم طبقًا للفصل 96 من المجلة الجزائية المتعلق باستخلاص فائدة لا وجه لها لنفسه أو لغيره والإضرار بالإدارة ومخالفة التراتيب الجاري بها العمل لتحقيق الفائدة أو إلحاق الضرر المشار إليهما.

وتعود أطوار هذه القضية إلى ما يعرف بـ”مشروع نور لاستخراج الملح والمواد المعدنية” بمحافظة صفاقس، حيث استغل وزير الصناعة ورئيس الحكومة الأسبق مهدي جمعة نفوذه ومناصبه السياسية لمنح أشقائه الثلاث صفقة تقدر أرباحها الأولية بعشرات المليارات واستغلال 3600 هكتار في محافظة صفاقس (جنوب) لاستخراج الملح، وفق تحقيق استقصائي لصحيفة “الشروق” المحلية.

تتعلق القضية، بمنح صفقة استغلال مواد معدنية من المجموعة الرابعة (مادة الملح) والمعروفة بصفقة نور بمحافظة صفاقس لفائدة شركة “تونزيان سالت كاميني” التي تعود ملكيتها لشقيقه لطفي واثنين من العائلة، وذلك بطريقة غير قانونية.

وتمكن لطفي مهدي جمعة في أثناء تولي شقيقه منصب رئاسة الحكومة، وفق الشروق التونسية، من تكوين 7 شركات مختصة في الإعلام والعجلات المطاطية والخدمات النفطية والاستثمار والتجارة كما تسبب في إفلاس شركات حكومية حتى يتسنى له الحصول على صفقات عمومية وهو ما تم فعلاً على غرار شركة “ستيب” التي مول التحركات الاحتجاجية داخلها لإفلاسها.

وتقول الصحيفة التونسية أيضًا، إن شقيق مهدي جمعة، تورط في التحريض على إضرابات داخل شركات نفطية حتى تتمكن شركته من الحصول على صفقات في فترة تولي شقيقه منصب وزير الصناعة في حكومة علي عريض، وذلك قبل أن يتولى منصب رئيس الحكومة.

تدخل مهدي جمعة لفائدة شقيقه، لم يكن على حساب الاقتصاد الوطني فقط، بل أيضًا على حساب أمن واستقرار البلاد، حيث رهن القرار السيادي للدولة التونسية حين توليه منصب رئيس الحكومة لجهات أجنبية، حتى يجني هو وأخيه امتيازات مالية خاصة.

وتقول تقارير إعلامية إن جمعة أدرج في أثناء توليه منصب رئاسة الحكومة التونسية، أكثر من 250 شخصية سياسية ليبية بارزة تلعب دورًا فاعلاً في المشهد الليبي على قائمة الممنوعين من الدخول إلى تونس، ومن بين الممنوعين رئيس حزب الوطن عبد الحكيم بلحاج والشيخ علي الصلابي المحسوبين على ثورة فبراير.

أدى هذا الأمر إلى استبعاد تونس من أي دور إقليمي في الأزمة الليبية، على الرغم من أنها الأقرب والأكثر تأثرًا بالتطورات الراهنة في هذا البلد العربي، والجدير بالذكر أن هذا القرار الصادر عن جمعة كان باقتراح من أخيه لطفي، وكانت الإمارات حينها قد طلبت من لطفي التوسط لدى مهدي جمعة حتى يصدر هذا القرار للضغط على الليبيين.

كما أشارت تقارير إعلامية، للعلاقة الوثيقة التي تربط بين شقيق مهدي جمعة بحكام الإمارات واللواء المتقاعد في ليبيا خليفة حفتر الذي لا يعترف بشرعية حكومة الوفاق الوطني التي يقودها فائز السراج، وهو ما أثر على سيادة البلاد وقرارها، حيث كان القرار التونسي في تلك الفترة مرتهنًا للإماراتيين.

وخلال شغل جمعة منصب رئيس الحكومة، عاد سفير دولة الإمارات العربية المتحدة، إلى تونس بعد غياب دام أكثر من أربعة أشهر، احتجاجًا على تصريحات سابقة للرئيس التونسي، آنذاك، المنصف المرزوقي بشأن ثورة 30 يونيو في مصر والموقف الإماراتي من جماعة الإخوان المسلمين.

واستغل مهدي جمعة منصبه الحكومي عندما كان وزيرًا للصناعة وعندما كان رئيسًا للوزراء أيضًا، ليتحول إلى شبكة سياسية واقتصادية، تمكنت من بعض دواليب الدولة فضلاً عن المؤسسات الخاصة التي استحوذ عليها صحبة أخيه لطفي.

وقد استغل جمعة منصبه كذلك للتقرب للإماراتيين، ما مكنه من جمع أموال طائلة من أبو ظبي لمساعدته على تنفيذ أجندته في البلاد، فهو يطمح أن يكون بديلاً للماسكين بالحكم في تونس الآن، فهو يرى نفسه أحق منهم بذلك.

تلقى مهدي جمعة، مبالغ مالية كبيرة، هو وصهره، من دولة الإمارات العربية المتحدة، وفقًا للعديد من التقارير الإعلامية، حتى يؤسس حزبًا يكون بديلاً لحركتي النهضة ونداء تونس بعد فشل باقي الأحزاب على منافسة هذين الحزبين، وهو ما حصل في مارس/آذار 2017، حيث أسس حزب “البديل التونسي” الذي يهدف حسب قوله إلى استكمال المسار الديمقراطي، بعد أن أنشأ في صائفة 2016 مركزًا للدراسات أطلق عليه “تونس البدائل”.

وقبل أيام، وجه مهدي جمعة، ما أسماه “نداء الفرصة الأخيرة إلى القوى السياسية العصرية المنحازة إلى التقدم والإصلاح، للالتقاء في جبهة انتخابية موحدة في برنامج انتخابي مشترك بديل عن التشتت الحاليّ”، وحمّل كل الأطراف “مسؤولية عدم الدخول في توافقات جدية وسريعة والتعاقد على رؤية وبرنامج وفريق عمل، لتحويل الأغلبية في المجتمع إلى أغلبية في الحكم، من أجل إعادة التوازن المفقود في الساحة السياسية، ولتوجيه رسالة قوية للتجميع في الاستحقاق الانتخابي المقبل”.

ومن المنتظر أن يكثف مهدي جمعة في هذه الفترة التي تسبق الانتخابات نشاطه، في مسعى منه إلى تجميع أكثر عدد ممكن من الأحزاب حول مشروعه لتنفيذ مشاريع الأجانب في تونس، فهو لا يعدو أن يكون سوى منفذ بمهمة في تونس، وفقًا لعديد من المتابعين للشأن العام في البلاد.

وسبق للأمين العام السابق للاتحاد العام التونسي للشغل حسين العباسي (المركزية النقابية)، أن انتقد مهدي جمعة، قائلاً إنه نادم على اختياره مهدي جمعة رئيسًا للحكومة نظرًا لزلاته التي اكتشفها لاحقًا كمحاولة إجهاض الحوار الوطني، وأوضح العباسي أنه في البداية وقع اختياره على جمعة نظرًا لحياده، ولكنه اكتشف بعد ذلك أنه لم يكن أهلاً لتلك الثقة و”المباركة”، فـ”جمعة كان يتحين الفرص للترشح لرئاسة الجمهورية”، حسب العباسي.

ويرى تونسيون، أن فترة وجود مهدي جمعة على رأس حكومة بلادهم، اتسمت بالتقارب التونسي الكبير مع الأمارات، وأيضًا مع حفتر وجماعته، رغم أن البلاد التونسية مطالبة بالحياد في الأزمة الليبية والعمل على إيجاد حلول ترضي الشعب الليبي.

يفسر الدعم الإماراتي الكبير لمهدي جمعة وعائلته، برغبة الإماراتيين في إيجاد أكبر عدد من الحلفاء لهم في تونس، حتى يتمكنوا من تنفيذ أجنداتهم هناك، والمتمثلة في إفشال ثورات الربيع العربي ومنع وصولها إليهم مهما كلفها ذلك، وقد أفلحت في جزء كبير من مسعاها، حيث أفشلت ثورة مصر واليمن وليبيا وها هي تعمل على إفشال ثورة تونس.

وتأتي هذه المحاولات من أبوظبي لإيجاد كيانات سياسية بعد أن أدار السبسي ظهره لأبوظبي حتى لا تشهد بلاده إعادة إنتاج المشهد المصري، فأختار التوافق مع حركة النهضة عوض اقصائها وزجّ قياداتها في السجون كما تسعى له  أبوظبي رغم تلقى الباجي قائد السبسي في صيف 2014، أي قبل الموعد الانتخابي بأشهر قليلة، سيارتين مصفحتين من أعلى طراز من دولة الإمارات العربية المتحدة في شكل هدية لحمايته وحماية الفريق الساهر على مرافقته، حسب قول قيادات حزبه نداء تونس، في وقت كانت الصحافة الإماراتية تصف فيه نداء تونس بأنه حزب علماني في مواجهة حزب إسلامي أي النهضة التونسية.

فشل الرهان على الباجي قائد السبسي، حتّم على أبوظبي مواصل نهجها في الضغط على تونس اقتصاديا وديبلوماسيا وذلك بمواصلة تجميد عديد المشاريع الاستثمارية الإماراتية التي كان مبرمجا إنجازها في تونس ومواصلة وضع القيود المتعلقة بمنح تأشيرات الدخول إلى أراضيها بالنسبة إلى حاملي الجنسية التونسية، وتجميد كل أوجه التعاون بين البلدين، إلى أن تجد من ينفّذ أجنداتها هناك.

وفي يونيو الماضي أثار تقرير نشره موقع “موند أفريك” الفرنسي المختص بالشؤون الأفريقية بتوقيع رئيس تحريره نيكولا بو يوم الاثنين الماضي، حول إحباط انقلاب محتمل في تونس، مزيجاً من مشاعر الغضب والصدمة رغم علم التونسيين بمحاولات سابقة للإمارات والسعودية هادفة إلى تخريب ما أمكن من إنجازات الثورة الشعبية ونتائجها السياسية.

وكشف تقرير نيكولا بو، وهو أحد الصحافيين الذين يتمتعون بمصداقية عالية في عالم الإعلام الفرنسي والصحافة الاستقصائية خصوصاً، أن المخطط الإماراتي لم تكن السعودية ولا مصر ولا محيطين بالرئيس الأميركي دونالد ترامب بعيدين عنه، للتخلص من حركة النهضة والتيار الإسلامي عموماً، ومعه كل الطاقم السياسي الحاكم اليوم، وإعادة أركان النظام المخلوع إلى الواجهة من خلال تنصيب كمال مرجان (وزير دفاع زين العابدين بن علي) مثلاً في رئاسة الحكومة بدل يوسف الشاهد.

لكن وبحسب الموقع الإلكتروني الفرنسي فإن استخبارات فرنسا وألمانيا والجزائر اكتشفت المخطط وأبلغته إلى السلطات التونسية ليقوم الشاهد بإطاحة براهم فوراً وخصوصاً أن الأخير كان مفروضاً فرضاً على الشاهد “الذي لطالما كان محمياً من الرئيس الباجي قائد السبسي”.

والسيناريو المطروح ربما يكون “ماركة مسجلة” لأساليب تعاطي دولة الإمارات ومعها السعودية مع كل ما حصل في بلدان الثورات العربية، لجهة التخطيط مع قوى محلية نافذة، غالباً ما تكون عسكرية تنتمي إلى “الدولة العميقة” في هذه البلدان، على إعادة عقارب الساعة إلى ما قبل الثورات، وإعادة رموز تلك الأنظمة إلى السلطة تحت شعار ضرورة التخلص من الإسلاميين و”الإخوان المسلمين” تحديداً، ومن القوى المستقلة الرافضة لتبعية سلطات بلادها إلى مراكز النظام العربي الرسمي.