موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

دبي… عندما يضربها الفساد

198

إن الفساد هو واحد من أهم المشاكل التي تعرقل نهوض الدول النامية، ويترك أهلها في فقر. وذلك لأن الفساد يدفع المستثمرين للإحجام عن استثمار أموالهم في بلد لا تُحترم فيه الاتفاقيات مع المستثمرين الأجانب كما في دبي عندما يضربها الفساد.

للأسف فإن هذه المشكلة لا تعاني منها فقط جمهوريات الموز في أمريكا اللاتينية أو دول أفريقية غنية بالنفط؛ بل تعاني منها ما تسمى بالقوى الاقتصادية المتوسطة مثل دولة الإمارات التي وقع فيها مستثمر كندي ضحية لأكبر قضية احتيال في تاريخ الشرق الأوسط.

لقد ذهب الكثير من قادة المنطقة بعيدا في تشجيع الاستثمار الأجنبي في بلادهم، وعلى نحو مميز فإن محمد بن راشد حاكم دبي قطع شوطا كبيرا للترحيب بالمستثمرين العالميين مبشرا بفرص واعدة من الثراء لهم ولبلاده الماضية إلى اقتصاد متنوع ومنفتح يتجاوز عهد النفط، الإماراتيون لم يبنوا “برج خليفة” ليكون أعلى بناء شيده الإنسان، بل ليكون منارة عالمية، إن هذه الجهود الجبارة التي يبذلها الإماراتيون تتعرض للخطر بسبب مخالفات ارتكبتها عائلة سعودية من النخبة.

عاشت دبي طفرة عقارية كبيرة مطلع العام 2000، وقد قام عمر جمال عايش رجل الأعمال الكندي، بتأسيس شركة “تعمير القابضة للاستثمار” في دبي، وفي ذروة نجاح “تعمير القابضة” قام أفراد من عائلة الراجحي السعودية التي يصل نفوذها إلى كل الساحل الخليجي بمشاركته في عام 2005، من بين الأشقاء الخمسة عبد الله، رئيس مجلس إدارة كل من “الراجحي القابضة” وبنك الراجحي- أكبر بنك إسلامي في العالم- وأحمد، الذي تم تعيينه مؤخرًا كوزير للعمل والتنمية الاجتماعية في المملكة العربية السعودية ورئيسًا لغرف التجارة في المملكة.

في عام 2007 حققت شركة تعمير نجاحًا كبيرًا؛ وقبل اقتراح بطرح عام للاكتتاب قام بنك الخليج الدولي بتقييم محفظتها العقارية بخمسة مليارات دولار أمريكي، تبلغ حصة السيد عايش منها 25% أي 1.25 مليار دولار، وكان من شأن استمرار نمو تعمير أن يؤدي إلى تحقيق قصة نجاح مذهلة أخرى في دبي.

لكن الأشقاء الراجحي كان لديهم أفكار أخرى بخصوص حصة السيد عايش في الشركة التي قام ببنائها.

قامت عائلة الراجحي بتحويل أو “بيع” أصول شركة تعمير إلى شركات صورية تملكها بشكل احتيالي لتدمير شركة تعمير، وللاستيلاء على حصة عمر عايش وحقوق مئات المستثمرين الأجانب. وتشكّل تصرفات الراجحي احتيالًا ماليًا، واختلاسًا، وتضاربًا في المصالح، وإساءة للائتمان، واختلاسًا للأصول، بشكل يدل على أن الاحتيال يمثل أسلوب عمل.

لا حاجة لاستخدام كلمة “مزعومة” لوصف ما حدث، لأن المحكمة العليا في دولة الإمارات العربية المتحدة في عام 2018 أكدت وقوع ذلك، وكان حكمها لصالح عايش، لكن الأخوين الراجحي لم يقوما بتعويض عايش، وأبواب تعمير الآن محاطة بشريط أصفر، ويبدو أن دولة الإمارات ليس لديها آليات لإجبار الراجحي على القيام بذلك.

ومما يثير القلق بشكل خاص أن هذا الأمر يجري في ظل الحملة المفترضة التي يقوم بها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان (MBS)، لمحاربة الفساد بين كبار الأمراء والوزراء وكبار رجال الأعمال. لقد نجح الشقيقان-الراجحي في تجنب هذه الحملة حتى الآن، على الرغم من تاريخهما المثير للجدل.

القضية لها آثار أوسع بكثير؛ لأن كلا من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ترغبان في ترسيخ بلديهما كمراكز للتجارة الدولية التي تتحلى بأطر قانونية سليمة وتتمتع باستقرار سياسي، وفي الواقع، ونظرًا لأن حملة محمد بن سلمان (MBS) لمكافحة الفساد والتي يتفاخر بها تفتقر إلى الشفافية، فإن العديد من كبار أعضاء مجلس الوزراء يواصلون الفساد داخل حدود السعودية وخارجها.

إن تصدي ابن سلمان لعرقلة وزير في حكومته للإجراءات القضائية في قضية “تعمير القابضة” والتي هي ربما أكبر قضية احتيال في الشرق الأوسط سوف يثبت التزام ابن سلمان بالإصلاح، وسيُظهر للعالم بأن المملكة العربية السعودية على استعداد لدخول العالم الحديث.

لقد أسس السيد عايش “مؤسسة العدالة الدولية” إلى جانب المستشار القانوني للمؤسسة، المحامي العام الأمريكي السابق، وقاضي محكمة الاستئناف والمدعي الخاص “كينيث دبليو ستار”، ورئيسة مجلس إدارة المؤسسة، المدعي العام الفيدرالي السابق “سيدني باول“، وذلك بهدف رفع معايير أخلاقيات العمل في جميع أنحاء العالم، وتركّز المؤسسة على الحالات التي يقوض فيها أشخاص من السلطة العدالة عبر الفساد ونهب الأموال والاحتيال.

إن دولة الإمارات العربية المتحدة لديها إطار قانوني للتصدي للجريمة المالية، إلا أن قضية “تعمير” تظهر الحاجة إلى مزيد من الإصلاح، وإذا أرادت الإمارات الحصول على ثقة المستثمرين الأجانب فإنها تحتاج إلى إنفاق المزيد من الموارد لمتابعة الجرائم المالية.

إن الإماراتيين متحمسون للترحيب بالعالم العام المقبل في إكسبو 2020، لكن إذا لم يتمكنوا من توفير حماية قانونية أكثر من جمهورية موز، فقد لا يرغب المستثمرون في البقاء.