موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحقيق: دور مشين للإمارات في سقوط تابو التطبيع مع إسرائيل

186

تتورط دولة الإمارات بدور مشين في تكريس عار التطبيع مع إسرائيل كأمر واقع ليس فقط على صعيد الدولة بل بما يشمل الدول العربية والإسلامية.

وشهد العام 2019 تصعيد غير مسبوق لتورط أبوظبي بعار التطبيع في موازاة السياسات العدوانية التي اعتمدتها إسرائيل على اكثر من صعيد.

وكشفت تقارير متواترة عن تنسيق أمني عالي المستوى، وتعاون استخباراتي بين إسرائيل والإمارات بالتزامن مع زيارات وزير الخارجية يسرائيل كاتس إلى الإمارات، وزيارة وزيرة الثقافة والرياضة ميري ريغيف إلى الدولة نفسها، ناهيك أخيراً عن زيارة مسؤولين من وزارة الخارجية إلى أبوظبي لوضع الترتيبات النهائية للجناح الإسرائيلي في معرض “إكسبو 2020” في دبي.

وآخر العنقود في رحلة التطبيع، كانت سلسلة التغريدات التي صدرت عن مسؤولين إماراتيين من سفارات مختلفة للتهنئة بعيد “الحانوكا” اليهودي، بموازاة تغريدة لوزير الخارجية الإماراتي، عبد الله بن زايد، تضمّنت إعادة نشر تقرير في صحيفة “سبكتروم” عن التقارب العربي الإسرائيلي أخيراً. وقد ردّ نتنياهو بالثناء على تلك التغريدة، واعتبارها وجهاً من أوجه تسخين العلاقات بين إسرائيل والدول العربية.

وعبر وسائل عديدة علنية وغير علنية، تتسارع الخطوات الإماراتية الرسمية للتطبيع مع إسرائيل التي تتمسك شعوب المنطقة بكونها محتلة لفلسطين وأراضٍ عربية أخرى.

وبعد أن كانت إسرائيل في السابق تمتنع عن النشر عن علاقاتها مع دول عربية لا توجد معها علاقات دبلوماسية؛ لتجنُّب إحراج هذه الدول، أصبحت الآن أكثر انكشافاً مع بعض الدول العربية وفي مقدمتها الإمارات، في وقت لم تعد فيه أبوظبي تجد حرجاً في التصريح بها رسمياً.

ولم تتخذ العلاقات بين الإمارات وإسرائيل الطابع الرسمي والعلني بين ليلة وضحاها، ولكنها مرت بعدة مراحل، وتطورت عبر عديد من المحطات خلال السنوات الماضية، كان أبرزها في عام 2019.

في نوفمبر 2015، أعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية افتتاح ممثلية دبلوماسية لتل أبيب لدى وكالة الأمم المتحدة للطاقة المتجددة “إيرينا”، التي تتخذ من أبوظبي مقراً لها، في الوقت الذي أكدت فيه وزارة الخارجية الإماراتية أن أي اتفاقيات بين إسرائيل والوكالة لا تمثل أي تغيير في موقف الإمارات وعلاقاتها بدولة الاحتلال، حيث لا توجد أي علاقات دبلوماسية بين الطرفين.

ورغم نفي الإمارات الدائم لوجود أي علاقات دبلوماسية بينها وبين إسرائيل فإن العلاقات التجارية والاقتصادية كانت موجودة وبقوة، حيث ذكرت إحدى الدراسات أن منظمة مديري الاقتناء واللوجيستية في إسرائيل كشفت عن أرقام الصادرات الصناعية بين الدول العربية وتل أبيب في 2008.

وتظهر الأرقام أن الإمارات أكثر الدول بعد مصر والأردن بـ25.5 مليون دولار، يليها المغرب بـ17.2 مليون دولار، مضيفة أن هذه الأرقام لم تتضمن صادرات المجوهرات الإسرائيلية، التي بلغت لسوق دبي فقط 200 مليون دولار.

ورغم التطبيع العلني وغير العلني خلال السنوات الماضية، حمل عام 2019 كثيراً من خطوات التطبيع، التي كانت هذه المرة بشكل علني، ففي 10 ديسمبر2019، أعلنت دولة الاحتلال مشاركتها في معرض “إكسبو دبي 2020″، مشيرة إلى أن المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية يوفال روتيم، زار دبي، في إطار الاستعدادات لمعرض “إكسبو 2020″، ووقَّع على اتفاق المشاركة.

والتقى روتيم مسؤولين بحكومة الإمارات وإدارة المعرض في إطار هذه الاستعدادات.

وفي 15 ديسمبر 2019، ذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت”، أن وفداً من كبار المسؤولين في وزارة العدل الإسرائيلية توجهوا إلى الإمارات العربية المتحدة؛ للمشاركة في مؤتمر دولي حول مكافحة الفساد، ينظَّم بأبوظبي.

وأضافت الصحيفة العبرية: إن “دينا زيلبر، نائبة المدعي العام، تترأس الوفد الإسرائيلي، الذي يضم مسؤولين كباراً من القسمين الجنائي والدولي في النيابة العامة الإسرائيلية”.

ومطلع يوليو الماضي، زار وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتز، أبوظبي، وشارك في مؤتمر الأمم المتحدة لشؤون البيئة، والتقى مسؤولاً إماراتياً كبيراً، وطرح مبادرة للسلام الإقليمي.

ويصعد النظام الحاكم بدولة الإمارات تورطه في عار التطبيع مع إسرائيل، ويترافق ذلك مع تزايد الغزل العلني بين الجانبين، وكان آخر ذلك نشر حسابات سفارات دولة الإمارات في عدة دول، تهاني لليهود بمناسبة احتفالهم بما يسمى “عيد الحانوكا” (الأنوار) في ديسمبر.

وتمنَّت السفارات في تغريدات نشرتها على حساباتها بمنصة “تويتر”، “السعادة لليهود”، مضيفةً: “أطيب تمنياتنا لأصدقائنا في الديانة اليهودية بمناسبة اليوم الأول من عيد الأنوار”، وهو ما أنعش دولة الاحتلال، التي وصفت تلك الرسائل بـ”الدافئة”.

وقبل ذلك، تبادل رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، ووزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد، تغريدات تروّج لتطبيع العلاقات بين “إسرائيل” ودول عربية وإسلامية، على منصة “تويتر”.

وأعاد نتنياهو نشر تغريدة لوزير الخارجية الإماراتي، على حسابه بـ”تويتر”، معرباً عن سعادته بما “يتم من تنسيق بين إسرائيل وبعض الدول العربية”.

ونشر بن زايد على “تويتر” مقالة في مجلة “ذا سبيكتاتور” البريطانية، تحت عنوان: “إصلاح الإسلام.. تحالف عربي-إسرائيلي يتشكل في الشرق الأوسط”، فأعاد نتنياهو نشر التغريدة، معلقاً عليها بالقول: “أرحب بالتقارب الذي يحدث بين إسرائيل وكثير من الدول العربية. لقد آن الأوان لتحقيق التطبيع والسلام”.

من ناحيته، ردَّ أيضاً وزير الخارجية الإسرائيلي، إسرائيل كاتس على تغريدة بن زايد، شاكراً إياه، وأضاف: “هذا هو الوقت الأفضل للتقدم باتجاه اتفاقية عدم القتال، والتعاون الثنائي بين إسرائيل ودول الخليج العربي”.

وفسر محلل إسرائيلي تلك الرسائل من قادة الإمارات بأنهم باتوا على استعداد للخروج بالعلاقات مع “تل أبيب” من السرية إلى العلن، وأن افتتاح “سفارة إسرائيلية” في أبوظبي لم يعد حلماً بعيد المنال.

جاء ذلك في المقال الأسبوعي لجاكي حوجي، محلل الشؤون العربية في إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي، والذي نشرته صحيفة “معاريف” العبرية تحت عنوان “العلاقات الدافئة بين إسرائيل وأبوظبي”.

وذكر حوجي أنه “لم يكن من الصعب هذا الأسبوع، تفويت تبادل الابتسامات بين إسرائيل والإمارات. هذه المرة وللتغيير لم نكن نحن من بدأ”.

وفي مارس الماضي، دعا وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش، إلى تسريع وتيرة التطبيع بين الدول العربية و”إسرائيل”، معتبراً أن ذلك من شأنه أن يساعد على التوصل إلى حل للصراع العربي-الإسرائيلي.

وفي تصريحات نشرتها صحيفة “ذا ناشيونال” التي تصدر بأبوظبي، اعتبر قرقاش أن قرار كثير من الدول العربية عدم التحاور مع “إسرائيل” عقّد مساعي التوصل إلى حل على مدى عقود.

وفي مارس 2019، أعربت وزارة الخارجية الإسرائيلية عن فخرها بارتفاع عَلمها بإحدى الدول العربية مجدداً، من خلال وفدها الرياضي المشارك في الأولمبياد الخاص الذي أقيم بدولة الإمارات، مؤكدة أنه أكبر وفد رياضي يمثلها في بطولة رياضية على أرض عربية.

وحسب تقارير صحفية إسرائيلية، فإن الوفد ضم 25 لاعباً ولاعبة، يشاركون في منافسات ألعاب كرة السلة والجودو والسباحة والبولينغ.

وفي مايو 2019، شارك دراجون إماراتيون وبحرينيون في طواف إيطاليا الشهير الذي استضافه الكيان الصهيوني، والذي تسبب في أزمة كبيرة دفعت اللجنة الأولمبية الفلسطينية إلى الاعتراض والمطالبة بسحب الدراجين فوراً.

ونشر حساب فريق أبوظبي الإمارات للدراجات الهوائية على “تويتر” حينها، صور تقديم الفريق رسمياً في فلسطين المحتلة وتحديداً في القدس. وجاء في التغريدة: “شكراً للقدس على هذا التقديم المُميز للفريق، نحن جاهزون للمشاركة في السباق غداً”، في حين نشرت حسابات إسرائيلية صوراً للفريقين أيضاً.

ولم يتوقف التطبيع على الأرض فقط، بل وصل إلى الجو، بمشاركة رائد فضاء إماراتي الجنسية في رحلة إلى الفضاء في سبتمبر الماضي، كانت قد كشفت عنها سابقاً صفحة “إسرائيل بالعربية” التابعة لخارجية الاحتلال، والتي قالت على موقع “تويتر”: إن الرحلة ستكون “بمشاركة رائد فضاء إماراتي ورائدة فضاء إسرائيلية”.

ونشرت الصفحة، يومها، صورة لرائدة الفضاء جيسيكا مائير، المولودة لأب إسرائيلي، والتي انطلقت إلى الفضاء، حاملةً العَلم الإسرائيلي.

كما أظهرت دولة الإمارات تقدماً غير مسبوق في دعم الديانة اليهودية ضمن خططها للتطبيع مع إسرائيل، من خلال إعلان موعد إنشاء أول معبد يهودي رسمي في البلاد والأكبر بالمنطقة، والذي سيكتمل في ثلاث سنوات ويُفتتح عام 2022.

وأكدت وكالة الأنباء الإماراتية “وام”، في 22 سبتمبر، أن المعبد اليهودي سيقع ضمن نطاق مجمع للأديان يطلق عليه “بيت العائلة الإبراهيمية” في أبوظبي.

وتشير كل تلك المعطيات إلى تصدُّر الإمارات محاولات “كسر حواجز” التطبيع مع الاحتلال، وجعل الأمر نقطة من نقاط تقارب الأديان، الذي تروّج له أبوظبي.