موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

بالفيديو: فشل وانكماش يسيطران على سياسات الإمارات التوسعية

267

تواجه سياسة دولة الإمارات التوسعية ومؤامراتها الطامعة في التوسع وكسب النفوذ فشلا متلاحقا وانكماشا تدريجيا وهو ما يمكن تفسيره باضطرارها على تقليص تدخلاتها الخارجية.

وتحولت الإمارات إلى واحدة من أكثر من دول الشرق الأوسط كرها على المستوي الشعبي خاصة في الدول العربية التي تتدخل فيها أبو ظبي لدعم الحروب الأهلية والنزاعات وحالات التمرد.

ويقود النظام الإماراتي مؤامرات الثورات المضادة للربيع العربي ويتدخل بشكل مشبوه في شئون الدول العربية والإسلامية فضلا عن مناطق في القرن الإفريقي خدمة لأطماعها ومؤامراتها التخريبية.

 

لكن الإمارات تتجه منذ فترة نحو خفض سياسة التوسع الخارجية ودعم الجنرالات والانقلابات العسكرية والميليشيات المسلحة بعد أن أصبح الوضع في منطقة الخليج “ملغوماً” وتزداد مستويات الغضب على أبو ظبي.

لذلك يبدو أن تخفيض وجود الإمارات في اليمن لن تقتصر على زعزعة تحالفها مع السعودية، في مرحلة تشهد توترًا شديدًا مع إيران، في نفس الوقت يعتقد خبراء أن هناك محاولات لتفرغ إماراتي في ليبيا بعد الهزائم المتلاحقة التي تعرض لها حليف الدولة الجنرال خليفة حفتر.

وزعمت الإمارات انتقالها من استراتيجية عسكرية إلى خطة تقوم على تحقيق السلام أولاً، في ظل حديث عن تدخل مسؤولين سعوديين لمحاولة ثنيها عن قرار الانسحاب، وشعور الرياض بخيبة أمل كبيرة.

والإمارات ثاني أكبر دولة في تحالف عسكري عربي تتزعمه السعودية منذ مارس/آذار 2015، وينفذ عمليات في اليمن دعمًا للقوات الموالية للحكومة في مواجهة الحوثيين.

كلفة الحرب الكبيرة في اليمن، يراها خبراء سياسيون وعسكريون سببًا رئيسًا في قرار أبو ظبي تخفيض قواتها، ضمن مراجعة شاملة لسياساتها الخارجية تمهيدا لإعادة تموضع إقليمي استراتيجي.

وعزا الخبراء ذلك إلى كون الإمارات ليست بـالدولة الكبيرة التي يمكنها التعاطي مع أكثر من ملف في آن واحد، وهو ما أظهرته أوراقها المبعثرة بالمنطقة التي تشهد استقطابًا حادًا السنوات الأخيرة.

وأفادت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية بتدخل مسؤولين بالديوان الملكي السعودي لمحاولة ثني الإمارات عن سحب قواتها، مشددة على أن السعوديين شعروا بخيبة أمل كبيرة من قرار أبو ظبي.

وتضارب المصالح واختلاف الأهداف بين الرياض وأبو ظبي وفق مراقبين يقف خلف قرار الإمارات بشأن الانسحاب من اليمن خاصة أن مراحل العمليات في اليمن تعري التحالف العربي الذي كان يتم تقديمه إعلاميًا على أنه كيان وتكتل متماسك ومتوافق الأهداف.

ويستشهد المراقبون بممارسات كانت تشير إلى خلافات تتسع بين البلدين مع إطالة أمد العمليات في اليمن، كمحاولات تقسيم البلد العربي بين شمال وجنوب.

وشهدت الفترة الأخيرة مساعي خارجية لتسويق فكرة انفصال جنوب اليمن عن شماله بإيعاز من الإمارات، وفق منتقدين.

كما لوحظ وجود تعارض مستمر في السياسات السعودية الإماراتية باليمن، في ظل عدم وجود رؤية واضحة لنهاية الحرب (بدأت قبل خمس سنوات) والتي باتت كلفتها عالية جدًا حتى أن الإمارات باتت أمام نقطة انعطاف حادة بشأن جدوى المشاركة خارج حدودها سياسيًا وعسكريًا ودبلوماسيًا.

وإعلان الخروج بهذا الشكل المفاجئ يعد تعبيرًا عن إدراك بعدم جدوى الحل العسكري في اليمن، بجانب الخلافات الشديدة مع السعودية في أسلوب إدارة العمليات منذ الأيام الأولى.

ويتوقع خبراء انسحابا وانكماشا تدريجيا من جانب أبو ظبي خلال الفترة المقبلة في سياستها التوسعية بالمنطقة خاصة في ليبيا والسودان، على غرار اليمن في ظل أنها في مرحلة إعادة ترتيب لملفاتها الخارجية بطريقة أكثر قبولًا لشعبها وللعالم العربي.

لكن انسحاب الإمارات من اليمن، زاد المخاوف في ليبيا من زيادة توسع ابو ظبي فيها إذ أن الملف الليبي أقل وضوحًا من نظيره اليمني، وكُلفته أكبر من الناحيتين المادية والعسكرية على الإمارات، خاصة وأن دورها العسكري في ليبيا أكثر وضوحًا على أرض الواقع.

إذ أن الاهتمامات الإماراتية في ليبيا استراتيجية تصل إلى المستوى الحيوي، وأبو ظبي تعتبر أنها غير قادرة على الاستمرار في الملف الذي لا يوجد به أي ضوء في نهاية النفق المظلم وهو ما لا ينطبق على ليبيا.

ويعتقد مراقبون أن الانسحاب الإماراتي من اليمن هدفه التفرغ لدعم مستخدمها في ليبيا (حفتر) بعد تعثر حملته العسكرية على العاصمة طرابلس. ومنذ 4 أبريل/نيسان الماضي تشن قوات حفتر هجومًا متعثرًا للسيطرة على طرابلس مقر حكومة الوفاق الوطني.

وكان وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش صرح -في مقال بصحيفة فرنسية مؤخرًا- من أن ليبيا تمثل أولوية بالنسبة للإمارات في الوقت الراهن. وتابع أن الإماراتيين يرون ليبيا ملعبًا سهلاً يمكن من خلاله تحقيق الأهداف من دون كلفة، واختبارا لعملية عسكرية سياسية في التأثير الإقليمي.

ثمة نتيجة أخرى محتملة لسحب الإمارات قواتها من اليمن وهي تعميق أزمات منظومة دول مجلس التعاون الخليجي بالمستقبل، وسيكون ثمنه كبيرًا.

إذ أن الإمارات بدأت تبتعد قليلًا عن المواجهة الإعلامية مع إيران وتقليل فرص مواجهتها، وهو ما لن يرضي الحليف السعودي.

تناقض مع النهج المؤسس

وفي ظل الانكماش التدريجي لسياسات الإمارات الخارجية، فإن الإمارات وسياساتها الخارجية الحالية أثبتت أنها تتناقض وبشدة مع إرث مؤسسي الدولة الذين اعتمدوا على الانكفاء على قضايا الداخل كالتنمية والاستثمار وتحسين ظروف معيشة المواطنين وتعزيز تجربة الاتحاد وانتهاج سياسة “النأي بالنفس” عن أزمات المنطقة، والاحتفاظ بعلاقات متوازنة مع مختلف الأطراف والعواصم والمواقف قدر الإمكان.

وهذا الإرث الذي مكّن الإمارات من تحقيقها نهضتها المالية والاقتصادية، يعتقد كثيرون بأنه تبدد في السنوات الأخيرة، لتحل محله نظرة للدولة الثرية بوصفها “اسبارطة العصر الحديث”، تقاتل وتتدخل في العديد من الساحات والميادين القريبة والبعيدة، مع ما يمليه ذلك من “عسكرة” و”أمننة” للدولة والمجتمع، وصولا لاستدعاء “المرتزقة” تعويضا عن نقص الموارد البشرية، والاشتباك مع مختلف أزمات المنطقة، واعتماد “القوة الخشنة” بدل القوة الناعمة التي ميزت مؤسسي الدولة.

ويؤكد مراقبون أنه وفي حال كانت الإمارات شديدة الاطمئنان إلى سلامة وضعها الأمني الداخلي، بسبب استثمارها الهائل في أحدث منجزات تكنولوجيا الأمن والمعلومات، فإن تدخلاتها في أزمات بعيدة، وبوسائل مختلفة (ليبيا، مالي، مصر، تونس وسوريا وغيرها)، كان يبقيها على مبعدة من مصادر التهديد.

إذ أن حرب اليمن وأزمة واشنطن مع طهران، أشعرت قادتها للمرة الأولى، بأن بلادهم باتت على مقربة من مصادر النيران، وأن صواريخ الحوثي وطائراته المسيّرة، دع عنك القدرات العسكرية الإيرانية الأكثر تطورا، سيجعل منها هدفا مفضلا لردود أفعال هذه الأطراف.

إضافة إلى هذه العوامل الجوهرية والمباشرة المسؤولة عن إحداث التحول في الموقف الإماراتي، يجمع المراقبون على بلوغ السياسات الإماراتية الخارجية طريقا مسدودا، بل وفشل “اسبارطة العصر الحديث” في تحقيق أهداف ومرامي سياساتها الأمنية والدفاعية واستراتيجية “الهجوم خير وسيلة للدفاع”.