موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحليل/ اعتقال تركيا خلية تجسس إماراتية.. دلالات وتداعيات متوقعة

251

شكل إعلان تركيا اعتقالها خلية تجسس تتبع لدولة الإمارات على أراضيها حلقة جديدة في مسلسل من الفضائح التي تلاحق أبو ظبي بسبب دورها التخريبي إقليميا ودوليا.

وأعلنت المخابرات التركية اعتقالها شخصين على ارتباط بالمخابرات الإماراتية عقب متابعة ومراقبة استمرت لأكثر من 6 أشهر.

وقالت مصادر تركية إنه يجري التحقيق بمدى علاقتهم بجريمة مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في اسطنبول مطلع تشرين أول/أكتوبر الماضي.

وبحسب المصادر التركية فإن خلية التجسس الإماراتية المعتقلة اعترفت بالعمل على تشكيل شبكة تجسس لصالح الإمارات وجمع معلومات عن الرعايا العرب في تركيا.

ومن المتوقع أن تزيد الحادثة التوتر القائم أصلا منذ سنوات في علاقات تركيا والإمارات.

وحسب مسؤول تركي بارز فإن الجاسوسين الاثنين، كانا في مهمة تجسس على المعارضين السياسيين والطلبة الإماراتيين والعرب الموجودين في تركيا.

وليس جديداً أن تقوم أبوظبي بالتجسس على المعارضين السياسيين الذين غادروا بسبب القمع أو الطلبة الإماراتيين الذين يتلقون تعليمهم في الخارج.

فعادة ما يظهر مخبرون في المناطق والفعاليات حيث يقوم النشطاء الحقوقيون والمعارضون والطلبة الإماراتيون بنقل صورة حقوق الإنسان السيئة في الإمارات للعالم، ويقومون بتهديدهم والانتقام منهم.

لكن الأتراك ذهبوا منحناً أخر إذ أن الجاسوسين مرتبطان ب”محمد دحلان” القيادي الفلسطيني الذي يعتبر مستشاراً أمنياً في أبوظبي، ويعمل على إدارة شبكة من الاغتيالات -حسب ما تفيد تحقيقات صحافية دولية. لذلك تقول النيابة التركية إنها تحقق في احتمال ضلوعهما في اغتيال خاشقجي.

الصحافي والكاتب التركي إبراهيم قراغول كتب مقالاً يوم الأحد في صحيفة يني شفيق التركية بالقول: إن الجاسوسين الإماراتيين المعتقلين في إسطنبول ينتميان إلى فرق الاغتيال. ولا يزال في إسطنبول المزيد. ولهذا يجب القبض عليهم فورا”.

وأضاف يقول: “لقد كان هذا الجاسوسان يريدان تنفيذ عمليات اغتيال أو خطف أو أي عمليات كبيرة أخرى. وعندما نظرنا إلى السيرة الذاتية للشخصين المعتقلين اكتشفنا أنهم تلقيا تدريبا على تنفيذ عمليات التخريب والاغتيال”.

وتساءل: “من كانا سيغتالان؟ هل كانا سيفرجان القنابل في إسطنبول؟ لأي غرض أُرسلا؟ ألم يكفيكما جريمة خاشقجي؟ من كنتما ستقتلانه؟”.

وهناك مخاوف حقيقية من لجوء السلطات إلى جرائم الاغتيالات ضد الطلبة والمعارضين الإماراتيين والعرب في الخارج.

لكن الدكتور عبدالخالق عبدالله أستاذ العلوم السياسية بجامعة الإمارات، فيذهب إلى الشق السياسي، بالقول: إن جميع المؤشرات الحالية تشير إلى أن العلاقات بين الإمارات وتركيا، تتجه من سيء إلى أسوأ.

واعتبر عبدالله في مقابلة مع “سبوتنيك” الروسية، أن التُهم الموجهة للشابين “كيدية”، وستنعكس على كافة المسارات السياسية والاقتصادية والأمنية.

وأضاف أن المحور الآخر في العلاقات، هي الحالة السائدة بين الرياض وأنقرة في الفترة الماضية، وأنه يعد أحد أهم المؤشرات في العلاقات بين الإمارات وتركيا، خاصة أن العلاقات بين الرياض وأنقرة “في أسوأ حالاتها”.

في هذه الأثناء كشفت تقارير صحفية عن لجوء أبوظبي والرياض لتمويل مشاريع إعلامية ضخمة تبث باللغة التركية وتنتهج سياسة شديدة المعارضة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان .

ومنذ سنوات، تعمل منصات إعلامية متنوعة وضخمة تمتلكها السعودية والإمارات بشكل مباشر أو تمولانها بشكل غير مباشر ضمن استراتيجية إعلامية كبيرة لمهاجمة تركيا والرئيس أردوغان وحزبه الحاكم وتقوم بحملات ضخمة ضد تركيا في كافة المجالات لا سيما فيما يتعلق بالسياسة والأمن والاقتصاد بحسب ما أوردته صحيفة ” القدس العربي” اللندنية.

لكن وفي تحول لافت، بدأت السعودية والإمارات في السنوات الأخيرة وضمن برنامج منسق على اختراق الإعلام الناطق باللغة التركية من أجل التأثير على الشارع بشكل مباشر على عكس الاستراتيجية السابقة التي كانت تقتصر على ضرب مكانة تركيا وأردوغان في العالم العربي بمشاريع ناطقة باللغة العربية.

هذه الجهود بدأت بدرجة أساسية عام 2017، عندما استغل السفير السعودي في تركيا “وليد الخريجي” رغبة تركيا في تحسين وتعزيز العلاقات مع الرياض وبدأ جهوداً كبيرة للتواصل مع صحافيين ووسائل إعلام تركية عبر لقاءات دورية و”امتيازات وهدايا” بهدف حثها على تحسين صورة السعودية وتجاهل الأخبار السلبية مقابل نشر كمٍ أكبر من الأخبار الإيجابية عن المملكة، وهو ما تحقق لفترة من الزمن في الكثير من وسائل الإعلام التركية.

لكن الكثير من هذه الجهود نسفت أو تراجعت بشكل كبير عقب جريمة قتل خاشقجي وهو ما رافقه زيادة مساعي السعودية والإمارات لتمويل وسائل إعلام تركية معارضة وأخرى كردية بشكل خاص، مع استخلاصها صعوبة التأثير على وسائل الإعلام الرسمية والأخرى المقربة من الرئاسة وحزب العدالة والتنمية الحاكم.

وعقب ذلك، تحدثت وسائل إعلام تركية عن وصول دعم مالي من “دول خليجية” لوسائل إعلامية معارضة وأخرى كردية معروفة بمعارضتها للحزب الحاكم، كما جرى دعم مواقع إخبارية ومراكز دراسات للحصول على معلومات والمساهمة في توجيه الرأي العام التركي، حيث يتصاعد التمويل والتوجيه مع اقتراب أي استحقاق انتخابي تمر به البلاد وذلك بهدف التأثير على حظوظ أردوغان وحزبه بالفوز.

وفي تطور لاحق، فتحت صحيفة الشرق الأوسط السعودية نسختها التركية وبدأت ببث أخبار وتقارير باللغة التركية وبتوجه معارض صريح، كما حرص الموقع على ترجمة مقالات كتاب سعوديين وإماراتيين معروفين بعدائهم لأردوغان إلى اللغة التركية.

لكن باكورة هذه المشاريع، كان افتتاح النسخة التركية من صحيفة “الإندبندنت” البريطانية بعدما حصلت هيئة سعودية رسمية على حقوق النشر للصحيفة بعدة لغات ومنها العربية والتركية والفارسية. وعقب أشهر من إطلاق النسخة العربية انطلقت قبل أيام النسخة التركية.

وتعمل النسخة التركية من الصحيفة الإلكترونية من إسطنبول عبر طاقم ضخم يضم عشرات الصحافيين المعروفين بمعارضتهم لأردوغان، وهو ما يظهر بشكل واضح على سياسة الصحيفة التي اتخذت خطاً معارضاً منذ اليوم الأول لإطلاقها بحجم تمويل سعودي ضخم ومعلن.

وإلى جانب ذلك، اتهمت وسائل إعلام تركية مراراً الإمارات والسعودية بتمويل وسائل إعلام معارضة وخاصة التابعة لتنظيم غولن المصنف إرهابياً في تركيا عقب اتهامه بتدبير وتنفيذ محاولة الانقلاب في تركيا منتصف عام 2017.

وتقول مصادر تركية إن الإمارات تمول وترعى بشكل أساسي مجموعتي “زمان” و”أحوال” الإعلاميتين التابعتين لتنظيم غولن وتمتلكان سلسلة من المواقع الإخبارية باللغات العربية والتركية والإنجليزية وتتبعان سياسة إعلامية الأشد معارضة لأردوغان من خارج البلاد.

كما مولت الإمارات خلال السنوات الماضية مجموعة من “مراكز الأبحاث” التي عملت من تركيا بدعوى أنها سورية ومتخصصة بالشأن السوري، لكنها اتبعت سياسة مناهضة للسياسات التركية المتعلقة بالشأن السوري وبثت مواد إعلامية ودراسات مناوئة لتركيا.

وبالتوازي مع ذلك أيضاً، يظهر حجم التمويل المتصاعد المخصص من قبل السعودية والإمارات لمهاجمة تركيا في الأشهر الأخيرة، حيث ظهرت العديد من المواقع الإلكترونية العربية بأسماء تظهر بأنها مواقع إخبارية متخصصة بالشأن التركي لكنها تقدم محتوى دعائيا وليس إعلاميا يركز على مهاجمة أردوغان وحزبه بشكل مباشر، إلى جانب صفحات على شبكات التواصل الاجتماعي تتبع نفس السياسة وتمتلك إمكانيات مالية وتقنية كبيرة ما يؤكد أنها صفحات ممولة وليست نتاج جهود شخصية عابرة.