موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحقيق رسمي في ليبيا بدعم الإمارات لميلشيات حفتر الإجرامية

388

في ظل تصاعد حالة الصراع الداخلي المدعومة من النظام الحاكم في الإمارات رغبة منه بالتوسع والهيمنة ونشر الفوضى في ليبيا، أعلنت حكومة الوفاق المعترف بها دوليا التحقيق في دعم أبو ظبي لميليشيات أبو ظبي.

وأعلن رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبي، فائز السراج، عن بدء توثيق الجرائم التي ترتكبها قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، ضمن هجومه الأخير الذي بدأه على طرابلس، مشيراً في الآن ذاته إلى بدء التحقيق في الدعم المالي والعسكري الذي يتلقاه حفتر من دولة الإمارات العربية المتحدة.

وأكد السراج، في بيان، أن الحكومة “تعمل على توثيق الجرائم التي ترتكب في العاصمة لعرضها على المجتمع الدولي”، مشيراً إلى أن من بين أعمالها “التحقيق من دعم الإمارات لحرب حفتر وستعلن عن موقفها من هذه التدخلات”.

ونفى السراج اتهامات بوجود “مقاتلين ينتمون إلى تنظيمات ومجموعات إرهابية” في صفوف قوات حكومته التي تقاتل حالياً قوات حفتر جنوب العاصمة، بعد إعلان حفتر بداية الشهر الجاري شن حرب على طرابلس.

واستنكر السراج “بشدة حملات التضليل من بعض الجهات بشأن الادعاء بأن هناك بين صفوفنا مقاتلين ينتمون إلى تنظيمات ومجموعات إرهابية”، لافتاً إلى أن حكومته “كانت وما زالت تحارب الإرهاب وتلاحق فلوله، وسجلت انتصارات باهرة عليه”.

وقال “إن الاعتداء الأخير على العاصمة ومدن أخرى هو ما يشجع ويفتح الطريق لتنشيط الخلايا الإرهابية التي تنتظر مثل هذه الفرصة للخروج من جحورها لتستهدف كل الليبيين دون تمييز وفي كل المناطق”، مضيفاً أن حكومته “في سياق الأعمال التي تستهدف المدنيين تدين بأشد العبارات القصف الذي تعرضت له اليوم مدرسة بمنطقة عين زارة”.

وتابع قائلاً إنه “عمل يعد جريمة حرب أخرى، تضاف إلى سلسلة من الانتهاكات والجرائم التي ترتكبها القوة المعتدية ومن بينها قصف مطار معيتيقة المدني ومواقع سكنية ومنشآت مدنية وتجنيد الأطفال”.

من جهتها قالت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية إن الجنرال حفتر جازف في معركة طرابلس وسيخسر هو وحلفاؤه وأبرزهم الإمارات.

ونشرت الصحيفة تقريراً عن الوضع المتفجر حالياً في الأراضي الليبية رصدت فيه الحسابات التي بنى عليها الجنرال خليفة حفتر ومن يدعمونه من قوى إقليمية ودولية قراره بالهجوم على طرابلس في هذا التوقيت وأسباب فشله في تحقيق ما ظن أنها مهمة سهلة.

التقرير أعده وولفرام لاشر، كبير زملاء المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، ومتخصص في شؤون ليبيا والساحل والصراعات العنيفة والجماعات المسلحة.

دخلت ليبيا أسبوعاً من حربها الأهلية الثالثة منذ عام 2011، وكانت شرارة الحرب هي محاولة حفتر، أمير الحرب الذي يسيطر على شرقي ليبيا، الاستيلاء على العاصمة طرابلس والسلطة في كامل ليبيا بالقوة. ومنذ أن شكّل حفتر قيادة جيشه في الشرق في عام 2014، أصبح في مركز أقوى على مر السنين بفضل الدعم الأجنبي، والآن يبدو أنه اعتقد أنه قوي بما فيه الكفاية لقطع المفاوضات الجارية حول تشكيل حكومة مؤقتة وخلق حقائق جديدة على الأرض بالقوة.

كانت خطة حفتر الأولية تتمثل في إرسال قوة صغيرة إلى طرابلس قبل أن يتمكن خصومه من الرد، ما دفع بعض الجماعات المسلحة المحلية ومسؤولي الأمن إلى الانشقاق عنه، كان هذا من شأنه أن يضع العبء على خصومه لبدء القتال في المناطق المكتظة بالسكان، وكان من الممكن أن يجبرهم الضغط المحلي والدولي على وقف إطلاق النار، وكان بإمكان حفتر أن يحوّل موطئ قدمه في طرابلس إلى سلطة سياسية في مؤتمر وطني تقوده الأمم المتحدة في هذا الشهر.

لكن هذه الخطة فشلت في أول 24 ساعة من العملية، فبدلاً من انقسام الجماعات المسلحة في غرب ليبيا، وحد هجوم حفتر هذه الجماعات ضده؛ لأنه أساء تقدير الدوافع التي تحرك الميليشيات ونطاق التحول الجانبي الانتهازي بمجرد بدء حشدهم، ويحتاج حفتر الآن إلى التخلي عن كل ما لديه في طرابلس وإلا سيواجه عواقب وخيمة.

وكانت الحكومات الغربية، خلال انتظار معرفة ما إذا كان حفتر سيتمكن من إبرام صفقات مع الجماعات المسلحة المحلية والدخول إلى طرابلس، بطيئة في الرد على الهجوم على المنطقة الأكثر اكتظاظاً بالسكان في ليبيا، فعلى الرغم من أن حفتر كان المسؤول الوحيد عن التصعيد، فإن التصريحات المبكرة للقوى الغربية ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة دعت “جميع الأطراف” إلى وقف الأعمال العدائية.

لذلك عندما أصبح فشل خطة هجوم حفتر الأولى واضحاً، تشدد موقف الولايات المتحدة. لكن فرنسا، التي دعمت حفتر لسنوات، تواصل حمايته على مستوى الاتحاد الأوروبي وفي مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (حيث يمكن لحفتر الاعتماد أيضاً على دعم روسيا).

ويتضح أن غالبية القوى التي عبأت لمحاربة حفتر لا تشارك عادة في الصراع على السلطة الذي شهدته طرابلس منذ زوال حكم معمر القذافي، فالعديد من الجماعات المسلحة تشكلت على أساس المجتمعات المحلية في حرب 2011 ضد القذافي.

وبعد سقوطه، عاد معظم مقاتليهم إلى الحياة المدنية، ووضعوا مركباتهم القتالية في مآربهم واحتفظوا بأسلحتهم في المنزل، وغالباً ما كانت الأسلحة الثقيلة تُخزَّن تحت إشراف جماعي أو في مجمعات القادة، وتلقت العديد من هذه الجماعات رواتب ومساعدات أخرى باعتبارها وحدات معتمدة من الدولة، ولكن فقط جزء ضئيل قام بالعمل الفعلي في هذه الوحدات.

وقد احتشد معظم هذه الجماعات آخر مرة في عام 2014، عندما اندلعت الحرب الأهلية الثانية في ليبيا، لكن حتى في ذلك الوقت، في أماكن مثل البلدات الأمازيغية، انضمت نسبة صغيرة فقط من القوات إلى القتال، والتي بقيت غير مقتنعة بأهدافها.

ومع انتهاء تلك الحرب الثانية، أصيب معظمهم بخيبة أمل إزاء الروايات التي بررت القتل. بين قادة ومقاتلي الجماعات المسلحة، ساد شعور بأن السياسيين قد استخدموهم لتحقيق غاياتهم الضيقة. في المدن الليبية الغربية التي كانت متحدة إلى حدٍّ كبير في السابق في دعم جانب أو آخر في الصراع، عادت الانقسامات السياسية إلى الظهور وتضاعفت خلال السنوات التالية.

وعندما احتشدت جماعات مسلحة من مصراتة في عام 2016 لانتزاع سرت المجاورة من تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في معركة دامية وطاحنة، أخبرني جميع المقاتلين والقادة الذين تحدثت إليهم بأن هذه ستكون حربهم الأخيرة.

وعلى مدار السنوات الثلاث الماضية، راقب معظم أعضاء هذه الجماعات المسلحة باشمئزاز توغل الميليشيات في السيطرة على مؤسسات الدولة في طرابلس، حيث قامت حفنة من الميليشيات بتأسيس كارتل افتراضي يشرف على نهب خزائن الدولة، لصالح دائرة صغيرة من السياسيين ورجال الأعمال وقادة الميليشيات، لكن القليل منهم كانوا على استعداد لمواجهة هذه الميليشيات.

في العام الماضي، حاول بعض السياسيين وقادة الميليشيات من المدن الليبية الغربية الأشهر حشد الدعم لشن هجوم ضد ميليشيات طرابلس.

عندما شنت جماعة مسلحة من ترهونة هذا الهجوم أخيراً في أغسطس/آب 2018، انضم عدد قليل جداً من قوات مصراتة والزنتان -فضلاً عن مدن أخرى- إلى الهجوم. خلال زياراتي في عام 2018 وأوائل هذا العام إلى مصراتة والزنتان والمدن الأمازيغية، رفض القادة وقادة المجتمع باستمرار أي حرب جديدة.

وفي الوقت نفسه، خفت المواقف العدائية الأولية تجاه حفتر بين الكثيرين في المدن الليبية الغربية. فقد قاد ضباط الجيش من الغرب مفاوضات مع ممثلي حفتر بشأن توحيد هياكل القيادة. تواصل مبعوثي حفتر مع قادة الميليشيات في الغرب للتوسط في صفقات من شأنها أن تسمح لحفتر بالحصول على موطئ قدم في طرابلس. قال عدد متزايد من القادة إنهم على استعداد لقبول حفتر إذا خضع للإشراف المدني.

كان هذا هو السياق الذي درس فيه الدبلوماسيون والمخابرات الغربية، وكذلك حفتر نفسه، فرصة في السيطرة على طرابلس. اعتمدت خطته على الانقسامات بين الجماعات المسلحة الليبية الغربية وعلى الانتهازية المؤكدة للميليشيات التي سيطرت على المشهد خلال السنوات الثلاث الماضية.

بحلول ذلك الوقت، جرى تحليل النزاعات في ليبيا على وجه الحصر تقريباً من خلال منظور اقتصاد الحرب، وكان ينظر إلى الجهات الفاعلة فيها على أنها مدفوعة بتعظيم الأرباح فقط. ونتيجة لذلك، كان رد فعل الدبلوماسيين وواضعي السياسات في كثير من الأحيان هو الرفض تأهباً من أن القوات المتجذرة بعمق في المجتمعات المحلية لن تسلم السلطة بسهولة إلى ديكتاتور عسكري.

على عكس هذه التوقعات، فإن هجوم حفتر على طرابلس قد وحد الفصائل المتناحرة في غرب ليبيا وأدى إلى أكبر حشد للقوات منذ عام 2011. ربما تدافع بعض الميليشيات المعنية عن إقطاعيات اكتسبتها، لكن معظم هذه القوات استجابت للنداءات الجماعية بحمل الأسلحة رداً على التهديد الوجودي لها.

وتتكون هذه القوات في معظمها من المدنيين، وتفتقر إلى هياكل القيادة المركزية. استغرق الأمر بعض الوقت بالنسبة لهم لتعبئة وتجهيز سياراتهم ومعداتهم ونشرها. لكن بمجرد حشدهم وتوحيدهم، قاموا بتغيير جذري في ميزان القوى الذي كان موجوداً قبل هذه الحرب، والذي سمح لحفتر بالاعتقاد بأن لديه فرصة للاستيلاء على طرابلس. هذه القوات متحدة في هدف واحد فقط: طرد قوات حفتر من غرب ليبيا وما وراء المواقع التي احتلتها قبل الهجوم حتى لا يهددوا طرابلس مرة أخرى.

هذا ليس رفضاً للمصالح المادية، حيث إن غنائم الحرب تحفز أيضاً المقاتلين، لكن مجرد التفكير في الاستخدامات المستقبلية المحتملة للأسلحة المنهوبة من قوات حفتر يعد أمراً مفزعاً. عندما تنتهي المعركة، سيرغب الفائزون في جني ثمار فوزهم سياسياً ومالياً. الوحدة الحالية ضد حفتر سوف تتحول إلى منافسة على المكافآت، وأولئك الذين يشعرون بالاشمئزاز من الصراع على ثروة ليبيا النفطية سيعودون مرة أخرى.