الإمارات تكرس استراتيجية إسكات المعارضين السياسيين
عمدت سلطات الإمارات إلى تلفيق اتهامات جديدة لمعتقلي رأي في سجونها في تكريس لاستراتيجية إسكات المعارضين السياسيين وقمع أي نشاط يدافع عن حقوق الإنسان.
وفي 11 كانون أول/ديسمبر الجاري، أفاد مركز مناصرة معتقلي الإمارات، وهو منظمة غير حكومية، أن الإمارات بدأت محاكمة جماعية جديدة ضد أكثر من 80 إماراتيًا.
ويمكن القول إن المحاكمة تمثل استمراراً لقضية “الإمارات 94” سيئة السمعة، حيث تم اعتقال الكثير من المواطنين بسبب آرائهم السياسية.
وفي الإجراءات الأخيرة، وجهت السلطات القضائية الإماراتية اتهامات ملفقة جديدة تتعلق بالإرهاب ضد المدانين في محاكمة “الإمارات 94”.
وتمثل هذه القضية الجديدة امتداداً مثيراً للقلق لاستراتيجية إسكات المعارضين السياسيين التي تنتهجها حكومة الإمارات.
وهو إجراء اعتبرته أوساط حقوقية أمر مهين على نحو استثنائي نظراً إلى أنه يتداخل مع مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين (COP28) الذي استضافته الإمارات.
وبالنظر إلى الإجراءات الأخيرة التي جرت في 7 ديسمبر، فمن المهم أن نشير أولاً إلى الحقائق المتعلقة بمحاكمة “الإمارات 94”.
إذ كانت هذه القضية أكبر محاكمة سياسية في تاريخ الإمارات وأسفرت عن إدانة 69 مواطناً. بدأت الإجراءات عام 2013، واستهدفت النشطاء والأكاديميين والمحامين المعارضين للحكومة السابقة. وبشكل أكثر تحديداً، قامت هذه المجموعة بصياغة عريضة تطالب فيها الشعب الإماراتي بحق انتخاب أعضاء المجلس الوطني الاتحادي بشكل ديمقراطي.
رداً على ذلك، قامت السلطات بقمع المطالبات وبدأت حملة قمع من خلال إجراء محاكمة جماعية. وقد تلقى المدانون أحكاماً بالسجن لفترات طويلة، يصل بعضها إلى 15 عاماً.
وعليه، أجريت المحاكمة الجائرة، وتم عزل المتهمين لمدة سنة أو أكثر وتعرضوا للتعذيب للحصول على اعترافات كاذبة منهم.
وبينما تحاول دولة الإمارات التعريف عن نفسها كدولة تقدمية، فإنها تنتهج استراتيجيات القمع السياسي التي يمكن أن تتعرض لها مساعي الحكومة وعيوب النظام الإجرامي.
وفي هذا الصدد، تنص المادة 180 من القانون الجنائي الإماراتي على أنه يُعاقب بالسجن كل من أنشأ جمعية تهدف إلى قلب نظام الحكم أو الاستيلاء عليه أو تعطيل تطبيق أحكام القانون أو محاربة المبادئ الأساسية التي يقوم عليها نظام حكم الدولة ويحكم عليه بالسجن المؤقت.
ويمكن القول، من وجهة نظر القضاء الإماراتي، إن النشطاء كانوا ينتهجون استراتيجية لمحاربة المبادئ الأساسية التي تحكم الدولة.
ومع ذلك، فإن هذا التعريف يحمل أوجهًا عدة ويعوق حرية التعبير لمواطني الإمارات. بالإضافة إلى ذلك، وفيما يتعلق بأحدث اتهامات الإرهاب، فإن لغة القانون الجنائي أصبحت موضع نقاش مرة أخرى. لا توجد إشارة إلى كلمة “الإرهاب” في القانون الجنائي الإماراتي.
وتنص المادة 181 على معاقبة كل من أنشأ كيانات دون ترخيص من الحكومة فحسب.
علاوة على ذلك، لا تعلن الإمارات عن لوائح اتهام ذات دوافع سياسية، مما يجعل القضية الأخيرة أكثر إثارةً للقلق.
إذ قد تعني المحاكمة الجديدة أن المدانين قد يواجهون بالفعل أحكاماً مشددة، بما في ذلك السجن مدى الحياة أو عقوبة الإعدام.
ومن المقرر عقد جلسة الاستماع الجديدة في 14 ديسمبر؛ إلا أن أهالي المعتقلين قرروا عدم المشاركة إما لعدم إبلاغهم أو لأنهم فقدوا الأمل. ومن الناحية الرمزية، تمثل هذه المحاكمة الجديدة مثالاً مثيراً للقلق على قمع حكومة الإمارات.
ويتزامن ذلك مع مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين “الأكثر ديمقراطية”، بحسب الدولة العربية. وفي هذه الحالة، كانت الدول تسأل عن وضع المعتقلين، وقررت الإمارات الرد بتلفيق تهم جديدة ضدهم.
ويسلط هذا القرار الضوء على التناقض طويل الأمد المتمثل في التعاون مع الدول القادرة على قمع المجتمع المدني عن طريق تضليل النظام القضائي الخاضع لسيطرة السلطة التنفيذية.