يرى مراقبون أن حكام الإمارات أجازوا مؤخرا التمادي بعيدا في الإجهاز على ما قد يكون قد تبقّى من معنى لمصطلح “الأمن القومي العربي” عبر التحالف العلني غير المسبوق مع إسرائيل.
وأشار المراقبون إلى إعلان وسائل إعلام عبرية بعد اختتام رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينت زيارته الخميس الماضي، إلى أبوظبي، أن الجيش الإسرائيلي “نشر منظومة رادار في عدة دول في الشرق الأوسط، بما فيها الإمارات والبحرين، لمواجهة تهديدات إيران الصاروخية”.
وعندما تنفرد حكومة أبوظبي، وحدَها من بين الحكومات العربية، في عدم التنديد (أو التعليق أقله) بقتل شيرين أبو عاقلة، وعندما لا تستشعر حرجا من إعلان بكين وبرلين وباريس وواشنطن (… إلخ) شجبها الواقعة، فيما تعتصم بالصمت بشأنها.
وعندما تنشط الإمارات في استضافة حاخاماتٍ ليحاضروا عما تسمّيها “الديانة الإبراهيمية”، وفي استقدام رؤساء مجالس المستوطنات لتوقيع اتفاقيات استيراد “خمور هارخوما” وغيرها من منتوجاتهم.
وعندما يعجز الإعلام، على ملاحقة أخبار الاتفاقيات التجارية والمالية والاستثمارية والتعليمية والسياحية واتفاقية تجارة حرّة أخيرا بين إسرائيل والإمارات.
عندها لا يصير مفاجئا، ولا باعثا على الاندهاش، هذا المدى البالغ الخطورة الذي يعبُر إليه التحالف الأمني والعسكري والاستخباري الإماراتي مع إسرائيل، ومن تمثيلاته، أخيرا، منظومة الرادارات المسرّب خبرُها بصيغة غموضٍ ماكر.
هناك أوهامٌ متوطّنةٌ في أفهام حكام أبوظبي أن إسرائيل هي التي في وسعها حماية الخليج من تهديدات إيران التي يتزايد التبادل التجاري بينها وبين الإمارات باضطرادٍ لافت، إذ سجّل نحو 20 مليار دولار، في عام واحد أخيرا.
وذلك فيما يعلن قائد القوات البحرية الإيرانية في الحرس الثوري، الأدميرال علي رضا تنكسيري، من جزيرة طنب الكبرى، الإماراتية المحتلة، أن حالةً من عدم الاستقرار في منطقة الخليج سيُحدثها وجود دولة الاحتلال فيها.
البديهيّ أن العرب، وأهل دول الخليج الستّ في مقدّمتنا، لا حاجة لهم لمسؤول إيرانيٍّ يقول كلاما كهذا، فمن الحماقة أن يتصور أحد أن إسرائيل حلٌّ أمنيٌّ في مواجهة أي تهديد لأي دولة عربية.
ويؤكد المراقبون أن هذا الاختراق الأمني الإسرائيلي في منطقة الخليج هو التطوّر الأكثر خطورةً في المنطقة العربية منذ احتلال العراق في العام 2003.
والأجدر بالإمارات والبحرين، بدلا من أن تشعرا بمزيدٍ من الاطمئنان والأمن بعد نشر إسرائيل أنظمة راداراتها في أراضيهما، أن يشعرا بالقلق أكثر بعد خطوتهما المحفوفة بالمخاطر.
زياراتٌ متبادلة، بوتيرةٍ لا تتوقف، بين كبار المسؤولين العسكريين والأمنيين الإسرائيليين والإماراتيين والبحرينيين، ومناوراتٌ بحريةٌ مشتركة، بين إسرائيل والولايات المتحدة والبحرين والإمارات، في البحر الأحمر، بل في الطريق الملاحي المؤدّي إلى قناة السويس كما نشر، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
ودعم إماراتي تردّدت أخبارٌ عنه، أخيرا، لمشروعات نقلٍ برّي وبحري، مع الجانب الإسرائيلي، يهدّد حيوية قناة السويس، هذه كلها، ومثلها كثير، تعني، مضافةً إلى ما ذاع عن منظومة الرادارات الإسرائيلية، أنه في غير محلّه ذلك الظن أننا نعرف مدى القاع العربي الراهن.
فالانكشاف المتسارع الذي تنشط فيه أبوظبي، وبروحٍ قياديةٍ لا تكلّ، في أخذ العالم العربي إلى الحضن الإسرائيلي، أشدّ روعا مما نخمّن أو نرجّح.