قالت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، إن دولة الإمارات تغذي الحرب الأهلية المدمرة في السودان من خلال إمدادات سرية للأسلحة إلى ميليشيات قوات الدعم السريع المتمردة.
واستندت الصحيفة في تأكيد الدور العدواني للإمارات في السودان إلى تقييمات سرية، وتقرير تموله وزارة الخارجية الأمريكية، وأدلة تم جمعها من أسلحة تم الاستيلاء عليها في السودان.
وقد سمح مسؤولون عسكريون سودانيون في مدينة أم درمان مؤخرًا لصحفيين من واشنطن بوست بتفتيش طائرة بدون طيار قالوا إنها استُولي عليها من قوات الدعم السريع المتنافسة، إلى جانب الذخائر المخصصة للطائرة.
وقدم المسؤولون صورًا للصناديق التي استولوا عليها، بما في ذلك واحد يحمل علامة تشير إلى أن الذخائر صُنعت في صربيا وأرسلت إلى القيادة اللوجستية المشتركة للقوات المسلحة الإماراتية.
وتتوافق هذه الأدلة الظاهرة مع نتائج “مرصد النزاع السوداني”، وهو مجموعة تمولها وزارة الخارجية الأمريكية، حيث تتبعت الرحلات الجوية الإماراتية.
وقال المرصد إنه تتبع 32 رحلة بين يونيو 2023 ومايو 2024، وخلص “بدرجة يقين شبه مؤكدة” إلى أنها كانت عمليات نقل أسلحة من الإمارات إلى قوات الدعم السريع.
وتأتي هذه الشحنات من الأسلحة من الإمارات بعد أن تم الكشف عنها سابقًا، بما في ذلك تقرير من “نيويورك تايمز” حول دعم الإمارات لقوات الدعم السريع عبر قاعدة جوية في تشاد المجاورة.
ومع ذلك، فإن بعض التفاصيل حول تكرار الرحلات الجوية وأنماطها وطبيعتها من الإمارات لم تُنشر من قبل.
واندلعت الحرب الأهلية في السودان في أبريل 2023 بعد شهور من التوترات المتصاعدة بين الجيش وقوات الدعم السريع، التي كانت تتقاسم السلطة في حكم البلاد. منذ ذلك الحين، نزح حوالي خمس السكان، ويهدد الجوع البلاد.
وتوقفت محادثات السلام برعاية الولايات المتحدة، في الوقت الذي زودت فيه عدة دول في المنطقة الأطراف المتصارعة بدعم عسكري، مما يزيد من احتمالات انتشار الصراع إلى خارج حدود السودان وزعزعة استقرار جيرانه.
في ضوء هذه التطورات، فإن تورط الإمارات في السودان يعود إلى مخاوف استراتيجية تتعلق بموقع السودان على البحر الأحمر، وهو ممر حيوي لحوالي 12% من حركة الشحن العالمية.
ويعتبر موقع السودان الاستراتيجي على البحر الأحمر عاملاً رئيسيًا في الاهتمام المتزايد من قبل دول مثل الإمارات وإيران ومصر والسعودية وتركيا وروسيا.
وكما أشار ألكسندر روندوس، مستشار كبير في مركز إفريقيا في معهد الولايات المتحدة للسلام، فإن “القرن الإفريقي أصبح ساحة لمصالح متنافسة من الخليج، الذين يمولون ويسلحون الوكلاء المحليين”، مضيفا “من يسيطر على السودان يسيطر على البحر الأحمر”.
وتتعلق مصالح الإمارات في السودان، حسب دبلوماسيين ومحللين إقليميين، بمخاوف حول ممرات الشحن في البحر الأحمر، الحاسمة لتجارة الموانئ الإماراتية.
بالإضافة إلى ذلك، للإمارات مصالح واسعة في قطاعات الذهب والزراعة في السودان، ولها علاقات طويلة الأمد مع قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو، المعروف بحميدتي.
وفي الوقت الذي رفض فيه دبلوماسيون إماراتيون هذه الاتهامات، وصف دبلوماسيان غربيان، رفضا الكشف عن هويتهما، النفي الإماراتي لتسليح قوات الدعم السريع بأنه سخيف وكوميدي.
ووفقًا لتقرير مرصد النزاع السوداني، هبطت الرحلات الإماراتية بانتظام في مطار أمجرس في شمال شرق تشاد، بالقرب من الحدود الطويلة والمسامية مع السودان. وتقول الإمارات إن القاعدة في أمجرس هي مستشفى للمدنيين الجرحى، رغم أنها تبعد ساعات عن مخيمات اللاجئين السودانيين.
وأشار التقرير إلى أن بعض الطائرات المستخدمة في هذه الرحلات كانت مرتبطة سابقًا بعمليات تهريب الأسلحة.
وقال جاستن لينش، مستشار في المرصد: “لا يوجد تفسير معقول لهذه الجسور الجوية سوى دعم الأسلحة لقوات الدعم السريع، لا أحد مخدوع”.
وفي مقابلة مع واشنطن بوست، ألقى عبد الفتاح البرهان، القائد العام للقوات المسلحة السودانية، باللوم على كل من تشاد والإمارات في استمرار الصراع. وقال: “نريد إنهاء هذه الحرب، لكن نحتاج من الإمارات التوقف عن دعم قوات الدعم السريع”.
وقال مسؤولون عسكريون سودانيون إن الطائرة كانت تحمل ذخائر بقطر 120 ملم. وأضافوا أن الجيش استولى على ما يقرب من 300 صندوق من هذه الذخائر وسمحوا للصحفيين بفحص بعضها.
وعلى الرغم من أن الذخائر لم تحمل علامات تشير إلى مكان تصنيعها، فإن معلومات أخرى على الذخائر تتطابق مع تلك التي تظهر في صور صندوق تم الاستيلاء عليه، وكان يحمل علامة تقول إن الذخائر صنعت بواسطة شركة “يوغوإمبورت” الصربية، وتم توريدها إلى القيادة اللوجستية المشتركة للقوات المسلحة الإماراتية.
وأشار جونا ليف، المدير التنفيذي لأبحاث تسليح النزاعا» في المملكة المتحدة، بعد مراجعة صور الصناديق، إلى أن العلامات تتطابق مع تلك التي يستخدمها المصنعون الصرب.