موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

المراقب التونسي يبرز خفايا الدور التخريبي للإمارات في تونس

169

نشر موقع المراقب التونسي تحقيقا عن بعض خفايا الدور التخريبي لدولة الإمارات في تونس دعما لمؤامرات أبو ظبي في الثورة المضادة وتخريب الاستقرار في البلاد.

وتصاعدت في الفترة الأخيرة دعوات من عدد من السياسيين ومكونات المجتمع المدني بمطالبة السلطات في تونس بقطع العلاقات مع الإمارات نظرا للتدخل السافر في الشأن الداخلي التونسي سواء بأذرعها الإعلامية أو السياسية.

وندد سياسيون ومراقبون في تونس بالتدخل السافر في شؤون بلادهم من قبل الإمارات، بعد تسريب وثيقة كشفت عن إستراتيجية لخلط الأوراق وقلب موازين القوى السياسية داخل البلاد، معربين عن أسفهم من عدم فتح تحقيقات قضائية في شبهة التدخل الإماراتي في البلاد.

عداء للثورة التونسية

منذ سنوات، تبذل الإمارات جهوداً مكثفة لتوجيه السياسات الداخلية والخارجية لبعض الدول، وبينها تونس، بهدف بناء “نظام إقليمي جديد” ينسجم مع تصوراتها، وتشن لتحقيق ذلك هجمات تستهدف منع تعزيز الديمقراطية، ونشر الفوضى في بلدان عديدة.

ومنذ انطلاق موجة الربيع العربي الأولى في 2011، أصابت الإمارات العربية المتحدة حالةُ جزع من أن تطالها رياح التغيير التي عصفت بأنظمة عتيدة في الوطن العربي، فاتخذت موقفاً استراتيجياً بمعاداة ومحاربة رموزه، وخاصة التيار الإسلامي.

ومطلع شهر جوان الحالي، وقف المحامي المعزول عماد بن حليمة قبالة البرلمان الذي يُعد أعلى سلطة منتخبة في البلاد، لقيادة اعتصام قال في البداية إنه مفتوح، للمطالبة بحل البرلمان وتغيير الدستور وتعديل النظام السياسي.

يذكر بأنه أوكلت للمحامي عماد بن حليمة، الذي سبق أن شطب اسمه من جدول الهيئة الوطنية للمحامين بتونس، التحضير لاعتصام أمام البرلمان شبيه باعتصام الرحيل سنة 2013، وشحن المواطنين ضد الدولة والحكومة ومجلس نواب الشعب.

هذا الاعتصام لم يدم إلا دقائق معدودة، فقد تم تعليقه بسرعة نتيجة غياب الجماهير والمناصرين عن الحدث الموعود رغم التجييش الإعلامي والتحشيد عبر مواقع التواصل الاجتماعي لأكثر من أسبوعين، بمعية الإعلام الإماراتي.

حراك الإخشيدي

لم تتوقف الاعتصامات هنا، فقد ظهر حراك أخر ينشط تحت اسم “حراك الإخشيدي 14 جوان 2020″، يسعى لحل البرلمان أيضا، ويطالب كذلك بحل مجلس نواب الشعب والذهاب إلى انتخابات تشريعية مبكرة وتشكيل حكومة لتصريف الأعمال، فضلا عن إجراء استفتاء على النظام السياسي والتوجه نحو نظام رئاسي ديمقراطي وتنقيح قانون الأحزاب.

يعود السبب في اختيار عبارة “حراك الإخشيدي” إلى الدفع بأنصار الرئيس قيس سعيد للمشاركة معهم في تحركهم، إذ يعرف سعيد بين التونسيين بالإخشيدي بعد أن استعمل هذه العبارة في المناظرة التلفزية مع منافسه نبيل القروي وقال حينها “أنا لن أقدم وعودا للشعب التونسي كوعود الإخشيدي للمتنبي”.

ائتلاف الجمهورية الثالثة

ثالث الدعوات جاءت عن طريق ائتلاف الجمهورية الثالثة (ائتلاف مدني)، الذي أعلن الدخول في اعتصام سلمي مفتوح، أمس الأحد 14 جوان الحالي في ساحة باردو قبالة مجلس نواب الشعب للمطالبة بحل البرلمان وجملة من المطالب السياسية الأخرى.

ويطالب الائتلاف بحل مجلس نواب الشعب من طرف رئيس الجمهورية، طبقا لمقتضيات الفصل 77 من الدستور وتكليف حكومة تصريف أعمال من الكفاءات غير المتحزبة من طرف رئيس البلاد، أسوة بمطالب حراك الإخشيدي.

كما يدعو إلى تكليف لجنة من رجال القانون الدستوري من قبل الرئيس قيس سعيد لصياغة دستور جديد يتضمن التوازن بين السلطتين التنفيذية والتشريعية وتعديل النظام الانتخابي لتكريس التمثيلية الحقيقية للشعب، وفق قول القائمين عليه.

هذه الدعوات المتتالية التي تنادي بحل البرلمان وتعديل النظام السياسي في تونس إلى نظام رئاسي، يعتبرها التونسيون عودة بالبلاد إلى المربع القديم القائم على نظام السلطة الشمولية وحكم الحزب الواحد والفرد والرأي الأوحد.

ويرى عدد من الملاحظين أن هذه الدعوات ما هي إلا نوع من أنواع الفتن والدسائس التي تهدف إلى إحداث صراع بين رئاسة الجمهورية ومؤسسة البرلمان وبالتالي تحريض المؤسستين الشرعيتين على بعضهما البعض.

دعوات غير دستورية

اعتبرت حركة النهضة، صاحبة أكبر كتلة في المجلس، هذه الدعوات غير دستورية، حيث قال رئيسها راشد الغنوشي إن هذه الدعوات خارج النص الدستوري وبعيدة عن القانون وفيها الكثير من الالتباس، وتُحيل في سياقها الحالي إلى مخططات لضرب الاستقرار في البلاد وإرباك مؤسسات الدولة وتعطيل مصالح المواطنين.

ويرى الغنوشي أن هذه الدعوات تتقاطع مع أجندات محلية وإقليمية لتعطيل مسار الانتقال الديمقراطي الذي تعيشه بلادنا، وإسقاط تجربة فريدة باتت تقضّ مضاجع الانقلابيين والفوضويين، مؤكدا أن الاحتجاج عندما يبتعد عن السلميّة والمطالب المشروعة يُؤدّي إلى الفوضى والمس بالأمن العام وتعطيل مؤسّسات الدولة ومصالح المواطنين.

بدوره، وصف رئيس الكتلة النيابية لحركة “النهضة” نور الدين البحيري، أصحاب دعوات حل البرلمان بـ”الحاقدين على الديمقراطية التونسية”.

وقال البحيري إن “دعوات حل البرلمان ما هي إلا تعبير عن مرض نفسي، وحقد على الثورة والديمقراطية التونسية، ومحاولة لإرباك البلاد خاصة بعد هزيمة خليفة حفتر في ليبيا”.

احتفاء إماراتي

الملاحظ أن هذه الدعوات لم تجد صدى لها في تونس، فالجميع يعرف حجم الداعين لها والأطراف التي تقودهم وأهدافهم، لكن في مقابل ذلك وجدت احتفاء كبيرا من قبل الإماراتيين والحلف الموالي لهم وذبابهم الإلكتروني.

فقد انخرطت وسائل الإعلام العربية الممولة إماراتيًا بقوة على الخط وانخرطت في حملة التجييش ضد مؤسسات الدولة في تونس من خلال نشر تقارير منها المزيف ومنها المبالغ فيه، حتى تعطي هذه التحركات زخمًا وحجمًا أكبر مما يستحق.

قناة سكاي نيوز الإماراتية نشرت تقريرا بعنوان “اعتصام حتى حل البرلمان”.. أحزاب تونس تضيق ذرعا بالغنوشي”، في محاولة لنشر العديد من المغالطات والإشاعات التي لم تحدث سوى في مخيلة كاتب التقرير.

فيما كتب موقع صحيفة العين الإماراتية تقريرا بعنوان “تونس تردد هتاف عبد الناصر: “الإخوان مالهمش أمان”، تحدثت فيه عن مظاهرات قالت إنها اجتاحت مختلف مناطق تونس للتنديد بالنهضة وزعيمها الغنوشي، والواقع أن تونس لم تشهد أي مظاهرة من هذا القبيل.

كما نشر نفس الموقع تقريرا أخر بعنوان “تونس حرة الإخوانجية بره”، إلى جانب مقالات أخرى تحتفي بشكل مبالغ فيه بشخصية عبير موسي، مستخدمة صفات من قبيل “المرأة الحديدية” و”امرأة بألف رجل” و”المرأة التي هزت عرش الإخوان”، وغيرها.

هذه المواقع وغيرها، تبين حجم الحقد الكبير الذي تكنه دولة الإمارات إلى الثورة التونسية، ذلك أنها تسعى جاهدة لمنع شعبها الذي انتصر مؤخرا على وباء كورونا، بالاستقرار والحياة الكريمة.

مرتزقة الإمارات

جندت الإمارات طاقات كبيرة لمواجهة الربيع العربي في معاقله، سواء إعلامياً أو مالياً أو حتى عسكرياً.

وتعتبر تونس نموذجاً للنظام الديمقراطي المفتوح الذي لا تهيمن قوة بعينها في تحديد بوصلته، وهو ما لا يتناسب مع التصور الإماراتي للحكم، خاصة بعد أن فازت حركة النهضة بأول انتخابات عقب الثورة التي اندلعت نهاية 2010.

كما أن فوز النهضة بالانتخابات البرلمانية، وصعود قيس سعيد، المؤيد للثورة إلى الرئاسة بأغلبية ساحقة في الدور الثاني، أمام مرشح الثورات المضادة نبيل القروي، شكل إحدى هزائم الإمارات في مهد الربيع العربي.

فرهان الإمارات في السابق تركز على حزب “نداء تونس”، الذي فاز بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية في 2014، واعتبر حينها انتصاراً للثورة المضادة على أحزاب الثورة، لكن “نداء تونس” كان مشكلاً من خليط غير متجانس بين مؤيدي نظام بن علي السابق واليساريين، جمعهم العداء للنهضة التي لم يجدوا بداً من التحالف معها ولو على مضض.

ولم تحل انتخابات 2019، حتى كان “نداء تونس” انقسم وتشظى إلى عدة أحزاب، وفقد الكثير من تأثيره على المشهد السياسي، لكن الإمارات، بحسب تقارير إعلامية، راهنت هذه المرة على حزب بن علي الجديد؛ وهو الحزب الدستوري الحر، بقيادة عبير موسى، المعروفة بهجماتها المتكررة على التيار الإسلامي.

كما تعرضت أحزاب الثورة وعلى رأسها النهضة لهجوم قوي من أطراف عدة تدعمها الإمارات، عبر الإعلام والذباب الإلكتروني، هذا ما دفع حمادي الجبالي، رئيس الحكومة الأسبق (2011 – 2013)، إلى القول إن “الإمارات تخرق السيادة الوطنية بالإملاءات والمال والإعلام”.

منع أطبّاء من حضور مُؤتمرات علمية دولية فقط لأنهم تونسيون

انكشاف الفيتو الإماراتي تُجاه التّونسيين ليس وليد اليوم في الحقيقة؛ ففي شهر مارس الماضي، رفضت السلط الإماراتية تمكين طالبين وأستاذ جامعي تونسيين تأشيرة الدخول لأراضيها لحضور فعاليات مؤتمرين علميين وهما المؤتمر العالمي حول التبغ أو الصحة في نسخته السادسة عشرة ومؤتمر حول البحث الإكلينيكي في دول المغرب العربي على التوالي، رغم أنّ تنظيمهما كان من طرف منظّمات دولية وليس دولة الإمارات.

ياسين وإسكندر السافي طالبين متميزين نجحا في شدّ انتباه منظّمات عالمية فوجّهت إليهما دعوة لحضور مُؤتمر دولي، عانا الأمرّين من أجل توفير كلفة السفر والإقامة بهدف التّزوّد العلمي، إلا أنهما مُنعا من الالتحاق بزملائهم من العالم أجمع لاعتبارات سياسيّة لا علاقة لها بمجال الطّب ولا العرف الأكاديمي بالمرّة.

عمليات تحريض

زعمت قناة “العربية”، تعمل بتمويل سعودي ومقرها الإمارات، أن راشد الغنوشي، رئيس البرلمان، تمكن من امتلاك ثروة مالية بوسائل غير مشروعة.

ويعمل تلفزيون “الغد”، ومقره مصر وهو امتداد للمحور الإماراتي السعودي، على الإسهاب في الترويج لهذه القضية، وتحاول القناة، التي تأسست على يد دحلان بتمويل إماراتي، إيجاد تصور بأن الشعب التونسي لا يثق بحكومته ولا بالتحقيقات الجارية في هذا الصدد.

وتزامنت هذه الادعاءات مع نقاشات يشهدها الشارع التونسي حول العواقب الاقتصادية الناجمة عن الإجراءات المتخذة لمكافحة الفيروس.

ويمكن القول إن الإمارات تعمل على التأثير في الشؤون الداخلية التونسية من خلال أذرعها هناك.

ودعمت أبوظبي الاحتجاجات المناهضة لحركة “النهضة”، عام 2013، كما دعمت حزب “نداء تونس” (ليبرالي) ضد “النهضة” في الانتخابات الرئاسية، عام 2014، وعملت على استمالة الرئيس التونسي (الراحل)، الباجي قايد السبسي، لكسر تحالف النهضة-نداء تونس، الذي بزغ عقب انتخابات 2014.

وبالمثل، مولت أبوظبي الاحتجاجات المناهضة للحكومة، عام 2018، لإيجاد أزمة مصطنعة باتخاذ قرار لا يتناسب مع الأعراف الدبلوماسية، عبر منع التونسيات من دخول الإمارات.

كما عملت أبوظبي على توجيه السياسات الداخلية التونسية، بدعم وزراء مثل لطفي براهم، إلا أن جميع خطواتها باءت بالفشل.

ومن خلال الأزمة المفتعلة ضد الغنوشي، دعت مجموعات الذباب الإلكتروني، التابعة للمحور الإماراتي السعودي، البرلمان التونسي إلى سحب الثقة من الحكومة الائتلافية (تشارك فيه “النهضة”).

وعبر وسائل إعلام تابعة لهذا المحور، مثل “العربية” و”سكاي نيوز”، وجهت شخصيات تونسية تابعة لذلك المحور، مثل عبير موسى، انتقادات لاذعة للغنوشي، معتبرة أن احتجاجات تونس، بداية من ديسمبر 2010، لم تكن ثورة. لينتقل بعدها النشاط الإماراتي من تونس إلى التدخل في الشؤون الداخلية الليبية.