موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

مركز حقوقي: جهاز أمن الدولة الإماراتي.. من حماية الدولة إلى قمعها

500

أبرز مركز مناصرة معتقلي الإمارات الدور المشين الذي يلعبه جهاز أمن الدولة الإماراتي من حماية الدولة إلى قمعها لتكريس الاستبداد والحكم القمعي في الدولة.

وقال المركز في بيان صحفي تلقت “إمارات ليكس” نسخة منه، إنه في أغلب دول العالم، هناك جهاز لأمن الدولة تحت مسميات مختلفة، وعادة ما تتثمل مهمته بحماية البلاد من أي خطر داخلي أو خارجي، والحفاظ على سلامتها من النشاطات التخريبية أو التهديدات التي قد تقوم بها دول معادية أو جماعات متمردة.

وذكر أنه رغم ذلك، فإن هذا الجهاز في العالم العربي والدول القمعية يحمل سمعة سيئة جداً، ويرتبط في أذهان الشعوب بالتعذيب وخنق الحريات وملاحقة المعارضين.

على سبيل المثال في 2011 تم حل جهاز مباحث أمن الدولة في مصر عقب الثورة مباشرة واستبداله بجهاز الأمن الوطني، نظراً للسمعة السلبية التي كان يمتلكها ذلك الجهاز في تعذيب المواطنين والتجسس على حياتهم.

المفارقة أنه في نفس العام تحديداً بدأ جهاز أمن الدولة في الإمارات بالتحول إلى نسخة مشابهة تماماً لنظيره المصري قبل 2011، وأصبح اسمه مرتبطاً بجميع أشكال انتهاكات حقوق الإنسان التي تحصل في الإمارات منذ ذلك الحين.

ولعل ما يجعل النسخة الإماراتية أسوأ بكثير من شبيهتها المصرية، بل ربما الأسوأ في العالم العربي، هي الصلاحيات غير المحدودة التي يمتلكها الجهاز، ففي مصر مثلاً، كان أمن الدولة مجرد أداة قمعية بيد من حديد، يعتقل من خلالها المعارضين ويعذبهم.

أما في الإمارات فإن الجهاز أصبح أكبر كثيراً من مجرد أداة، وأصبح يتحكم في الدولة بسلطاتها التنفيذية والتشريعية والقضائية من خلال مكاتبه المنتشرة في كل مكان.

في الإمارات، يستطيع جهاز أمن الدولة أن يسحب جنسيات المواطنين، وهي صلاحية ربما لا يملكها أي جهاز مثيل في العالم مهما بلغت قوته وحجم نفوذه، ويستطيع أن يمنعهم حتى من الحصول على رخصة القيادة أو ممارسة أي حق من حقوقه الطبيعية بما في ذلك التعليم والعمل.

لا يوجد شيء تقريباً، لا يستطيع أن يفعله جهاز أمن الدولة الإماراتي، ولا يوجد مبالغة بالقول إنه أصبح الحاكم الفعلي في الدولة، وتحول إلى كابوس جاثم فوق صدور المواطنين والحكام على حد سواء، فكل شيء أصبح رهناً لموافقته، حتى العلاج في المستشفى.

والأخطر من كل هذا هو الانحراف الواضح في سلوك الجهاز، الذي تحول من حامي لأمن الدولة إلى عدو لأمنها، إذ بات واضحاً أنه فقدَ بوصلته.

وبدلاً من أن يوجه بندقيته نحو أعداء الوطن، أصبحت بندقيته موجهة نحو المواطنين، وأصبح هدفه الأول هو الانتقام من كل مواطن يختلف معه أو يفكر في الاختلاف معه.

في 2011، صب جهاز أمن الدولة غضبه الكامل على مجموعة من الإماراتيين تحت ذريعة أنها تشكل تهديداً لأمن الدولة، وقام باعتقال نخبة من الأكاديميين والقضاة والمحامين والطلاب، وهي المجموعة التي ستعرف لاحقاً باسم “الإمارات 94″، وسترسم قصتهم المسار الذي سوف تتحول فيه الإمارات إلى “دولة أمن الدولة”.

لم يشفع لهذه المجموعة جهودها الكبيرة في بناء الدولة، ولا شهادات التكريم والتميز التي حصلوا عليها، فتم اقتحام بيوتهم في منتصف الليل، وكأنهم عصبة من اللصوص، بدون إذن قضائي ولا حتى تهم واضحة، ليتم الزج بهم في سجون سرية لأول مرة يسمع بها المواطن الإماراتي.

في هذه السجون، التي تم وضعها في قلب القواعد العسكرية والمؤسسات المدنية مثل المستشفيات والجامعات، مارس جهاز أمن الدولة أبشع أنواع التعذيب، ابتداء من خلع الأظافر وليس انتهاءً بالضرب المبرح الذي يؤدي إلى إغماء المعتقل.

وبعد أن انتزع جهاز أمن الدولة اعترافات المجموعة تحت التعذيب، قام بإجراء أكبر محاكمة جماعية في تاريخ الإمارات، وتوزيع أحكام السجن على المتهمين، ثم نقلهم إلى سجون رسمية.

وفي هذه السجون لم يتوقف بطش جهاز أمن الدولة بالمعتقلين، فكان يحرمهم من الزيارات والاتصالات الهاتفية وحتى العلاج.

والأكثر خطورة من كل هذا، أن بطش أمن الدولة امتد ليشمل أهالي المعتقلين، فلاحقهم في أرزاقهم، ومنع عنهم التعليم والعمل والسفر، بل إنه في بعض الأحيان سحب منهم الجنسيات وحرمهم حتى من الحصول على رخصة القيادة رغم أنهم لم يفعلوا شيئاً.

ويبدو أن كل هذا الانتقام لم يشف غليل جهاز أمن الدولة، الذي منع المعتقلين من الحصول على حريتهم بعد انتهاء أحكامهم، وأنشأ مراكز اعتقال إداري تسمى “المناصحة” حتى يقوم باعتقالهم لأجل غير مسمى دون حكم محكمة ولا حتى تهمة.

ربما كان قدر هذه المجموعة أن تدفع ثمن هذا التحول الخطير في مسار أمن الدولة الإماراتي، لكن هذا التحول سيدفع ثمنه الجميع لاحقاً، لأنه حوّل الإمارات إلى دولة قمعية، أصبحت فيها ممارسة انتهاك حقوق الإنسان أمر اعتيادياً، وأصبح القفز فوق القانون هو عنوان المرحلة.