موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

الإمارات.. العدو الأول لثورات الربيع العربي ومحاربة الاستبداد

240

أبرز الكاتب والروائي المصري عبد الحكيم حيدر دور دولة الإمارات المشبوه في معاداة ثورات الربيع العربي ومحاربة الاستبداد ودعمها بلا هودة مؤامرات نشر الفوضى والتخريب لصالح تمكين المستبدين في الحكم.

واستعرض حيدر في مقال له بعنوان (بوفيه إماراتي مفتوح للثورات المضادّة) محطات متعددة للإمارات في تقويض تطلعات الشعوب العربية لإنجاح ثوراتها الشعبية لنيل الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة.

وفيما يلي نص المقال كاملا:

لم أتعجب حينما تحوّلت الإمارات، الدولة الصغيرة المسالمة تاريخيا، إلى بوفيه مفتوح للثورات المضادة، فكل المؤشرات كانت تقودها إلى ذلك المسلك، حيث كانت أغلب ثورات الربيع العربي، في الأصل والثابت والمؤكد منها، أنها ثورات بسطاء الشعوب العربية على المخلفات المتوارثة للحكم، سواء أكان الحكم في يد عساكرها، كحالات مصر وليبيا والسودان والجزائر، أم في يد مختطفي طائفة، كحالة سورية.

تم سقوط نظام حسني مبارك وتم سقوط نظامي معمر القذافي وعمر البشير، وتم أيضا هدم بنية النظام في الجزائر بعد “ركن بوتفليقة”، وما زال “نظام الطائفة” في سورية يستغل كل تناقضات العالم، محافظا على بقائه، إلى حد ما، بقوة الأسلحة الروسية، والمساندة الإماراتية أيضا، (أول من أعادت فتح السفارات في دمشق).

إذن، ترى الإمارات وتراقب أن أنظمة عسكرية قد تم كسرها، علاوة على النظام الطائفي في سورية، فهل بعد ذلك تأمن هي الدولة صغيرة العدد (بنظام عائلي وأسري) لهول تلك الثورات؟

أضف إلى ذاك كراهية أولاد زايد كل شيء يمت إلى الإخوان المسلمين، أو حتى الإسلام السياسي، بأي صلة، قريبة أو بعيدة، اللهم إلا بعض جيوب المتصوفة، علي الجفري وعلي جمعة والشيخ أحمد الطيب.. إلخ، عند الحاجة لهم.

تبقى تونس هي مفتاح الحيرة أمام الإمارات، فلا هي دولة يحكمها العسكر، ولا رجال الأعمال لهم الهيمنة الواضحة، كما أن أرباب الفن والموسيقى والتمثيل والتمثيليات وصناعة السينما والأدب والصحافة والإعلام المرتزق، صعب طيّهم في فنادق الإمارات العائمة، فما العمل في تونس؟ بدأت بفتح بوفيه مفتوح لأتباعها، وكان قد سبقهم رجل الأعمال المصري ساويرس، ولكن ميزانيته لم تكف كل التكلفة، واختارت الإمارات النائبة عبير موسي، وأعطوها لحافها البمبة، وقالوا لها: “عليك بكرسي الغنوشي نفسه”، وفعلت السيدة ما طُلب منها، وبوقاحة تُحسد عليها بين أغلبية برلمانية من حزب النهضة، وهنا تحضرني “مسرحة الثورة المضادة في مصر”، وكانت بداياتها تتم ما بين رئيس الوزراء الأسبق، كمال الجنزوري، وأعضاء مجلس الشعب حينما قال لهم: “ورقة حل المجلس بالدرج”.

الخطة نفسها، كسر هيبة البرلمان باللحاف البمبة، وكسر هيبة رئيسه أيضا بعزله، وذلك لأن المحاكم التونسية ليست في جيوبهم، كالحال بالطبع في مصر. السيناريو نفسه، حل البرلمان في مصر أو إطاحة رئيس البرلمان في تونس. إذن السيناريو كان كذلك، ولا بد أن تكون لعبير موسي عصابة تساعدها، وكان.

لا وجود في تونس لجيش قوي يسيطر على أوراق اللعبة ليلا، فيشغل القضاء ورئيس مجلس الوزراء، ولكن فيها ثورة، ما زال عبيرها في أرواح النخبة والناس في الشارع. النخبة في مصر باعت آمالها في 30/ 6 (صيف 2013)، مكيدة في الإخوان المسلمين، فانكسرت الثورة، وتم بناء 25 سجنا جديدا. الوضع في تونس مختلف، لا القضاء يتم إعداد “لقمة القاضي لهم”، ولا “الجنزوري هناك وفي درج من أدراج مكتبه ورقة لحل مجلس الشعب”، ولا هناك أيضا العضو أبو العز الحريري كي يطالب بحل المجلس، كما حدث في مصر مكيدة أيضا في “الإخوان”، مقدمة فقط لباقي السيناريو المعد والجاهز، وحينما يرحل هو عند ربه، نجد ابنه هيثم الحريري عضوا في البرلمان، مكافأة بسيطة لعرق المرحوم أبو العز كي ينام سعيدا في قبره، على الرغم من أنه في المواقف الخطرة للوطن تصيب هيثم الأنفلونزا أو الصداع أو كورونا أخيرا، شفاه الله.

نحن نداعب تمثيليتين متشابهتين إلى حد مضحك، ولكن الأرضية في تونس تختلف، على الرغم من إصرار البوفيه المفتوح في الإمارات على أن يكمل مشواره مهما بلغت خسائر البوفيه. لم تستطع الإمارات بكل بوفيهاتها، بعبير موسي وبغيرها، أن تكسر تونس، فهل ستكرّر المحاولة من أبواب أخرى؟

وفي النهاية، لا أملك إلا أن أتذكر عضو مجلس الشعب (فك الله سجنه هو الآخر)، زياد العليمي، حينما وقف في المجلس، وقال غامزا في رئيس المجلس العسكري ساعتها، المشير حسين طنطاوي، وقال “مقدرش على الحمارة جاء على البردعة”، فلم ينسها له العسكر في مصر أبدا، حتى أدخلوه السجن في قضية “الأمل”. وكان مجلس الشعب ساعتها أغلبيته من “الإخوان” والسلفيين والثوار، وزياد العليمي بالطبع من ثوار يناير، فتم التنكيل به على مهل، لأن بوفيه الإمارات لم يكن في قوته وجبروته كما الآن، علاوةً على أنه كان مع حركة تمرّد قلبا وقالبا، فأمهلوه إلى ما بعد “تمرد”، كي يكون الحصاد ثمينا.

أما عبير موسي التي أرادت أن تطيح كرسي الغنوشي نفسه فقد تجرب اللحاف في أماكن أخرى. وهذا، للأمانة، جبروت أقليةٍ تريد أن تخنق زعيم أول حزب في البرلمان بلحاف بمبة، بعدما تحول بوفيه الإمارات إلى جنةٍ موعودةٍ بحجم الوطن الموعود، من الخليج شرقا للوصول إلى المحيط.