تتحرك شركة الصناعات الجوية الحكومية الإسرائيلية قدماً في خطة لإنشاء وجود لها في دولة الإمارات عبر فتح متجر للشحن الجوي، في الوقت الذي تواصل إسرائيل حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة منذ أكثر من 10 أشهر، خلفت قرابة 40 ألف قتيل ودمار واسع النطاق.
وبحسب وكالة بلومبرغ الدولية فإن الشركة الإسرائيلية ستقوم بإعادة تشكيل 10 طائرات بوينج 777 من أسطول طيران الإمارات إلى طائرات شحن في حظيرتين بدءًا من تشرين أول/أكتوبر المقبل
وذكرت الوكالة أن هذه الخطوة تسلط الضوء على مدى التزام أبوظبي باستمرار التطبيع وبناء العلاقات مع إسرائيل في إطار التحالف الثنائي بينهما، حتى مع تصاعد التوترات في المنطقة وتصاعد المجازر بحق الفلسطينيين.
وكانت الشركة الإسرائيلية وقعت صفقة مع شركة الطيران الإماراتية لتحويل أربع طائرات في عام 2021، وهو ما كان يمثل في ذلك الوقت إحدى النتائج الأولى لشركات الطيران من تطبيع العلاقات بين أبوظبي وتل أبيب.
وقالت شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية إنها تشهد طلبا متزايدا من المؤجرين وشركات الطيران على طائرات الشحن التي تم تحويلها من طائرات ركاب وسط فتحات محدودة من شركات صناعة الطائرات إيرباص إس إي وبوينج للطائرات الجديدة.
وشهدت ذراع الشحن التابعة لطيران الإمارات زيادة في البضائع المنقولة في عام 2023، وشكل هذا النشاط 11% من إجمالي إيرادات شركة الطيران التي تتخذ من دبي مقراً لها. ووضعت الشركة طلباً ثابتاً بقيمة مليار دولار لشراء خمس طائرات شحن من طراز بوينج في يوليو لتلبية الطلب المتزايد.
وسبق أن وصفت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، دولة الإمارات بأنها استثناء كبير في قائمة التطبيع العربي مع إسرائيل في ظل التحالف الكامل للنظام الحاكم في أبوظبي مع تل أبيب.
وتناولت المجلة أسباب استمرار الدول العربية في الحفاظ على علاقاتها مع إسرائيل والتطبيع معها رغم الغضب العارم الذي ينتاب الشعوب العربية من الاحتلال.
ففي حين يربط إسرائيل والأردن علاقات دبلوماسية منذ 30 سنة، فإن السلام بينهما كان باردًا حتى في أفضل الأوقات. ومنذ اندلاع الحرب في غزة دخل في حالة من الجمود العميق، بعكس الإمارات.
وأكدت المجلة أن المصالح الاقتصادية للإمارات في علاقاتها مع إسرائيل تدور حول شيء مختلف تمامًا: التجارة والاستثمار، وتعزيز دور أبوظبي كمركز لوجستي عالمي.
كما تقوم المصالح الاقتصادية لأبوظبي على محاولة الاستفادة من تقدم إسرائيل في مجال التكنولوجيا المتقدمة لبناء صناعة التكنولوجيا الخاصة بها، والشراكة لحل تهديد تغير المناخ في المنطقة.
فمنذ اتفاقيات إبراهيم 2020، برزت الإمارات أيضًا كمشتري رئيسي للأسلحة الإسرائيلية، وارتفعت صادرات الأسلحة الإسرائيلية إلى الدول التي وقّعت على اتفاقيات إبراهيم من لا شيء في تلك السنة إلى 2.9 مليار دولار في سنة 2022.
من حيث القيمة الدولارية، تظل العلاقة الاقتصادية بين إسرائيل والإمارات صغيرة نسبيًا لكلا البلدين، لكنها تمثل شيئًا أكبر وأكثر طموحًا، وهو الجهد لإعادة تشكيل الشرق الأوسط من منطقة الحرب والسياسات المتطرفة إلى منطقة تركز على التطور الاقتصادي.
وذكرت المجلة أنه ليس من المستغرب أن تكون الأعمال التجارية التي تقيمها الدول العربية مع إسرائيل شأناً نخبويًا يقتصر على الصفقات بين الحكومات والمؤسسات الكبرى التابعة للدولة، فالطرق العادية لممارسة الأعمال التجارية غير موجودة، كما أنها كثيرًا ما تكون ذات اتجاه واحد.
لكن كانت الإمارات استثناءً إلى حد ما لهذه القاعدة. توافد المديرون التنفيذيون والسياح الإسرائيليون إلى الخليج في فترة شهر العسل التي تلت توقيع اتفاقيات إبراهيم.
وكانت الشركات توقّع صفقات استثمار وشراكة، واستحوذت شركة مبادلة للبترول التابعة لأبو ظبي على حصة 22 بالمائة في حقل غاز تمار الإسرائيلي، وكانت العديد من الصفقات الاستثمارية الأخرى قيد المناقشة.
وفي عام 2023، وصلت التجارة البينية إلى 3 مليارات دولار، مسجلة ارتفاعًا من 190 مليون دولار في سنة 2020.
لكن الرد الشعبي الذي أظهره الجانب الإماراتي كان فاترًا، فقد وجد استطلاع معهد واشنطن أن أقلية من الإماراتيين يعتقدون أن التعامل مع إسرائيل أمر “مقبول”، ولم يقم الإماراتيون بزيارة إسرائيل إلا بغرض العمل.