موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تفاصيل انتهاك الإمارات سيادة الصومال ووحدة أراضيه

134

تحركت حكومة جمهورية الصومال الفيدرالية ضد التدخل السافر في شئونها الداخلية من الإمارات بما في ذلك عقد اتفاقية لتشغيل ميناء بربرة مع إقليم أرض الصومال الانفصالي وإقامة قاعدة عسكرية في الإقليم المذكور.

ويشكك مدير مركز هرجيسا للدراسات والبحوث محمود محمد حسن عبدي، في استجابة حكومة إقليم صوماليلاند (أرض الصومال) لقرار وزارة الموانئ والنقل البحري الصومالية الصادر في بداية مارس/آذار الجاري، بإلغاء اتفاق الشراكة الثلاثية المبرمة بين شركة موانئ دبي العالمية وأرض الصومال (حكومة معلنة من جانب واحد) والحكومة الإثيوبية لتشغيل ميناء بربرة.

وبالرغم من تصويت البرلمان الفيدرالي الاتحادي لمصلحة مشروع إيقاف عمل شركة موانئ دبي في أرض الصومال في 12 مارس/آذار الجاري، وموافقة الغرفة العليا بأغلبية ساحقة، كما يقول حسن عبدي مدير المركز البحثي المستقل العامل في صوماليلاند، إلا أنه على يقين بأن أبوظبي لن تتوقف ما لم تتدخل المؤسسات الأممية والعدالة الدولية بناء على دعاوى تقدمها مقديشو ضد الإمارات وشركتها.

وأضاف أن ميناء بربرة الذي تم الانتهاء من صيانة المراسي الخاصة به نهاية العام الماضي شهد تباطؤاً في حركة إنزال البضائع وسرعة تخليصها، لكنه لم يتوقف عن العمل بالاتفاقية حتى بعد صدور قرار الإلغاء.

ويعتبر ميناء بربرة الواقع شمال غربي الصومال من أقدم الموانئ الصومالية، إذ يعود بناؤه إلى عام 1968، ويستخدم لتصدير الجلود والصمغ العربي والمواشي إلى الشرق الأوسط ودول الخليج وشمال أفريقيا عبر البحر الأحمر، واستيراد الوقود والبضائع الأخرى وفقا لكتاب “العرب والقرن الأفريقي جدلية الجوار والانتماء” الصادر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في عام 2013.

الاتفاقية لمصلحة موانئ دبي

حصل معد التحقيق على نسخة من اتفاقية تطوير وتشغيل ميناء بربرة ومن بين 20 بنداً تضمنتها الاتفاقية جاء أغلبها لمصلحة شركة موانئ دبي، إذ نصت المادتان الأولى والـ 11 على عدم تجديد الاتفاقية، أو إعادة تعديلها مرة أخرى، إلا بعد مضي خمس سنوات، ونصت المادة الثانية من الاتفاقية على أن تقوم شركة موانئ دبي بتطوير وتشغيل ميناء بربرة.

ونصت المادة الثالثة على أن تكون حصة موانئ دبي من عائدات ميناء بربرة 65% وعائدات حكومة صوماليلاند من تشغيل ميناء بربرة 35%، فيما نصت المادة الخامسة على أن يتكون الطاقم الإداري من سبعة مديرين، خمسة من جانب شركة موانئ دبي واثنان من صوماليلاند، وعلى أن يكون المدير العام من شركة موانئ دبي.

ونصت المادة رقم 8 على ضرورة الموافقة بالبت في أي مشاكل خاصة بالبضائع المحجوزة في الميناء من خلال 4 أشخاص، 3 منهم من جانب شركة موانئ دبي، وشخص واحد من جانب ميناء بربرة، ونصت المادة 17 على أن يكون لشركة موانئ دبي الأولوية في اتخاذ القرارات وامتلاك أسهم الشركة، فيما تضمنت المادة 15 على أن المساهمين من قبل يكون لهم الأولوية في توزيع الأرباح خلال مدة معينة هم من يحددوها، ونصت المادة 18 على أن تكون الاتفاقيات مطابقة للقوانين والأنظمة البريطانية.

انتهاك سيادة الصومال ووحدته

تنتهك الاتفاقية الموقعة بين حكومة صوماليلاند، وشركة موانئ دبي العالمية سيادة الصومال ووحدته، إذ تخالف الدستور الفيدرالي الصومالي بحسب تأكيد النائب في البرلمان الصومالي آدم إسحاق علي.

وأشار علي إلى أن المذكرة الموقعة بين الجانبين، مخالفة للمادة 54 من الدستور الفيدرالي الصومالي الذي ينص على أن الشؤون الخارجية بما فيها المعاهدات من اختصاص الحكومة الاتحادية وحدها، وقانون الاستثمار الأجنبي الصومالي، وإبرام الاتفاقيات من اختصاصات هذه الحكومة فقط، ويجب تمريرها على البرلمان الفيدرالي للمصادقة عليه.

غير أن البرلماني في برلمان صومالي لاند عمر سنوني يرى أن الاتفاق قانوني ساردا عدة أسباب لذلك، ومنها بحسب سنوني، أن الصومال لا تملك أي ادعاءات للولاية القانونية القضائية على أرض صوماليلاند، فقد كانتا ولايتين منفصلتين قبل عام 1960 وانسحبت أرض الصومال من الاتحاد، وليس لديهم سيطرة على شؤون أرض الصومال، التي يصفها بالديمقراطية، بينما الصومال يعاني من الفوضى.

يخالفه في الرأي مدير مركز هرجيسا للدراسات والبحوث، والذي رد بالقول: “الاتفاقية غير قانونية، لأنها لم تعرض على برلمان صوماليلاند قبل التوقيع عليها، وعدم عرض الاتفاقية الموقعة بين الجانبين على برلمان صوماليلاند يخالف المادة 96 من دستورها الذي ينص على أن البرلمان يناقش ويوافق على الاتفاقيات التي تعطي صوماليلاند 35% من عائدات الميناء وشركة موانئ دبي 65%، وهذا يجعل الاتفاقية باطلة بنص الدستور ما لم تعرض على البرلمان.

وأضاف أن الاتفاقية المبرمة مع شركة موانئ دبي الإماراتية تم تعديلها من طرف واحد، وهو الإمارات بإضافة إثيوبيا وإعطائها 19%، من عائدات تشغيل الميناء، رغم أن إثيوبيا لم تكن طرفا في الاتفاقية الأولى الموقعة في 2016، وليست مستثمرة، لكن الإمارات أدخلتها في الاتفاقية ومنحتها من حصتها للضغط على الصومال، الأمر الذي يخالف المادتين الأولى، والحادية عشرة من الاتفاقية”.

وأعلنت صوماليلاند “الاستقلال” عن جمهورية الصومال عقب انهيار الحكومة المركزية في مقديشو عام 1991، واندلاع الحرب الأهلية بين القبائل الصومالية بحسب أستاذ القانون العام بجامعة مقديشو، الدكتور عبد القادر محمد شيخ عبد الله.

وقال عبد الله إن هذا الوضع، وما نتج عنه من نشوء مؤسسات فرض الواقع أدى إلى تأسيس بعض الإدارات المحلية من بينها نظام أرض الصومال المعلن من طرف واحد، مضيفا أن حكومة أرض الصومال تستغل الوضع الراهن في الصومال.

كواليس إلغاء الاتفاقية

يبرر الدبلوماسي في دائرة الشؤون العربية بوزارة الخارجية الصومالية التابعة للحكومة الفيدرالية آدم عبده حسين، تباطؤ الحكومة الصومالية الفيدرالية في قرار إلغاء الاتفاقية الموقعة بين شركة موانئ دبي العالمية وحكومة صوماليلاند في مايو/أيار من عام 2016 بأن الحكومة الصومالية السابقة لم تكن تريد خوض صراع مع الإمارات، ولا تنوي إثقال كاهلها بفتح ملف صوماليلاند.

وأكد أن الاتفاقية وقعت قبل أشهر قليلة من الانتخابات الرئاسية الصومالية التي أجريت في فبراير/شباط 2017، وتزامن توقيع الاتفاقية مع وجود رئيس الوزراء الصومالي حسن علي خيري في أبوظبي، الأمر الذي اعتبرته الحكومة الصومالية نوعاً من الاستفزاز، وهو ما أغضب الشارع الصومالي الذي رحب بهذه الخطوة المتأخرة في مواقع التواصل الاجتماعي، إذ شارك العديد من الصوماليين والصوماليات في وسم” فرماجو يوحّد الصومال” رداً على حملة “فرماجو يمزّق الصومال” التي انطلقت على “تويتر” من قبل مغردين إماراتيين عقب إلغاء الصومال للاتفاقية بحسب حسين.

ويصف برلمانيون وسياسيون صوماليون قرار إلغاء الاتفاقية بـ”الحكيم”، من بينهم رئيس حزب التحالف الوطني عبد الله حرسي علموغي الذي شارك في الانتخابات الرئاسية منافساً الرئيس الصومالي محمد عبدالله فرماجو في عام 2017.

وأوضح “تهدف الخطوة هذه إلى حماية كرامة وسيادة الصومال، والذي يعد دولة كاملة السيادة وعضو في المنظمات الدولية والإقليمية”.

وتابع “جميع المواثيق والدساتير الصومالية منذ 1960 وحتى الدستور الفيدرالي المؤقت الحالي الصادر في أغسطس/آب من عام 2012 المعمول به حاليا نصت على قدسية ووحدة الأراضي الصومالية”، وهو ما يؤيده فيه أستاذ القانون العام بجامعة مقديشو عبد القادر محمد شيخ عبد الله، مشيراً إلى أن سيادة الدولة الصومالية على أراضيها ومن بينها مناطق أرض الصومال سارية بشكل قانوني، ما لم تسلك إدارة أرض الصومال الإجراءات القانونية المعروفة في القانون الدولي لحق الشعوب في تقرير مصيرها.

استعدادات صومالية لمواجهة التداعيات

تستعد المؤسسات الرسمية الصومالية لمواجهة أي تداعيات محتملة لإلغاء الاتفاقية بحسب الدبلوماسي في دائرة الشؤون العربية بوزارة الخارجية الصومالية آدم عبده حسين علي، والذي لفت إلى أن المؤتمرات الصحافية وخطاب الرئيس والقانون الذي أصدره البرلمان وتصريحات مندوب الصومال في الأمم المتحدة أبو بكر عثمان، أثناء جلسة مجلس الأمن المنعقدة يوم 27 مارس/آذار الجاري حول الانتهاكات الإماراتية لقرارات مجلس الأمن الخاصة بالصومال التي وثقها تقرير لجنة العقوبات الخاصة ببلاده، وعلى رأسها الاتفاقية مع السلطات الإقليمية لأرض الصومال لإنشاء قاعدة عسكرية إماراتية في بربرة من دون موافقة الحكومة الاتحادية الصومالية، تأتي تمهيداً لرفع دعوى ضد الإمارات في حالة عدم خضوعها للقانون.

وأكد أن الحكومة الصومالية جادة في استخدام حقها المشروع في إطار القوانين الدولية، لحماية وحدة وسلامة أراضيها من التدخل غير المشروع، مشيراً إلى أن الصومال ستتخذ كل الإجراءات للدفاع عن سيادتها، قائلا “أي تداعيات محتملة ليست في صالح الإمارات”، وهو ما يؤيده فيه مدير مركز هرجيسا للدراسات والبحوث محمود محمد حسن عبدي، مشيرا إلى أن الإمارات ستكون أمام خيارين لا ثالث لهما، إما الاتفاق مع الحكومة الصومالية، أو الاعتراف بصوماليلاند، وهذا أمر صعب، لن تجرؤ عليه حكومة أبوظبي لما له من تداعيات على علاقتها بمقديشو.