موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

إجرام الإمارات في اليمن تترجمه صفقاتها المشبوهة مع القاعدة

109

غداة الكشف عن الصفقات المشبوهة بين التحالف بقيادة السعودية والإمارات في اليمن، وتنظيم “القاعدة”، تُثار تساؤلات حول الخطوات المقبلة لأبوظبي للتغطية على هذه الفضيحة، كما فعلت خلال الشهرين الماضيين في محاولة لإغلاق ملف السجون السرية التي تديرها في اليمن.

غير أن الفضيحة الجديدة تكشف عن دور خطير للإمارات، عبر تأسيس أجهزة أمنية وعسكرية مشتركة مع عناصر متطرفة، ما يمثّل تهديداً مقبلاً وتلغيماً لمستقبل اليمن، وهو ما بدأت بوادره تظهر في الأزمات التي تشهدها المناطق الجنوبية اليمنية منذ ثلاث سنوات، فيما لا تزال الحكومة الشرعية عاجزة عن إيجاد موطئ قدم آمن لها في “المناطق المحررة”، بما يزيد من التحديات المستقبلية أمامها عند نهاية الصراع في البلاد.

وخلال الساعات الماضية، أثار تقرير وكالة “أسوشييتد برس”، عن صفقات سرية عُقدت بين “القاعدة” والتحالف في اليمن، عاصفة تعليقات في الأوساط اليمنية، سلّطت الأضواء مجدداً على الأزمة التي تعانيها المناطق الجنوبية والشرقية لليمن، من تحديات أمنية وسياسية، منعت حتى اليوم من إيجاد مستقرٍ آمن للحكومة الشرعية، حتى إن الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي لا يزال منذ ما يقارب الشهرين في عدن التي يصفها بـ”العاصمة المؤقتة”، محصوراً في التنقل بين القصر الرئاسي وبعض المنشآت المحدودة في المدينة، فيما حلفاء أبوظبي يطلقون التهديدات من حين لآخر، بالتحرك عسكرياً ضد الحكومة الشرعية.

وفيما تناقلت وسائل الإعلام السعودية نفياً للمتحدث الرسمي باسم التحالف، العقيد تركي المالكي، للمعلومات الواردة في التقرير الخاص بالصفقات مع تنظيم “القاعدة”، قائلاً إن “التحالف يخوض حرباً مع التنظيمات الإرهابية باليمن كتنظيمي القاعدة وداعش”، أعاد هذا الموقف للأذهان التقرير السابق للوكالة نفسها في يونيو/ حزيران الماضي، عن أساليب التعذيب الوحشية بحق معتقلين في سجون سرية تديرها الإمارات، الذي أعلنت أبوظبي رفضها ما جاء فيه.

ولكن أبوظبي سعت حينها إلى إخلاء جانبها ومحاولة التغطية على الفضيحة، من خلال التجاوب مع مطالب الحكومة اليمنية بتسليم السجون إلى الأجهزة الرسمية اليمنية، والإفراج عن العشرات من المعتقلين، قالت مصادر محلية إن العديد منهم كانوا في حكم المخفيين قسرياً فترات متفاوتة من شهور إلى عامين.

وعلى الرغم من الشكوك حول إذا ما كانت أبوظبي قد أغلقت فعلاً كافة السجون وسلّمتها لإشراف وزارة الداخلية التابعة للحكومة الشرعية، إلا أن الإفراج عن العشرات وتسليمهم إلى السجون الخاضعة لسلطة الحكومة جاءا ليعززا حقيقة وجود هذه السجون السرية وما ارتُكب فيها من فظائع تعذيب.

هذا الأمر يُثير تساؤلات عما ستتخذه أبوظبي – التحالف، في مواجهة فضيحة الصفقات مع “القاعدة”، التي تمتلك من المؤشرات الواقعية والحوادث ما يعززها، بغضّ النظر عن التفاصيل.

واعتمدت أبوظبي في معاركها في عدن وتعز على شخصيتين سلفيتين، أولاهما الشيخ هاني بن بريك، وزير الدولة اليمني السابق، الذي برز دوره خلال المعارك مع مسلّحي جماعة “أنصار الله” (الحوثيين)، كنائب لرئيس “مجلس المقاومة”، ثم كذراع لنفوذ أبوظبي في أوساط السلفيين والمتشددين عموماً، في عدن ومحيطها وضمن قوات “الحزام الأمني”، حتى إنه ظهر في بعض الأحيان كما لو أنه القائد الفعلي لهذه القوات الخارجة عن سلطة الشرعية، ويشغل حالياً منصب نائب رئيس “المجلس الانتقالي الجنوبي”، وهو من الشخصيات المعروفة بقربها من ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد.

في تعز، يوجد قيادي سلفي آخر في الذراع المدعومة من أبوظبي عسكرياً في المدينة، وهو قائد الجبهة الشرقية، عادل فارع، المعروف بـ”أبو العباس”.

وعلى الرغم من أن الفصيل الذي يقوده فارع يقاتل الحوثيين، إلا أن التقارير المحلية تفيد بانضواء أعداد غير معروفة من المتطرفين المحسوبين على “القاعدة” وغيرها في صفوف جماعته، التي وُجّهت إليها اتهامات بتفجيرات ذات طابع إرهابي.

وفي أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية قائمة مشتركة مع حلفائها الخليجيين بيمنيين متهمين بـ”الإرهاب”، وكانت المفاجأة ورود اسم عادل فارع ضمن المتهمين، في وقتٍ يُعدّ فيه من أبرز حلفاء التحالف في المدينة.

وعقب تقرير “أسوشييتد برس” الأخير، أثيرت تساؤلات عما إذا كانت الفضائح بصفقات التحالف مع “القاعدة”، أو مع قيادات سلفية تنضوي عناصر في التنظيم ضمن أتباعها، على غرار هاني بن بريك في عدن و”أبي العباس” في تعز، ستدفعها للتبرؤ من هذه الشخصيات ورفع الغطاء عنها، وهي خطوة قد لا تكون سهلة، في ظل التحديات العميقة التي فاقمتها هذه السياسات أمنياً وسياسياً في المناطق الخاضعة للتحالف بواجهة إماراتية إلى حد كبير.

من زاوية أخرى، يبرز خطر وجود عناصر متطرّفة في صفوف القوات العسكرية المدعومة من التحالف، كخطر مستقبلي بالنسبة لليمن، إذ إن مجموع القوات العسكرية (الحزام الأمني والنخبة الحضرمية والنخبة الشبوانية)، إما مؤلفة من مجندين بهويات مناطقية وقبلية، أو من خلفيات أيديولوجية، كما حال العناصر السلفية التي ساهمت بفعالية خلال المعارك مع الحوثيين.

لكن وجودها يثير التحفظات والمخاوف من مستقبل ملغوم بالأيديولوجيات وبالعناصر المتطرفة النافذة في مؤسسات يفترض أن محاربة الإرهاب على رأس أولوياتها.

الجدير بالذكر أنّ وزير النقل اليمني صالح الجبواني، وفي تصريح متلفز في مارس/ آذار الماضي، قال إن الإمارات أسّست جيوشاً قبلية ومناطقية، وإن هذه القوات أقرب إلى شركات أمنية على غرار “بلاكووتر”.

وأشار إلى أن العصابات ومسلحي تنظيم “القاعدة” ينتشرون في كافة “المناطق المحررة”، التي قال إنها “أصبحت موبؤة بالإرهاب وبكافة أصناف الفوضى والعشوائية”، مضيفاً: “هناك جيوش قبلية وعصابات وحتى القاعدة أصبحت تنتشر من طرف المحافظة إلى طرفها؛ لم تنتشر القاعدة في أي مرحلة في السابق كانتشارها اليوم”.

وينظر يمنيون إلى الفشل الحاصل أمنياً في المحافظات الجنوبية والشرقية لليمن، التي تقع تحت ما يشبه وصاية أمنية وعسكرية إماراتية وسعودية، كأحد تجليات السياسات المتّبعة من أبوظبي على وجه خاص، التي ساهمت بدورها في إطالة أمد الحرب، مثلما أنها أسست لأزمات مستقبلية، يمكن أن تظهر على هيئة انقسامات مناطقية وغيرها من العصبيات، كما هو حاصل في عدن، التي تنتشر فيها قوات لا تعترف بالحكومة اليمنية وتتبع “الانفصاليين” والقيادة الإماراتية، وأخرى تابعة للحكومة.