موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

النظام الإماراتي وإخفاق شديد في مواصفات بناء البشر

157

تسجل الإمارات معدلات عالية من البطالة لا تتعلق بالدرجة الأساسية بعدم توفر فرص عمل بل في فشل برامج التوطين والإخفاق الشديد من النظام في موصفات بناء البشر.

ففي الإمارات توجد الأعمال أكثر بكثير من عدد المواطنين العاطلين في الدولة، فالسبب الأساس وجود وظائف لكن لا توجد كفاءات كافية في الدولة من أجل القيام بالوظيفة ما تندفع المؤسسات إلى إحضار أجانب مدربين ومؤهلين لتسيير أعمالها.

واعتبر مركز الإمارات للدراسات والإعلام “إيماسك” أن هذا الواقع سببه الرئيسي وجود فجوة رئيسية بين التعليم ومتطلبات سوق العمل، وتطوير المهارات بعد الدراسة الثانوية والجامعية لتكون مؤهلة لسوق العمل، ويشمل ذلك المهارات المهنية والتقنية.

وهنا لا يتعلق الأمر بالوظائف الصغيرة ك”العمال، والتنظيف… الخ” ذات الرواتب المتدنية التي يرفض الشباب الإماراتي الالتحاق بها.

لذلك كان من الضروري “إصلاح التعليم” ضمن منظومة كامل وكافية وهي ما تجنبته رؤى الدولة الخاصة ب(2025 و2030). إصلاح قادر على خلق مواطنة فاعلة وقوية وتنموية، وعندها لن يكون هناك حاجة لمعارض التوظيف ولا لملاحقة أصحاب الشركات من أجل توطين الوظائف، الذي يفترض أن يبدأ من القطاع العام.

سجلت الإمارات نجاحاً في (بناء الحجر) لكنه خلق معضلة رئيسية تؤرق النخبة الوطنية، وتبتعد عنها السلطة متعلقة في (مواصفات بناء البشر)، حيث تعتمد السلطة على “بناء البشر” على الولاء الأعمى الذي لا يحق حقاً ولا ينقذ مستقبل الدولة ويمنع تقديم تفكير نقدي قادر على مواجهة المشكلات.

إن انفصال المخرج التعليمي عن سوق العمل، يشير إلى أن التعليم (من الابتدائية وحتى الجامعة) يمحي “الأمية الأبجدية” للمواطنين وللناس، بسبب قصور كبير في تلقي المعرفة بمعناها العام والشامل، ومنها انفصال الجامعات عن تقديم حلول ذات جدوى لمشكلات المجتمع، فأصبحت جامعاتنا في الغالب (مدارس ثانوية من غير جرس). فالتميز في التعليم هو مستوى من الأداء المقبول في عصر التنافس وسيادة تقنيات الاتصال والتدريب المهني.

كما أن مجتمع الإمارات لا يستطيع اليوم تجاوز آثار العولمة التي أشاعت التنافسية، وجلبت عمالة من دول العالم وجعلت الدولة منفتحة على أكثر من 200 جنسية، مقلصة نسبة المواطنين إلى أقل من 10% من إجمالي عدد السكان. ففرضت الجودة القادمة من ثقافة التميز وتطوير الأداء، واشاعت شعور بالإيجابية والثقة في مجتمعاتهم. فالجودة تعني اصطلاحًا: تطابق مواصفات السلعة أو الخدمة مع توقعات المستفيدين، وإشباع حاجتهم حاضرًا ومستقبلاً.

يظهر واضحاً ترابط علما الاجتماع والسياسة، فنهوض التعليم بحاجة في المقاوم الأول إلى قرار سياسي من السلطة، وتخطيط دقيق وآليات حماية تكون تحت إشراف المجلس الوطني الاتحادي (البرلمان) الذي يجب أن يمتلك الحق في التشريع، حتى إذا احتاج النهوض بالتعليم وحل الإشكاليات العالقة في النظام التعليمي يصدر تشريعاً سياسياً حتى لو كان غير ملائماً لبعض السياسيين.

إن أهم ما ينبي البشر (الإنسان: كان رجلاً أو امرأة) هو العقل فالعقل السليم يأتي من خلال نظام تعليمي يؤسس في قواعده ومرتكزاته على العلوم بجميع اختصاصها مع علم المنطق واللغات المتعددة، وتوظيف العقل في الفهم، وأحقية السؤال وتقصي الأسباب بحثاً عن الحقائق. وهذا يؤدي بدوره إلى الاختراع والإبداع.

فالنظام التعليمي في الإمارات يفترض أن يكون قائماً على الحق في الرأي والتعبير، وسؤال المسؤولين واستجوابهم من قبل لمجلس الوطني، وحق الطلبة (حتى من المستوى الابتدائي) في السؤال والفِهم والمعرفة وأحقية الاختيار.

ومع هذا النظام التعليمي الذي يبدأ منذ الطفولة لبناء العقل مع منهج علمي مدروس يكون فيه المدرس مؤهل تأهيلاً علمياً وسلوكياً لإخراج أجيال من المفكرين والمبدعين.

إن الطالب والمواطن الذي يقوم علمه وتعليمه على منهج علمي هو القادر على الإنتاج، فالتنمية (تقوم بالإنسان وللإنسان) فهو العنصر الأهم في معادلة الإنتاج والاستفادة. ولا ريب في الاستفادة من التقنيات الأجنبية المتقدمة وإعلاء شأن الخبراء والمهتمين الإماراتيين بغض النظر عن توجههم الفكري أو السياسي، وتقديمهم لقيادات المؤسسات التعليمية والإنتاجية.

فعندما يلاحظ المواطن أن السلطة تتعامل مع الخبراء والأساتذة والمثقفين المواطنين بموجب الإبداع لا “القدرة على التطبيل” يزيد من إنتاجيته وفعاليته وبناء مستقبل الدولة، أما إقصاءهم والاعتماد على درجة القرابة والمحسوبية و”الموافقة الأمنية” فإن ذلك يصيب الشباب الطامح بالإحباط.

والوضع الحالي في الدولة لا يسر المواطن والوطن فالتنمية الاقتصادية التي تحاول الإمارات بمختلف سلطاتها المحلية النهوض بها تتجاهل المشكلة الرئيسية المتعلقة بالتعليم.

ومن الواضح أن وراء ذلك أسباباً سياسية في الغالب، تخشى النهوض بالتعليم بالطريقة الصحيحة خوفاً من الاعتبارات السياسية والحقوق والحريات -التي تعاني من مأساة مستمرة منذ سنوات بسبب القمع المتفشي- ما زاد من العاطلين عن العمل لتصبح الإمارات الأعلى بين دول الخليج حسب إحصائيات رسمية من الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي.

إن القضاء على البطالة في الإمارات المرتبطة بالتأهيل والتدريب ونظام تعليمي صارم بأسس “بناء البشر” لا يساهم فقط في إنهاء البطالة بل أيضاً يوفر الكثير من موازنة الدولة التي تصرف كإعاشات للعاطلين عن العمل وتزيد فرص شباب الإمارات في مشاريعهم الصغيرة ما يزيد من رفعة الاقتصاد عبر أيادي إماراتية وطنية.