عادت المفاوضات التي ترعاها السعودية بين الحكومة اليمنية وما يعرف بـ”المجلس الانتقالي الجنوبي” المدعوم إماراتيا خطوة إلى الوراء، بعدما كان اتفاق جدة على وشك التوقيع يوم الخميس الماضي.
وجاء هذا التعثر لإيجاد اتفاق سياسي داخلي في اليمن في أعقاب تعديلات اقترحتها الإمارات، للاحتفاظ بنفوذها جنوباً، الأمر الذي واجهته الشرعية اليمنية بالرفض، وسط استمرار تعزيز القوات السعودية تواجدها في عدن، تمهيداً للإعلان عن الاتفاق.
وأفادت مصادر سياسية يمنية قريبة من الحكومة بأن تأجيل الاتفاق، الذي كانت التوقعات والتسريبات تذهب إلى أن توقيعه سيجري الخميس أو الجمعة الماضيين، أُحبط بسبب مقترحات إماراتية على المسودة التي قدمتها الرياض، سعت من خلالها أبوظبي، إلى الاحتفاظ بنوع من النفوذ وفرض بعض القيود على مسؤولي الشرعية، لعدم توليهم مناصب في أي حكومة جديدة.
ووفقاً للمصادر، فقد تمكّنت الشرعية من استعادة زمام المبادرة في الأيام الأخيرة، من خلال رفض كل ما من شأنه أن يحقق للإماراتيين نصراً سياسياً عبر المفاوضات، بعد أن عجزوا عنه بالقوة خلال التمرد، الذي نفذه الانفصاليون المدعومون من أبوظبي في عدن.
وأكدت المصادر أن “الرئيس عبدربه منصور هادي، شدد على أن أي اتفاق مرهون أولاً بإنهاء التمرد على مؤسسات الدولة في عدن”.
وأشارت في هذا السياق إلى أن عودة كل من نائب رئيس الحكومة وزير الداخلية أحمد الميسري، إلى جانب وزير النقل صالح الجبواني، إلى مدينة سيئون شرقي البلاد، للمرة الأولى منذ مغادرتهم عدن، في أغسطس/آب الماضي، جاءًت بناءً على توجيهات رئاسية، حملت أيضاً رسالة من الرئيس هادي، برفضه التخلي عن الشخصيات، التي وقفت بوجه الممارسات الإماراتية جنوباً خلال الأعوام الماضية.
وكان الميسري بمثابة رجل هادي الأول في عدن حتى أغسطس/آب الماضي، عندما غادر المدينة وأطلق تصريحاته الشهيرة، بتقديم التهنئة للإمارات “على انتصارها الساحق ضدنا”، لكنه أكد في الوقت ذاته أن المعركة مستمرة، وأنهم عائدون إلى المدينة. وجاءت عودته إلى حضرموت، بعد أن قضى الفترة الماضية، بين القاهرة والرياض، كما قام بزيارة إلى العاصمة العُمانية مسقط.
على الجانب الآخر، وعقب التسريبات والفرحة التي أبداها أعضاء فيما يُعرف بـ”المجلس الانتقالي”، من أنهم حققوا انتصارات خلال حوار جدة، ظهر المجلس في الأيام الأخيرة، في حالة من التخبط، بعدما كان قد أعلن عن أن الاتفاق سيجري توقيعه الخميس الماضي، بالتزامن مع انتقال وفد الأخير من جدة إلى الرياض، غير أن المفاوضات عادت إلى الأطر الضيقة مجدداً، الأمر الذي انعكس خيبة أملٍ لدى أنصار المجلس.
في الأثناء، وبالتزامن مع تأجيل اتفاق جدّة، أكدت مصادر محلية في عدن أن القوات السعودية تواصل عملية الانتشار في أكثر من منشأة داخل المدينة، في إطار خطة أمنية تنفذها الرياض، تمهيداً للإعلان عن توقيع اتفاق جدة، الذي يخول السعوديين بلعب دور الضامن لتنفيذ الاتفاق والمشرف على انتقاله من النظري إلى العملي، في الجانب الأمني تحديداً، في ما يتعلق بمدينة عدن.
ويأتي الانتشار السعودي في عدن، كأحد أبرز ملامح التحولات المترتبة على حوار جدة، بين الحكومة اليمنية والانفصاليين، ومن شأن هذا التواجد، أن ينزع القرار في المدينة، من الإماراتيين، الذين كانوا أصحاب الكلمة الأولى، منذ تصدرهم نفوذ التحالف جنوباً، اعتباراً من النصف الثاني للعام 2015.
الجدير بالذكر، أن مضامين مسودة اتفاق جدة، كانت قد سربت الأسبوع الماضي، وتنص في أبرز مضامينها، على إشراك “الانتقالي” في حكومة جديدة، إلى جانب خطوات أمنية وعسكرية، من شأنها أن تسمح بعودة الحكومة اليمنية والبرلمان إلى عدن، ودمج مختلف التشكيلات الأمنية والعسكرية التي أنشأتها الإمارات، في الأطر الرسمية اليمنية (الدفاع والداخلية).