ذكر مقال نشره موقع ميدل إيست آي أنه غالبا ما تتلقى المملكة العربية السعودية الجزء الأكبر من النقد في ملف أزمة اليمن، على ضوء حملة القصف المدمرة التي تشنها برفقة الإمارات، لكن أبوظبي تلفت الأنظار بشكل متزايد بسبب الأعمال التي تقوم بها في تلك البلاد وتعادل جرائم الحرب.
فمنذ بدأ التحالف الذي تقوده السعودية حربه في اليمن في مارس/آذار 2015، كانت الإمارات لاعبا رئيسيا. ولكن في حين كان هدف الرياض هو إرجاع الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى السلطة وسحق انتفاضة الحوثي، ركزت أبوظبي أكثر على الجنوب، وعلى تدريب قوات الأمن لتأمين طموحاتها الجيوسياسية الخاصة.
وصارت الأهداف الإماراتية طويلة الأجل واضحة بشكل متزايد: تقسيم اليمن وإنشاء دولة جنوبية صديقة، وهو ما من شأنه أن يؤمن طرق التجارة عبر ميناء عدن لبقية العالم، واستغلال موارد اليمن الطبيعية، وفرض الهيمنة الإقليمية.
قتل الإنسانية
ليبرر وجوده في اليمن، يركز النظام الإماراتي -حسب المقال- على تقديم نفسه كقوة هدفها الاستقرار، وغالبا ما يسلط الضوء على التبرعات الخيرية للمساعدات الإنسانية للبلاد، بينما يرفض التقارير المتعلقة بدوره في ممارسات الاحتجاز غير القانونية باعتبارها “أخبارا كاذبة”.
ورغم هذا المظهر الخيري، تثبت الأدلة أن الإمارات ليست في اليمن للإحسان. وقد ذكرت جماعات حقوق الإنسان وجود تعذيب وانتهاكات أخرى داخل السجون المدعومة من الإمارات في جنوب اليمن، كما أشارت وكالة أسوشيتد برس في الشهر الماضي إلى استخدام الاعتداء الجنسي “لتحطيم السجناء وتجريدهم من إنسانيتهم”، كما وثقت منظمة العفو الدولية أيضا ممارسة الاختفاء القسري.
وهذه برأي الإمارات وسيلة لسحق المعارضة في الجنوب، ولكن المراقبين الدوليين يرون أنها تؤكد أولوية الطموحات الإماراتية الإقليمية لا الاعتبارات الإنسانية.
وقد أدت سياسات “الاستقرار” الإماراتية إلى زيادة الفجوة الداخلية في اليمن بشكل كبير. وساعد دعم أبوظبي للانفصاليين الجنوبيين والوكلاء العسكريين الآخرين على إثارة التوترات في بلد مفكك بالفعل، وفي يناير/كانون الثاني الماضي، اشتبكت المليشيات الجنوبية التي تدعمها أبوظبي مع قوات هادي الحكومية في عدن.
تنافس مع السعودية
فشل دعم الإمارات لاستقلال الجنوب في تكوين أي نوع من الوحدة، إذ قدمت أبوظبي الدعم لمجموعات مختلفة، مثل قوات النخبة الحضرمية، التي ترغب في استقلال حضرموت بدلا من توحد جنوب اليمن، والتي ارتكبت اعتداءات أيضا مثل الاعتقالات التعسفية.
ويمثل الخلاف الحاصل بين الإمارات والسعودية مشكلة أيضا، فالرياض تدعم حزب الإصلاح -فرع الإخوان المسلمين في اليمن- كحليف ثابت على الأرض. لكن الإمارات تعارض جماعة الإخوان، وتدعم بدلا منها المسلحين الذين يحافظون على علاقات غير عدائية مع القاعدة في شبه الجزيرة العربية -التي يفترض أنها تقاتلها- لمواجهة حزب الإصلاح، وفقا للباحثة هيلين لاكنر في كتابها “اليمن في أزمة”. وعلى هذا النحو، فإن الإمارات في حرب بالوكالة مع السعودية في اليمن.
بينما يحتج بعض المراقبين بأن خيار انفصال الجنوب هو الأفضل، تنطوي على استراتيجية الإمارات على كلفة بشرية كبيرة للغاية، وأي حكومة صديقة للإمارات ستكون في جانب الإماراتيين فقط وليس الشعب اليمني. كما أنه من النفاق أن تنتقد الإمارات الحوثيين على انقسامهم وفشلهم في التحرك نحو السلام، بينما تفعل هي الشيء نفسه.
ما الحل؟
تستطيع الإمارات وهي تقاتل تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، أن تعمل بحجة مكافحة الإرهاب، التي ساعدتها في الحصول على دعم الولايات المتحدة. بالإضافة إلى ذلك تواصل بريطانيا دعم الإمارات لوجيستيا ومن خلال تواطئها في الحرب.
وسيظل هذا الدعم غير المشروط من الغرب مستمرا، ما لم يكن هناك احتجاج كبير من اليمنيين أنفسهم. إذ يمكن للمواطنين الواقعين حاليا ضحية للإمارات أن يرفعوا أصواتهم احتجاجا لمقاومة أبوظبي.
نجح هذا بالفعل إلى حد ما، إذ تقلص النفوذ المتنامي للإمارات على جزيرة سقطرى اليمنية جزئيا في مايو/أيار، بعد أن اشتكى المدنيون والمسؤولون من أن أبوظبي تستغل الأرض وتحتلها.
وفي الوقت نفسه، ستواصل المنظمات الإنسانية في الكشف عن الانتهاكات الجارية في الجنوب على أيدي القوات المدعومة من الإمارات.
ولكن في نهاية المطاف، تقع سلطة كبح جماح طموحات الإمارات على عاتق المجتمع الدولي، هو وحده يمكن أن يمنع الأزمة من اتخاذ مسار أكثر نحو الأسوأ.