أعلنت دولة الإمارات رسميا عن إحالة عشرات معتقلي الرأي في سجونها لمحاكمة جديدة بتهم ملفقة في خطوة تستهدف إبقائهم رهن الاعتقال التعسفي المفتوح ومنع إطلاق سراحهم بعد قضائهم مدد أحكامهم.
وأعلن النائب العام في الإمارات عن إحالة 84 إماراتياً، بينهم أكثر من 60 معتقل رأي ممن انتهت محكومياتهم في سجون أبوظبي إلى محكمة أمن الدولة.
وذكرت وكالة أنباء الإمارات الرسمية (وام)، أن “النائب العام يحيل 84 متهماً أغلبهم من أعضاء تنظيم الإخوان المسلمين الإرهابي إلى محكمة أمن الدولة بتهمة إنشاء تنظيم سري آخر بغرض ارتكاب أعمال عنف وإرهاب على أراضي الدولة”.
وزعمت الوكالة، أن المتهمين من معتقلي الرأي أخفوا هذه الجريمة وأدلتها قبل الحكم عليهم في القضية رقم (17) لسنة 2013 جزاء أمن الدولة، مشيرة إلى أن التحقيقات استمرت قرابة الستة أشهر من البحث وكشف تفاصيل الجريمة، والأدلة الكافية لارتكابها.
ووفقا للوكالة، فقد تم إحالة المتهمين إلى المحاكمة العلنية بمحكمة أمن الدولة والتي مازالت جارية حتى الآن، مشيرة إلى أن المحكمة استمعت إلى الشهود وأمرت بندب محام لكل متهم لهم لم يتمكن من توكيل محام للدفاع عن نفسه.
وأبرزت أوساط حقوقية ل”إمارات ليكس”، أن التهمة الموجهة إلى معتقلي الرأي هي نفسها بتأسيس “تنظيم سري” لكن جهاز أمن الدولة يصر أنها جديدة رغم أنهم معتقلون منذ ١٢ عاما بنفس التهمة.
النائب العام يحيل 84 متهماً أغلبهم من أعضاء تنظيم الإخوان المسلمين الإرهابي إلى محكمة أمن الدولة#وام pic.twitter.com/hQXf5RQvFM
— وكالة أنباء الإمارات (@wamnews) January 6, 2024
وقد أدان ائتلاف من 43 منظمة حقوقية إقليمية ودولية المحاكمة الظالمة لناشطي الرأي في دولة الإمارات، مطالبا بتدخل دولي لوقف انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة في أبوظبي.
وعبر بيان مشترك للمنظمات تلقت “إمارات ليكس” نسخة منه، عن القلق العميق إزاء التحقيقات الجديدة التي قامت بها السلطات الإماراتية ضد أكثر من 80 إماراتيًا، بعضهم مدافعون عن حقوق الإنسان، بتهمة تأسيس ودعم “منظمة إرهابية”.
وجاء في البيان “تأتي هذه التهم ردًا على ارتباط المتهمين الفعلي أو المشتبه بهم بلجنة العدالة والكرامة، التي تأسست في 2010 -2011، والتي وفقًا لتهمة السلطات في عام 2012، “قامت بتوعية المجتمع وتعريفه بحقوقه”، “نشرت مقالات حول تلك الحقوق”، و”عملت على التواصل مع منظمات حقوق الإنسان الدولية”.
واكد البيان على أن محاكمة هؤلاء الأفراد بتهم الترويج السلمي لحقوق الإنسان، بينما تم احتجاز العديد منهم بشكل تعسفي لسنوات بتهم مماثلة، هو فعلًا عمل مخز يؤكد عدم توقف السلطات الإماراتية عن معاقبة وتخويف أي شخص يحمل فكرا إصلاحيا.
وأشار إلى أن من بين الذين تم تأكيد احتجازهم حتى الآن وليسوا في المنفى، مدافعون بارزون عن حقوق الإنسان مثل أحمد منصور والأكاديمي الدكتور ناصر بن غيث، اللذان أدينا خلال محاكم منفصلة في عام 2018 و2017 على التوالي، بتهم تتعلق بأنشطة في مجال حقوق الإنسان عبر الإنترنت وحُكم عليهما بالسجن لمدة 10 سنوات.
وكان المتهمون المتبقون قد أدينوا سابقًا في محاكمة جماعية، قضية “الإمارات 94″ في الفترة من 2012 إلى 2013، بتهمة مماثلة – الانخراط في لجنة العدالة والكرامة – التي يواجهونها الآن.
لذا فإن هذه التهم الجديدة غير قانونية وتنتهك المادة 19 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان، التي تنص على أنه لا يمكن محاكمة شخص مرتين بنفس التهمة. يحق لأي شخص يُقام ضده مثل هذا الإجراء أن يطالب بشرعيته بالإفراج عنه”.
علاوة على ذلك، نشدد على أن إجراءات المحاكمة تتم بسرية، حيث لم تصدر السلطات الإماراتية أي وثائق عامة حول المحاكمة.
وتكشف المعلومات التي تم الحصول عليها عن تفاصيل مزعجة لإجراءات المحاكمة، بما في ذلك رفض حق المتهمين في تعيين محامين مستقلين ورفض السماح لعائلاتهم بالحضور في قاعة المحكمة.
وخلال جلسات المحاكمة، أدخلت السلطات أهالي المتهمين إلى غرفة منفصلة لمشاهدة الجلسات على شاشة، وفي الجلسة الثانية، تم قطع الصوت، ما منعهم من معرفة ما يجري خلال الجلسة وهو ما كشف استهتار السلطات بحق الحكم العادل.
إضافة إلى القسوة، أفادت بعض العائلات بتلقيها مكالمات لإخبارها بأنه سيتم الإفراج عن ذويهم أخيرًا وأن “يتوقعوا أخبارًا جيدة”، ما أعطاهم أملاً زائفًا وجعل وقع خبر المحاكمة الجديدة أكثر من صدمة.
وأدانت المنظمات الحقوقية استخدام السلطات الإماراتية لنظام العدالة الجنائية كأداة لإبقاء هؤلاء الأفراد خلف القضبان وقمع الانتقادات السلمية أو دعوات الإصلاح.
وشددت المنظمات على أهمية التدخل الدولي لحماية حقوق الإنسان والالتزام بمعايير العدالة العالمية وإجراءات الحق في النظر والمحاكمة العادلة.
ودعت إلى اتخاذ تدابير عاجلة من قِبَل الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان، والدول الأعضاء في الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وغيره من المؤسسات الإقليمية لإجبار الإمارات على التخلي عن هذه التهم الجديدة التي تحمل دوافع سياسية والإفراج الفوري عن جميع الأفراد الذين تم احتجازهم بشكل تعسفي.
يشار إلى أن أبرزه الموقعين على البيان: العفو الدولية، مجموعة منّا لحقوق الإنسان، منظمة القسط لحقوق الإنسان، ومركز مناصرة معتقلي الإمارات وغيرهم.