أثار بروفيسور إماراتي معروف على مستوى منطقة الخليج العربي نقاشا متصاعدا منذ يومين في الدولة بشأن ضرورة تنحية النظام الحاكم في ظل ما يدبره من مؤامرات تقود الإمارات للتراجع والمستقبل المجهول.
وقال الأكاديمي الإماراتي البروفيسور يوسف خليفة اليوسف، إن المنطقة العربية ستدخل في نفق مظلم من التوترات وتراجع التنمية والصراعات المحلية، إذا لم تتم تنحية القيادات الحالية في الإمارات والسعودية بصورة أو أخرى.
وأضاف البروفيسور الإماراتي على تويتر “سيعيدون المنطقة “حقب” إلى الوراء، بينما ستكسب الدول الإقليمية كإيران وإسرائيل ومعهما القوى الكبرى”.
وطوال يومين أثارت تغريدة اليوسف الكثير من ردود الفعل وأتبعها بعدة تغريدات للرد على مغردين أيدو طرحه وأكدوا مخاطر النظام الحاكم في الإمارات على مستقبل الدولة.
اذا لم تتم تنحية القيادات الحالية في ألامارات والسعودية بصورة أو أخرى فان هذه المنطقة ستدخل في نفق مظلم من التوترات وتراجع التنمية والصراعات المحلية التي ستعيد هذه المنطقة حقب الى الوراء بينما ستكسب الدول الأٌقليمية كأيران وإسرائيل ومعها القوى الكبرى .
— Prof Yousif AlYousif (@Prof_Yousif) June 24, 2019
للأسف هذه القيادات ستفعل كل شيء من اجل ان توقف موجة التغيير في المنطقة ولو احترقت المنطقة فلديها بوليصة تأمين وانت تعرفها طبعا الا اذا حدثت تحركات داخلية وابعدتها عن مركز القرار وهذا امر قليل الأحتمال كذلك https://t.co/svySb4O8Pz
— Prof Yousif AlYousif (@Prof_Yousif) June 24, 2019
على شعوبنا أن لا تكتفي بشجب المؤامرات التي تحاك ضدها وانما عليها ان تنشغل بالأعداد سواء بالتوعية او بتجميع قواها او باي جهد ممكن لتفكيك نظم الأستبداد واستبدالها بنظم تعبر عن ارادتها وتشكل قوة رفض لكل الأخطار المحدقة بأمتنا
— Prof Yousif AlYousif (@Prof_Yousif) June 25, 2019
نقول للأحرار ان اغلب قيم الأسلام لاتحتاج لحاكم فاسد او مستبد ليطبقها وانما في امكان الأفراد انفسهم او بتعاونهم مع بعضهم ان يطبقونها فالصلاة تنهى عن الفحشاء والزكاة تنمي المال وتطهر نفس دافعها ومستلمها والصيام ينمي مراقبة الخالق في كل الأحوال فاصلحوا نفوسكم م يصلح الله أحوالكم
— Prof Yousif AlYousif (@Prof_Yousif) June 25, 2019
ويتصاعد الجدل وإن كان لا يزال صامتا في دولة الإمارات العربية المتحدة ضد استفراد ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد بمقاليد الحكم في الدولة ورسم سياساتها الخارجية خدمة لأطماعه التوسعية المشبوهة.
وتسيطر في مجالس الإماراتيين منذ أسابيع أحاديث الشكوى من التدهور الحاصل لصورة البلاد بما في ذلك تحول واقعها منذ وفاة الرئيس المؤسس زايد بن سلطان، إلى حكم يقوم على حالة فردية يقودها محمد بن زايد.
ويشبر الإماراتيون بغضب إلى أن بن زايد يستفرد في كل شيء، ويقود الدولة وفق رؤية شخصية وذاتية بعد أن تمرد وجمد الدستور والمؤسسات الدستورية الوطنية الأخرى وأضعف بقية السلطات وأفرغ بقية المكونات.
وبسبب ذلك أصبح الوضع السياسي والاجتماعي في الإمارات هشا بصورة غير مسبوقة إلى جانب تعثر اقتصادي ملحوظ ويتزايد منذ نحو عامين.
و إزاء هذه الحالة المتفاقمة، محليا وإقليميا، ومع تصاعد التحديات والتهديدات، تحدث المعارض الإماراتي حمد الشامسي عن ضرورة وجود معارضة إماراتية، في حين أكدت الكاتبة عائشة سلطان في صحيفة “البيان” الحكومية عن ضرورة الحديث عن “الأخطاء”.
كما تقول مصادر غربية إن ولي عهد دبي محمد بن راشد يختلف مع محمد بن زايد في التعاطي مع الأزمة الإيرانية، وسبقه تغيب حاكم الشارقة عن لقاء وطني جامع في رمضان المنقضي، إلى جانب تعارض واضح بين عبدالخالق عبدالله (يمثل أبوظبي) وخلف الحبتور (يمثل دبي).
وتحدث المعارض الإماراتي حمد الشامسي عن تاريخ التحولات في الدولة والتي أدخلتها في حالة من التأزيم الوطني والانتهاكات الحقوقية، بدءا من عام 2008، تمثلت بتجميد المجلس الأعلى للاتحاد الذي يضم حكام الإمارات السبعة، ومصادرة صلاحياته واختصاصاته لصالح شخصية واحدة في أبوظبي، وإضعاف المجلس الوطني الاتحادي وترحيل صلاحياته إلى الحكومة.
وتناول كذلك تفريغ المجتمع المدني من وظائفه وأدواره بل ومزاحمة السلطات له وقمعه، فضلا عن تجاوز الدستور نفسه لصالح جهاز الأمن، بالإضافة إلى احتواء الثقل القبائلي الذي كان على الدوام أحد المؤثرات الإيجابية والوازنة والضامنة للاستقرار والاستمرار للنظام السياسي في الدولة.
كل ما سبق، وهو بحسب ما يقوله ناشطون ومراقبون، جعل للإمارات وجها آخر وأسفر عن انقلاب وتحول كامل في سياسات السلطة محليا وخارجيا، بصورة جلبت، ولا تزال تجلب المزيد من الانتقادات الدولية إلى جانب بوادر لتورط الإمارات في صراعات إقليمية لا أفق لها، وعلى وجه الخصوص الأزمة الراهنة مع إيران.
ولعل أحدث اتهامين لسياسات الإمارات ما قاله الصحافي البريطاني الشهير روبرت فيسك في مقال له الأسبوع الجاري في صحيفة “الاندبندنت” من أن أبوظبي تلجأ لحل مشكلاتها السياسية عبر “الموت الوحشي” وهو يتحدث عن تدخلاتها في اليمن والسودان ومصر وليبيا وسوريا وغيرها، وليس آخر صفقة القرن.
وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف من ناحيته، انتقد مؤخرا دولة الإمارات “التي تسعى لأن تصبح إسرائيل ثانية في المنطقة. وذلك فقط بعد أيام قليلة مما أكدته صحيفة “معاريف” العبرية من أبوظبي تقيم علاقات وثيقة جدا مع إمارة أبوظبي بصفتها المستقلة وليس بصفتها عاصمة الاتحاد وتمثل الدولة.
هذا التأكيد الإسرائيلي، يكشف مدى الاستفراد الذي تمارسه أبوظبي، حتى استفراد يمارسه شخص واحد في الإمارات لا يتسبد في الإمارة فقط وإنما يستبد على مستوى الدولة الاتحادية، بعد أن صودرت جميع السلطات والمؤسسات والمكونات الشعبية والمجتمعية، كما سبقت الإشارة.
ونتج عما سبق حالة متواصلة من التأزم والأزمات المتنقلة التي تعيشها الإمارات نتيجة الانقلاب في هويتها وبوصلتها وأولوياتها وعمقها، بدءا من التعسف والقمع الداخلي ضد الإماراتيين وعبر الانخراط في مشروعات من الصراعات والحروب والتوترات وأحدها التوتر الراهن مع إيران والوقوف خلف صفقة القرن التي يجمع الفلسطينيون على أنها تصفية لقضيتهم.
وهذا الوضع دفع الكاتب البريطاني الشهير ديفيد هيرست للحديث عما أسماه أن أبوظبي وولي عهدها يعيشون “حالة من الذعر” جراء التوتر مع إيران.
المعضلة التي بات يدركها الإماراتيون، هو أن هذا الذعر لن تقتصر آثاره على شخص أو جهاز أو مؤسسة، وإنما سيدفع ثمنه الدولة كلها والشعب كله، رغم أن الإماراتيين لم يستشرهم أحد ولم يتحدث لهم أحد عما يجري، سوى ذيوع خطاب تعبوي تبثه أبوظبي على مسامع الإماراتيين بهدف تقديم رواية واحدة متحيزة للأحداث، وتتعامل مع الإماراتيين كأنهم “قطيع” عليهم فقط تنفيذ ما يقوله لهم “الراعي”.
المراقبون يؤكدون أن الأوضاع في الدولة وفي الإقليم أدخلت الإمارات نفقا مظلما يضع مصير الإمارات الوجودي على المحك، وهو ما يتطلب تحركا ما من جانب كل من بيده أن يضع حدا للاستبداد والاستفراد وقول: “لا”، لمن يقود الدولة برؤية أنانية نحو انغلاقاته وتصوراته، بحسب ناشطين.
وفي مواجهة ذلك يتصاعد بوادر للمعارضة، ممثلة بالمعارض الشامسي الذي كان أوضح أن المعارضة التي يطرحها هي “خدمة” وطنية يقدمها لوطنه وشعبه وليست تهمة يحاكم عليها أو يطارد بسببها، وهي واجب وطني وديني وأخلاقي ينسف كل المزاعم التي تسعى لتشويه دور المعارضة ومطالبها ودفعها إلى الزاوية وتحويلها إلى وضع الدفاع والاستنزاف.
كما أن الكاتبة عائشة سلطان لم تذهب بعيدا عن الشامسي، وقالت قريبا مما قاله ولكن بكلمات تقبل النشر في صحيفة حكومية. سلطان قالت في مقال لها بتاريخ 1 يونيو بعنوان: “لماذا نشير إلى الخطأ؟”: “عندما تقول: هنا خطأ، وهنا متجاوزون، فإنك لا تشوّه صورة مجتمعك ولا تتجاوز على حقوق أحد، إنك ككاتب وكإعلامي تقوم بدورك وبواجبك المفروض عليك. القاعدة الأولى في الصحافة فيما يخصّ النقد ألا تهاجم أحداً باسمه، أنت تنتقد الأداء وتكشف الأخطاء، دون أن تقصد ولا تقصد وضع عدسة مكبرة نكايةً بأحد أو تصفيةً لخلافات شخصية، فالشخصنة هي العدو الأول للحقيقة والموضوعية”.
وتضيف: “في التجاوز والخطأ الذي يتم ضد مصالح المجتمع لا وجود لتصنيف صغير أو كبير، كل خطأ يُترك تحت السطح يكبر كدمّل ثم ينفجر فوق السطح ككارثة تدمر الجميع، أنت لست شخصاً سوداوي النظرة، أنت تؤمن بأنك حين تنتقد الأخطاء فلأنك إيجابي جداً وبما لا يتخيله أحد، لأنك تهدف إلى التطوير والدقة ومطاردة الأخطاء التي تستنزف أموال ووقت وجهود التنمية فيما لا طائل من ورائه، أنت تؤدي مهمتك كما يتسق مع فهمك وثقافتك وولائك لمجتمعك”.
أما “هيرست” فقد أكد في مقاله المشار إليه أعلاه، “أن التعبير عن معارضة السياسة العدوانية لمحمد بن زايد قد بدأ في التصاعد، إذ أعرب محمد بن راشد عن اعتراضه على السياسة” الفاحشة” وقال في سلسلة من التغريدات إن التاريخ سيقرر ما إذا كان للحكام العرب” انجازات عظيمة تتحدث عن نفسها أو خطب فارغة لا قيمة لها”.
هيرست أضاف أيضا: “التوتر داخل الإمارات واضح، أيضًا، في مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى سبيل المثال، زعم الأكاديمي عبد الخالق عبد الله، الذي يمثل الخط الرسمي للدولة، أن البلاد محصنة وأنه يمكن الاستفادة من تقليص حجم إيران، ليرد عليه رجل الأعمال خلف أحمد الحبتور بالقول إنه لن يتم انقاذ اقتصاد البلاد من نتائج أي هجوم عسكري على إيران ، وأضاف أنه يطلب من قادة البلاد البحث عن حل للازمة”.
المعارض الشامسي حدد عددا من النقاط لتقديم حل شامل لما تعانيه الإمارات داخليا وخارجيا، وذلك من خلال إعادة تفعيل المجلس الأعلى للاتحاد، وضرورة إحداث انفراجة حقوقية داخلية بإطلاق سراح معتقلي الرأي.
يقول ناشطون، اليوم، يشكل الشامسي وعائشة سلطان ومحمد بن راشد وحاكم الشارقة الشيخ سلطان بن محمد القاسمي الصوت الأكثر عقلانية وواقعية وإن تعددت منطلقاتهم، إلا أن ما يجمعهم النأي بالإمارات عن الاستفراد والاستبداد المراهق والمرهق والذي قد تمتد آثاره لأجيال قادمة.
وما لم يتصدر هؤلاء جميعا وإلى جانبهم المجلس الاعلى للاتحاد والمجلس الوطني والقبائل والمجتمع المدني وحتى القوات المسلحة الإماراتية المشهد ويعيدوا للإمارات “هدايتها” السياسية الراشدة الوطنية والخليجية والعربية والإسلامية والإنسانية فإن مستقبل الدولة سيزداد قتامة وغموضا.