موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحقيق: فضيحة الإمارات في ليبيا.. تمويل إجرام مرتزقة “بلاك ووتر”

340

فجر تقرير سري للأمم المتحدة مؤخرا فضيحة جديدة للإمارات في ليبيا بعد ثبوت تورط أبوظبي في تمويل إجرام مرتزقة شركة “بلاك ووتر” الأمريكية.

وتمكنت وسائل إعلام غربية ووكالات أنباء عالمية من الاطلاع على نص تقرير سري أعدته مجموعة من المحققين الأمميين.

وجرى رفع التقرير مؤخراً إلى مجلس الأمن الدولي، حول أنشطة شركة “بلاك ووتر” للخدمات الأمنية، من زاوية انتهاك الحظر الأممي على توريد السلاح إلى ليبيا.

والسعي إلى التعاقد مع مؤسسات مختلفة مقيمة في الإمارات وأستراليا وجنوب أفريقيا وبرمودا وبلغاريا والنمسا.

وذلك لتزويد ميليشيات خليفة حفتر المدعوم من أبوظبي بأسلحة مختلفة بينها طائرات وزوارق حربية ومعدات سيبرانية.

فضلاً عن محاولة لشراء حوامات كوبرا أمريكية الصنع من الجيش الأردني انتهت إلى الفشل.

وكانت العملية، التي تكلفت 80 مليون دولار أمريكي، تستهدف دعم حملة حفتر في نيسان/ أبريل 2019 لاحتلال طرابلس.

كذلك كانت ضمن أغراضها سلسلة عمليات لاختطاف أو اغتيال عدد من كبار الضباط الليبيين المناوئين للمشير الانقلابي.

ويكشف التقرير الذي وقع في 121 صفحة مجمل أنشطة مؤسس الشركة ورئيسها السابق إريك برنس، وعدد من شركائه وأصدقائه المقربين.

بهدف استغلال علاقاتهم الوثيقة مع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب وشخصيات في الإدارة أمثال جاريد كوشنر وستيف بانون وروجر ستون، وكون برنس شقيق وزيرة التعليم الأمريكية بيتسي ديفوس.

كما يعرض التقرير تفاصيل دقيقة عن سجلات الاتصالات الهاتفية التي قام بها أحد كبار مساعدي برنس مع البيت الأبيض، قبل بدء حملة حفتر وبعد أن لاحت علائم فشلها.

وأظهر التقرير معطيات صارخة وتؤكد الغالبية الساحقة من استنتاجات المحققين وتعزز المعلومات العامة التي سبق أن أشارت إلى تورط مرتزقة وميليشيات مختلفة الجنسيات في القتال لصالح حفتر.

ولم تكن مجموعات “بلاك ووتر” الأمريكية و”فاغنر” الروسية سوى الأكثر شهرة بينها للتورط في نشر الفوضى في ليبيا.

هذا إلى جانب ما سبق أن شاع على نطاق واسع من مشاركة “بلاكووتر” في عمليات أمنية متعددة، تبدأ من العراق وليبيا ولا تنتهي عند الصومال وعرض الخدمات على الاتحاد الأوروبي.

غير أن شيوع أخبار التقرير الأممي السري يعيد إلى الواجهة طرح السؤال المركزي المتعلق بالجهة التي مولت العملية وتولت ضمان تسديد الـ80 مليون دولار إلى “بلاكووتر”.

وهنا لم يكن خافياً أن أصابع الاتهام توجهت بصفة شبه حصرية إلى الإمارات بالنظر إلى أنها مقرّ إقامة ثلاث شركات متعاقدة مع “بلاكووتر”.

وكذلك بالنظر إلى الصداقة الشخصية الوطيدة والقديمة التي جمعت ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد مع برنس.

وأما الخلفية المنطقية الثالثة فهي أنّ النظامين المصري والإماراتي كانا أبرز داعمي حفتر في حملة الزحف على طرابلس.

ومولت الإمارات مشروع حفتر السياسي إجمالاً، وتوفير الأموال لشراء الأسلحة كان ملقى على عاتق أبو ظبي وليس القاهرة.

وقال مصدر موثوق إن الإمارات تخشى مسائلتها دوليا بعد انفضاح إريك برنس رئيس شركة “بلاك ووتر” السابق، بانتهاكات حظر الأسلحة في ليبيا.

وأبلغ المصدر “إمارات ليكس” أن أبوظبي أقامت تعاونا وثيقا مع برنس وانفضاح قضيته قد يمهد لتحقيق أوسع ضد الإمارات.

وكشف تقرير أعدّه محققون من الأمم المتحدة أن برنس استقدم قوة من المرتزقة الأجانب والأسلحة في 2019 دعما للمشير خليفة حفتر.

وذلك دعما لحفتر المدعوم إماراتيا في معارك للإطاحة بحكومة الوفاق الليبية المدعومة من الأمم المتحدة.

وشملت العملية التي بلغت كلفتها 80 مليون دولار خططا لتشكيل فرقة تنفّذ اغتيالات لتعقّب وقتل القادة العسكريين الليبيين المناهضين لحفتر، الذين يحمل بعضهم جنسيات دول أوروبية.

وتسلّطت الأضواء على برنس، العنصر السابق في وحدة النخبة التابعة لقوات البحرية الأميركية (نيفي سيلز) وشقيق بيتسي ديفوس وزيرة التعليم في عهد ترامب، بصفته رئيس شركة بلالكووتر الأمنية الخاصة التي اتُّهم متعاقدوها بقتل مدنيين عراقيين عزّل في بغداد سنة 2007.

وأصدر ترامب عفوا عن أربعة من المدانين في هذه القضية العام الماضي.

ويعرّض الاتهام برنس لعقوبات محتملة من الأمم المتحدة، تشمل حظرا على السفر، بحسب “نيويورك تايمز”.

والعام الماضي تناول موقع “إنترسيبت” الأمريكي قضية عودة إريك برنس إلى الساحة، وعلاقاته مع الروس ومع محمد بن زايد، وذلك في تقرير مفصل أعده ماثيو كول.

وقال كول إنه عندما وصل برنس إلى منتجع “فور سيزونز” في سيشيل في يناير 2017 لحضور اجتماع مع أحد المصرفيين الروس ومحمد بن زايد، كان في منتصف الطريق لعودته “غير المتوقعة”.

وأضاف أن انتخاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب “أعطى مؤسس بلاكووتر المشين فرصة جديدة لإثبات نفسه”. فبعد سنوات من المحاولة والفشل في رؤية شاملة لحرب المرتزقة حول العالم، عاد إريك برنس إلى اللعبة.

وكان برنس، أسس شركة المرتزقة الخاصة “بلاكووتر”، التي عُرفت بفضيحتها في العراق.

حيث تم حظر الشركة في 2007 بعدما فتح عملاؤها النار على مدنيين عزّل في بغداد، وقتلوا 17 شخصا.

الإمارات والإدارة الأمريكية الجديدة

ويكشف التقرير أن محمد بن زايد جمع مجموعة من أفراد الأسرة الحاكمة في الإمارات والمستشارين المقربين في منتجع المحيط الهندي الفاخر “فور سيزونز” لحضور جلسة استراتيجية كبيرة تحسبا للإدارة الأمريكية الجديدة (إدارة ترامب).

وكان على جدول الأعمال مناقشات حول أساليب جديدة للتعامل مع الحروب في اليمن وسوريا وليبيا وتهديد تنظيم “الدولة” وتنافس الإمارات طويل الأمد مع إيران.

ويورد التقرير أن الإمارات وتحت قيادة محمد بن زايد، استخدمت ثروتها النفطية لتصبح واحدة من أكبر المشترين للأسلحة في العالم وثالث أكبر مستورد للأسلحة الأمريكية.

وأن وجود رئيس أمريكي جديد يعني فرصا جديدة لأبوظبي لممارسة نفوذها العسكري والاقتصادي الضخم في منطقة الخليج وخارجها.

ويقول كول إن برنس لم يكن غريبا على الإمارات. كان يعرف محمد بن زايد، ولي عهد أبوظبي والحاكم الفعلي لدولة الإمارات، منذ عام 2009، عندما اتفق معه على إنشاء وحدة النخبة لمكافحة الإرهاب.

وهو الاتفاق الذي انتهى على نحو سيء بالنسبة لبرنس، لكن انتخاب ترامب أعاد ضبط أموره.

بصفته مؤيدا بارزا لترامب وزميلا مقربا لستيف بانون، ناهيك عن أنه شقيق الوزير الجديد بيتسي ديفوس، تمت دعوة برنس إلى الاجتماع “كمستشار غير رسمي للإدارة الأمريكية القادمة”.

عندما انضم برنس إلى العائلة المالكة في أبوظبي ومسؤولين حكوميين آخرين، أوضح محمد بن زايد للجميع أن “إريك كان رجله”، كما قال مصدر مقرب من الإماراتيين المطلعين على الاجتماع.

برنس، في رأي محمد بن زايد، مؤسس قوة برية للنخبة كان الأخير  قد نشرها في حربي سوريا واليمن، وهي أول الصراعات الأجنبية في تاريخ بلده الغض.

وقال محمد بن زايد إنه “بسبب برنس لم يكن لدينا إرهابيون في بلادنا. كما أن برنس حل مشكلتنا مع القراصنة الصوماليين”. لقد أفهم محمد بن زايد حاشيته أنهم مدينون لإريك”، أضاف المصدر.

شراكة برنس مع محمد بن زايد

بدأت شراكة برنس مع محمد بن زايد في أوائل عام 2010.

إذ وصل برنس إلى الإمارات في لحظة هبوط صعبة بالنسبة له. فقد أوضحت إدارة أوباما في شهورها الأولى أنها لن ترحب بعقود بلاك ووتر الجديدة.

وأصبحت الشركة سيئة السمعة بعد فضيحتها المدوية في العراق حين فتح مرتزقتها النار على مدنيين عزل وقتلوا 17 عراقيا وجرحوا العشرات في ساحة النسور في بغداد عام 2007.

قد يبدو برنس، معتنق الكاثوليكية الذي نشأ على أيدي متشددين مسيحيين وسليل ثروة من قطع غيار السيارات في الغرب الأوسط الأمريكي، حليفا محمد بن زاي.

ولكن منذ لقائهما الأول عام 2009، برنس ومحمد بن زايد تصادقا على الفور تقريبا، فقد كان واضحا أنهما يتشاركان في نفس الأعداء: “المتشددون الإسلاميون”.

تم تقديم برنس إلى محمد بن زايد بعد عرض مخطط من صفحتين لطائرة هجوم خفيفة – معدلة بمراقبة وذخائر موجهة بالليزر- على الحكومة الإماراتية أثناء بيع بلاك ووتر لمجموعة أسهم خاصة.

عندما علم السفير الإماراتي لدى الولايات المتحدة، يوسف العتيبة، أن مشاكل برنس القانونية مع وزارة العدل ستعني أنه لن يكون قادرا على المشاركة في بناء أو بيع أو سمسرة طائرة مسلحة، اتصلت الحكومة الإماراتية بصانع طيران آخر للمساعدة في إنشاء جناح جوي كامل من هذه الطائرات المدرعة والأسلحة.

في مقابل تخلي برنس عن الصفقة بهدوء، قدمه العتيبة إلى محمد بن زايد بشكل صريح من أجل إيجاد دور آخر يمكنه من خلاله مساعدة حكومة الإمارات.

لقد كان محمد بن زايد مصمما على تعزيز مجال نفوذ الإمارات في الشرق الأوسط. على الرغم من سمعة برنس المشينة، رأى محمد بن زايد فيه لمحة مستقبلية.

أصر محمد بن زايد على أن يستخدم برنس جنودا سابقين غير مسلمين، وفقا لمستشارين كبار ساهموا في بناء الوحدة، وأخبره أنه لا يعتقد أن الجنود المسلمين يمكن الوثوق بهم لقتل مسلمين آخرين، بحسب مزاعم التقرير.

سافر برنس إلى أمريكا الجنوبية، حيث ساعد في الإشراف على تجنيد الجنود الكولومبيين السابقين الذين خدموا كـ”بنادق مستأجرة وكادر تدريب لقوات الأمن الإماراتية الناشئة”.

على مدى ستة أشهر بدأت في أواخر عام 2011، بعد أن كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” تورط برنس مع مجموعة الدعم الأمني في الإمارات ونشر قوة مكافحة القرصنة، قام بن زايد بإقالة برنس تدريجياً من مشاريع الحكومة المتعددة.

صعود ترامب وعودة برنس

شكلت الانتخابات الرئاسية لعام 2016 وصعود دونالد ترامب مرحلة “إعادة تأهيل واسعة النطاق لبرنس”. إذ ستمنح الإدارة الجمهورية فرصة لعقود حكومية أمريكية جديدة، وربما شيء أكثر ربحية.

وبعد أن حصل ترامب على ترشيح الحزب الجمهوري، أخبر برنس أشخاصا على صلة به في الجهات التجارية والحكومية الصينية بأنه “إذا فاز ترامب، فسيكون وزير الدفاع القادم”.

تتمتع عائلة برنس بتاريخ من دعم القضايا اليمينية والمحافظة.

كان إدغار برينس، والد إريك، مساهما رئيسيا في تمويل الرئيس السابق جيرالد فورد، وفي السنوات الأخيرة، دعمت أسرته مايك بنس، أولاً كعضو في الكونغرس وحاكم ولاية إنديانا لاحقًا.

أثناء وجوده في الكونغرس، ساعد بنس برنس في الخروج من مبنى “الكابيتول هيل” في أعقاب مقتل أربعة من المتعاقدين مع شركة بلاكووتر في الفلوجة عام 2004.

أصبح برنس مؤيدا متحمسا لترامب. بحلول يوم الانتخابات، تبرع برنس بمبلغ 250 ألف دولار لجهود ترامب الانتخابية لعام 2016.

خلال حملة ترامب، عزز برنس علاقته مع ستيف بانون، حيث ظهر في برنامجه الإذاعي (Breitbart) قبل أقل من شهر من انضمام بانون رسميا إلى حملة ترامب.

وقبل أربعة أيام من انتخابات 2016، استمر برنس في تلميع بانون وتشويه هيلاري كلينتون.

وادعى دون دليل على أن تحقيقا أجرته شرطة مدينة نيويورك حول النائب السابق أنتوني وينر كشف النقاب عن نشاط إجرامي واسع النطاق قام به المرشح الرئاسي الديمقراطي.

كما ادعى برنس أن إدارة أوباما قد قمعت التحقيق الذي يتهم كلينتون باستخدام “التكتيكات الستالينية”.

وبالتنسيق الواضح مع مستشاري ترامب، بدأ برنس أيضا في استكشاف عالم حرب المعلومات المحلية.

في أغسطس 2016 ، وفقًا لصحفية “نيويورك تايمز”، توسط برنس في لقاء بين جورج نادر، مساعد محمد بن زايد.

ودونالد ترامب جونيور، وجويل زامل، صاحب شركة “Psy-Group”، وهي شركة استخبارات خاصة متخصصة في التلاعب بالانتخابات باستخدام حسابات وسائل التواصل الاجتماعي ومواقع لا يمكن تعقبها.

وكان لدى برنس بالفعل معرفة بشركات المخابرات الإسرائيلية الخاصة من خلال دوريان باراك.

قبل عدة سنوات، عرض على برنس حصة مالية فيما كانت آنذاك شركة ناشئة تدعى “Black Cube”، يديرها ضباط موساد سابقون.

وقد اكتسبت الشركة سمعة سيئة خلال حركة MeToo (أنا أيضا) عندما قامت شركة تمثل منتج هوليوود سيء السمعة هارفي وينشتاين بتعيين “Black Cub” للمساعدة في وقف نشر تقرير عن انتهاكاته الجنسية.

من منطلق تسلحه بمعتقداته حول إعادة تشكيل الشرق الأوسط وأفغانستان، ووضعه الجديد كمستشار غير رسمي للرئيس الأمريكي المقبل، تمت دعوة برنس إلى اجتماع حاشية محمد بن زايد في السيشل، وفق ما ورد على ذمة التقرير.