قال مركز مناصرة معتقلي الإمارات إن دولة الإمارات تتجاهل التعاون مع خبراء الأمم المتحدة بما في ذلك طلبات الزيارة للتغطية على انتهاكاتها الجسيمة لحقوق الإنسان.
وذكر المركز في تقرير له، أنه حينما يصدر قرار أو رأي عن خبراء الأمم المتحدة أو حتى المؤسسات الدولية مثل البرلمان الأوروبي بشأن حالة حقوق الإنسان السيئة في الإمارات، تسارع الحكومة الإماراتية إلى إصدار تصريحاتها المكررة بأن هذا الرأي أو القرار: “استند إلى معلومات غير صحيحة أو مصادر مضللة”.
وبعد هذا التصريح، تبدأ وسائل الإعلام الإماراتية التابعة للحكومة بالتشكيك بأهداف القرار وتوزيع الاتهامات، مثل أن “البرلمان الأوروبي تتحكم به مجموعات يسارية متطرفة لا تحب الإمارات، وخبراء الأمم المتحدة يعتمدون على معلومات زائفة التي تزودهم بها المنظمات الحقوقية الكاذبة”.
لكن السؤال هو إذا كانت الإمارات فعلاً تحترم حقوق الإنسان، وهناك جهات كاذبة تقوم باختلاق أكاذيب مزيفة، فلماذا لا ترد السلطات الإماراتية على رسائل خبراء الأمم المتحدة وترفض السماح لهم بزيارة الإمارات للتأكد من الحقيقة بأعينهم؟
في الواقع، يمتلك خبراء الأمم المتحدة (المكلفون بالولايات الخاصة) طريقتين للتأكد من الشكاوى التي يتم تقديمها ضد أي دولة، الأولى مخاطبة الدولة للتحقق من هذه الانتهاكات، أما الثانية هي تقديم طلب رسمي لزيارة البلد لمعاينة الوضع على أرض الواقع.
ورغم أن السلطات الإماراتية تعلم ذلك، فإنها ترفض التعاون مع خبراء الأمم المتحدة، حيث ترفض الرد على رسائلهم، وتتجاهل طلبات الزيارة التي يقدمونها.
تجاهل طلبات زيارة الخبراء الأمميون
بينما يستمر الخبراء الحقوقيون الأمميون في طلب دعوات من السلطات لإجراء بعثات لتقصي الحقائق في الإمارات، لم يتمكن أي خبير من دخول البلد الخليجي لهذا الغرض منذ 2014.
هؤلاء الخبراء جزء من الإجراءات الخاصة لـ”مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة”، والتي تضم مقررين خاصين أفراداً ومجموعاتِ عمل من خمسة أشخاص، ولديها صلاحيات لتقديم التقارير والمشورة بشأن حقوق الإنسان من منظور مواضيعي أو خاص بكل بلد.
وتعتبر الزيارات القطرية إحدى أهم وسائلهم لإحداث تأثير، حيث تسمح بعثات تقصي الحقائق للإجراءات الخاصة بتقييم حالة حقوق الإنسان في بلد معيّن وتقديم توصيات محددة لتحسين الظروف.
آخر مرة زار فيها مقرر خاص تابع للإجراءات الخاصة الإمارات، كانت في يناير/كانون الثاني 2014.
أصدرت غابرييلا كنول، المقررة الخاصة المعنية باستقلال القضاة والمحامين، عقب زيارتها، تقريرا لاذعا تنتقد فيه عدم استقلال القضاء في الإمارات وتؤكد أن السلطة التنفيذية تمارس سيطرة فعلية على القضاء.
منذ ذلك الحين، لم تستجب السلطات الإماراتية لطلبات قدمها تسعة مقررين خاصين أمميين على الأقل لدخول البلاد، وبعضها يعود إلى 2008.
وهم المقررون الخاصون المعنيون بحرية التعبير، وبيع الأطفال، والرق، والبيئة، والتعذيب، وحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب، وكذلك مجموعات العمل المعنية بالاحتجاز التعسفي وحالات الاختفاء والأعمال التجارية وحقوق الإنسان.
منذ 2013 على الأقل، طلب مكتب المقرر الخاص المعني بحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب مرتين زيارة البلاد، تلاهما بخمس رسائل تذكير، كان آخرها في يناير 2021.
كما أرسلت مجموعة العمل المعنية بالاحتجاز التعسفي خمس رسائل تذكير لطلبات الزيارة منذ 2015، وطلب المقرر الخاص المعني بالتعذيب زيارة في 2015، وأرسل تذكيرا مرتين منذ ذلك الحين، كان آخرهما في يناير2021 أيضا.
منذ 2014، تلقى خبيران أمميان فقط – هما المقرران الخاصان المعنيان بالتعليم والإعاقة – دعوات، كلاهما في 2018، ومع ذلك لم تبدأ أي من البعثتين في الزيارة.
وطلب مكتب المقرر الخاص المعني بالتعليم في البداية زيارة في 2005 ولم يحصل على دعوة إلا في مايو 2018، ودُعي المقرر الخاص المعني بالإعاقة في مايو 2018، لكنه قدم طلبا لتأجيل الزيارة إلى أغسطس/آب 2019.
ومن غير الواضح ما إذا كانت دعوة مايو 2018 للمقرر الخاص المعني بالتعليم لا تزال قائمة.
وتالياً هي تفاصيل طلبات الزيارة التي قامت بتجاهلها الإمارات:
المقرر الخاص المعني بتعزيز حرية التعبير ( قدم طلباً في نوفمبر 2014).
المقرر الخاص المعني بالتعذيب (قدم أول طلب في 13 أكتوبر 2015 وأرسل عدة طلبات تذكير آخرها كان في 27 يناير 2021).
الفريق العامل المعني بالاختفاء القسري ( قدم أول طلب في 27 أكتوبر 2015 وأرسل عدة طلبات تذكير آخرها كان في 7 يناير 2022)
الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي (قدم طلباً في 15 نوفمبر 2016).
المقرر الخاص المعني بالعبودية (قدم طلباً في 1 يناير 2018)
المقرر الخاص المعني بالبيئة ( قدم طلباً في 7 مايو 2019).
المقرر الخاص في تعزيز حقوق الإنسان في سياق مكافحة الإرهاب (أرسل عدة طلبات منذ 2013 حتى الآن)
تجاهل رسائل خبراء الأمم المتحدة
منذ عام 2010 حتى اليوم، أرسل خبراء الأمم المتحدة 64 رسالة للسلطات الإماراتية للاستفسار عن انتهاكات الحقوق الإنسان المختلفة مثل شكاوى الاعتقال التعسفي أو الاختفاء القسري أو المضايقات التي يتعرض لها المدافعون عن حقوق الإنسان.
تجاهلت السلطات الإماراتية 50% من تلك الرسائل ولم ترد عليها، حيث ردت فقط على 32 رسالة منها، وفي عام 2022 لم ترد أبوظبي على أي رسالة من خبراء الأمم المتحدة، وقد كانت آخر رسالة تتعلق بإدراج ناشطين إماراتيين في المنفى على قائمة الإرهاب.
ولعل المثير للدهشة أن دولة مثل الإمارات تمتلك هذا السجل السيء في عدم التعاون مع آليات المتحدة، تم انتخابها في العام الماضي عضواً في مجلس حقوق الإنسان الذي يشرف على عمل خبراء الأمم المتحدة ويقوم بانتخابهم، وهو ما جعل الكثير من المراقبين يدعون إلى إجراء إصلاحات جدية في آليات انتخاب أعضاء مجلس حقوق الإنسان.