موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

الإمارات تجند مؤسساتها لدعم تجارة إسرائيل وإنعاش اقتصادها

116

جندت دولة الإمارات مؤسساتها لدعم تجارة إسرائيل وإنعاش اقتصادها وذلك من إعلان اتفاق إشهار التطبيع بين أبو ظبي وتل أبيب في 13 آب/أغسطس الماضي.

وواصلت الإمارات خطاها السريعة في عمليات التطبيع مع إسرائيل إذ حصلت “موانئ دبي العالمية” على موافقة مبدئية بالحصول على حصة من مرفأ حيفا، كما وقّعت شركة “موانئ دبي العالمية”، مذكرة تفاهم مع “بنك لئومي” الإسرائيلي، لدعم تدفق التجارة بين إسرائيل والمنطقة عموماً.

وأعلنت وزارتا المواصلات والمالية في إسرائيل عن الموافقة بشكل مبدئي على أن تحوز شركة “موانئ دبي العالمية” حصة من ميناء حيفا الفلسطيني، الذي تحتله إسرائيل وتعتزم خصخصته.

وذكرت صحيفة “كالكيلست” الاقتصادية الإسرائيلية، أن الموافقة الإسرائيلية مشروطة بألا تتجاوز حصة “موانئ دبي” 30% من الأسهم، حتى تظل السيطرة في الميناء إسرائيلية.

وأضافت الصحيفة أن الموافقة النهائية على امتلاك الشركة الإماراتية، التي يترأس مجلس إدارتها رجل الأعمال سلطان أحمد بن سليم، ستتم بعد الإعلان عن مناقصة خصخصة ميناء حيفا.

وفي مقابلة مع الصحيفة، قال بن سليم إنه من أجل تحسين فرص شركته في الاستحواذ على جزء من الملكية في ميناء حيفا، قدم طلب المشاركة في المناقصة بالتعاون مع شركة “دوفرتاور” الإسرائيلية.

وتعمل “موانئ دبي العالمية” في 31 دولة، منها مصر، حيث تعمل في ميناء السخنة على ساحل البحر الأحمر شرقي مصر، في موقع قريب من المدخل الجنوبي لقناة السويس، مما يجعل من هذا الموقع ميزة استراتيجية للتعامل مع البضائع العابرة خلال أكثر الممرات المائية التجارية ازدحاماً في العالم، وفق الموقع الإلكتروني لشركة “موانئ دبي السخنة”.

وفي 6 سبتمبر/أيلول الجاري، كشفت مصادر مطلعة في مصر، عن أنّ مسؤولين في “موانئ دبي العالمية”، عقدوا اجتماعاً مع رئيس المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، زكي حسين، وتم بحث توسيع الاستثمارات التابعة للشركة الإماراتية في المنطقة الاقتصادية للقناة، والاتفاق على عدد من المشروعات المشتركة. وحسب مراقبين، فإن التطبيع بين الإمارات وإسرائيل سيؤثر سلبا على عائدات قناة السويس.

وفي نفس السياق، وقّعت شركة “موانئ دبي العالمية”، مذكرة تفاهم مع “بنك لئومي” الإسرائيلي، لدعم تدفق التجارة، بين إسرائيل والمنطقة عموماً.

وقالت صحيفة الخليج الإماراتية، إن مذكرة التفاهم تهدف إلى “العمل معاً على استكشاف فرص التعاون وتعزيز الحركة التجارية والخدمات اللوجستية في إسرائيل، ودعم تدفق التجارة بين إسرائيل والمنطقة عموماً”.

وأضافت “تتضمن مذكرة التفاهم إطاراً للتعاون الذي سيمكّن الطرفين من استكشاف الفرص المحتملة، بما في ذلك تطوير الموانئ والأصول اللوجستية في إسرائيل لدعم التجارة وخلق المزيد من فرص العمل، وحلول التمويل التجاري لتبسيط متطلبات رأس المال العامل للشركات وتحسين تدفق البضائع، والحلول الرقمية للخدمات اللوجستية المتكاملة للتخلص من أوجه القصور في سلاسل التوريد”.

حتى البنوك الإسلامية

في هذه الأثناء عملت الإمارات على توظيف البنوك الإسلامية في علاقاتها بإسرائيل عبر توقيع مذكرة تفاهم بين مصرف أبو ظبي الإسلامي وبنك لئومي، ثاني أكبر بنك في إسرائيل.

وضمن الأهداف التي تتضمنها مذكرة التفاهم، فتح فرص جديدة للأعمال والتجارة أمام العملاء ودعم سفر الأفراد إلى إسرائيل أو الشركات التي تتطلع إلى الاستفادة من دخول سوق جديدة.

ويؤكد مراقبون أن خطورة هذه الخطوة تتمثل في عدة أمور، منها الانتقال بالتطبيع إلى مستوى الأفراد والمؤسسات، والثاني هو الإضرار برسالة المصارف الإسلامية، والثالث هو التصرف ضد رغبات المودعين، ومخالفة العقود المبرمة معهم من قبل تلك المصارف، والرابع حرمان الدول العربية والإسلامية من أموالها وتقديمها لإسرائيل، وهي أهداف في غاية الخطورة في ظل الحالة التي تمر بها المنطقة العربية والإسلامية.

ومما لا شك فيه أن علاقة المسلم بغير المسلم في شؤون التجارة والمال لا شيء فيها في ظل الأوضاع الطبيعية، ولكن في حالة استمرار إسرائيل باحتلال دولة فلسطين، وقيامها بنهب ثرواتها وقتل واعتقال أبنائها، فثمة حكم آخر، يمنع التعامل مع إسرائيل كدولة احتلال، وهو ما كان مقررًا على مدار عقود.

لكن اتفاقيات السلام التي أبرمتها دول عربية (مصر، والأردن، والسلطة الفلسطينية، ومؤخرًا الإمارات والبحرين) مع إسرائيل، أسقطت المقاطعة الاقتصادية مع دولة الاحتلال، وأصبح قرار المقاطعة حبرا على ورق، بل استفادة إسرائيل من اتفاقيات السلام مع بعض الدول العربية، لم تسقط عنها المقاطعة الاقتصادية العربية فقط، بل أسقطت عنها المقاطعة الاقتصادية من قبل دول أفريقية وآسيوية ومن أميركا اللاتينية، وهو ما مكن إسرائيل من جني ثمار كبيرة على صعيد الاقتصاد والسياسة.

والسؤال الذي يطرح نفسه في ضوء ما أُعلن عنه، من توقيع مذكرة للتفاهم بين مصرف أبو ظبي الإسلامي وبنك لئومي الإسرائيلي، هل استشيرت الرقابة الشرعية بمصرف أبو ظبي في توقيع هذه المذكرة؟ وما هي حجتهم في إقامة علاقات اقتصادية وتجارية مع إسرائيل كدولة احتلال لدولة عربية وإسلامية.

الأمر لا يعدو سوى توظيف سياسي من قبل حكومة الإمارات، وإقحام مصرف أبو ظبي الإسلامي في أمر لم تقدم عليه أي من المصارف الإسلامية من قبل، فلم يتم رصد قيام أي مصرف إسلامي بتنفيذ تعاملات مع دولة الاحتلال الإسرائيلية.

لا يجادل أحد في أن الغالبية العظمى من مودعي المصارف الإسلامية، لديهم دوافع شرعية في التعامل مع هذه المصارف، وعلى رأسها تحري الحلال في التعاملات المالية والاقتصادية، وكذلك تحقيق التنمية في الدول الإسلامية، وتوظيف أموالهم في عمارة الأرض استجابة للتكليف الإلهي، وليس دعم دول الاحتلال.

إن إقدام إدارة مصرف أبو ظبي الإسلامي على هذه الخطوة سوف يضع المودعين في أزمة نفسية وشرعية، قد تدفع الكثير منهم إلى سحب أموالهم من هذا المصرف، وهو تصرف طبيعي إن حدث.

والغريب أن هناك الكثير من الدول العربية والإسلامية لديها مشكلات تتعلق بالتمويل وهي بحاجة إلى هذا التمويل، وإقامة العلاقات المماثلة التي تهدف إليها مذكرة التفاهم بين أبو ظبي الإسلامي ولئومي، ولكن الخطوة التي اتخذتها حكومة الإمارات المقصود منها نقل التطبيع مع إسرائيل إلى حيز المؤسسات والأفراد، وليس فقط بين الحكومات.

كيف يكون شعور المودعين بمصرف أبو ظبي الإسلامي وهم يعلمون أن أموالهم تدفع لصالح إنعاش الاقتصاد الإسرائيلي، بينما اقتصاديات الدول العربية والإسلامية، تعاني الفقر والبطالة والتخلف، بسبب نقص التمويل؟ بلا شك أن هذا الشعور سوف يكون له مردود على سحب الودائع والتصرف فيها بعيدا عن المصارف التي تقبل على التعاملات مع إسرائيل.

قد يدعي البعض أن ما قام به مصرف أبو ظبي الإسلامي، يأتي في إطار المقاصد، أو تحقيق مصالح البعض، وهو أمر يتنافى مع بديهيات الشريعة الإسلامية الغراء، فمثل هذه المعاملات وما هو أكبر منها من توقيع اتفاقيات سلام مع إسرائيل، يعطي إسرائيل الحق في احتلال فلسطين، بلد المسجد الأقصى، ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وثمة مقاصد كبرى مهدرة، من خلال احتلال إسرائيل لأرض فلسطين، حيث أزهقت ملايين الأرواح منذ عام 1948 وحتى الآن، وتهجير نحو 6 ملايين لاجئ فلسطيني خارج بلدهم، وهدم البيوت على أهلها في فلسطين، ووجود نحو 12 ألف أسير في سجون إسرائيل من أبناء الشعب الفلسطيني، وكذلك تم نهب ثروات ذلك الشعب، وكان آخرها ثروة الغاز الطبيعي الضخم في شرق البحر المتوسط. فلا يصح لمدع أن يتحدث عن مقاصد شرعية في ضوء خطوات التطبيع مع إسرائيل.

لقد فتحت الإمارات بهذه الخطوة الباب على مصراعيه، أمام حكومات أخرى لتوريط بعض المصارف الإسلامية، في توقيع مذاكرات مماثلة، وللأسف فإن معظم تلك المصارف وبخاصة في المنطقة العربية، لا تملك قرارها في هذا الأمر، ومن السهل ممارسة ضغوط عليها، وبخاصة أن معظم القائمين على أمر رئاسة مجلس إدارة المصارف الإسلامية، يتم اختيارهم في ضوء معايير سياسية.

إن الخطوة التي اتخذتها الإمارات بتوظيفها السياسي لمصرف أبو ظبي الإسلامي لن تكون قاصرة على هذا المصرف، أو على الإمارات فقط، ولكنها سوف تتعداها إلى دول أخرى، وقد تؤدي إلى فقدان الثقة في المصارف الإسلامية، بشكل كبير من قبل المودعين والمتعاملين معها.

وللأسف تفتقر تلك المصارف إلى وجود كيان واحد يجمعها، ويمكنه أن يدافع عنها، ويحمي مصالحها، ويمنع الاعتداء على أهدافها والأسس التي قامت عليها، فتم منذ فترة طويلة تقويض الاتحاد العالمي للمصارف الإسلامية، وأصبح يحل محله المجلس العام للبنوك الإسلامية وهو بمثابة مرجعية فنية، وليس لديه صفة إلزام، على باقي المصارف الإسلامية.

إن بعض المخالفات الشرعية التي كانت تقع فيها المصارف الإسلامية، كان ينظر إليها على أنها تأتي في إطار ما تجبرها عليه البنوك المركزية بالدول العربية والإسلامية، أو وجود أزمات لدى هذه الدول في وضعها المالي والاقتصادي، ولكن أن تُقبل تلك المصارف على مثل هذه الاتفاقيات، التي تدفع بالأفراد للذهاب لإسرائيل، أو لتسهيل معاملات الشركات والمؤسسات مع دولة الاحتلال، يفرغ المصارف الإسلامية من مضمونها، وقد يكون القشة التي تقصم ظهر المصارف الإٍسلامية.