يجمع مراقبون على أن التغييرات التشريعية الأخيرة في الإمارات تمثل محاولة مكشوفة للتغطية على انتهاكات الحريات العامة وسحق حرية الصحافة والحريات السياسية.
وشهدت الإمارات تغييراتٍ ثورية، حسب حقوقيين، من ضمنها إلغاء العقوبة المخففة لما يسمى بجرائم الشرف ومعاملتها معاملة بقية جرائم القتل، تشديد عقوبات التحرش.
كما شملت التغييرات إلغاء عقوبات شرب الكحول وتحديد عقوبة الإعدام في جريمة اغتصاب القاصر، الإمارات تصدر قوانين جديدة تدعم حقوق المرأة وتزيد مساحات الحريات الشخصية لمواطنيها ومقيميها.
أعلنت وكالات أنباءٍ إماراتية السابع من نوفمبر الحالي إصدار خليفة بن زايد رئيس دولة الإمارات المجاز مرضيا، مجموعة مراسيم تقضي بتعديلات قانونية على قوانين الأحوال الشخصية والعقوبات والمعاملات المدنية والإجراءات الجزائية الاتحادية.
والتعديلات على قانون الأحوال الشخصية تتيح للأجانب غير المواطنين بالرجوع لقوانين بلدانهم في شؤون الميراث والتركات إلى جانب الطلاق، فيما وصفت وكالات أنباء بأن هذا التعديل يسمح بتوفير بيئةٍ استثمارية أكثر جذباً لرؤوس الأموال الأجنبية.
على الصعيد الوطني، فقد أثارت القوانين الجدل بين الشعوب الخليجية على وسائل التواصل الاجتماعي بين مؤيدٍ ومعارض، وسط اتهامات للنظام الإماراتي بالدعوة للانحلال الأخلاقي والابتعاد عن الثقافة الإسلامية.
الإمارات عزت التعديلات القانونية من جهتها لرغبتها في توفير بيئةٍ تشريعيةٍ تتلائم مع التعدديات الثقافية وأهمية إيجاد بيئةٍ أمنة لذلك قانونياً، فيما وصفت منظمات مجتمعٍ مدني ووسائل إعلامية الإصلاحات القانونية بمحاولة التغطية على الانتهاكات الحقوقية التي ترتكبها السلطات الإماراتية.
مركز الإمارات للدراسات “إيماسك” اتهم النظام بمحاولة ترويج صورة زائفة للتسامح للتغطية على الانتهاكات الحقوقية التي يمارسها بحق الشعب الإماراتي وشعوب المنطقة.
من جهةٍ أخرى، كان شرب الكحول في الإمارات خاضعاً لقوانين كل إمارةٍ على حدة، في دبي كان الحصول على ترخيصٍ للاستفادة من المشروبات الكحولية شرطاً قانونياً يُغرم من لا يلتزم به، كما أن الشرب في الأماكن العامة يعرض للسجن والغرامة، فيما تلغي التعديلات القانونية الجديدة في القانون الاتحادي هذا الشرط.
كما أن الأشخاص غير المتزوجين من الجنسين أصبح بإمكانهم أيضاً مشاركة السكن دون أي عقوباتٍ بعد التعديلات الأخيرة، فيما يعتبر هذا التعديل ذو علاقةٍ بالمقيمين الأجانب أكثر من كونه متعلقاً بالمواطنين الإماراتيين، إلا أنه أصبح قانوناً يشمل الجميع، مواطنين ومقيمين، في تغيرٍ يعلن اتجاه الإمارات أكثر من أي وقتٍ مضى للخروج من العباءة الدينية للتشريع.
ويروج المسئولون الإماراتيون بمحاولة اكتساب بلادهم جاذبيةً أكبر في الشرق الأوسط كقبلةٍ اقتصاديةٍ تحظى بمزايا قانونية هي الأولى في الخليج، وتحقق انجازاتٍ ثقافية واجتماعية في مسائل النوع الاجتماعي.
والتنوع الاجتماعي وسياسة المجتمع المفتوح اقتصادياً وثقافياً إلى جانب ثقافة التعايش والتسامح مع الأخر الذي تحاول الإمارات ترسيخه كمبدأ تشريعي يجذب الأنظار إليها كبيئةٍ أكثر أماناً للأجانب واستثماراتهم.
وبالرغم من أن التعديلات التشريعية الإماراتية أثارت جدلاً واسعاً في العالم، تبقى المنظمات الحقوقية متحفظةً تجاه التغييرات الجديدة في أبو ظبي في ظل واقع سحق حرية الرأي والتعبير وتراجع حرية الصحافة والحريات السياسية.