كشفت وثائق مسربة عن بعض خفايا تعاون إماراتي إسرائيلي ممنهج لتشويه المقاومة الفلسطينية والتحريض ضدها عبر منصات إعلامية يقودها فريق مشترك من أبوظبي وتل أبيب.
وأظهرت الوثائق ضخ النظام الإماراتي عشرات الملايين من الدولارات لمنتجين ومؤثرين من أجل إنتاج موادا إعلامية تشوه المقاومة وتشيطن قيادتها وتعمل على تقليل إنجازاتها وتحميلها مسئولية الدمار والقتل الإسرائيلي في قطاع غزة.
وبحسب الوثائق فإن مهام المنتجين والمؤثرين في المنصات الإسرائيلية الإماراتية تتضمن تأليب الرأي العام الفلسطيني والعربي والإسلامي على المقاومة الفلسطينية والترويج لدعم التطبيع مع إسرائيل.
ويقف في مقدمة المنصات الإماراتية الإسرائيلية المذكورة منصة blinx”” وهي مشروع إعلامي رقمي انطلق في أيلول/سبتمبر الماضي يتخذ من دبى مقراً له، وتروج له الأذرع الإماراتية باعتباره أوّل “ميديا هَب” من نوعه في الشرق الأوسط.
وقد أطلقت المنصة المذكورة منصة تابعة لها تحت اسم “blinx news” للعمل على دعم المحتوى الذي يحقق الأهداف الإماراتية الإسرائيلية المشتركة بطابع إخباري يحظى بإنفاق ضخم من أبوظبي.
وقد جهزت سلطات الإمارات منصة (blinx) بأحدث الاستوديوهات وتقنيات الإنتاج بالواقع المُمدَّد (Extended Reality) لمُحاكاة الميتافيرس (Metaverse)، كما زُودت غرف التحكم بأحدث أدوات الإنتاج المباشر، بما فيها تلك المعزّزة بالذكاء الاصطناعي (AI) لتحليل الفيديوهات والبيانات وإثراء المحتوى.
ولدى تحليل مضمون المنصة المذكورة يظهر بوضوح اعتمادها على كل من شأنه التحريض على المقاومة الفلسطينية والإساءة للقضية الفلسطينية ومستقبلها مقابل الترويج للجيش الإسرائيلي وتبييض جرائمه بحق المدنيين الفلسطينيين.
من ذلك نشر منصة “blinx news” فيديو مُضلِّل لأسيرة إسرائيلية سابقة لدى فصائل المقاومة في غزة، بحيث تم تحريفه وإخراجه من سياقه لتوجيهه بأن الأسيرة تم محاولة إجبارها على الزواج في خضم حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة!.
ويتزامن ذلك مع استنفار الذباب الالكتروني الإماراتي منذ أشهر عديدة برزت في إنشاء عشرات الحسابات الوهمية على مواقع التواصل الاجتماعي للتعليق على تطورات الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة.
وتكشف متابعة تغريدات الذباب الالكتروني الإماراتي إجماعها على ثلاثة أهداف رئيسية: شيطنة المقاومة الفلسطينية ودعم إسرائيل إلى جانب الترويج للدور الإنساني المزعوم لأبوظبي في غزة.
وعمد الذباب الالكتروني الإماراتي إلى تكثيف حملات التحريض على الفصائل والمقاومة الفلسطينية عبر انتحال أسماء فلسطينية وهمية من أجل بث بذور الفتنة وتأليب الرأي العام المحلي في غزة على المقاومة.
وينطلق النشاط الإماراتي المشبوه من التحريض على المقاومة عبر تحميلها مسئولية تدمير غزة وأنها في خدمة كبار المسئولين فقط فضلا عن اتهامها بسرقة المساعدات الإنسانية.
في المقابل تقلل تغريدات الذباب الالكتروني الإماراتي من عمليات المقاومة الفلسطينية وصمودها في مواجهة المجازر وآلة القصف والتدمير الإسرائيلية.
وإلى جانب دعم إسرائيل وجيشها في مجازره اليومية بحق سكان قطاع غزة، فإن أنشطة الذباب الالكتروني الإماراتي تقوم بقوة على الترويج لمساعدات الإمارات وتبييض صورتها الملطخة بعار التطبيع.
وسخرت دولة الإمارات منذ أشهر ولا تزال أدواتها الإعلامية والسياسية المشبوهة من أجل أن تشيطن المقاومة الفلسطينية في وقت يتصاعد التنديد الشعبي في الدولة لتمسك نظام أبوظبي بالتطبيع مع إسرائيل.
إذ شن عراب التطبيع في الإمارات رئيس لجنة الدفاع والداخلية والخارجية في المجلس الوطني الاتحادي علي راشد النعيمي، هجوماً شديداً على المقاومة الفلسطينية، وتحديداً حركة حماس، زاعما أن “إسرائيل وُجدت لتبقى”.
وشارك النعيمي في مؤتمر صحفي خاص عبر الإنترنت نظمته الجمعية اليهودية الأوروبية (EJA) ولجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (AIPAC)، وأدلى بتصريحات مثيرة للجدل ضد المقاومة الفلسطينية.
وقال النعيمي إن اتفاقات التطبيع ليست في خطر وسط حرب إسرائيل الدموية على قطاع غزة، زاعما أن “الاتفاقات (التطبيعية) هي مستقبلنا. إنها ليست اتفاقية بين حكومتين، ولكنها منصة نعتقد أنها يجب أن تغير المنطقة”.
وأضاف أنه يريد من الجميع “أن يعترفوا ويقبلوا بأن إسرائيل موجودة لتبقى وأن جذور اليهود والمسيحيين ليست في نيويورك أو باريس بل هنا في منطقتنا”. زاعماً “إنهم جزء من تاريخنا ويجب أن يكونوا جزءاً من مستقبلنا”.
وزعم النعيمي، المقرب من دوائر صنع القرار في أبوظبي، أن الإمارات تريد تغيير النظام التعليمي والسرد الديني.
وليست هذه المرة الأولى التي يتحدث فيها النعيمي عن تغيير النظام التعليمي بما يتوافق مع التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي؛ فقد اقترح في يناير 2021 -بعد أربعة أشهر من توقيع اتفاقية التطبيع- بتغيير المنهج لإنهاء ما أسماه “التطرف الإسلامي”.
وقال حينها إن “التعليم يمثل خط الدفاع الأول ضد أي تهديد، في منطقة لا تزال تعاني من الفكر المتطرف”.
وتعليقاً على الاحتجاجات الرافضة للحرب الإسرائيلية على غزة، قال النعيمي “نحن بحاجة إلى أولئك الذين يؤمنون بالسلام في أوروبا والولايات المتحدة وفي كل مكان لمواجهة خطاب الكراهية الذي نراه في المظاهرات في باريس ولندن”.
وبشأن عملية طوفان الأقصى، التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر، قال النعيمي إنه “من المهم للغاية أن نفهم أن هناك أعداء لما نقوم به. فهذه المنظمات الإرهابية لا تحترم حياة الإنسان. ولا تسمح لهم بتحقيق أهدافهم”.
وأضاف: “لن يوافق أي شخص لديه شعور إنساني وحس سليم على الهجوم الإرهابي البربري الذي ارتكبته حماس في 7 أكتوبر: لا أحد”. زاعماً أن “الأعداء” استغلوا الحرب، وأن هناك فرقا بين حماس والشعب الفلسطيني.
ويمثل النعيمي أحد أذرع أبوظبي لمهاجمة الإسلام والتحريض على المسلمين في أوروبا، حيث يرأس مركز “هداية” لمكافحة التطرف، الذي يقوده عدد من المتطرفين الأوروبيين الداعمين لطرد المسلمين من أوروبا.
ووقعت الإمارات اتفاقية تطبيع علني مع إسرائيل في سبتمبر 2020، تبعها عشرات اتفاقيات التعاون في عدة مجالات، وصولاً إلى اتفاقية التجارة الشاملة، لتكون أول دولة عربية توقع مثل هذه الاتفاقية مع تل أبيب.
ولم تقم أبوظبي بأي إجراء دبلوماسي رداً على الجرائم الإسرائيلية في قطاع غزة، عدا عن بيانات إدانة واستنكار وتجاهلت كل المطالب العربية والإسلامية بضرورة قطع العلاقات مع إسرائيل.