اعتبر مراقبون عرب أن النظام الحاكم في الإمارات يتولى مهمة “تفكيك القوى المعادية لإسرائيل” ويضع ذلك في أولوية تحركاته السياسية الإقليمية.
جاء ذلك في معرض التعليق على زيارة ولي عهد أبوظبي الحاكم الفعلي لدولة الإمارات محمد بن زايد آل نهيان مؤخرا إلى العاصمة التركية أنقرة، في ضوء مساعي التطبيع الإماراتي المتزايد للعلاقات مع إسرائيل.
وتحدث كُتاب عن “بصمة إسرائيلية في الانفتاح التركي-الإماراتي المفاجئ”، بينما أشار آخرون إلى أن اللقاء هو “هدنة الضرورة والمصالح” التي من بينها أيضًا “فتح علاقات تطبيع مع إسرائيل في سياق التحالفات الجديدة”.
تتحدث حسناء نصر الدين في صحيفة رأي اليوم اللندنية عن “البصمة الإسرائيلية في الانفتاح التركي الإماراتي المفاجئ”، قائلة إن “الحديث عن استثمارات اقتصادية وضخّ المال الإماراتي تجاه اسطنبول لا يمثل سوى غطاء ونافذة لتثبيت أو كسب مواقف وتغيير في التوجهات”.
وتضيف نصر الدين: “فيما تبقى الأثمان الحقيقية المدفوعة تركيًا هي أثمان سياسية بالمقام الأول تتعلق بدرجة كبيرة بالنظرة والتوجه التركي تجاه إسرئيل ومصالح هذا الكيان خاصة على صعيد تحقيق الأمن القومي الإسرائيلي والمهتز الآن بدرجة مخيفة بالنسبة لهذا الكيان”.
وتتابع الكاتبة: “تقع على عاتق الإمارات مهمة في غاية الأهمية بالنسبة لكيان ‘العدو ‘ الإسرائيلي في المرحلة الراهنة، وهي مهمة تفكيك القوى المعادية والمقاومة لإسرائيل وتفكيك العقد التي تشكل هاجسًا إسرائيليًا كبيرا وخطرًا يستهدف إسرائيل في أمنها، وكمثال على ذلك تركيا وحركة حماس الفلسطينية”.
ويشير حسين إبراهيم في صحيفة الأخبار اللبنانية إلى أن زيارة بن زايد لأنقرة “تُظهر بحثًا إماراتيًا عن دور جديد معزَّز بالتطبيع مع إسرائيل، في ظل الانتكاسات التي مُنيت بها مغامرات أبو ظبي في المنطقة”.
ويقول الكاتب إن الزيارة “لحظة إعادة هندسة للأدوار الإقليمية، أخْذًا بتطوّرات دراماتيكية، ليس أقلّها أهمّيةً الفشل المتنقّل للمشروع الإخواني من سوريا إلى ليبيا إلى الخليج فأذربيجان. وكذلك في مواجهة التطبيع الإماراتي المُفرِط مع العدو الإسرائيلي”.
ويضيف إبراهيم أن بن زايد يهدف أيضًا إلى “الذهاب أبعد في الخيار الإسرائيلي، نحو وضع أمن النظام في يد إسرائيل، والاستفادة من علاقات الأخيرة مع الولايات المتحدة لانتزاع معاملة أمريكية خاصة للإمارات”.
ويرى ساطع نور الدين في صحيفة المدن اللبنانية أن الإمارات دفعت “الجزية” لتركيا.
يقول نور الدين: “اشترت الإمارات الصفح التركي عن تجربة السنوات العشر الماضية. لكن أردوغان قبض الثمن. هو لم ينتظر إنجاز صفقة التسوية في ليبيا على الأقل، والتي لا تزال محكومة بمصير ونتيجة الانتخابات الرئاسية الليبية المقررة الشهر المقبل”.
وأضاف الكاتب أن أردوغان “لم يناهض قبل ذلك مسار التطبيع الإماراتي مع ‘العدو ‘ الإسرائيلي الذي بلغ مستويات باتت محرجة لدولتي التطبيع الأول، مصر والأردن”.
وتابع نور الدين: “صدرت يومها بيانات رسمية تركية تحذر من مخاطر هذا المسار على القضية الفلسطينية، لكنها نُسيت في اليوم التالي، في بلد سبّاقٍ في العلاقات مع إسرائيل”.
ويقول ساري عرابي ” إن التقرّب من تركيا سوف يخدم “الحماسة التطبيعية” للإمارات.
ويضيف: “سيكون التحالف مع إسرائيل ثابتا إماراتيّا لا تراجع عنه، إلا بفعل هزّات ضخمة تُخِلّ بالتوازنات التي سمحت بهذا التحالف، وما سوى ذلك من سياسات تدوير الزوايا، كالمصالحة مع تركيا، والحفاظ علي وتيرة هادئة في العلاقة مع إيران”.
ويتابع الكاتب: “الهدف من ذلك كلّه، هو التأكيد على طبيعية الوجود الإسرائيلي والعلاقة معه، بما يحوّل القضية الفلسطينية إلى قضية ثانوية … أمّا الاستفادة الإماراتية، فبتحوّلها إلى رقم صعب، كالرقم الإسرائيلي، أو إلى ثابت في السياسات الدولية لا يمكن تجاوزه”.
ويخلص عرابي إلى القول: “بهذا تتشارك الإمارات، ولو من الموقع الثاني، وإسرائيل في السيادة الإقليمية على المنطقة العربية، وعلى النحو الذي يرهن هذه المنطقة لهذا التحالف الثنائي، تماما كما يجري مع الأردن في خطة المياه مقابل الطاقة”.