تتواصل الضغوط على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” على خلفية المطالب الواسعة بضرورة نقل مقره من دبي الإماراتية بسبب انتهاكات أبوظبي.
ومنذ 7 أكتوبر الجاري أطلق عشرات الآلاف من الناشطين حملة على “تويتر” للمطالبة بنقل مكتب الشركة الإقليمي في الشرق الأوسط من إمارة دبي احتجاجاً على تأثر المنصة بممارسات أبوظبي القمعية بحق حرية الرأي والتعبير.
وانتشرت وسوم عدّة، بعضها تصدر في دول عربية، تدعو شركة “تويتر” إلى نقل مقرّها من دبي، بينها “#تغيير_مكتب_تويتر_بدبي”، و”#نقل_مكتب_تويتر_من_دبي”، و”#Change_Twitter_Dubai”، و”#StopTwitterMENAOffice”، و”#فساد_تويتر_في_دبي”، كبداية لحملة إلكترونية لنقل المقر الإقليمي للموقع الشهير، واقترح بعضهم أن يكون المقر البديل في تونس أو الكويت.
ودعا الناشطون على تويتر إلى تصعيد الضغوط على إدارة شركة تويتر من أجل نقل مقر فرع الشركة بالشرق الأوسط من دبي، مستخدمين وسم “تغيير مكتب تويتر بدبي” لأنهم اتهموا إدارة تويتر في دبي بإغلاق حسابات مؤثرة وإخفاء وسوم متصدرة.
وقدم المغردون مقترحات لدول من الممكن أن تكون حاضنة جيّدة لفرع تويتر في الشرق الأوسط، حيث رأوا أنها أجدر بضم فرع الشركة لكونها دولا تحترم حرية التعبير ولا تنتهك خصوصية النشطاء.
ليس بالعربية فقط، إنما أطلق نشطاء وسما آخر موجها لإدارة تويتر باللغة الإنجليزية أيضا وهو #StopTwitterMENAOffice أو “أوقفوا مكتب تويتر بالشرق الأوسط”.
ضمن الحملة، أعاد رواد منصات التواصل تداول تقارير كشفت انتهاكات الحكومة الإماراتية في مجال الخصوصية بأجهزة التجسس، وأبرزها تقرير كشفت عنه وكالة رويترز بداية العام الجاري قالت فيه إن الإمارات عملت على مشروع تجسس سري أطلق عليه اسم “رافين” أو “الغراب الأسود” استهدف قادة سياسيين ونشطاء.
وينتقد نشطاء عبر الوسم مواقع التواصل الاجتماعي التي تمتثل لقوانين وضغوط دول تتّخذها مقرا لها، وتحديداً في المنطقة العربية، وتداول نشطاء تقريرا لمنظمة “إمباكت” الدولية لسياسات حقوق الإنسان يعود إلى سبتمبر/أيلول الماضي.
إذ قالت “إمباكت” إن “شركتي فيسبوك وتويتر تُضطران للالتزام بسياسات تفرضها عليها حكومات في الشرق الأوسط مقابل السماح لهما بتقديم خدماتهما داخل حدود بلدانها، الأمر الذي يُهدد أمن وسلامة مستخدميهما بشكل خطير”.
وعلى مر السنوات الماضية ارتبط اسم الإمارات بالانقلابات والاغتيالات والمؤامرات والاعتقالات، كما برز أيضاً في قضايا التجسس والمراقبة الإلكترونية، والتي كان أبرزها استخدام مقر شركة “تويتر” بالشرق الأوسط الموجود في دبي لجمع ورصد المعلومات الاستخباراتية.
والمفارقة أنّ الإمارات التي أنشأت لمواطنيها وزارات “السعادة” و”التسامح” و”اللامستحيل”، تتُهم بالتدخل في سياسات “تويتر” عبر حذف صفحات ووسوم متصدرة، واختراق حسابات معارضة، والتسبب في اعتقال آخرين، كما باتت تحتضن كتائب إلكترونية، تسهم في الترويج للسياسات القمعية.
وعلى ضوء ذلك سيكون على “تويتر” أن تنظر بالمطالبات العديدة التي بدأت أعدادها بالارتفاع، خصوصاً بعد انتشار هاشتاغات تطالب بإغلاق مكتبها في الإمارات، عقب فضائح متتالية كان أبرزها التسبب في اعتقالات بعدة دول لمعارضين.
وشكلت التغريدات ضد تويتر رسالة احتجاج ودلالة واضحة عن وجود احتقان شديد من تصرفات المكتب الإقليمي في دبي، سواء في إغلاق الحسابات لبعض المعارضين لأنظمة تتبع أو تدعمها أبوظبي بطريقة ما، أو بإخفاء الوسوم الرائجة والمتداولة.
آلاف التغريدات التي دونت تحت هذا الوسم أكدت أن حكام الإمارات يتدخلون في عمل المكتب، ويتلاعبون بتوجيه الرأي العام على “تويتر”، ما يؤثر سلباً في حرية التعبير التي من المفترض أن تكفلها مواقع التواصل.
والمطالبات بغلق مكتب “تويتر” في دبي ليست بجديدة، حيث إن المنصة الشهيرة تأكدت من وجود حسابات استغلتها لأغراض سياسية وإسقاط الخصوم والإساءة إليهم، وهو ما دفع كثيرين في سبتمبر الماضي إلى تدشين الوسم المطالب بإغلاق مقرها بالإمارات.
وكان افتتح مكتب شركة “تويتر” في إمارة دبي، في 19 أغسطس 2015، بصفته مكتباً إقليمياً للعمل في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
ويقول نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي إن التدخل في سياسات الدول، ورصد المعارضين، والتسبب في اعتقالهم، هي الأسباب التي تقف وراء مطالبهم.
وخلال سبتمبر الماضي وأكتوبر الجاري، شهد “تويتر” غضباً من قبل مستخدميه، بعد أن حذفت المنصة الشهيرة وسوماً أطلقها ناشطون عرب، وتصدرت حينها الترند العالمي.
وكلما تعرض وسم للحذف تتجه الاتهامات مباشرة إلى الإمارات، حيث يشار إلى أبوظبي لكونها متهمة بأنها قادت الثورات المضادة ووفرت شرعية للاستبداد والفوضى في المنطقة.
وكان لافتاً أن طالت سياسة الحذف التي تستهدف الوسوم والحسابات، في الثاني من أكتوبر الجاري، وسماً كان يحمل اسم ولي العهد السعودي السابق، الأمير محمد بن نايف، بعد تصدره الترند في السعودية.
وخلال شهري أكتوبر وسبتمبر الماضي حذف “تويتر” وسوماً مختلفة في مصر، التي شهدت غضباً شعبياً من الرئيس عبد الفتاح السيسي، وسط فضائح متداولة ضده هزت الشارع المصري.
وارتفعت وتيرة هذه الانتقادات، منذ عام، تحديداً بعد اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصليّة بلاده في إسطنبول، في الثاني من أكتوبر 2018، إثر اكتشاف جاسوس للسعودية داخل “تويتر”، وانتشار معلوماتٍ عن تسليم الشركة لمعارضين سعوديين.
وقالت منظمة “إمباكت” إنّ “شركتي فيسبوك وتويتر تُضطران للالتزام بسياسات تفرضها حكومات في الشرق الأوسط عليها مقابل السماح لهما بتقديم خدماتهما داخل حدود بلدانها، الأمر الذي يُهدد أمن وسلامة مستخدميهما بشكلٍ خطير”.
وفي نوفمبر 2018 أعربت مؤسسة “سكاي لاين” الدولية عن قلقها البالغ من الأنباء التي تحدثت عن دور كبير وواسع للإمارات باعتقال معارضين سعوديين، وتعرضهم للتعذيب مما أدى إلى مقتل أحدهم بعد مدة قصيرة من الاعتقال.
وقالت المؤسسة، التي تتخذ من العاصمة السويدية استوكهولم مقراً لها، إن الأنباء التي نُشرت في عدد من الصحف الخليجية والعربية حول دور الإمارات في اعتقال المعارضين السعوديين خلال عامي 2017 و2018 من خلال اختراق مكتب تويتر الإقليمي في الشرق الأوسط هو أمر خطير، وعرض حياة العشرات من المدونين للخطر الشديد.
وطلبت حينها من شركة “تويتر” بشكل سريع وفاعل إغلاق مكتبها الإقليمي في الإمارات، و”الشروع فوراً بتحقيق شامل في انتهاكات الخصوصية التي أدت إلى مقتل واعتقال عدد من المغردين، ومحاسبة كل من يثبت تورطه في هذه القضية”.