تدخل حرب التحالف السعودي الإماراتي على اليمن عامها الخامس وسط حصاد مروع لأطراف التحالف خصوصا أبو ظبي بعد أن تحول اليمن إلى البلد الذي يعاني أسوأ أزمة إنسانية في العالم ومهدد بالانهيار الشامل.
تدخل الإمارات العام الخامس من حربها في اليمن ولم تحقق أياً من الأهداف المُعلنة -المتعلقة بهزيمة جماعة أنصار الله – ولا الأهداف غير المعلنة -المتعلقة بالتواجد دائم على أرض اليمن كقواعد عسكرية ونفوذ- بل إن التطورات مع نهاية العام الرابع تذهب باتجاه معارك بأيدي يمنية بين الدولة والسعودية والإمارات.
لا يبدو أن الإمارات كسبت الكثير في حربها الشنيعة على اليمن، في ظل اتهامات لها بالاحتلال والتعذيب والسجن وجرائم الحرب وإدانات من الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية دولية.
ولا تملك الإمارات صورة جيدة في اليمن، ومنذ بداية شهر مارس/أذار الجاري تحدث ثلاثة مسؤولين من الرياض وعدن للمطالبة بإخراج الإمارات من التحالف.
ويمكن الإشارة إلى صورة الإمارات في اليمن بالآتي:
أولاً: تدعم ميليشيات متمردة على السلطة مثل المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يدعو لانفصال جنوب اليمن. وتجَند 64 ألف مجند في قوات تحت إمرة الضباط الإماراتيين والمرتزقة الأجانب، يأتمرون بأمرها. كما يلّوم اليمنيون الدولة بمنع الرئيس عبدربه منصور هادي من العودة إلى اليمن.
ثانياً: تقدم نفسها كقوة احتلال-كما يجمع على ذلك اليمنيون- فقد سبق أن اتهم الرئيس هادي عام 2017 الإمارات بكونها تتصرف مثل الاحتلال. وهذه التصرفات أدت إلى تآكل الحكومة الشرعية.
ثالثاً: تسيطر على الموانئ اليمنية وتتحكم بالداخلين والخارجين من وإلى اليمن، وهو ما يثير حفيظة الحكومة اليمنية.
رابعاً: تبني الدولة قواعد عسكرية في “بريم” و”سقطرى” و”عدن” و”المخا” وهي قواعد دائمة وهو ما يثير سخط اليمنيين.
خامساً: تُدير الدولة سجوناً سرية في جميع أنحاء المحافظات المحررة من الحوثيين وتعذب مواطنين وتهاجمهم.
سادساً: تنتشر الإمارات في مناطق النفط والغاز والموانئ الرئيسية وهو ما يثير قلق اليمنيين من محاولة الإمارات السيطرة عليها ونهب ثروات البلاد بشكل سري.
سابعاً: تهدف الإمارات إلى إسقاط النظام الديمقراطي في اليمن، وإسقاط أحد أكبر الأحزاب اليمنية، مثل التجمع اليمني للإصلاح ونشر الفوضى والتخريب في البلاد.
كما أن الإمارات تملك حلفاء مثل المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يدعو للانفصال وعلى الرغم من أن هذا المجلس لا يملك الكثير من الحلفاء السياسيين على الأرض؛ وعلى عكس المتوقع فإن المجلس وأعضاءه يخشون من خطط أبو ظبي وسعيها لتكريس نفسها كدولة احتلال حتى بعد أن يحدث انفصال جنوب اليمن ويصبح دولة حسب أهداف المجلس الانتقالي.
لذلك فإن بقاء الإمارات في حرب اليمن محكومٌ عليه بالفشل وكل التضحيات التي ذهبت والخسائر على الرغم من فداحتها ستكتب في تاريخ الإمارات كبطولة وفي تاريخ اليمنيين كنقطة سوداء.
وخارجيا تلاحق القضايا والإدانات دولة الإمارات بتهم تتعلق بارتكاب جرائم حرب في اليمن، والتعذيب. وهذه القضايا لا تطارد السلطات الإماراتية وحدها بل شركات مرتزقة عملت مع الإمارات في اليمن.
ونهاية العام الماضي رفعت منظمة التحالف الدولي للدفاع عن الحقوق والحريات “عدل” مدعومة بـ 1000 وثيقة وشهادة بمحكمة الجنايات بباريس ضد ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، تتهم الدولة بالضلوع في جرائم حرب في اليمن.
وفي شهر مارس/أذار 2019 تقدم مكتب محاماة انسيل الفرنسي، بدعاوى قضائية ضد مرتزقة مرتزقة فرنسيون يعملون لصالح شركة خاصة أمريكية، لاتهامهم بارتكاب جرائم حرب ضمن النزاع اليمني بتمويل من الإمارات.
وفي الولايات المتحدة يبحث الكونجرس إمكانية وقف تسليح الإمارات والسعودية بسبب جرائم حرب في اليمن.
إضافة إلى ذلك وخلال أعوام الحرب الأربعة عانت الإمارات من خسائر في الاقتصاد، حيث أصبحت الدولة تعاني من اقتصاد هشّ، وتضاعف الجبايات على المواطنين والمقيمين للتخلص من عجز الموازنة الذي تفاقم في الدولة.
ويبدو أن لحرب اليمن تأثير كبير إلى جانب رعاية حروب أخرى في مصر وليبيا وتونس؛ لكن اليمن هي أقسى تلك الحروب التي تحولت إلى ثقب أسود يلتهم المال العام ويمكن الإشارة إلى أن الدولة بدأت تعاني بالفعل من سوء تلك المؤشرات وأصبحت تزيد من فرض الضرائب والرسوم الحكومية على المواطنين والمقيمين.
ولا تعلن الإمارات أي أرقام رسمية حول أنفاقها العسكري، لكن التقديرات تظهر أنها تنفق قرابة 1.3 مليار دولار شهرياً (على أقل تقدير) في اليمن، في العمليات البرية والجوية ضمن التحالف العربي الذي تقوده السعودية، ما يصل إلى (16 مليار دولار) سنوياً.
وسبق أن قالت مجلة إيكونوميست البريطانية، إن الأرقام والإحصائيات الاقتصادية “الوردية” التي تعلنها الإمارات تخفي بداخلها مؤشرات مقلقة، مشيرة إلى أن مؤشر بورصة دبي كان الأسوأ أداء في الشرق الأوسط خلال عام 2018.
وأضافت: “الثقة في السوق الإماراتي اهتزت جراء انهيار مجموعة “أبراج” في الآونة الأخيرة، وهي أكبر شركة في سوق دبي المالي العالمي، فضلا عن التراجع الملحوظ في تراخيص الشركات الجديدة، وانكماش حركة التوظيف.
وأوضحت المجلة البريطانية أن بعض مدارس الأجانب في الإمارة أغلقت أبوابها، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الأجانب يشكلون أكثر من 90% من سكان دبي.