تظهر حصيلة ثلاثة أعوام من تطبيع العار بين الإمارات وإسرائيل اندفاع كبير من أبوظبي لتعزيز التحالف العلني مع إسرائيل في كافة المستويات.
وتظهر إحصائيات من حصيلة التطبيع تجاوز التبادل التجاري بين الإمارات وإسرائيل سقف 5.6 مليار دولار وسط توقعات بأن يرتفع قريبا إلى 10 مليارات دولار.
وبحسب الإحصائيات فقد زار الإمارات أكثر من مليون سائح إسرائيلي وهناك 106 رحلة أسبوعية بين الإمارات وإسرائيل.
وتظهر الإحصائيات توقيع الإمارات أكثر من 120 اتفاقية ومذكرة تفاهم مع إسرائيل، في وقت تعمل أكثر من 70 شركة إسرائيلية من الأراضي الإماراتية.
وفي الذكرى الثالثة لتوقيع اتفاقية التطبيع، اعترف سفير أبوظبي في واشنطن يوسف العتيبة رسمياً بفشل أبوظبي في وقف الاستيطان والاستيلاء على أراضي الفلسطينيين، وهي الذريعة التي استخدمتها أبوظبي قبل ثلاث سنوات لامتصاص الغضب العربي من التطبيع.
وصرح العتيبة في مؤتمر حواري في واشنطن أن “تأثير الإمارات على قرارات إسرائيل بشأن الضم أصبح محدوداً للغاية”. وأن “اتفاقنا بشأن التطبيع مقابل وقف الضم كان ضمن فترة زمنية معينة، وقد انتهت، وليس لدينا كمّ النفوذ الذي كان لدينا عند التوقيع”.
وزعمت أبوظبي في 13 أغسطس 2020 بأن التطبيع مع “الإسرائيليين” جاء محملاً بأهداف تخص وقف ضم الأراضي الفلسطينية. وقالت حينها إنها وافقت على التطبيع للتعامل مع التهديدات التي تواجه حل الدولتين، وتحديداً وقف الاستيطان الإسرائيلي وضم الأراضي الفلسطينية، وهو ما لم يحدث. بل أصدر الاحتلال قرارات بضم مئات الهكتارات في الضفة الغربية المحتلة.
واستخفافاً بالفلسطينيين والتزامات أبوظبي تجاههم؛ رمى العتيبة بمسؤولية وقف الاستيطان على “مطبعي المستقبل”، في إشارة ربما إلى السعودية.
والتطبيع الذي أثار الكثير من الجدل داخل الإمارات وفي الوطن العربي -ولايزال- نتج عنه تراجع الدولة عن ثوابتها في التأييد المطلق للقضية الفلسطينية، ورفض التطبيع.
لكن أبوظبي ذهبت إلى أبعد من التطبيع من خلال وقوفها وراء تشجيع كل من البحرين والسودان عليه، كما كانت محفزة لعودة العلاقات بين إسرائيل والمغرب.
في المقابل، قدّم هذا التطبيع فرصة لإسرائيل لم يكن يُفكر بها في أحسن أحلامه، بدءاً من تشتيت الإجماع العربي بما يخص القضية الفلسطينية، مرورا بفتح أبواب التطبيع على مصراعيها، وليس انتهاء من شرعنة احتلاله وإعطائه طوق النجاة لإخراجه من مشكلاته الداخلية وعزلته الخارجية.
وقد أخذت العلاقات بين أبوظبي وإسرائيل منحى تصاعدياً حاداً، خلال السنتين الأوليين من التطبيع، حتى أن اتفاقياتها وعلاقاتها فاقت التطبيع مع مصر، والقائمة منذ 44 عاما، ومع الأردن منذ 29 عاما.
إلا أنه وبعد ثلاثة أعوام، يبدو بأنّ أبوظبي أعادت تقييم هذه العلاقة ضمن معيار النفع والضرر.
وظهرت بوادر التشاؤم وإعادة التقييم في تصريحات الدكتورة ابتسام الكعبي، مديرة مركز الإمارات للسياسات، في كلمتها في مؤتمر “هرتسيليا” لدى إسرائيل، حين قالت إن بلادها محرجة من التطبيع مع إسرائيل بسبب تصرفات حكومة نتنياهو، وبأنه لا دول عربية جديدة ستذهب إلى التطبيع.
وعلى الرغم من نفي مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزارة خارجيته تراجع العلاقات مع الإمارات، إلا أن القناة الإخبارية الإسرائيلية “12” كشفت النقاب عن قرار أبوظبي تجميد شراء معدات عسكرية من الكيان الصهيوني، -وهي عبارة عن منظومات أمنية عسكرية متطورة وحساسة- بسبب سياسات حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المتطرفة.
وفي المسار المجتمعي؛ ففي حين أن العناوين الرئيسية تحكي عن لقاءات مريحة ومبهجة بين الإسرائيليين والإماراتيين أو العرب المقيمين في الإمارات، فإن البيانات الإسرائيلية تشير إلى اتجاه مغاير.
فمع مرور الوقت، أصبحت اتفاقات التطبيع أقل شعبية في شوارع الإمارات؛ وفق تحليل بيانات أجراه “معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى”، وهو أحد أذرع مراكز الفكر الإسرائيلية رغم كل الترويج الإعلامي الحكومي.
وأظهر “المركز الإسرائيلي” في آخر استطلاعاته بهذا الشأن، تراجع تأييد التطبيع، وقد انعكس ذلك على حجم السياحة الإسرائيلية في الإمارات مقابل الوجود الإماراتي في الأراضي المحتلة.
إذ زار أكثر من مليون إسرائيلي الدولة، مقابل بضع عشرات زاروا الأراضي المحتلة ومعظمهم مدعومون وموالون للحكومة كجزء من تشجيع تعزيز العلاقة.
ولا يحظى الإسرائيليون بالترحيب في الإمارات، حيث تشير شبكات التواصل الاجتماعي إلى مخاوف الإماراتيين من تلقيهم خدمات من “إسرائيليين”.
ونادراً ما تأخذ مشاعر الغضب لدى الإماراتيين شكل مظاهرات عامة أو انتقاد مباشر للنظام؛ حيث يعد التعبير عن معارضة سياسات الحكومة محظوراً في الإمارات وقد يؤدي إلى السجن المؤبد، ويتم مناقشته بشكل خاص مع أفراد الأسرة والأصدقاء المقربين خوفاً من الاعتقال في ظل تفشي القمع.