قالت مجلة أمريكية إن النظام الحاكم في دولة الإمارات العربية المتحدة يبيع القضية الفلسطينية بثمن مصالحه مع إسرائيل في ظل تصعيدهم التورط بعار التطبيع.
وأوردت مجلة فورين بوليسي الأميركية أن القضية الفلسطينية ظلت لعقود مساعدا مفيدا للحكومات في المنطقة بتحويل الانتباه عن القضايا المحلية الملحة، ففي حالة الإمارات يرى قادة الدولة هناك أن الفلسطينيين ليس لديهم الكثير لتقديمه لدولتهم، بينما تقدم إسرائيل، من الناحية الأخرى، نفسها كمركز للابتكار، وهو أمر تطمح إليه أبو ظبي.
وتبرز المجلة أن الإمارات تقود تقاربا بين دول الخليج مع إسرائيل وتغض النظر عن وجود عملية سلام في الصراع الفلسطيني، وتشير إلى أن ذلك بمثابة تدشين لمرحلة سياسية جديدة بالشرق الأوسط.
ونشرت المجلة مقالا للكاتبة داليا حاتوكة سردت فيه تفاصيل التقارب بين الجانبين وتجاهل القضية الفلسطينية.
وتقول حاتوكة إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ينشئ روابط مع قادة الدول العربية المعادية لإيران، ويؤكد أن صفقة سلام مع الفلسطينيين ليست شرطا لتطبيع العلاقات الدبلوماسية مع دول الخليج.
وتشير إلى أن بعض دول الخليج لا تشعر بالحرج من الكشف عن تقاربها المعلن مع إسرائيل ومعاداتها لإيران، إذ تباهت هذه الدول خلال قمة وارسو الشهر الماضي بهذه العلاقة، وهي القمة التي فشلت في إقناع الدول الأوروبية بالتخلي عن الاتفاق النووي مع إيران.
وقالت إن العلاقة الجديدة بين دول الخليج وإسرائيل هي جزء من نقلة أوسع تحاول إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب قيادتها، وتتلخص في التحالف العلني بين الدول العربية السنية وإسرائيل ضد إيران وإبرام صفقة سلام “مخفف” بين إسرائيل والفلسطينيين.
وأعادت الكاتبة للأذهان ما قاله نتنياهو قبيل مغادرته إلى دولة تشاد يوم 20 يناير/كانون الثاني الماضي في زيارة تؤرخ لعودة العلاقات التي قُطعت بين الدولتين في 1972، إذ قال إن زيارته لتشاد هي جزء من “ثورة دبلوماسية” يقوم بها في العالمين العربي والإسلامي، متعهدا بنجاح هذه الثورة وبالمزيد من الدول التي ستطبع علاقاتها مع إسرائيل.
واستمر نتنياهو في الكشف عن علاقات إسرائيل مع من سماهم “أبناء إسماعيل” طوال الوقت الذي استمر في إعلان عدم إجبار مستوطن واحد في الضفة الغربية على الرحيل.
وذكرت أيضا تباهي نتنياهو مؤخرا بإمكانية استخدام الطائرات الإسرائيلية المدنية الأجواء السعودية وسلطنة عمان والسودان فضلا عن تباهيه بعلاقات وثيقة مع الإمارات.
وكان وزير الدولة للشؤون الخارجية للنظام الحاكم في دولة الإمارات أنور قرقاش اعتبر أن العلاقات بين الدول العربية والاحتلال الإسرائيلي بحاجة إلى تحوّل يمهد للتقدم نحو السلام مع الفلسطينيين.
وقال قرقاش في تصريح لصحيفة “ذا ناشيونال” الصادرة في أبو ظبي، إن قرار الكثير من الدول العربية عدم التحاور مع إسرائيل عقّد مساعي التوصل لحل على مدى عقود، على حد زعمه.
وتابع: “منذ عدة سنوات، اتخذ قرار عربي بعدم التواصل مع إسرائيل، لكن بنظرة إلى الوراء، كان هذا قرارا خاطئا للغاية”، على حد تقديره الذي يستهدف تسويغ التطبيع.
وأضاف: “ينبغي التمييز بين أن يكون لديك قضية سياسية وأن تبقي خطوط الاتصالات مفتوحة”.
وقال قرقاش إنه يتوقع زيادة التواصل بين الدول العربية وإسرائيل من خلال اتفاقات ثنائية صغيرة وزيارات يقوم بها ساسة ووفود رياضية.
وأضاف “يتطلب التحول الاستراتيجي منا فعليا تحقيق تقدم على صعيد السلام”، على حد زعمه الذي يتذرع بالسلام من أجل ترويج التطبيع.
وتابع “إذا استمر بنا الحال على النهج الحالي، فأعتقد أن الحوار خلال 15 عاما سيكون عن المساواة في الحقوق في دولة واحدة“ في إشارة إلى احتمال اندماج النظامين الإسرائيلي والفلسطيني بدلا من قيام دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل.
وذكر أن الحوار على الهامش في الوقت الراهن لكن ذلك سيتغير.
وتأتي هذه التصريحات في أعقاب زيارة كبير مستشاري ترامب وصهره جاريد كوشنر لدول خليجية عربية الشهر الماضي سعيا للحصول على دعم للشق الاقتصادي من المقترح الأمريكي المعروف بـ (صفقة القرن) بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
وليس لإسرائيل علاقات دبلوماسية رسمية سوى مع دولتين عربيتين فحسب هما مصر والأردن، لكن الإمارات استضافت مؤخرا عدة وفود إسرائيلية رسمية ورياضية.
كما تتورط الإمارات بتصعيد عار التطبيع مع إسرائيل عبر تعاون سياسي ورياضي واقتصادي يثير انتقادات واسعة في الوطن العربي لما يمثله من مؤامرة لتصفية القضية الفلسطينية.
وبهذا الصدد انتقدت صحيفة القدس العربي اللندنية واسعة الانتشار تصريحات قرقاش، واعتبرت في افتتاحيتها أن “الرطانة الكبيرة حول التنبؤات والعمق الاستراتيجي وحل الدولة الواحدة هو استسلام عربيّ للإرادة الإسرائيلية وكسر للمشروع الفلسطيني، وهو ما صار يطلق عليه في أدبيات السياسة المعاصرة مصطلح صفقة القرن الأمريكية ـ الإسرائيلية”.
ورأت الصحيفة، “بهذا المعنى فإن التحوّل الاستراتيجي عربيّاً هو الالتزام بمصلحة إسرائيل والتخلّي عن مصالح الفلسطينيين (والتي هي مصالح عربيّة بالأساس) كما أنه تخل عن المقدّسات الإسلاميّة في القدس والأراضي الفلسطينية المحتلّة، وفرض هذا الواقع الكاسر يمكن وصفه بأي شيء غير أنه نظام إقليمي أكثر استقرارا”، على حد تأكيد الافتتاحية.
وذكرت الصحيفة أن “الزيارات الثنائية والوفود الرياضية ولقاء المسؤولين فهذه كلّها أمور تجري أمام أعيننا ولا تحتاج إلى زرقاء اليمامة للتنبؤ بها، كما لا يحتاج الأمر إلى عرّاف كي يرى أن هذه الزيارات واللقاءات لم تزحزح إسرائيل عن مواقفها وأن هدايا ترامب تنهال عليها فيما تنهال على العرب طلبات التنفيذ ودفعات صفقات الأسلحة والتواطؤ المكشوف ضد الفلسطينيين (وضد السوريين واليمنيين أيضاً)”، على حد تقديرها.
وخلصت الافتتاحية إلى القول بصورة حاسمة إن التحول الاستراتيجي واضح وهو عبارة عن خضوع عربيّ لخطّة ترامب ـ نتنياهو، وتواطؤ مشين ضد الفلسطينيين والشعوب العربية”.