يسيطر تصاعد الخلاف غير المعلن بين حاكم دبي محمد بن راشد وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد على النقاش العام في المجالس الخاصة في الإمارات.
ورصد “إمارات ليكس” انشغال الإماراتيون هذه الأيام بما سيؤول إليه الخلاف المتصاعد بين بن زايد وبن راشد خصوصا على خلفية الانهيار الاقتصادي غير المسبوق الذي تواجهه إمارة دبي.
وتبدو الصورة غامضة وشديدة القتامة والتشاؤم بالنسبة للمستقبل القريب للإماراتيين الذين تنتابهم الحيرة الشديدة من الخلافات المتزايدة بين حكامي أكبر إماراتيين في الدولة وكيف ستؤثر على تماسكها المهزوز أصلا.
وفي ظل الملاحقة الأمنية المشددة وقبضة جهاز أمن الدولة فإن الحديث العلني بين الإماراتيين عن مستقبل الدولة وخلافات حكامها لا يزال يأخذ طابع السرية لكنه بدأ يطفو على السطح تدريجيا.
وبهذا الصدد غرد الأكاديمي الإماراتي وأستاذ العلاقات الدولية والإعلام الدكتور سالم المنهالي على تويتر بأن الخلافات بين بن زايد وبن راشد تصاعدت بشكل كبير خلال الفترة الأخير، مؤكدا بأن هذه الخلافات ستصل لمرحلة الانفجار قريبا.
يتصاعد الخلاف يوما بعد يوم بين #محمد_بن_زايد و #محمد_بن_راشد وسيصل لمرحلة الانفجار العلني يوماً ما
— د. سالم المنهالي (@mnhal_sm) September 12, 2018
ويعد التباين في المواقف بين زايد وبن راشد أحد أكبر صور الخلاف بينهما.
ويشار بهذا الصدد إلى مضمون قصيدة نشرها حاكم دبي على حسابه بموقع “تويتر”، والتي بدا فيها كداع للحوار بين “الأشقاء الخليجيين”، فقد حملت القصيدة عنوان “الدرب الواضح”، ودعا فيها للعودة إلى “وحدة القلوب” و”حماية البعض”، موجهًا الدعوة للسعودية والبحرين وقطر بأن “خليجًا واحدًا يُصلح الرب شأنه”.
والمضمون الذي حملته قصيدة بن راشد تجاه حتمية التصالح بين الدول الخليجية، تختلف جذريًا عن الرسائل التي تخرج من ولي العهد الإماراتي، أو وزير الدولة للشؤون الخارجية أنور قرقاش، حيث تتسم دعواتهم بالتشدد إزاء المطالب الـ13 للمصالحة وفك الحصار، والوقوف نحو تجميد مساعي المصالحة بين أمير قطر وولي العهد السعودي في أعقاب مكالمة هاتفية بينهما منذ شهور، بفضل التدخلات الإماراتية.
ولا ينفصل هذا الموقف الاستثنائي لرئيس وزراء دبي تجاه قطر، عن موقفه السابق في الأزمة الخليجية الأولى في أعقاب سحب الدول الثلاث (السعودية – الإمارات – البحرين) لسفرائها من قطر في 2014 بدعوى “مسلك الدولة الخليجية، سياسات تضر بأمن أشقائها”، وانقطاع الزيارات على مدار ستة أشهر، وكسر ابن راشد هذا الجمود بإعلانه عبر حسابه الرسمي في موقع التواصل الاجتماعي تويتر: “أَن علاقته بقطر متواصلة، ولم تنقطع في أثناء سحب السفراء”.
كما كان محمد بن راشد أول من أرسل رسالة خطية إلى أمير قطر تميم بن حمد آنذاك، في ظل انقطاع العلاقات في 2014، حسبما أوضحت وكالة الأنباء القطرية الرسمية، التي ذكرت أن: “الشيخ تميم تلقى رسالة خطية من أخيه الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم” في خضم انقطاع الاتصالات بين البلدين.
وفيما يتعلق بمصر، عكس الموقف الإماراتي الرسمي الداعم لترشُح “السيسي” في انتخابات رئاسة الجمهورية، أعقاب عزل الإخوان المسلمين من السلطة، كان محمد بن راشد على تباين في وجهات النظر مع محمد بن زايد في مسألة استكمال دعم الإمارات لترشح السيسي رئيسًا الجمهورية، وتفضيله لمُرشح مدني أو عسكري سابق كحال الفريق أحمد شفيق، المرشح الرئاسي السابق.
ففي مقابلة بتاريخ 13 يناير/كانون الثاني 2014، مع هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” أعرب رئيس الحكومة الإماراتية، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، “عن أمله في ألا يترشح وزير الدفاع المصري عبد الفتاح السيسي”. ثم لم تمُر ساعات على التصريح، حتى أوردت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية، تصريحًا من مكتب رئاسة مجلس الوزراء في الإمارات أن “دولة الإمارات تحترم إرادة الشعب المصري ودعمها لاختياراته السياسية”.
وسبق أن كشفت مصادر مطلعة ل”إمارات ليكس” عن احتدام أزمة صامتة غير مسبوقة بين حاكم دبي محمد بن راشد وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد على خلفية الانهيار الاقتصادي غير المسبوقة الذي تواجهه إمارة دبي.
وتؤكد المصادر أن أزمة ثقة وخلافات حادة تتزايد بين بن راشد وبن زايد على أثر الأوضاع السيئة لدبي التي اشتهرت بثروتها والتجارة بها قبل أزمة الخليج المستمرة منذ عام وسياسات بن زايد التي حولت الإمارة إلى مدينة أشباح.
وتواجه إمارة دبي نذر انهيار اقتصادي متصاعد، فيما أبرز الوجهات السياحية في الإمارة من فنادق وأسواق ومحلات تجارية ومطاعم وحانات تواجه عملية إغلاق ما دفع مقيمون في دبي إلى وصفها بأنها تتحول تدريجيا إلى مدينة أشباح.
يأتي ذلك وسط انهيار لإمبراطورية عملاق الاستثمارات البنكية عارف نقفي المدير التنفيذي لشركة أبراج “كابيتال” البنكية، ووأزمة حادة تعانيها مجموعة “أبراج” للاستثمار المباشر في دبي وصلت إلى بيع أصول للشركة في أمريكا وعِدة دول.
وفي ما اعتبر تأكيدا آخر على ظهور علامات واضحة عن دخول إمارة دبي في “ركود اقتصادي” ونذر أزمة خانقة، أعلنت شركة فيرجين أتلانتيك البريطانية للطيران أنها سوف توقف رحلاتها بين مطار هيثرو في لندن ومدينة دبي الإماراتية بدءا من مارس 2019.
كما أن القطاع العقاري في دبي يضغط على بورصة الإمارة مع توقع محللين أن تشهد أسعار العقارات الضعيفة مزيدا من الهبوط بفعل زيادة المعروض.
وفيما اقترن اسم دبي بنهضتها الاقتصادية وسمعتها في عالم التجارة الحرة وحرية الأعمال، فإن تلك السمعة أصبحت مهددة ومتراجعة بحدة نتيجة سياسات بن زايد فيما يتعلق باعتقال المعارضين وملف حقوق الانسان وتدخلاته في عدد من قضايا الدول العربية.
ويهدد ذلك بيئة الأعمال التي وفرتها دبي على عقود من الزمن، ما أدى إلى تنامي الخلاف الباطن تحديدا بعد مشاركة أبوظبي في حصار قطر وإضافة ملف جديد لانتهاكات أبوظبي لحقوق القطريين وأملاكهم التي تتمركز في دبي، فضلا عن خسارة دبي للأموال القطرية والسياح القطريين.
ويتعلق جوهر الأزمة بتحكم بن زايد في الاستثمارات الاجنبية في الامارات بعد أن اصبحت الموافقة على اصدار تأشيرات الاستثمارات في أبوظبي وبموافقة بن زايد الحاكم الفعلي للإمارات ليصبح وضع دبي مأساوي فيما لا يستطيع بن راشد الخروج من الاتحاد ولا مخالفة أبوظبي.
وبحسب عدة تقارير أجنبية فقد خسرت إمارة دبي الكثير من فرص الاستثمار والأموال القطرية التي كانت ستحل مشاكل الامارة الخفية، كما أن الأزمة الخليجية أفقدت دبي المصداقية الاستثمارية مما أدى الى خروج بعض الحافظات الاستثمارية من دبي.