تجمع الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان الإقليمية والدولية على اعتبار الإمارات العربية المتحدة دولة الجحيم لناشطي الرأي والمعارضين السياسيين.
ففي وسط الصحراء يبرز سجن “الرزين” الذي أنشأ في الأساس لكبار المجرمين والقتلة واليوم يضعون فيه خيرة أبناء الإمارات من المفكرين والدكاترة والتربويين.
وهؤلاء اعتقلوا قبل أكثر من عشرة سنوات وحوكموا بتهم ملفقة وانتهت أحاكمهم ولم يفرج عنهم بل تعيد السلطات محاكمتهم مرة أخرى بنفس التهم.
وفي الإمارات معتقل الرأي بعد أن يعتقل يقضي شهوراً في السجون السرية تحت التعذيب والحرمان من أبسط الحقوق ثم ينقل إلى سجن الرزين بعد محاكمات شكلية.
وسجن الرزين الذي صمم للمجرمين وتجار المخدرات والقتلة اليوم هو مكان سجناء الرأي في الإمارات، وكل من يراد له التنكيل ينقل إلى هناك.
وفي سجن الرزين تبدأ رحلة أخرى من انتهاك الحقوق والحرمان من أبسط الحقوق الإنسانية كالطعام الجيد والنوم والصلاة في جماعة.
والحرس في سجن الرزين هم من الجنسية النيبالية حتى لا يبدون أي تعاطف مع المعتقلين يقودهم ضباط إماراتيين من أقذر البشر سلوكاً وأخلاقاً.
والسجن الانفرادي في الرزين يكون مصير كل من يلقي موعظة أو نصيحة أو من يعترض على أي من الانتهاكات المهينة، أحد أبشع الانتهاكات المهينة التي تمارس ضد المعتقلين هي التعرية من الملابس والتحرش ولمس الأماكن الحساسة في صورة مخزية لواقع السجون في الإمارات.
جدير بالذكر أن المعتقلين في سجن الرزين مقطوعين عن العالم الخارجي وتمنع عنهم الاتصالات لفترات طويلة وتمنع عنهم الزيارات كذلك، خلال العشر سنوات الماضية عانى معتقلي الرأي في الإمارات الأمرين، انتهاكات متواصلة وسنوات سجن لا تنقضي وإذا انقضت احكامهم لا يفرج عنهم.
والمحاكمات الجديدة التي يحاكم بها المعتقلين في الإمارات هي استمرار لهذا الظلم وهذه الانتهاكات، فهناك بقعة سوداء في هذه النقطة من العالم يجب على الجميع الالتفات لها، لأن هناك أشخاص يراد لهم أن يقضوا بقية حياتهم في السجون فقط لأنهم يحملون رأياً مختلفاً.
وقد أدان ائتلاف من 43 منظمة حقوقية إقليمية ودولية المحاكمة الظالمة لناشطي الرأي في دولة الإمارات، مطالبا بتدخل دولي لوقف انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة في أبوظبي.
وعبر بيان مشترك للمنظمات تلقت “إمارات ليكس” نسخة منه، عن القلق العميق إزاء التحقيقات الجديدة التي قامت بها السلطات الإماراتية ضد أكثر من 80 إماراتيًا، بعضهم مدافعون عن حقوق الإنسان، بتهمة تأسيس ودعم “منظمة إرهابية”.
وجاء في البيان “تأتي هذه التهم ردًا على ارتباط المتهمين الفعلي أو المشتبه بهم بلجنة العدالة والكرامة، التي تأسست في 2010 -2011، والتي وفقًا لتهمة السلطات في عام 2012، “قامت بتوعية المجتمع وتعريفه بحقوقه”، “نشرت مقالات حول تلك الحقوق”، و”عملت على التواصل مع منظمات حقوق الإنسان الدولية”.
واكد البيان على أن محاكمة هؤلاء الأفراد بتهم الترويج السلمي لحقوق الإنسان، بينما تم احتجاز العديد منهم بشكل تعسفي لسنوات بتهم مماثلة، هو فعلًا عمل مخز يؤكد عدم توقف السلطات الإماراتية عن معاقبة وتخويف أي شخص يحمل فكرا إصلاحيا.
وأشار إلى أن من بين الذين تم تأكيد احتجازهم حتى الآن وليسوا في المنفى، مدافعون بارزون عن حقوق الإنسان مثل أحمد منصور والأكاديمي الدكتور ناصر بن غيث، اللذان أدينا خلال محاكم منفصلة في عام 2018 و2017 على التوالي، بتهم تتعلق بأنشطة في مجال حقوق الإنسان عبر الإنترنت وحُكم عليهما بالسجن لمدة 10 سنوات.
وكان المتهمون المتبقون قد أدينوا سابقًا في محاكمة جماعية، قضية “الإمارات 94″ في الفترة من 2012 إلى 2013، بتهمة مماثلة – الانخراط في لجنة العدالة والكرامة – التي يواجهونها الآن.
لذا فإن هذه التهم الجديدة غير قانونية وتنتهك المادة 19 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان، التي تنص على أنه لا يمكن محاكمة شخص مرتين بنفس التهمة. يحق لأي شخص يُقام ضده مثل هذا الإجراء أن يطالب بشرعيته بالإفراج عنه”.
علاوة على ذلك، نشدد على أن إجراءات المحاكمة تتم بسرية، حيث لم تصدر السلطات الإماراتية أي وثائق عامة حول المحاكمة.
وتكشف المعلومات التي تم الحصول عليها عن تفاصيل مزعجة لإجراءات المحاكمة، بما في ذلك رفض حق المتهمين في تعيين محامين مستقلين ورفض السماح لعائلاتهم بالحضور في قاعة المحكمة.
وخلال جلسات المحاكمة، أدخلت السلطات أهالي المتهمين إلى غرفة منفصلة لمشاهدة الجلسات على شاشة، وفي الجلسة الثانية، تم قطع الصوت، ما منعهم من معرفة ما يجري خلال الجلسة وهو ما كشف استهتار السلطات بحق الحكم العادل.
إضافة إلى القسوة، أفادت بعض العائلات بتلقيها مكالمات لإخبارها بأنه سيتم الإفراج عن ذويهم أخيرًا وأن “يتوقعوا أخبارًا جيدة”، ما أعطاهم أملاً زائفًا وجعل وقع خبر المحاكمة الجديدة أكثر من صدمة.
وأدانت المنظمات الحقوقية استخدام السلطات الإماراتية لنظام العدالة الجنائية كأداة لإبقاء هؤلاء الأفراد خلف القضبان وقمع الانتقادات السلمية أو دعوات الإصلاح.
وشددت المنظمات على أهمية التدخل الدولي لحماية حقوق الإنسان والالتزام بمعايير العدالة العالمية وإجراءات الحق في النظر والمحاكمة العادلة.
ودعت إلى اتخاذ تدابير عاجلة من قِبَل الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان، والدول الأعضاء في الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وغيره من المؤسسات الإقليمية لإجبار الإمارات على التخلي عن هذه التهم الجديدة التي تحمل دوافع سياسية والإفراج الفوري عن جميع الأفراد الذين تم احتجازهم بشكل تعسفي.
يشار إلى أن أبرزه الموقعين على البيان: العفو الدولية، مجموعة منّا لحقوق الإنسان، منظمة القسط لحقوق الإنسان، ومركز مناصرة معتقلي الإمارات وغيرهم.