تعتمد دولة الإمارات على محورين أساسيين في استراتيجيتها لتحقيق أطماع كسب النفوذ والتوسع الإقليمي هما البحث عن ساحات خارجية والاعتماد على وكلاء خارجيين بما في ذلك الميليشيات المسلحة.
وأبرزت منصة “أسباب” البحثية أن الإمارات لا تقبل الاكتفاء بالسياسة التقليدية للدول الصغيرة المتمثلة في التحوط، لكنّها فرضت نفسها كلاعب في حد ذاتها، ليس فقط في الخليج والمنطقة العربية، ولكن في المحيط الهندي والبحر الأحمر والقرن الأفريقي وشرق أفريقيا.
وقالت المنصة إن مؤامرات الإمارات في كسب النفوذ يتم عبر استراتيجية واسعة لخلق نفوذ إقليمي يتمثل في سلسلة من الموانئ اللوجستية، مدنية وعسكرية، تمتد من جزر اليمن مرورا بالصومال وتنزانيا حتى الموانئ المصرية في البحر الأحمر.
وفي هذه الرؤية الاستراتيجية، تقع إيران والإسلام السياسي ضمن دائرة التهديدات الإقليمية للإمارات، والسعودية ومصر وإسرائيل حلفاء رغم التنافس والتناقضات. أما تركيا فقد انتقلت من التهديدات إلى مسار التأسيس لشراكة اقتصادية.
لكن يظل التمدد الإماراتي خارجيا خاضعا للقيود المفروضة على الدولة: جغرافيا من حيث المساحة والعمق، وديموغرافيا من حيث طاقة العمل والقدرة على التعبئة العسكرية.
لمواجهة القيد الأول؛ تعتبر الإمارات أن تجنب الاستهداف المباشر ضرورة حيوية، وهو ما يجعلها تنشط في ساحات خارجية أبعد وتجنب التصعيد مع دول الجوار التي يمكنها إيذاء الدولة، كما يفرض عليها ذلك ضرورة التحالف مع قوى يمكنها ردع الجيران.
أما القيد الثاني، فقد لجأت الإمارات لتجنيد وكلاء خارجيين ودعمهم ماليا وعسكريا لتحقيق مصالحها الإقليمية.
في هذا السياق، فإن الإمارات ليست بصدد التخلي عن تحالفها مع واشنطن لمصلحة أي قوة دولية أخرى، بما في ذلك الصين وروسيا.
لكنّ أبوظبي على العكس تسعى لضمان الاعتماد على هذه العلاقات مع واشنطن لعقود قادمة، من خلال ترقيتها إلى علاقة تقوم على “التزامات واضحة ومقننة” على حد التعبير الإماراتي الرسمي، لا تتأثر بتغير الإدارات في البيت الأبيض.
وعقب تعرض الأراضي الإماراتية لهجمات الحوثيين، أطلقت أبوظبي مراجعة لنهجها الإقليمي، وتبنت نهج “تصفير المشاكل”، والذي يتضمن طي صفحة النزاعات والتوصل لتفاهمات أمنية وسياسية فحسب مع المنافسين، وتحصين هذه التفاهمات الجديدة بروابط تجارية واستثمارية واسعة.
وذلك بهدف جعل من شبكة المصالح بين الإمارات والأطراف الأخرى أكثر قوة للدرجة التي تضمن صمودها في مواجهة أي تباين في السياسات الإقليمية أو تعارض المصالح في بعض الملفات، وبالتالي يحد من احتمالية استهداف أراضي الدولة مجددا.
لذلك، فإن التقارب مع تركيا بدا سريعا ومنطقيا نتيجة توفر إمكانية للتركيز على التجارة ذات المنفعة المتبادلة. ويتمثل هذا النهج أيضا في استهداف علاقات اقتصادية مع إسرائيل بقيمة تريليون دولار خلال العقد المقبل.
والإعلان الرسمي عن برنامج زمني مدته عام للتفاوض على اتفاقيات اقتصادية شاملة مع ثماني دول خلال عام، هي: المملكة المتحدة، كوريا الجنوبية، الهند، تركيا، إثيوبيا، كينيا، إندونيسيا، وإسرائيل.
رغم تطبيع العلاقات، فإن “التهديد الإيراني” يظل حاضرا في أولويات الإمـارات، وبالتالي ستظل استراتيجية الإمارات تمزج بين نهج تجنب العداء المباشر مع طهران، مع السعي لإحداث توازن مضاد من خلال تطوير شراكات أمنية ثنائية دولية، خاصة مع الولايات المتحدة والهند، وإقليمية خاصة مع تركيا وإسرائيل.