موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحقيق: الإمارات تتآمر على مصر في أزمة سد النهضة مع إثيوبيا

346

يرتبط النظام الحاكم في دولة الإمارات بعلاقات واسعة النطاق مع إثيوبيا ضمن مؤامراته لخدمة توسعه المشبوه في منطقة القرن الإفريقي وهو ما يعد مشاركة صريحة منه في التآمر على مصر في أزمة سد النهضة.

وبرزت مؤخرا اتهامات جبهة تحرير شعب تيغراي طائرات إماراتية مسيرة انطلقت من قواعد إريترية، بقصف قواتها بالإقليم المتمرد على الحكومة المركزية في أديس أبابا وذلك في خضم الحرب الأهلية الراهنة في إثيوبيا.

وتزامنت هذه الاتهامات مع استضافة السودان مناورات عسكرية مشتركة مع مصر، قد تبدو من رسائلها -وفق مؤشرات ومراقبين- أنها تهديد “بردع” أديس أبابا، على إثر الجمود الذي اعترته مفاوضات سد النهضة الإثيوبي وتعثرها بشكل كبير.

وخلافا للدور الإماراتي “المشبوه” في القرن الأفريقي -الذي يعد بمثابة امتداد للعمق الإستراتيجي لمصر- عملت أبو ظبي على إذكاء حرائق قد تتمدد تداعياتها لتشمل حلفاءها في الرياض، إضافة إلى الحكومة الانتقالية في الخرطوم.

ويؤكد مراقبون أن الأوضاع المشتعلة بالقرن الأفريقي وتلامسها بشكل مباشر مع تأزم مفاوضات السد الإثيوبي، جعل الإمارات في وضع محرج أمام حليفتها مصر في ضوء مشاركة الأولى في حرب كان من المفترض أن تستفيد منها مصر وليس إثيوبيا.

فيما ذهب مراقبون إلى أن الحرب الأهلية الإثيوبية، قد تدفع إلى مواجهة اضطرارية بين الحليفين (القاهرة وأبو ظبي) في ضوء تناقضات المصالح، بما يفرض ربما في الوقت القريب خريطة سياسية إقليمية مختلفة تماما.

وترى الصحفية المصرية المتخصصة في الشأن الأفريقي، روضة علي عبد الغفار، أن تناقض المصالح بين مصر والإمارات يفرض واقعا سياسيا لا يخفى على أحد، وهو أن موازين القوى تغيرت في المنطقة الأفريقية والعربية، حيث أصبح لدول أخرى وزنها الإقليمي والدولي على حساب القاهرة.

وحذّرت روضة من أن مصر إن لم تدرك عوامل قوتها ووزنها الإستراتيجي في المنطقة، فإن الميزان بطبيعة الحال سيُرجح للجانب الأقوى.

وقالت إن الإمارات لا تستهدف مصر بشكل مباشر وإنما هي لعبة المصالح، وإن كان ذلك على حساب حلفائها، مشيرة إلى أن الاضطرابات الراهنة بمصر وانشغال الجيش بالتحولات السياسية، أدى إلى تراجع الدور المصري أفريقيا ودوليا، وهي أمور جعلت النظام يتعثر في إدارة عدة ملفات، منها سد النهضة وضعف التأثير على حلفائه.

وفيما يتعلق بالدعم الإماراتي للحكومة الإثيوبية، في الحرب ضد التيغراي، أوضحت روضة أن ذلك الدعم ليس جديدا، حيث إن الإمارات سعت في الفترة الأخيرة لكسب إثيوبيا كحليف إستراتيجي في القرن الأفريقي، سواء بدعم اقتصادي أو عسكري أو سياسي.

أما عن أبعاد الدور الإماراتي في القرن الأفريقي، فإنه وفق روضة، يأتي تحت ذريعة القضاء على الحوثيين في اليمن، لكنه تسارع نحو ترسيخ أقدام أبو ظبي في المنطقة للسيطرة على طرق الملاحة في مضيق باب المندب القريب من ميناء عصب الإريتري، بدعوى مواجهة النفوذ التركي بالمنطقة.

وأضافت أن القرن الأفريقي منطقة تحمل الكثير من الفرص الواعدة وعوامل القوة التي تجعلها أرضا خصبة لاستثمارات أبو ظبي، مشيرة إلى أن تلك الفرص جعلت الإمارات لا تتأخر بدعم مشروع ضخم كمشروع سد النهضة، ولكسب إثيوبيا كحليف قوي سيثَبّت أقدامها، ليس في المنطقة فقط، وإنما في أفريقيا كافة.

بدوره، ذهب الباحث السوداني في الشؤون الإستراتيجية والدولية، أبو بكر عبد الرحمن، إلى أنه في ضوء التناقض اللامعقول في تعاطي أبو ظبي مع حلفائها وعلى رأسهم القاهرة والرياض والخرطوم، ربما ستكون المنطقة أمام خيارات مفتوحة، أدناها تفكك التحالفات القائمة، وأقصاها الحرب الإقليمية الشاملة.

وأوضح الباحث السوداني أن الصراع الإثيوبي الحالي لا يخضع لمنطق معادلة واضحة، خاصة بعد الاصطفاف الإقليمي الذي بدأ يتشكل بدخول أبو ظبي إلى مسرح الصراع الإثني فدرالي الإثيوبي.

ومشيرا إلى الدور الإماراتي في تكبيل مصر بالقرن الأفريقي، قال عبد الرحمن إن الإمارات كحليف إستراتيجي للرئيس الإريتري أسياس أفورقي، هي التي كانت ترفض وبشكل قاطع طموح مصر الإستراتيجي في إنشاء قاعدة عسكرية في جزيرة نورا (قرابة الساحل الإريتري وتبعد عن سد النهضة بنحو 750 كيلومترا)”.

وعزا ذلك “حتى لا تكون القاعدة المصرية تهديدا لسد النهضة الذي استثمرت فيه أبو ظبي مبالغ معتبرة، إضافة إلى تنافسها في التموضع الجيو إستراتيجي على البحر الأحمر”، متوقعا أن تضطر القاهرة إلى التعامل مع الأزمة الإثيوبية انطلاقا من مصالحها العليا الإستراتيجية.

ولا تقتصر الأخطار الإماراتية بالقرن الأفريقي على مصر وحسب، بل تطال السودان والسعودية أيضا، وفق عبد الرحمن الذي أوضح أن دعم الإمارات لأفورقي الذي يطمح في خلط الأوراق مع السودان في مثلث الحدود بين إريتريا والسودان وإثيوبيا، ربما يدفع القيادة السودانية المحسوبة في تحالفها مع أبو ظبي، إلى تغيير موقفها ونظرتها للحرب، لأنها تعي جيدا أن المستهدف بهذه التطورات السريعة هو حدودها.

وأضاف أن شرق السودان بات مرشحا لانفجار الصراع القبلي مجددا على طول ولايات القضارف وكسلا وبورتسودان، بسبب الأجندة الإقليمية التي تدعمها أبو ظبي وأسمرا.

كما أشار إلى أن حرب التيغراي وضعت أبو ظبي أمام امتحان صعب لنسف اتفاق سلام صديقتها الرياض الموقع بين أسمرا وأديس أبابا عام 2018 بجدة، موضحا أن تعقد الوضع في إثيوبيا قد ينتهي بوأد التجربة الفدرالية، وهو ما لن يقف تأثيره على تيغراي وحسب بل سيعجل بنسف التحالف بين أديس أبابا وأسمرا.

بدوره، عزا الكاتب الصحفي الإريتري عبد القادر محمد علي، بروز دور أبو ظبي النشط في السنوات الأخيرة بالقرن الأفريقي، إلى عدة أسباب، يأتي على رأسها “الرغبة في توسيع نفوذها السياسي في تلك المنطقة الحساسة للأمن الخليجي والمطلة على ممر مائي حيوي (البحر الأحمر) للتجارة العالمية”.

وقال علي إن الإمارات تسعى إلى الحصول على مكاسب اقتصادية تتعلق بما سُمي بالاقتصاد الأزرق (البيئة البحرية)، والسيطرة من خلال شركة موانئ دبي على إدارة الموانئ في القرن الأفريقي وخليج عدن.

وأضاف أن الإمارات تسعى إلى الحد من النفوذ الكبير لخصوم أبو ظبي الإقليميين -الدوحة وأنقرة- في المنطقة، وهو ما ازداد حدة مع اندلاع الأزمة الخليجية والحصار على قطر في يونيو/حزيران 2017.

وأكد الكاتب الإريتري أن من دوافع الإمارات أيضا، مواجهة النفوذ الإيراني المتنامي في المنطقة، ولا سيما مع سعي طهران من خلال الحوثيين إلى السيطرة على باب المندب، والتي بلغت ذروتها  بالحرب الإماراتية السعودية على اليمن.

ولفت إلى أن من أسباب الوجود الإماراتي بالقرن الأفريقي، تقاطع المساعي الإماراتية مع الإستراتيجية الأميركية الجديدة تجاه أفريقيا في عهد الرئيس دونالد ترامب، ومحاولتها وقف التمدد الصيني في القارة، وقطع الطريق أمام مشروع الحزام والطريق الصيني من مدخله في شرق أفريقيا.

وفي هذا الصدد، أشار إلى محاولة الإمارات العمل على تطوير علاقاتها بأرض الصومال وفشلها في الاستيلاء على ميناء دوراليه في جيبوتي، والتحالف الوثيق متعدد الأوجه مع إريتريا، والذي تضمن إنشاء قاعدة عسكرية، وتوّج برعاية عملية السلام بين إريتريا وإثيوبيا 2018، حيث تحولت أسمرا وأديس أبابا إلى نقطة ارتكاز للمشروع الإماراتي في المنطقة.

وحول أسباب دعم أبو ظبي لأديس أبابا على حساب القاهرة، أوضح الكاتب الإريتري أن الإمارات سعت نحو المحافظة على النفوذ السياسي الذي راكمته بشق الأنفس في إثيوبيا، وذلك بعد وصول آبي أحمد إلى رئاسة الوزراء بتوجهاته الليبرالية، فضلا عن إقصاء جبهة التيغراي ذات الجذور الماركسية والوثيقة الصلة ببكين.

وأضاف أن أبو ظبي نوّعت من أشكال الدعم السياسي والاقتصادي لأديس أبابا، ويبدو أنها عملت على تحسين العلاقات المصرية الإثيوبية في مطلع فترة حكم آبي أحمد، وتجلى ذلك في زيارته المشهورة إلى القاهرة حين تعهد بأن لا يضر السد بالمصالح المصرية.

أما عن أسباب تفضيل أبو ظبي عدم التدخل في ملف السد لصالح مصر، فقد عزاها عبد القادر محمد علي إلى رغبتها في تحاشي التأثير السلبي على علاقاتها مع أديس أبابا، وحساسية قضية السد ورمزيته الوطنية لإثيوبيا.

وأشار إلى أن أبو ظبي والرياض، تعتبران استكمال السد مصلحة مباشرة ترتبط باستثمارات كبيرة خاصة بالأمن الغذائي لكل منهما في إثيوبيا والسودان.

واستبعد أن تفرض تناقضات المصالح بين مصر والإمارات في القرن الأفريقي خريطة سياسية إقليمية مختلفة تماما عما هو واقع حاليا، عازيا ذلك إلى تشابك الملفات والمصالح المشتركة بين النظامين المصري والإماراتي.