أبرزت صحيفة بريطانية واسعة الانتشار، سياسة الإمارات القائمة على تلميع صورتها عبر شراء أرقام قياسية جديدة “غير مهمة” في موسوعة غينيس الدولية.
وقالت صحيفة “التلغراف” في تقرير إن موسوعة غينيس باتت متورطة مؤخراً في اتهامات بـ “تبييض الأنظمة القمعية” وفي مقدمتها الإمارات.
وفي الشهر الماضي، نشرت صحيفة التايمز تقريراً عن “الجانب الآخر للموسوعة المتمثل في قبول الأموال لمساعدة الحكومات الاستبدادية على نشر رسائل إيجابية حول إنجازاتها القياسية”.
وأشارت التلغراف إلى أن الإمارات قامت بتسجيل أرقام لم تكن ذات أهمية، مثل: عدد الأشخاص الذين شاركوا في وقت واحد في دورة تدريبية حول الأمن السيبراني (وهو رقم قياسي تم تحقيقه في أبوظبي العام الماضي) أو عدد التوقيعات التي ظهرت على لفافة (في عام 2018، سجلت شرطة أبوظبي هذا الرقم القياسي).
وبحسب ما ورد تم تسجيل 526 سجلاً لدولة الإمارات بعد أن أنفقت الدولة الملايين على استشارات “غينيس” مدفوعة الأجر.
وبحسب الصحيفة قد يثير القلق بشأن صناعة الوقود الأحفوري وتلوث الهواء دهشة من تحقيقها الرقم القياسي لأطول مسار دورة مستمر في عام 2022.
وعندما يتعلق الأمر بالوئام الاجتماعي والشمولية، فيمكن الإشارة إلى سجلها في قراءة معظم الجنسيات لقصيدة في عام 2021، بحسب الصحيفة.
واعتبرت الصحيفة أنه في أحسن الأحوال، قد تبدو بعض هذه السجلات مجنونة أو مملة. متسائلة: بالنسبة للأرقام التي تم تسجيلها، هل تساعد في تحقيق شيء يتجاوز الإدخالات الغريبة على موقع غينيس؟
وقد حذرت منظمة هيومن رايتس ووتش من أن الإمارات “تستثمر في استراتيجية لتصوير البلاد على أنها تقدمية ومتسامحة وتحترم الحقوق بينما تنفذ سياسة عدم التسامح مطلقًا تجاه المعارضة”.
وحذر ماثيو هيدجز، الأكاديمي البريطاني، الذي سجنته أبوظبي في 2018 بتهمة بالتجسس لصالح الحكومة البريطانية، من أن منح سلسلة من الأرقام القياسية العالمية لهذه البلدان (الإمارات والسعودية) يرقى إلى ” الشرعية الثقافية”.
ويقول هيدجز، الذي ذكرت تقارير أن السلطات قامت بتعذيبه: “هذا مثال آخر على تأثير القوة الناعمة الذي يظهر في المجتمعات الغربية، حيث تستخدم الدول الاستبدادية نفوذها المالي الكبير لمحاولة تعزيز شرعيتها السياسية. إنه أمر خطير وخاطئ على مستويات متعددة”.
وتابع: “يمكنك أن تفهم أن نموذج أعمال غينيس يتغير، ولكن عندما توفر هذا المنفذ للمستبدين للاحتفال بإنجازاتهم، فإن ذلك يضر بسمعة ونزاهة الوحدة بأكملها”.
وفي عام 2015، أوضح سام فاي، نائب الرئيس الأول لاستراتيجية العلامة التجارية العالمية في غينيس، لمجلة “ماركتينج ويك” Marketing Week أنه للتكيف مع التحديات التي تواجه صناعة النشر، مثل انخفاض مبيعات الكتب، كانت غينيس بحاجة إلى “تعظيم إمكانات تدفقات الإيرادات الجديدة وتعزيز العمل باعتباره أكثر من مجرد كتاب”.
وأضاف فاي: “كجزء من هذا، قامت بالتنويع ولديها الآن فريق تجاري يقوم بإنشاء حملات مخصصة وأحداث حية للعلامات التجارية التي ترغب في تعزيز تسويقها أو علاقاتها العامة من خلال تحطيم الأرقام القياسية”.
وأشارت التلغراف إلى أن “غينيس” ترى أن “أولئك الذين يدفعون مقابل الخدمات الاستشارية سيتم استكمال نماذج الطلبات الخاصة بهم وسيتم تقديم المشورة لهم للمساعدة في تحقيق الرقم القياسي. سيعملون على تحقيق أقصى قدر من النتائج المرجوة من خلال حل مخصص قائم على السجلات يتماشى مع أهدافك”.
ويقال إن هذه الخدمة الاستشارية تجني الآن أموالاً أكثر من ذراع النشر التابعة لغينس، حيث تظهر حساباتها لعام 2022 أنها حققت 12.37 مليون جنيه إسترليني من الاستشارات و12.32 مليون جنيه إسترليني من النشر في ذلك العام. وقالت إنه من بين 223 سجلاً تدرج السعودية كموقع، نشأ 135 منها من مشاورات مدفوعة الأجر.
ويرغب هيدجز في رؤية الموسوعة تطبق المزيد من الحذر عند تحديد من ستعمل معه. مضيفاً: “عليك أن تفهم أنه [من خلال تحقيق الأرقام القياسية في موسوعة غينيس، يمكن لهذه البلدان أن تظهر مدى جودتها، في حين أن الأمر ليس كذلك على الإطلاق. إنه تطبيع سلوكهم. يجب بالتأكيد على غينيس مراجعة سياساتها وطريقة تعاملها مع الدول”.
وتقول “غينيس” إنها تعتقد أن “تحطيم الأرقام القياسية يجب أن يكون متاحاً للجميع (مهما كنت، ومهما كانت خلفيتك، وأينما كنت في العالم)” وإنها ستغتنم دائما “الفرصة للعثور على جماهير جديدة”.
ويشعر هيدجز بالقلق من أن الإمارات يمكنها “الإشادة” بسجلاتها و”صرف انتباه الناس عن المخاوف بشأن أنشطتها القمعية”.
ويرى أن “هذه الأنشطة معروفة على نطاق واسع، لكن الخطر يكمن في أنه من خلال الاحتفال بالسجلات الغريبة والبيئية أو التقدمية اجتماعيا”. وقد تنجح أبوظبي فيما يسميه هيدجز تغيير السرد: “تحويله عن المواضيع التي ينبغي أن تكون في المقدمة والمركز”.