موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

شركات الاتصالات الإماراتية: تاريخ عريق في انتهاك الخصوصية

696

لدى شركات الاتصالات الإماراتية تاريخا طويلا في اختراق الخصوصية والتجسس، والتحكم بالبيانات من قبل الحكومة الإماراتية داخل الدولة وخارجها من خلال تجنيد واستقطاب مهندسي اتصالات وضباط مخابرات سابقين في عدد من البلدان.

وأبرزت منظمة “سمكس” الناشطة في تعزيز الحقوق الرقمية، أنه في عام 2021، أدانت وزارة العدل الأمريكية ثلاثة عملاء سابقين في المخابرات بالتجسس وتنفيذ عمليات قرصنة داخل الولايات المتحدة لصالح دولة الإمارات.

وأشارت المنظمة إلى ما أظهرته تسريبات مشروع “بيغاسوس”، أنه وفي العام 2018 قامت الإمارات بالتجسس على أعضاء الحكومة اليمنية والرئيس السابق عبد ربه منصور هادي، وكذلك رئيس الحكومة السابق أحمد عبيد بن دغر.

وذلك عن طريق برمجيّة “بيغاسوس” الخبيثة بالتعاون مع الشركة الإسرائيلية المطوّرة لها “إن إس أو” (NSO)، والتي تضمّ أشخاصاً كانوا أعضاء في الموساد والجيش الإسرائيلي.

ولفتت المنظمة إلى أنه في 21 آب/أغسطس المنصرم، أعلن مجلس الوزراء اليمني في الحكومة المعترف بها دولياً التوقيع على اتفاقية استثمار لشركة إماراتية في قطاع الاتصالات بالمناطق الخاضعة لسيطرة القوات الحكومية، من دون تقديم أيّ تفاصيل حول الاتفاقية نفسها أو حتى اسم الشركة المعنيّة.

وبعد أيّام قليلة، كشف تقريرٌ أصدرته لجنة تقصي الحقائق في البرلمان اليمني أنّ اسم الشركة هو “إن إكس تكنولوجي” (NX technology)، متّهماً الحكومة بخرق الدستور والعمل خارج أحكامه، واصفاً الأمر بـ”المخالفة الجسيمة، وبأنّها سابقة خطيرة لم يسبق لأي حكومة من قبل أن اقترفتها على الإطلاق”.

وعقب أيامٍ من الفوضى والجدل الذي أثاره تقرير البرلمان، في 4 أيلول/سبتمبر الماضي تحديداً، عقد رئيس الوزراء اليمني معين عبد الملك مؤتمراً صحافياً للرد على تقرير البرلمان.

وقال فيه إنّ اللجنة التي أعدّت التقرير تشكلت على خلفيّة ادّعاءاتٍ غير صحيحة، في إشارة إلى رجل الأعمال اليمني أحمد العيسي الذي كان اتهم سابقاً رئيس الوزراء في مقابلة تلفزيونية بـ”بيع اليمن وتدمير المؤسسات الحكومية”.

من جهته، قال عبد الملك إنّ الاتفاقية أجريت بناءً على حاجة الحكومة اليمنية إلى تأمين اتصالات وبيانات المواطنين/ات، وكذلك اتصالات الحكومة وقيادات الجيش، بعيداً عن شركات الاتصالات التي تسيطر عليها جماعة الحوثيين.

واعتبر أنّ “سيطرة مليشيا الحوثي على مؤسسات الاتصال الخاصة بالدولة والشركات الخاصة له مخاطر أمنية كبيرة”.

وعزا رئيس الحكومة إسناد العمل للشركة الإماراتية إلى فشل الشركات السابقة في تشغيل شبكة اتصالات حتى في مدينة واحدة، “بعدما منحنا تراخيص لعددٍ من الشركات لبناء شبكات اتصال، وقدمنا لهم جميع التسهيلات”.

يمثل قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات أحد أهم القطاعات السيادية وأكثرها ارتباطاً بالأمن القومي، إضافة إلى كونه يُشكل مورداً اقتصاديّاً لا يقل أهمية عن قطاع النفط والغاز في اليمن.

قبل الانقلاب الذي نفّذه الحوثيون في أواخر 2014، كان قطاع الاتصالات يمثّل ثاني أكبر الموارد التي تغذّي الميزانية العامة بنسبة 30%، إذ بلغت إيرادات الاتصالات عام 2014 نحو 130 مليار ريالٍ يمني (أي ما يعادل 605 ملايين دولارٍ أميركي).

في حديثٍ مع “سمكس”، يقول مصدرٌ في وزارة الاتصالات التابعة للحكومة المعترف بها دولياً والمدعومة من التحالف الذي تقوده السعودية، فضّل عدم الكشف عن اسمه، إنّ الاتفاقية التي وُقّعت مع شركة “إن إكس تكنولوجي” الإماراتية هي اتفاقية شراكة وليس بيع كما روّج بعض البرلمانيون.

وذكر أنّ الاتفاقية تنصّ على إعفاء الشركة من تصاريح التشغيل البالغة 150 مليون دولار سنوياً، مقابل ذهاب نسبة 30% من الأرباح للحكومة.

وقد تأسست “إن إكس تكنولوجي” الإماراتية عام 2015، وهي شركةٌ ناشئة متخصصة في الأمن الرقمي والذكاء الاصطناعي، إلا أنّ موقعها الإلكتروني لا يُظهر أيّ نشاط فعلي لها داخل الإمارات أو خارجها، ما يرسم علامات استفهامٍ حول الشركة وطبيعتها وتوجّهها.

في مقابلة مع “سمكس”، يذكر عضو لجنة تقصّي الحقائق بالبرلمان علي المعمري أنّ “صفقة بيع شركة ’عدن نت‘ أجريت بشكل سرّي وسريع من قبل رئيس الحكومة، من دون الرجوع للبرلمان اليمني كما ينص الدستور”.

وأضاف حتّى “عندما طلبنا الوثائق وتفاصيل الاتفاقية، امتنعت الحكومة عن تزويدنا بمسودات العقد، وطُرح أمام مجلس الوزراء للمصادقة عليه مع أنّه لم يكن مدرجاً ضمن مهام الجلسة”.

أجرت لجنة تقصي الحقائق بالبرلمان بحثاً حول الشركة، لتجد أنّها تمتلك شقة صغيرة في إحدى أبراج أبوظبي، وأنّها متخصصة في الدعم الرقمي والأمن السيبراني ولم يسبق لها أن عملت في مجال الاتصالات، وفقاً للمعمري الذي يضيف أنّ”تسليم مؤسسات الدولة لها يُثير التساؤلات في ظل الغموض الذي يكتنف هذه الصفقة”.

سمحت الاتفاقية لشركة “إن إكس تكنولوجي” الإماراتية بالاستحواذ على السعات التراسلية الدولية من المؤسسة العامة للاتصالات وتراسل المعطيات في اليمن، والترقيم الوطني وكذلك شبكة الألياف الضوئية والطيف الترددي والبنية التحتية للاتصالات والإنترنت في البلاد.

وهذا، بحسب المعمّري، يمنحها قدرة على المراقبة والتجسّس على كافة مستخدمي/ات شبكة الاتصالات وليس المشتركين/ات بخدمات الشركة حصراً.