رأى مراقبون أن رئيس الإمارات محمد بن زايد وجه طعنة غدر علنية لحليفة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بعد إعلان أبوظبي إعادة السفير الإماراتي إلى إيران.
وأبرز المراقبون أن خطوة محمد بن زايد تمت دون تنسيق مع محمد بن سلمان وفي خضم محادثات متقطعة تتسم بالصعوبة بين السعودية وإيران للاتفاق على الملفات المتوترة بين الجانبين.
وأشار المراقبون إلى أن محمد بن سلمان كان ينتظر تنسيقا أكبر من محمد بن زايد بشأن التطبيع الدبلوماسي مع إيران ورهن ذلك بالاتفاق والتقارب أولا مع الرياض وهو ما تجاهلته أبوظبي مفضلة مصالحها.
وصرح أنور قرقاش المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات بأن إعادة سفير الدولة إلى طهران يأتي “ضمن توجه دولة الإمارات الإقليمي نحو ترميم الجسور وتعزيز العلاقات وتعظيم المشترك والبناء عليه لخلق مناخ من الثقة والتفاهم والتعاون”.
وأعلنت الإمارات أنها ستعيد “خلال الأيام القادمة” سفيرها إلى إيران في خطوة هي الأولى منذ أن خفضت تمثيلها الدبلوماسي في هذا البلد عام 2016.
تنفيذا لقرارها السابق… دولة الإمارات تعيد سفيرها إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية https://t.co/o5RqNBOM6j
— وزارة الخارجية والتعاون الدولي (@MoFAICUAE) August 21, 2022
وكانت الإمارات خفّضت تمثيلها الدبلوماسي في إيران بعد اقتحام مجموعات إيرانية للسفارة السعودية في العاصمة طهران إثر إعدام رجل الدين الشيعي المعارض نمر النمر في المملكة.
وتقيم السعودية بدورها محادثات مع خصمها اللدود إيران التي تبلغت الشهر الفائت موافقة الرياض على انتقال الحوار بين البلدين من المستوى الامني الى السياسي.
وأكدت وزارة الخارجية الاماراتية في بيان على “عودة سعادة سيف محمد الزعابي سفير دولة الإمارات إلى عاصمة الجمهورية الإسلامية الإيرانية طهران خلال الأيام القادمة”.
وأوضحت أن ذلك يأتي تنفيذا لقرار “رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي إلى درجة سفير” و”بما يحقق المصالح المشتركة للبلدين الجارين والمنطقة”.
وأضافت الخارجية في بيان أن الخطوة جاءت “للمساهمة في دفع العلاقات الثنائية إلى الأمام بالتنسيق والتعاون مع المسؤولين في الجمهورية الإسلامية الإيرانية بما يحقق المصالح المشتركة للبلدين الجارين والمنطقة”.
وسبق أن صرح قرقاش لصحافيين “لا يمكن ان يكون العقد المقبل على غرار العقد الماضي. في العقد الجديد، كلمة خفض التصعيد يجب أن تكون هي المفتاح”، مضيفا ان الامارات “ليست طرفا في أي محور في المنطقة ضد إيران”.
وكان وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان تسلم قبل اسبوع أوراق اعتماد بدر عبدالله المنيخ، وهو أول سفير للكويت في طهران مذ خفّضت الإمارة الخليجية تمثيلها الدبلوماسي في الجمهورية الإسلامية في العام 2016.
وبعد عداء وتنافر على مدى سنوات بين الجانبين اللذين يقفان على طرفي نقيض من قضايا جيوسياسية في المنطقة، بدأت الإمارات في التواصل من جديد مع طهران في 2019 بعد وقوع هجمات في الخليج وعلى مواقع طاقة في السعودية في ظل توتر تصاعد عقب انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي الإيراني.
وبدأت السعودية العام الماضي التحرك صوب تحسين العلاقات مع إيران بعقد خمس جولات من المحادثات المباشرة حتى الآن.
وجاء ذلك في وقت تراقب فيه دول خليجية عربية عن كثب جهود إحياء الاتفاق النووي الموقع في 2015، والذي تعتبره معيبا لعدم تطرقه لبرنامج إيران الصاروخي وسلوكها في المنطقة.
وعلى الرغم من أن الرياض وأبوظبي تريدان وضع حد لمساعي طهران لبسط النفوذ والهيمنة في المنطقة، فإنهما تريدان أيضا احتواء التوتر مع تركيزهما على الأولويات الاقتصادية.
وأبقت الإمارات على علاقات اقتصادية مع إيران، وسعت في الأشهر الأخيرة إلى الانخراط في حوار معها لحلحلة المسائل العالقة بين البلدين، وجرى تبادل زيارات.
ويبرز مراقبون التحول في السياسة الخارجية لدولة الإمارات تجاه طهران، مستدلين على ذلك بسلسلة أحداث وأخبار متتالية خلال الفترة الماضية على الرغم من التهديدات الإيرانية السابقة من التحالف الأمني المزمع بين الإمارات وإسرائيل.
وقد استدل المحللون على ذلك، بجملة من الاتصالات الدبلوماسية بين المسؤولين الإيرانيين ونظرائهم في أبوظبي خلال الفترة الماضية ومنها أيضا زيارة قادة عسكريين إماراتيين إلى طهران، وآخرها عودة السفير الإماراتي إلى إيران.
وقالت وسائل إعلام إماراتية إن عودة السفير سبقها العديد من الرسائل الإيجابية بين الجانبين منها تهنئة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في مايو/أيار الماضي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بمناسبه انتخابه رئيسا لدولة الإمارات.
وفي حينه أعرب رئيسي عن تطلعه لأن تشهد العلاقات بين إيران ودولة الإمارات مزيدا من النمو في عهده، وبما يشمل كافة المجالات التي تخدم مصالح البلدين.
ورحبت إيران مطلع أغسطس/آب الجاري بالمناخ الإيجابي في علاقتها بدولة الإمارات، مؤكدة أن الأوضاع بينهما “تمضي قدما”.
وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني إن العلاقات مع دولة الإمارات العربية المتحدة تمضي قدماً، مشيراً إلى أن “هناك مناخا سياسيا إيجابيا في العلاقات بين البلدين”.
ومن باب التذكير فإن العلاقات الاقتصادية بين البلدين في ازدهار مستمر، حيث أظهرت أرقام رسمية صادرة عن الجمارك الإيرانية خلال العام الايراني الماضي من 21 مارس/ آذار 2021 إلى 21 مارس 2022 أن حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ 21 ملياراً و400 مليون دولار.
واحتلت الإمارات المرتبة الأولى بين الدول المجاورة في تصدير السلع إلى إيران، إذ بلغت قيمتها 16 ملياراً و500 مليون دولار. كما احتلت المرتبة الثالثة في وجهة الصادرات الإيرانية بقيمة 4 مليارات و900 مليون دولار.