أظهر استطلاع رأي دولي أن غالبية الإماراتيين يطالبون بوقف حروب بلادهم الخارجية والتركيز على الإصلاح السياسي والاقتصادي.
وتشكل نتائج الاستطلاع الذي أجراه معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى تعبيرا صريحا عن حدة التناقض بين الموقف الشعبي في الإمارات وسياسات النظام الحاكم في الدولة.
واستهدف الاستطلاع النادر بلورة المواقف الشعبية في ثلاث دول خليجية عربية – هي المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين.
وأظهر الاستطلاع أن نسبة ملحوظة تبلغ ثلاثة أرباع أو أكثر من المستطلَعين في الإمارات توافق على الطرح التالي: “في الوقت الحاضر، الإصلاح السياسي والاقتصادي الداخلي أهمّ لبلادنا من أي قضية متعلقة بالسياسة الخارجية، لذا يجب أن نبتعد عن أي حروب خارج حدودنا”.
وعندما طُلب من المستطلَعين اختيار أهم اثنتين من أولويات السياسة الأمريكية في منطقتهم، انقسمت الإجابات بالتساوي بين الخيارات الأربعة المطروحة.
وقد اختار حوالي ربعهم “الدفع باتجاه حل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي”، كخيارهم الأول، في حين اختارت نسبٌ متساوية تقريبًا أهدافًا أخرى هي: احتواء إيران وإنهاء الحروب في اليمن وليبيا أو –وهذا مفاجئ أكثر- “تعزيز حقوق الإنسان والديمقراطية”.
بالنسبة إلى الموقف من الولايات المتحدة، يرى ما يزيد عن النصف في الإمارات أن التغيير من دونالد ترامب إلى جو بايدن مناسبٌ للشرق الأوسط، في تناقض صارخ آخر مع النُخب المحلية المسيطرة.
وكما في الاستطلاعات السابقة، يعتبر أقل من النصف بقليل أن العلاقات الجيدة مع واشنطن مهمة، وهي نسبة تعادل تقريبًا النظرة إلى الصين خلال السنوات الأخيرة، وتزيد بعض الشيء عن روسيا.
وسبق أن قال معهد كارنيغي للدراسات الدولية إن حروب دولة الإمارات واعتمادها على المرتزقة يقوض ثقة الأطراف الدولية بها.
وأصدر المعهد دراسة تحت عنوان (تطور التعاون العسكري والأمني الخارجي الإماراتي: الطريق نحو الاحتراف العسكري).
وجاء في الدراسة: بعد عقدين من الاستثمار المتضافر والخبرة العملياتية، أضحت القوات المسلحة الإماراتية التي أُطلق عليها لقب “إسبرطة صغيرة”، أحد الجيوش الرائدة في المنطقة.
وذلك مع وجود ما يقرب من 63000 من الجنود النشطين لسكان يبلغ عددهم 9.9 مليون نسمة (1.2 مليون فقط منهم من الإماراتيين)، ومع مزاعم وجود تعزيزات لهم من قبل قوات أجنبية مساعدة ومرتزقة.
يُضاف إلى ذلك أن الإمارات من أقرب الشركاء العسكريين للولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
يُقدّر الباحث الأمريكي كينيث بولاك أن القوات المسلحة الإماراتية، الأكثر قدرة بين الدول العربية، في حين قد يكون هناك تباين داخل وحدات هذه القوة.
لكن هناك شكوك بشأن التزام الإمارات بالمبادئ الدولية للسلوك العسكري المحترف والشفافية والمساءلة لديها.
فالاحتراف العسكري يشمل فهم القيادة والاستراتيجية والتاريخ والتكتيكات ومجالات القتال والتنظيم والتكنولوجيا والقدرات.
إذا تم تطوير قدرات التخطيط الاستراتيجي لدولة الإمارات، ستتمكّن من مطابقة أولويات الدفاع بشكل أفضل مع الموارد.
فعلى سبيل المثال، إذا كانت الدولة تتصور حملات أخرى لمكافحة التمرد والحروب بالوكالة في المستقبل، فهل تحتاج إلى إنشاء قدرات وإمكانيات داخل القوة الإماراتية لأداء تلك المهام بطريقة أكثر فعالية وتكاملًا؟.
أم أن الاعتماد المستمر على قوات المرتزقة سيكون كافيًا.
لكن الاعتماد على المرتزقة يفتح الإمارات أمام رقابة دولية ويقوّض شرعيتها في أعين الشركاء الرئيسين.
يجب على الإمارات إجراء مراجعة ملموسة لتدخلاتها في اليمن وليبيا، والتي اختبرت هيكل قوتها وقدراتها العسكرية.
إذ ذكرت تقارير أن الإمارات استأجرت وحشدت مجموعات المرتزقة والوكلاء لاستكمال قوتها.
تُفاقم الفجوات في قدرات التخطيط الاستراتيجي لدولة الإمارات مخاطر التوسع المفرط والاعتماد على قوات أقل احترافًا وأقل تكاملًا.