تصاعدت تحذيرات واسعة في دول الخليج من غزو منتجات إسرائيل عبر الإمارات بموجب اتفاقيات إشهار التطبيع بين أبوظبي وتل أبيب.
وأثار وجود منتجات إسرائيلية في الكويت، تم استيرادها من الإمارات غضب الخليجيين والكويتيين ما اعتبروه حجم تأثير تطبيع أبوظبي على باقي دول مجلس التعاون.
وتكشف الأمر على شبكة التواصل الاجتماعي “تويتر”، عندما نشر المدون خالد عبيد العتيبي أن “منتج إسرائيلي في الجمعيات التعاونية الكويتية وارد من الإمارات!”.
ودعا العتيبي إلى “الحذر من البضائع الإماراتية لأنها أصبحت أهم المستوردين من الكيان الصهيوني في المنطقة!”
من جهتها خاطبت جمعية “الرميثية” التعاونية الكويتية اتحاد الجمعيات التعاونية في البلاد بشأن “وجود المنتج الإسرائيلي في بعض الجمعيات التعاونية الكويت وارد من الإمارات”، مطالبةً بسحبه.
ويوم الأربعاء (24 مارس/آذار) أكدت السلطات الكويتية وجود المنتج، عبر وكالة أخبار “تفتيش الكويت”، المرخصة من وزارة الإعلام الكويتية، عبر حسابها في تويتر الذي يتابعه نحو مليونين ونصف المليون شخص.
وفي أغسطس/آب الماضي، استنكر مواطنون وجهات كويتية تعديل اسم المنتج وبلد المنشأ لمنتج إسرائيلي في الإمارات وإعادة تصديره للكويت.
وجاءت الحادثة الجديدة مخاوف الكويتيين والعرب من أن تكون الإمارات بوابة المنتجات الإسرائيلية إلى دول الخليج العربي كافة.
وقال “حمد الشامسي” الناشط الإماراتي البارز “تأكيد لكلامنا السابق… اختراق المجتمع الخليجي سيأتي عبر بوابة الإمارات. ولهذا أعيد مطالبتي دول الخليج بإعادة مراجعة القوانين التي تسمح للمنتجات الإماراتية بدخولها أو لشخصيات إماراتية (إسرائيليين يحملون الجنسية الإماراتية) بالاستثمار في دولها”.
وقال مدون كويتي: هذا دور اتحاد الجمعيات ينبه الموردين بالتدقيق على المنتجات القادمة من الإمارات وهي صنع إسرائيل.
وقال الصحفي الفلسطيني أحمد يوسف: تتحدث الأخبار عن غضب محمد بن زايد من نتنياهو لأنه يستخدم اتفاق التطبيع في الدعاية الانتخابية. لكن على الأرض تواصل الإمارات التصرف كذراع تابع لوزارة الخارجية العبرية، مهمته إدخال إسرائيل إلى كل بيت عربي.
وقال سليمان الريامي المدون العُماني: “الحذر من منتجات الكيان الصهيوني الواردة لأسواق الخليج عن طريق المطبعين الخليجين! والأسلم أن تقاطع منتجات الإمارات بالمرة”.
وذكر مدون كويتي “على الكويت توجيه إنذار شديد اللهجة لـ الإمارات بعدم تصدير أي منتج إماراتي صهيوني وبيعه للتجار الكويتيين او غير الكويتيين. وإن لم تلتزم الإمارات يُقطع حبل الاستيراد منها نهائيا”.
وقال مدون آخر ” تعويم الاقتصاد الزراعي الاسرائيلي هي مهمة التطبيع، والأهم هي برامج التجسس، مصيبة انه نستورد منتجات زراعية من المستعمرين لم تحصل بالأحلام”.
وكانت الإمارات والبحرين طبّعت علاقاتهما مع الاحتلال الإسرائيلي في أغسطس/آب الماضي، وقامت بعد ذلك بعقد اتفاقيات تطبيع في كافة المجالات الاقتصادية والتنموية.
وجاء إعلان التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي ليشكل طعنة لمواقف الشعب الإماراتي الرافض للتطبيع مع الاحتلال وخيانة للقضية الفلسطينية ونضال الشعب الفلسطيني.
ويرفض الإماراتيون التطبيع مع الكيان الصهيوني ويعتبرونه عاراً، لكن السلطات تقوم بعكس ما يريده أبناء الشعب خدمة لمشاريع سيئة وتنفيذاً لأفكار وتوصيات سيئة من المستشارين الأجانب الذين يخدمون إسرائيل.
وتثبت الشواهد والحقائق أن النظام الإماراتي كرس واقعا مخزيا من التطبيع المجاني لصالح إسرائيل سياسيا واقتصاديا.
إذ تحرز إسرائيل نجاحات متتالية وتقدما ملحوظا على مستوى التطبيع الاقتصادي مع العديد من الدول العربية في مقدمتها الإمارات.
وتكسب إسرائيل بموجب اتفاقيات التطبيع صفقات وجذب مليارات الدولارات من داخل الاقتصادات العربية.
وفي السابق كان هذا النوع من التطبيع خجولا وبطيئا في سنوات سابقة، ويتم من قبل بعض الحكومات العربية تحت جنح الظلام باعتباره “جريمة أخلاقية وسياسية” يرفضها الشارع والقوى الوطنية والأحزاب والنقابات.
لكن الإمارات اخترقت هذا الجدار بارتكاب جريمة التطبيع العلني وتحت كاميرات الفضائيات وعدسات المصورين، دون أن تضع في حساباتها الرأي العام من الأصل.
هذا التجاهل ليس بسبب حدوث تغير في مزاج الشعوب العربية تجاه التطبيع مع كيان مغتصب ودولة احتلال.
لأن جسد الشارع لا يزال سليماً، لكن لأن قوى القهر والآلة الأمنية القمعية التي تمارسها بعض حكومات المنطقة ضد شعوبها باتت تحول دون خروج هؤلاء الرافضين إلى الشارع للتنديد بهذه الهرولة في التطبيع الاقتصادي والسياسي.
وذلك رغم استمرار إسرائيل في احتلال الأراضي العربية في فلسطين وسورية ولبنان، ومواصلة خنق الشعب الفلسطيني وتجويعه.
بل باتت تلك الحكومات القمعية تحول دون حتى مجرد الاعتراض على ابرام اتفاقات ضخمة يتم عبرها ضخ مليارات الدولارات التي تحتاجها الشعوب العربية بصورة ملحة في صورة أغذية وأدوية وفرص عمل، وذلك في شرايين الاقتصاد الإسرائيلي أكثر من حاجة الإسرائيليين إليها.
كما قامت الإمارات باعتقال رافضي قطار التطبيع وإيداعهم غياهب السجون منذ سنوات طويلة.
وتابع العرب مؤخرا الصفقة الأهم والأضخم في تاريخ التطبيع العربي الإسرائيلي بإعلان الإمارات تأسيس صندوق استثمار تُضخ من خلاله 10 مليارات دولار في شرايين اقتصاد إسرائيل.
وإبرام أبوظبي مئات الصفقات والاتفاقات لضخ مليارات الدولارات في كل القطاعات الاقتصادية داخل إسرائيل.
وهو ما يشكل محطات أخرى في قطار التطبيع المجاني وفائق السرعة رغم المزاعم الأخيرة عن وجود فتور شديد في العلاقات بين الجانبين الإماراتي والإسرائيلي.
واللافت أن هذه السرعة تتم في الوقت الذي تتردد فيه تلك المزاعم على نطاق واسع.
فقد كشف مسؤول إسرائيلي كبير هو آفي سمحون رئيس المجلس الاقتصادي في ديوان الحكومة الإسرائيلي النقاب يوم السبت الماضي عن أن كلاً من الإمارات وإسرائيل تدرسان تدشين عدد من مشاريع البنى التحتية الكبيرة ذات الطابع الاستراتيجي.
على رأسها خط سكة حديد يربط الإمارات بميناء حيفا مرورا بالأردن والسعودية، ويسمح بنقل البضائع من إسرائيل إلى الإمارات في غضون يوم أو يومين بحد أقصى، وذلك بخلاف النقل عبر الحاويات الذي يستغرق 12 يوماً.
ومن بين المشروعات الجاري الاتفاق عليها أيضا بين الجانبين مساهمة الإمارات في تدشين ميناء عميق المياه في إيلات.
بحيث سيخدم كلاً من إسرائيل والأردن وسيمنح إسرائيل بوابة مائية في الجنوب، ومشروع آخر لتدشين منطقة صناعية في حاجز “أيرز” الذي يفصل قطاع غزة عن إسرائيل، مشروع يعتمد على العمالة الفلسطينية والتكنولوجيا الإسرائيلية والتمويل الإماراتي.
تصريحات سمحون لم تتوقف عن هذا الحد، إذ أكد أن أبوظبي وتل أبيب يمكن أن يتعاونا في تدشين مشاريع اقتصادية في السودان، ولا سيما في قطاع الزراعة.