موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

قضاء الإمارات يعاني من فقدان الاستقلالية والتبعية للسلطة التنفيذية

197

قال المستشار القضائي والقانوني الإماراتي محمد بن صقر الزعابي، إن القضاء في دولة الإمارات يعاني من فقدان الاستقلالية والتبعية للسلطة التنفيذية.

وذكر الزعابي أن القاضي في الإمارات مجرد موظف لدى وزير العدل والحكومة التي تتحكم في كل شؤونه من تعيين وترقية وعزل.

وأضاف الزعابي في مقابلة خاصة مع “مركز مناصرة معتقلي الإمارات”، أن استقلال القضاء منظومة متكاملة وليس مجرد شعارات، ولا يمكن الحديث عن استقلاله في ظل تدخل الأجهزة الأمنية فيه، حيث وصلت إلى مرحلة استدعاء القاضي الإماراتي للتحقيق ومساومته على حقوقه لإجباره على التعاون معهم.

وأشار الزعابي إلى أن السلطات باتت تستغل نظام الإعارة وتجلب قضاة غير إماراتيين، وتعاملهم كموظفين تستوردهم من الخارج وتنهي خدماتهم متى تشاء، ولا تريد أن توطن القضاء حتى لا يكون ابن البلد صاحب الثقل ومن ثم يطالب بالقضاء المستقل كما هو الحال في الدول التي تحترم استقلال وهيبة القاضي والقضاء.

ويعد المستشار الزعابي أحد الأعلام القانونية في الإمارات، حيث ترأس جمعية الحقوقيين الإماراتيين من 2002 – 2010، ويملك خبرة قضائية طويلة، حيث عمل كوكيل للنيابة العامة في الدولة.

وفيما يلي نص المقابلة:

1- قالت المقررة الخاصة المعنية باستقلال القضاة والمحامين غابرييلا كنول إن القضاء الإماراتي فاقد للاستقلالية، في نظرك هل هذا توصيف صحيح؟

من حيث النصوص القانونية التي تحكم العمل القضائي لم يرد نص يؤكد استقلالية القضاء في دولة الإمارات عن السلطة التنفيذية، إنما كل ما هو وارد من حيث التشكيل والتبعية يؤكد أن القضاء الاتحادي هو قضاء غير مستقل ويُدار من قبل الأجهزة التنفيذية سواء وزير العدل أو مجلس الوزراء الذي يتبعه وزير العدل.

 

2- ما هي أهم أسباب غياب عنصر الاستقلالية في القضاء الإماراتي؟

القضاء منظومة متكاملة وليس شعارات تتحقق من خلالها الاستقلالية، فالقاضي حسب القانون الإماراتي واقعياً ونظرياً هو مجرد موظف لدى وزير العدل ومجلس الوزراء لأنه يخضع لمجلس القضاء الذي يديره وزير العدل وبعضوية مجموعة من الإداريين في الوزارة ومن ثم يتحكمون في كل شؤونه من تعيين وترقية وتنقل ورواتب ومكافات وحتى إنهاء خدمة القاضي إذا لم يعمل وفقاً لأهوائهم ويفسر القانون حسب رغباتهم لأنهم هم من يقرر القانون وشرحه وتفسيره.

فالقضاء يلبس ثوباً واسعاً يسمى الاستقلال ولكنه في الحقيقة عريان لأن هذا الثوب ممزق ولا يحمي حمى الاستقلال ولا يقيم عدلاً ولا يسند قاضياً يريد أن يحكم بالعدل بين الناس.

ونتيجة لهذه التبعية للأجهزة التنفيذية أصبح القاضي كذلك تابعاً للأجهزة الأمنية بل ويُستدعى للتحقيق للتعاون مع جهاز الأمن أو حتى للحصول على حقوقه في العمل، فهو يتعرض للابتزاز ليبقى على رأس عمله، هذا بالنسبة للقاضي الإماراتي، أما القضاة الذين يأتون بنظام الإعارة من إحدى الدول العربية الشقيقة يكون وضعهم أسوأ بكثير من ذلك.

 

3- يجري الحديث كثيراً عن تعيين السلطات الإماراتية للأجانب في مواقع قضائية مقابل عقود مؤقتة، هل هذه التعيينات سببها عدم وجود عدد كاف من القضاة الإماراتيين المؤهلين لهذه المناصب أم لها أسباب أخرى؟ وهل أثر هذا على استقلالية القضاء؟

في بداية تأسيس الدولة عام 1971 كانت هناك حاجة حقيقية للقضاة “العرب” أصحاب الخبرة الذين يساهمون معنا في تأسيس العمل القضائي في الدولة لقلة العناصر البشرية المؤهلة من الشباب الإماراتي لكون التعليم في بداية نشأته.

ولكن مع مرور الوقت لم تعد الاستعانة بهذه الطاقات مسألة حاجة وضرورة بقدر ما أصبحت مسألة إدارة وتحكم في العمل القضائي من خلال نظام الإعارة، وقد شاهدنا كيف أن القضاة الذين يلتزمون بمبدأ استقلال القضاء في الإمارات أو يحاولون ترسيخ هذا المبدأ من خلال نقل تجاربهم لا يبقون طويلًا في الإعارة.

أما الذين يتعاونون مع السلطة التنفيذية فتمدد لهم الإعارات حتى لو كانت مستوياتهم في العمل القضائي ضعيفة وكذلك دخلت المحسوبية في الاختيار من بلد الإعارة حيث يتم التوصية على بعض الأسماء حسب العلاقات الشخصية وليس الكفاءة (ولا يمنع ذلك من وجود الكفاءات من بينهم).

لكن الحديث هنا عن سياسة الدولة التي أرادت التعامل مع القضاة كموظفين تستوردهم من الخارج وتنهي خدماتهم متى تشاء ولا تريد أن توطن القضاء حتى لا يكون ابن الإمارات صاحب الثقل ومن ثم يطالب بالقضاء المستقل كما هو الحال في الدول التي تحترم استقلال وهيبة القاضي والقضاء.

 

4- كنت عضوًا في مجلس إدارة جمعية الحقوقيين الإماراتين ثم رئيساً لها خلال الفترة من  2002 – 2010 ما هي أهم أهداف الجمعية؟ وهل نجحت في تحقيق تلك الأهداف؟

جمعية الحقوقيين في الإمارات وحسب السقف المتاح لها كانت تهدف عند تأسيسها عام 1981 لجمع العاملين في المجال الحقوقي بكافة أطيافهم من قضاة ووكلاء نيابة ومحامين ومستشارين قانونيين والتعاون فيما بينهم لإرساء مبادئ العدالة في الدولة الحديثة النشأة والمساهمة في إيجاد بيئة قانونية سليمة.

كما كانت تهدف لنشر الوعي القانوني بين أبناء المجتمع من خلال الندوات والنشرات والكتب، والتعاون مع مؤسسات الدولة من خلال تقديم الرأي القانوني السليم من خلال الخبرات المتنوعة التي يمتلكها أعضاؤها، والتعاون مع الجهات المماثلة سواء داخل الدولة أو خارجها للاستفادة من تجارب سابقة لنا وزملاء قدماء لهم باع طويل في هذا المجال.

وكذلك الاهتمام بالقضية الفلسطينية كقضية حقوقية عربية إسلامية وتأصيل هذا الحق الشرعي من خلال المؤتمرات والمهرجانات والبيانات.

وفي حدود الإمكانات المتوفرة وسقف الحرية المتاح استطاعت جمعية الحقوقيين المضي بهذه الأهداف إلى أبعد مدى في سنواتها الأولى حتى مطلع القرن الجديد ومع تناقص سقف الحريات واشتداد القبضة الأمنية على مفاصل الدولة بدأ التضييق على عمل الجمعية حتى تم حل مجلس إدارة الجمعية بإدارة الدكتور محمد الركن في عام 2011.

 

5- كيف كانت ردة فعل السلطات الإماراتية على تأسيس الجميعة؟ هل حاولت منعها من القيام بدورها؟

في بداية تأسيس الجمعية والتي رافقت السنوات الأولى لقيام الدولة كان هناك ترحيب من حكام الإمارات واحتضان لمثل هذا النشاط.

لكن مع مطلع القرن الجديد تغيرت النظرة والمعاملة لأن الجيل الجديد من الحكام خاصة أبوظبي لم يعد يريد السير في مسار القانون والحريات وإنما يريد الرأي والصوت الواحد، ويرى العمل الحقوقي التوعوي المستقل يفسد عليه ما يريد تحقيقه.

وقد نكتشف هذه الحقيقة الآن وبوضوح خاصة بعد مرور 10 سنوات على حل مجلس إدارة الجمعية واعتقال تقريباً معظم أعضاء مجلس الإدارة وإسكات كل صوت حقوقي مستقل شريف داخل الدولة مثل الدكتور محمد الركن والدكتور محمد المنصوري والأستاذ علي سعيد الكندي والشيخ محمد الصديق ووضع البقية تحت المراقبة ومنع السفر والحرمان من كثير من الحقوق والحريات لهم ولأسرهم.

 

6- بالتأكيد أن لك علاقة وثيقة بالعديد من معتقلي الرأي في الإمارات، هل يمكن أن تذكر لنا أسماء 3 منهم مع ذكر أهم مناقبهم؟

الدكتور محمد الركن أستاذي في كلية الشريعة والقانون ورئيس جمعية الحقوقيين الذي استفدت منه الكثير في الجانب القانوني أو الجانب الشخصي.

القاضي محمد سعيد ذياب العبدولي الرجل الوقور السمح ذو الهيبة غير المصطنعة الذي يحترمه ويقدره كل من يعرفه ويقر بأحكامه العادلة الخصوم قبل الزملاء وتشرفت بالعمل معه كمدعٍ عام في محكمة جنايات أبوظبي الاستئنافية.

الأستاذ علي الكندي مستشار قضايا الدولة وزميل العمل الحقوقي الرجل الحكيم في رأيه ومشورته المثابر والحريص على عمله وعلى تحقيق العدالة ولو كلفه ذلك حريته.

وهناك أسماء كثيرة لا أنساها مثل الخبير الاقتصادي أحمد غيث الرجل الذي يعمل وينجز كأمه، والقاضي ومدير التفتيش القضائي أحمد الزعابي، والرجل المبتسم الذي يعمل بصمت أحمد الحاي القبيسي، والرجل الودود الخدوم للقريب والبعيد الأستاذ أحمد كنيد المهيري، وكل المناقب الطيبة التي تبحث عنها ستجدها في المعتقلين السياسيين والحقوقيين وأصحاب الرأي في سجون الإمارات.

 

7- الدكتور محمد المنصوري، والدكتور محمد الركن والدكتور هادف العويس، محامون وحقوقيون بارزون في سجن الرزين، هل يمكن أن تحدثنا عن ما تخسره الإمارات بغياب أمثال هؤلاء عن الساحة الإماراتية؟

الإمارات تخسر الكثير من غياب هؤلاء وأمثالهم من الكفاءات من أبناء الإمارات، فهي تخسر العلم والأمانة والقوة والرأي السديد والناصح الأمين والرجل الرشيد، وتخسر سنوات من عمرها في التخبط بسبب سيرها خلف مشورة ورأي من لا يحبون الخير للدولة ولا يحرصون عليه ويبحثون عن مصالحهم الشخصية ونزواتهم ورغباتهم في امتلاك الأموال ولو أهدروا في المقابل كل ثروات البلاد.

 

8- هل يمكن أن تخبرنا عن معاناة معتقلي الرأي في الإمارات؟

معاناة بدأت منذ أكثر من 10 سنوات ولم تنته حتى الآن، وهي معاناة شهدت عليها المئات من التقارير الحقوقية التي وثقت الأمر يوما بيوم منذ أن اختطفت الأجهزة الأمنية معتقلي الرأي من البيوت والطرق وأماكن العمل وسامتهم سوء العذاب في سجونها السرية ثم لفقت لهم التهم وعاملتهم في سجونها “كرهائن” ليس لهم حقوق سوى ما يبقيهم على قيد الحياة.

 

9- لم تقتصر الانتهاكات على معتقلي الرأي فقط وإنما طالت أهالي المعتقلين، هل يمكن أن تصف لنا أهم هذه الانتهاكات؟

انتهاكات الأجهزة الأمنية ضد عائلات المعتقلين كانت عملاً ممنهجاً لإضعاف عزيمتهم في الدفاع عن معتقليهم، فلاحقتهم في كل شؤون حياتهم من الوظيفة والسفر والدراسة ورفض تجديد الأوراق الثبوتية والاستدعاء الدوري للتحقيق وحتى سحب الجنسيات ولا تزال المعاناة قائمة حتى الساعة.

 

10- ما هي الرسالة التي ترغب بتوجيهها لزملائك الحقوقيين الموجودين حالياً في السجون الإماراتية؟

اصبروا وصابروا فالفرج قريب، والظلم لا يدوم، والتاريخ سجّلكم في قوائم الشرف وقوائم الأحرار، في حين أن من أراد تشويه صورتكم البيضاء تلطخ وجهه بالسواد الذي أراد أن يلطخكم به.

 

11- ما هي رسالتك إلى أهالي المعتقلين الذين يعانون من فقد أحبتهم وحرمانهم من حقوقهم؟

صبرتم كثيراً وصبركم مأجور ومشكور، ومع شدة البلاء ما تجاوزتم ولا تعديتم بل كنتم مثالاً يحتذى به لمن يريد الخير لبلاده رغم ما تعرضتم له من انتهاكات وأنتم لا ذنب لكم ولا جريرة سوى أنكم أهل وأحباب لمعتقل خدم بلاده ونصحها لكن قوى الفساد لا تريد الصالحين وتطردهم من بلادهم أو تزج بهم في السجون، فالمستقبل لكم وللمصلحين من الأسر الصابرة  أمثالكم.

 

12- نريد منك رسالة أخيرة إلى شعب الإمارات.

بلدكم تحتاج لكلمة الحق منكم والوقوف مع الحق ونصرته وليس التطبيل للمفسدين لصوص الأوطان، وإذا كان ثمن الكلمة اليوم هو ذهاب وظيفة أو منصب أو مال فإن الثمن غداً سيكون أفدح وأكبر، نسأل الله لنا ولكم السلامة بقول كلمة الحق التي تحفظ البلاد والعباد، فكونوا كما كان آباؤكم من قبل، عاشوا بالكفاف لكنهم لم يعيشوا بالذل.