موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

العمال المهاجرين ضحايا التأثيرات المميتة للحرارة الشديدة في الإمارات

722

كشف تحقيق لمنظمة حقوقية أن العمال المهاجرين يجدون أنفسهم ضحايا التأثيرات المميتة للحرارة الشديدة في الإمارات التي ستستضيف هذا العام مؤتمر الأمم المتحدة لأطراف المناخ “كوب 28”.

وأبرزت منظمة migrant-rights المختصة في قضايا العمال المهاجرين في الخليج، أن استخراج الوقود الأحفوري هو المحرك الرئيسي للتغير المناخي الذي يتسبب فيه الإنسان، والمؤدي إلى هذه الظروف.

ووجد علماء الطقس أن موجات الحرارة في أجزاء كبيرة من آسيا الجنوبية قد زادت بمعدل 30 مرة، غالبا بسبب تغير المناخ الناجم عن النشاط البشري.

وقالت المنظمة “إن كان العمال يموتون بسبب درجات الحرارة القصوى الناجمة عن أزمة تغير المناخ، في أوروبا، وشمال أمريكا، وآسيا، فما هي العواقب التي سيتأثر بها ملايين العمال المهاجرين في الخليج، حيث الحرارة الشديدة أصلا تعتبر أمراً متكرر الحدوث، والمتوقع أن يكون الأمر أكثر تكرارا وأشد خلال العقود المقبلة؟”.

وبحثت شراكة Vital Signs partnership- وهي عبارة عن تعاون بين FairSquare التي تتخذ من لندن مقراً لها، ومنظمات المجتمع المدني في جنوب وجنوب شرق آسيا، المهتمة بصحة ووفيات المهاجرين في الخليج – في هذا السؤال في تقريرنا الأخير “الحرارة القاتلة”.

وعنوان المقال لا يحمل أية مبالغة، فالحرارة العالية في الخليج، لا تسجّل فقط خلال الموجات الحرارية، وإنما تحدث باستمرار لمدة تتراوح ما بين 3 إلى 5 شهور سنوياً.

وتصل درجة الحرارة القصوى اليومية إلى 40 درجة مئوية لمدة تتراوح بين 100 يوم و150 يوم في معظم مناطق الخليج.

وللمقارنة، فإن نيودلهي تشهد 24 يوم في المتوسط ترتفع خلالها درجة الحرارة إلى 40 درجة مئوية.

ومن الممكن أن يؤدي التعرض المزمن لهذه المستويات من الحرارة إلى تراكم الاجهاد الحراري في جسم الإنسان، ويعرضه لتفاقم تأثير ذلك على الجهاز التنفسي، وأمراض القلب، والسكر وأمراض الكلى.

ويؤدي التعرض المتزايد إلى الإصابة بما تسميه منظمة الصحة العالمية بـ “سلسلة من الأمراض” بما في ذلك التشنجات الحرارية، الإجهاد الحراري، وارتفاع الحرارة، وضربة الشمس.

يُعتبر عمال البناء، الذين يقومون بأعمال شاقة في مناطق معرضة للشمس وغالبا ما يرتدون معدات واقية ثقيلة، معرضين للإجهاد الحراري بشكل خاص.

ويشكل العمال المهاجرون نحو 90% من القوى العاملة في الإمارات ويصل عددهم إلى 500,000 عامل بناء.

أخبر الكهربائي القادم من الهند (30 عاما) الذي يعمل في مشاريع البناء في الإمارات لـ Vital Signs إن الحرارة كانت شديدة لدرجة إن العرق كان يتسرب من حذائه، فيما قال سباك (32 عاما) يعمل في البحرين أنه كان يعانى من صعوبة التنفس خلال شهور الصيف.

وبرغم فرص الكسب الأفضل في الخليج، إلى أن أحدهم ترك وظيفته خوفاً على حياته وعاد إلى الهند.

وقدم عمال مهاجرون آخرون أثناء مقابلاتهم مع باحثي Vital Signs، شهادات صادمة عن العواقب طويلة المدى للتعرض الطويل للحرارة الشديدة أثناء العمل في الخارج.

جنيش شاب نيبالي (30 عاما)، ذهب إلى الإمارات في 2018 للعمل كمنقذ في بركة سباحة، وكان يقضي 12 ساعة في نوبات العمل في مناطق خارجية حيث حمام السباحة الواقع على سطح المباني السكنية.

ويتذكر:” الأرض حارة جداً للدرجة التي لا أستطيع أن المسها بقدميّ الحافيين كانت ستحرق جلدي. لا يمكنك أن تتصور مدى سخونة الجو.

بعد عودته إلى النيبال، أصيب جانيش بمشاكل صحية كثيرة. وشخّص الأطباء إصابته بفشل كلوي، الذي يشتبه أنه بسبب ظروفه المعيشية السيئة، والممارسات الوظيفية المسيئة التي وُضع فيها في الإمارات.

ولأنه لا يتحمل هو أو عائلته كلفة زراعة الكلي، فلم يعد أمامه خيار سوى الاعتماد على غسيل الكلى بقية حياته.

ولا يوجد في أي من دول الخليج الست، قوانين تخفف بشكل كاف المخاطر التي يتعرض لها العمال الذين يزاولون أعمالهم في الطقس القاسي.

على الرغم من أن قطر سنّت قانون الإجهاد الحراري الذي أدى إلى تحسين الحماية بشكل طفيف عما كانت عليه في السابق، إلا أن الحال استمر في دول المنطقة الأخرى حيث تفرض كل حكومة حظراً على العمل خلال ساعات محددة أثناء النهار خلال شهور الصيف.

ويؤكد هذا الافتقار للتنسيق في الإجراءات بين الدول على الطبيعة غير العلمية للتدابير المتخذة.

قامت شركة Vital Signs بتكليف براك الأحمد من قسم الصحة البيئية بجامعة هارفارد، ودومينيك روي من مؤسسة أبحاث المناخ، لتحليل بيانات مناخية من الخليج بناء على أحدث نماذج التوقعات المناخية.

ويعد التحليل الذي قاموا به عرضاً قاسياً للدرجة التي بها ستؤثر أزمة المناخ على تفاقم ارتفاع الحرارة في الخليج.

إذا ما ارتفعت الحرارة عالمياً بـ1.5 درجة مئوية، فإن عدد الأيام التي ستزيد فيها درجة الحرارة في أبوظبي، عاصمة الإمارات، عن 40 درجة مئوية سترتفع إلى أكثر من 51% بحلول 2050.

وفي ظل سيناريو 3 درجات مئوية مع نهاية العقد، فإن عدد الأيام الذي تتجاوز فيه درجة الحرارة 40 درجة مئوية سيزيد إلى نسبة غير اعتيادية تصل إلى 98%، فيما تصل الأيام التي تزيد فيها الحرارة عن 40 درجة مئوية في الكويت والبحرين إلى 180 يوم من 365.

أبلغ الأحمد Vital Signs أنه حتى تحت أكثر سيناريوهات التخفيف تفاؤلا، فإن المتوقع أن تشهد المنطقة ارتفاعاً ملحوظاً في معدل الوفيات المرتبطة بالحرارة: “هذه الظروف من شأنها أن تعطل المجتمعات الإنسانية بطرق بدأنا للتو في فهمها”.

سوف تستضيف الإمارات هذا العام مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ COP28، وهو الملتقى العالمي الذي تحاول فيه معالجة حالة الطوارئ المناخية. المفارقة عميقة هنا.

فالإمارات، في نهاية المطاف، توفّر اقل قدر من الحماية بين دول الخليج بحظرها العمل في الحرارة الشديدة لمدة 232.5 ساعة في السنة.

فيما عمان والكويت يحظران العمل من 1 يونيو حتى 31 أغسطس من 11 صباحاً حتى 4 بعد الظهر، ومن 12 ظهراً حتى 3:30 بعد الظهر على التوالي.

وفي السعودية يحظر العمل ما بين 12 ظهراً و3 بعد الظهر من 15 يونيو حتى 15 سبتمبر، بينما لا تبدأ البحرين حظرها العمل حتى 1 يوليو حيث يحظر العمل بين 12 ظهرا حتى 4 بعد الظهر وذلك حتى 31 أغسطس.

وتصل ساعات العمل المحظورة في الإمارات إلى أقل من نصف الساعات المحظورة في قطر. في 2021، أخبر عمال النظافة والأمن في مركز اكسبو دبي، الذي سيستضيف مؤتمر COP28، الأسوشيتد برس عن العمل لـ 70 ساعة أسبوعياً خلال فترة إقامة اكسبو في الشمس الحارقة.

وقال حارس أمن كيني للوكالة نفسها: «عمل، نوم، عمل، نوم. ليس هناك حرية… أنت فقد تحتاج لتنجو بنفسك يوم بيوم.» عندما فتح اكسبو أبوابه في أكتوبر 2020، بعد وقت طويل من انتهاء الحظر الصيفي لساعات العمل، أغمي على السياح بسبب الحرارة.

وتقع الإمارات، باعتبارها الدولة المضيفة لـ COP، تحت ضغط هائل، ليس أقلها إنها عينت سلطان أحمد الجابر، رئيس شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) كرئيس للمؤتمر، ولأنها تعهدت بتوسعة ضخمة في انتاج النفط والغاز، والذي كان ينبغي لـ90% منه أن يبقى تحت الأرض لتلبية سيناريو صافية صفرية الذي جددنه وكالة الطاقة الدولية.

ويثير كل ذلك، كما يقول النقاد، الشكوك حول مصداقية دولة الإمارات في التزاماتها لوقف ما أسماه أمين عام الأمم المتحدة بـ”الغليان العالمي”.

عندما تصل مفاوضات COP إلى دبي في وقت لاحق من هذا العام، سيكون لديهم المزيد من الأسس للشك حول ما إذا كانت الدولة المضيفة جادة حقاً في معالجة أمر الحرارة الشديدة حيث يرون العمال يكدحون في الخارج في ظروف – حتى في شهر نوفمبر الأكثر برودة نسبياً – من المحتمل أن لا يرغبوا في المغامرة بالبقاء فيها دون الراحة التي يوفرها مكيف الهواء