موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

حصيلة بائسة لمائة يوم على تولي محمد بن زايد رسميا رئاسة الإمارات

396

قدمت دراسة تحليلية حصيلة بائسة لمائة يوم على تولى محمد بن زايد رسميا رئاسة الإمارات خلفا لأخيه غير الشقيق خليفة بن زايد وبعد سنوات من الحكم من وراء الظل.

وذكرت الدراسة الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والإعلام “إيماسك”، أن المائة يوم الأولى عادة ما تكون مهمة لمعرفة توجه السياسة الداخلية والخارجية للدولة، لكن لا يبدو أن تغيراً حدث على سياسة الإمارات الداخلية.

وفي 20 أغسطس/ آب مرت 100 يوم على بدء المسيرة بقيادة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان الذي تسلم مقاليد الحكم في 14 مايو/أيار الماضي، بآمال كبيرة وعريضة أن تشهد الحريات والحقوق انفتاحاً ينهي حالة القمع المستمرة منذ سنوات، ويحسن الأوضاع الداخلية للدولة.

حقوق الإنسان

استمرت السلطات خلال الـ100 اليوم الأولى في دفع حقوق الإنسان نحو هاوية من مجهول القمع والانتهاك، تقد ويحلّ معها “الخوف” من “السجن أو الاتهام بالانتماء للإرهاب أو سحب الجنسية أو التعذيب أو الطرد أو منع دخول الدولة”.

يخضع جميع السكان إلى المراقبة الدائمة في العمل، في الشارع، وعلى الهواتف وأجهزة الكمبيوتر. وحتى الشخصيات المقربة من القيادة تعرضت لضغوط بسبب تعليقاتها.

تخضع وسائل الإعلام المحلية لرقابة مشددة، مع انعدام لوسائل الإعلام المستقلة. كما اتُهم تطبيق دردشة نصية وفيديو شهير، تو توك، بأنه أداة تجسس سرية للمخابرات الإماراتية، وفقًا لتقييم استخباراتي أمريكي سري نشرته صحيفة نيويورك تايمز.

لم يتغيّر هذا الوضع، كثيراً، خلال الـ100 اليوم الأولى من رئاسة الشيخ محمد بن زايد، الذي قال قبل أسابيع ” اعتزازنا وفخرنا بالإنسان الإماراتي لا حدود له”؛ وإن كانت إلا كلمات إلا أن رئيس الدولة ملتزم بكلمته أمام مجتمعه، فالفخر بالإنسان يأتي بمنحه الحقوق والحريات الأساسية التي يطالب بها؛ بما في ذلك الحق في حرية الرأي والتعبير.

خلال 100 يوم الأولى، شهد تمديد اعتقال عشرات المواطنين الإماراتيين في سجون تسمى مراكز المناصحة بعد أن قضوا عشر سنوات في السجون السرية والعامة.

بين هؤلاء الشيخ الدكتور سلطان بن كايد القاسمي، والخبير الدستوري الدكتور محمد الركن، والدكتور محمد المنصوري، وعشرات المعتقلين الأخرين في القضية المعروفة إعلامياً بقضية الإمارات 94.

في 29 يوليو/تموز 2022،  قدمت لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب ملاحظاتها الختامية حول التقرير الأولي الذي قدمته دولة الإمارات العربية المتحدة منتصف يوليو بشأن تنفيذ “اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب”.

وقد أعربت اللجنة عن قلقها إزاء استخدام مراكز المناصحة لتمديد حبس المعتقلين إلى أجل غير مسمى إلى ما بعد المدة المنصوص عليها في الأحكام الصادرة بحقهم، ودعت الإمارات إلى ضمان تحديد فترات احتجاز قصوى في مراكز المناصحة بموجب القانون.

متغيّر الاعتراف بالتعذيب

وأبدت اللجنة الأمم المتحدة قلقها إزاء التقارير المتعلقة بظروف الاحتجاز التي قد ترقى إلى حد المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.

ودعت اللجنة الإمارات إلى تكثيف جهودها لمواءمة ظروف الاحتجاز مع قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء (قواعد نيلسون مانديلا) والتحقيق في جميع الأعمال القاسية ومقاضاة مرتكبيها ومعاقبتهم. المعاملة أو العقوبة اللاإنسانية أو المهينة.

ولعل المتغيّر الجديد في تقارير الدولة هو اعتراف أبوظبي بوجود حالات تعذيب خارج القانون وانتزاع الاعترافات تحت التعذيب واستخدامها في المحاكمات داخل الدولة لإدانة المتهمين، على الرغم من أن الدولة لم تقدم بيانات حول الحالات التي تعرضت لذلك والقضايا المدرجة.

ويعتبر هذا تقدماً كبيراً حيث ظلت السنوات الماضية تنفي حدوث تعذيب، أو ترفض الإجابة على هذه الأسئلة. يبقى أمام الدولة التحرك الجاد والسريع لفتح التحقيق مع من ارتكب جرائم التعذيب، ولن يكون ذلك جاداً إذا لم تفرج عن المعتقلين في مراكز المناصحة.

إن بقاء المعتقلين في مراكز المناصحة يؤكد أن السلطات تمنح الهيئات الدولية ترضخ للضغوط الدولية لكنها لا تنفذ التوصيات على الأرض، وإذا حدث أي تنفيذ للتوصيات بسبب الضغط فإنه يتم التحكم به وتشكيل لجان صورية لتحقيقه كما حدث في تشكيل “هيئة حقوق الإنسان” وفق مبادئ باريس والتي ولدت ميته بسبب أن معظم الأسماء التي تضمها الهيئة يتبعون جهاز أمن الدولة.

مضى على تشكيل هيئة حقوق الإنسان هذه قرابة عام كامل، ولم تصدر أي تقرير، أو تزور السجون ما يؤكد أنها ميته. وكان يعوّل على بداية جديدة لهذه الهيئة من قِبل السلطات مع رئاسة الشيخ محمد بن زايد لكن ذلك لم يحدث.

كان متوقعاً أنه في بداية الحقبة الجديدة التي توصف بكونها “حقبة للتسامح” أن تمتد إلى المواطنين والمقيمين الذين ينتقدون السلطات، لكن ذلك لم يحدث.

الحوار الوطني

لم يطلق حوار وطني شامل داخل الدولة، ولم يمنح المجلس الوطني الاتحادي أي قدرة على مناقشة المواضيع الحقوقية والإنسانية عوضاً عن صلاحيات قانونية ودستورية.

جرت العادة خلال المائة اليوم الأولى أن يقوم رئيس الدولة بإجراء حوارات وطنية داخلية. إن قيام حوار وطني شامل في الإمارات السبع، يعزز وحدة الاتحاد ونظامها الفيدرالي، ويعزز ثقة المواطنين بالحكام والشيوخ، أكثر بكثير من محاولة إبقائهم في جهتين منعزلتين مبني على “الثقافة السياسية” للمواطنين وهم نسبة مرتفعة للغاية لا تتناسب ومشاركتهم السياسية.

وتحقيق حوار وطني يشمل ممثلين وأطراف وشخصيات سياسية واجتماعية واقتصادية ومجتمعية، وقادة منظمات المجتمع المدني، ونشطاء حقوق الإنسان.

جرت العادة أن يتم إطلاق مجموعة من الأهداف لتحقق في الأشهر أو السنوات الأولى من حكم رئيس الدولة، تجاهلت الدولة إطلاق تلك الوعود، تجاهلتها السلطات.

كما لم يجر تأكيد وعود خليفة بن زايد بشأن توسيع صلاحية المجلس الوطني الاتحادي (البرلمان) والمشاركة السياسية للمواطنين؛ وتعزيز سلطة هذا المجلس بصلاحيات تشريعية كاملة ومنتخب من كل أبناء الشعب، هو إرث المؤسسين ووعدهم.

وما يأمله المواطنين هو تسريع برنامج “التمكين السياسي” الذي أعلن عنه الشيخ خليفة بن زايد رحمه الله، وكان “برنامج التمكين السياسي” في فترة حكمه نجمة اهتدى إليها المواطنون، لولا أن تم تجميده في سنوات لاحقة.

ليبقى عند المرحلة الأولى التأسيسية دون تعزيز لصلاحيات المجلس الوطني الاتحادي أو الوصول إلى انتخابات عامة والتي كانت مقررة بعد أربعة أعوام (أي 2009). ليتم نسب إجراءات وقرارات شكلية واعتبارها جزء من برنامج التمكين مع أن الخطوات كان واضحة.

الفقر وتوطين الوظائف

تراجع سعر البنزين خلال شهر أغسطس/آب الجاري، قليلاً عن شهر يوليو/تمز الماضي، وبلغ سعر اللتر 4.03 درهم أي 1.07 دولاراً، لكنه ما يزال الأعلى بين دول مجلس التعاون الخليجي.

وارتفعت وتيرة تذمر الإماراتيين على مواقع التواصل الاجتماعي وأماكن اجتماعات تقليدية أخرى. وقال المواطن الإماراتي حسن العامري، إن “الشعب يعاني. يعتقد الناس أن الإماراتيين أثرياء، لكني لا أمتلك منصة نفط. احتياجاتنا تتزايد”.

ويخشى المواطنون الإماراتيون من التعبير عن النقد علنا حتى لا تعتبرهم السلطات معارضين، وهو أمر محظور.

لكن الموظفين بدأوا إضرابات نادرة للغاية في الإمارات، وفي مايو/أيار بدأ سائقو شركتي توصيل طلبات رئيسيتين في دبي إضرابا بسبب رواتبهم الضئيلة، في تحد للحظر الذي تفرضه الإمارات على الاحتجاجات العمالية.

ويقول سائقون في شركة (أوبر) للنقل التشاركي، وفي شركات توصيل الطلبات، والذين يسددون ثمن الوقود الخاص بهم في دبي، إنهم بالكاد يحصلون على الكفاف.

وقالت شركة أوبر إنها سترفع الأسعار بنسبة تصل إلى 11 بالمائة لبعض الرحلات بسبب رسوم الغاز الجديدة في دبي، لكن بعض السائقين يقولون إن هذا غير كاف.

وفق مؤشر«Expatistan» العام الجاري 2022 جاءت الإمارات في المرتبة الحادية عشرة عالمياً على صعيد أغلى وجهات العالم في كلفة المعيشة، حيث سجلت كوجهة أغلى من 89% من مدن العالم المدرجة بالمؤشر، إذ بلغ متوسط إنفاق العائلة المقيمة في الدولة والمكونة من 4 أفراد أكثر من 17 ألف درهم شهرياً، أي (4839 دولار). أما التكاليف الشهرية المقدرة للفرد الواحد 10355 درهم أي (2820 دولار).

يأتي السكن في قائمة الأعلى حول العالم حيث يكلف الإيجار الشهري في أبوظبي ودبي بين 9آلاف درهم و6.5 آلاف درهم (2500-1750 دولار) لشقة بمساحة 85 متر مربع. وتكلف المرافق الأخرى مثل التدفئة والكهرباء والغاز لشخصين في الشقة بنفس المساحة 630 درهم (170 دولار).

الحاجة إلى التركيز على الملفات المحلية

إن السلطات الوطنية بحاجة إلى التركيز على الملفات المحلية، ولا شيء أكثر إلحاحاً من ملفين رئيسيين: الأول المعتقلين السياسيين والحوار الوطني الجامع، ففيه يتحقق الاستقرار السياسي للدولة، ويجعل التآلف، والقوة والمنعة للدولة وسلطتها.

والثاني: حلّ مشكلة توطين الأعمال ومنع تفشي الفقر بين المواطنين والذي تغذيه استمرار البطالة. وكان إنشاء مكتب في ديوان الرئاسة يسمى “مكتب شؤون المواطنين والمجتمع” يتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري والأهلية القانونية للتصرف.

خطوة في الطريق الصحيح شريطة ألا تكون كباقي الوزارات والهيئات التي شُكلت خلال العقد الماضي. ومع ذلك منذ تشكيلها لم تقدم تقريراً حول الوضع والشكاوى بشأن البطالة والفقر في الدولة رغم الازدحام الكبير أمام المكتب في أبوظبي.

وأعلن عن زيادة الدولة الدعم المالي المقدم للأسر محدودة الدخل من 14 مليار درهم، لتبلغ قيمته 28 مليار درهم (7.6 مليار دولار). ومنذ ذلك الوقت يشهد الموقع الالكتروني للبرنامج التابع لوزارة تنمية المجتمع ضغطاً كبيراً يخرجه بشكل دائم عن الخدمة منذ أشهر، ولا يستطيع المواطنون التسجيل فيه.

على الرغم من صوابية القرار بدعم الأسر محدودة الدخل (والتي يبدو أغلب المواطنين أصبحوا محدودي الدخل) فإن السلطة مطالبة بإيجاد حلول جذرية للتضخم وارتفاع أسعار الوقود وزيادة معدل البطالة، وأي حلول مؤقتة هو تأجيل للمشكلة ويسبب تفاقمها.