توالى الكشف مؤخرا عن سلسلة فصائح لنهج الإمارات في التحريض والتضليل عبر الذباب الالكتروني ضد دولة قطر ودول أخرى في الخليج العربي رغم نجاح قمة العلا في طي صفحة أزمة الخليج وإنهاء الحصار على الدوحة.
وبعد أشهر من المصالحة الخليجية التي تمت مطلع العام الجاري، يبرز مراقبون أن الإمارات ظلّت أبعد عن روح المصالحة، رغم التزامهما العلني.
ففي الظل، لم تتوقف المكايدات الإماراتية من خلال شبكات الذباب الإلكتروني وترويج المناكفات عن طريق الإعلانات المدفوعة في منصّات التواصل في قطر.
أكثر ما يظهر استهداف قطر في “الإعلان الترويجي” الذي يسهُل رصدُه وقياسه، فبحسب دراسة لسوق الإعلان، اعتمدت على الأرقام الرسمية لـ”تويتر”، ظهر أن الإمارات هي المعلن الأول في قطر.
والأكثر خطورة الحملات السرّية المنظمّة المنسقة على منصّات التواصل من خلال شبكات الذباب الإلكتروني، وقد اتضح ذلك إبّان انتخابات مجلس الشوري القطري، وأكّدته القرارات التي أصدرها القضاء القطري.
وتواصلت الحملات بشكلٍ يستهدف الوضع الداخلي في قطر، والتحريض المباشر على العائلة الحاكمة، بإطلاق وسومٍ تنال من شقيقة الأمير وشقيقه.
قبل ذلك، كشفت منصة “إيكاد”، الرائدة عربيا في التحقق واستخبارات المصادر المفتوحة، شبكة يقودها السوري المقيم في الإمارات محمد داغستاني، الذي يرأس المنصّات في موقع إرم الإماراتي.
ولم تكن هذه أول شبكة، فقد كشف “فيسبوك”، و”تويتر” قبلها، شبكاتٍ، واكتشاف واحدةٍ منها لا يعني أنها الوحيدة.
كشف الباحث المتخصّص في مطاردة شبكات الذباب الإلكتروني مارك جونز أن الوسوم الثلاثة التي استهدفت، أخيرا، الشيخة المياسة والشيخ جوعان مفتعلة.
وبالرغم من تصدّرها قائمة الأكثر تفاعلاً داخل قطر، إلا أن وصولها ضئيل لأنها وهمية. كان معظم التفاعل إعادة تغريد (تضخيم).
ومعظم التفاعل على موقع الويب على الوسم كان موقع Twitter Web App، وهي خاصّة تتميز بها لجان الذباب. وانقسم التفاعل إلى مجموعتين: حسابات مركزية تدّعي أنها قطرية، كانت ضمن لجان إلكترونية تدخلت سابقا في الشأن الكويتي، وحسابات وهمية تابعة للجان إباحية ولجان تنشر محتوىً متعلقا بالشأن الكويتي، مضخّمة للحسابات المركزية التي نشرت الوسوم الثلاثة.
تسعى هذه الشبكات إلى اختراق الرأي العام القطري، لتقوده لاحقا أو التشويش عليه بالحدّ الأدنى. لا تصادم تلك الحسابات المزاج القطري المحافظ. على العكس، تزاود عليه، وخصوصا ما تعلق بكأس العالم.
وهنا تلعب لعبةً رابحةً على جميع الأحوال، فإن اتخذت الدولة قراراتٍ أقرب إلى المحافظة في ما خصّ مواضيع الخمور والمثليين، يُزاوَد عليها بالمنظمات الحقوقية. وإن فعلت العكس، زاودوا عليها بالدين والعادات والتقاليد.
وإن ارتقت بمعايير الإقامة وقوانين العمل استفزّت الغرائز العنصرية ضد الوافدين. وإن تشدّدت مع العمالة استنفرت المنظمات الحقوقية .. وهكذا.
لم تمسّ قطر، حتى في ذروة الأزمة الخليجية، العائلات الحاكمة. ولكن استهداف قطر في تماسكها الداخلي ووحدتها الوطنية والعائلة الحاكمة يتكرّر بعد صلح العلا.
والسؤال: هل هذا الاستهداف رسالة إلى قطر لتعديل السلوك السياسي؟ وفي أي سياسة؟ في ما خصّ تركيا، تُسابق الإمارات قطر عليها، والشراكة الاقتصادية مع إيران لم تتضرّر، حتى بعد أن ضرب الحوثي أبوظبي، ولا تقارن بعلاقة قطر الاقتصادية بها، وفوق ذلك تزاود الإمارات باحتضانها بشار الأسد طفل إيران المدلل، واستقبالها له خلافا للإجماع العربي.
أما حركة طالبان، فقد سارعت أبوظبي إلى التواصل معها بعد أن كانت في حربٍ معها. لا يوجد تطابقٌ في سياسات الدول، وقمّة العلا قامت على التوافق لا التطابق، فلكل دولةٍ سياساتها الداخلية والخارجية المستقلة، والاختلاف فيهما لا يمنع من التوافق بناءً على المشترك في السياسات والمواقف والمصالح.
فالإمارات تحالفت استراتيجيا مع إسرائيل في الاتفاقات الإبراهيمية، بمعزلٍ عن الموقف العربي عامة، والخليجي بخاصة. ولكل دولةٍ خليجيةٍ منظورُها الخاص للتعامل مع الصراع العربي الإسرائيلي.
ومؤخرا كشف تحقيق لشبكة منصات إخبارية تورط دولة الإمارات في التحريض الإعلامي على دولة قطر ومحاولة تشويه صورتها عبر مواقع ومنصات إعلامية معروفة.
ونشرت منصة “إيكاد” تحقيقا قويا، اعتمد على التحليل الرقمي لمدة أربعة أشهر، كشفت فيه عن شبكة من الحسابات تدير منصات إخبارية معروفة تهاجم بشكل مستمر وممنهج قطر ورموزها، والجماعات الإسلامية عبر نشر فبركات على مدى 5 سنوات.
وقالت المنصة في تحقيقها، إن التحقيق بدأ بمراقبة حساب “ملفات عربية” المعروف بعدائه لقطر، مشيرة إلى ان الحساب لفت انتباه المنصة منذ عدة أشهر لزخم الفبركات التي نشرها خلال فترة قصيرة، والتي ركزت جميعها على قطر بدءا من عام 2017 وحتى اليوم.
وأوضحت المنصة بأنها بدأت بتحليل حسابات “ملفات عربية” على فيسبوك وتويتر ويوتيوب، لافتة أنه اكتشفت أن له صفحتين على “فيسبوك”، إحداهما مغلقة منذ عام 2020، والأخرى يديرها فريق كامل من مصر.
وتوصل التحقيق إلى ان الموقع الرسمي للصفحة صممته شركة “EGY SERV” المصرية، والتي تبين أن حساب “ملفات عربية” قد أخفى كافة معلوماته عبر خدمة خصوصية مدفوعة، وهوما يشير إلى إخفاء المتحكم الحقيقي بالموقع.
ولفت التحقيق إلى أن حساب الموقع على “يوتيوب” كان “الحلقة الأهم”، حيث عثرت على إيميل لا يحمل اسم “ملفات عربية” الأمر الذي أثار شكوك فريق التحقيق مرة أخرى.
وكشف التحقيق أنه من خلال الفحص عبر تقنيات إلكترونية متخصصة، تبين أن الإيميل يعود لشخص يدعى “محمد داغستاني”، الذي تبين أنه يرأس منذ ثماني سنوات قسم منصات التواصل الاجتماعي لموقع “إرم نيوز” الإماراتي، الذي يدار من أبوظبي والتابع لهيئة المنطقة الإعلامية لأبو ظبي، وهو ما أكد أن موقع وحسابات “ملفات عربية” تدار من الإمارات.
وفقا للتحقيق، فإنه وأثناء التحليل لحساب “داغستاني” على موقع “تويتر” وجد تشابه كبير لثلاثة حسابات يتابعها الرجل، وهي “محقق استقصائي” و”ملفات عربية” و”Qleaks“.
إذ لوحظ أن المنصات الثلاث متشابهة بالشكل الفني المتبع فيها والصور المستخدمة، حيث تتناول نفس المواضيع وجميعها معروفة بعدائها لقطر وهو ما يؤكد ارتباطها بإدارة واحدة.
وقدم التحقيق دليلا قاطعا على ارتباط الحسابات الثلاثة بإدارة واحدة، موضحا أن حساب “محقق استقصائي” قام وعن طريق الخطأ وفي لحظة غفلة بنشر فيديو يحمل شعار منصة “Qlesks” لم ينشر الحساب نفسه، وهو ما يؤكد مسؤوليته عن انتاج هذه الفيديوهات وتوزيعها على المنصات الأخرى.
وكشف التحقيق عن التوصل إلى رجل أعمال سوري يدعى “مدين رمو” ارتبط اسمه بتسريبات “ويكيليكس” التي كشفت عن مؤسسات ومنظمات مرتبطة بالنظام السوري.
وقد ارتبط اسمه بأنه مؤسس شركة لصناعة المحتوى في الإمارات، ويتولى مناصب عدة في شركات إماراتية وسورية، حيث اتضح أنها شركات وهمية يتم إنشاؤها في الغالب لغسيل الأموال.
وبالعودة لحساب “Qleaks” اتضح تفاعلا كبيرا لشخص يدعى “مؤيد داغستاني” مقيم في روسيا، اتضح لاحقا انه شقيق “محمد داغستاني” مدير وحدة مواقع التواصل الاجتماعي في موقع “إرم نيوز”.
كما كشف التحقيق، أن مؤيد داغستاني يتواصل كثيرا مع صحفي يدعى “حكمت بصمت”، اتضح انه يعمل مستشارا إعلاميا في المكتب الإعلامي لحكومة أبو ظبي.
وأكدت منصة “إيكاد” لاحقا، أنه بعد نشرها تحقيق “قطر ليكس.. أن تصافح في العلن وتطعن بالسر” حاولت بعض الحسابات المذكورة تغيير بياناتها ومسمياتها”، مؤكدة أنها قامت بأرشفة وتسجيل كامل التحركات الجديدة تحسبا للطعن في نتائج التحقيق.