أعلنت مصادر مقربة من المطلوب الدولي في جرائم حرب لمحكمة الجنايات الدولية سيف الإسلام نجل العقيد الليبي الراحل معمر القذافي أن هناك توجهاً دولياً للتعامل معه، وأنه تم تبادل رسائل في هذا الشأن مع عواصم غربية مثل واشنطن وباريس، إلى جانب التواصل الدائم مع الجانب الروسي.
ونقلت صحيفة “البيان” الحكومية الإماراتية نقلا عن مصادرها، أن سيف الإسلام، الذي لا يزال يقيم في مدينة الزنتان (غرب البلاد) في رعاية المجلس الاجتماعي للقبيلة، ويحظى بحراسة مشددة، استقبل خلال الأشهر الأخيرة مبعوثين دوليين، وصلوا إلى الزنتان عبر الحدود المشتركة مع تونس، للاطلاع على مواقفه إزاء مجمل الوضع الليبي، ومشروعه السياسي في حال عودته إلى النشاط العلني وترشحه للانتخابات المنتظر تنظيمها العام المقبل، على حد قولها.
وتابعت المصادر ذاتها أن نجل القذافي تعمّد عدم مخاطبة أنصاره، إلى أن يتلقى الضوء الأخضر من قوى إقليمية دولية وإقليمية ذات علاقة مباشرة بالملف الليبي، وأن هناك رغبة دولية في عدم الكشف عن الاتصالات التي تجري حالياً، مشيرة إلى أن سيف الإسلام سيخاطب الليبيين والعالم خلال الأسابيع المقبلة، وقد يكون ذلك قبل المؤتمر الوطني الجامع الذي ينتظر أن ينعقد أوائل فبراير المقبل بإشراف أممي، ويشارك فيه ممثلون عن كل أطياف المجتمع الليبي بمن فيهم أنصار النظام السابق.
وزعمت الصحيفة، والمصادر المزعومة، أن سيف الإسلام يتمتع بشعبية جارفة، وخاصة في الأوساط القبلية، و وجه الأسبوع الماضي رسالة إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، من خلال وفد اتجه إلى موسكو حيث اجتمع مع نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف.
وزعمت “البيان” أيضا:يشير المراقبون إلى إمكانية تولي موسكو الوساطة بين سيف الإسلام القذافي واللواء المتمرد خليفة حفتر لتقريب المسافات بينهما، كونهما خصمان سياسيان قد تشهد المرحلة المقبلة صراعا بين مجرميْ الحرب “القذاقي وحفتر” بحسب مراقبين.
ويتهم مراقبون أبوظبي بأنها تقف خلف إعادة تأهيل عناصر الأنظمة البائدة بعد الربيع العربي في مسعى لقتل الثورات العربية وكي وعي الشعوب بأنه لا أمل في التغيير، على ما يقول المراقبون.
وسعيا منها لمزيد من نشر الفوضى والتخريب، تخطط الإمارات إلى إعادة سيف الإسلام القذافي إلى صدارة المشهد الليبي.
وفي سبتمبر الماضي كشفت مصادر ليبية رفيعة المستوى من داخل اللجنة المعنية بالملف الليبي، عن لقاء على مستوى رفيع عُقد أخيراً جمع القذافي ومسؤولا إماراتيا بارزا، رجحت أن يكون مدير الاستخبارات الخارجية ومستشار الأمن القومي في الإمارات، طحنون بن زايد، ومسؤولا أمنيا مصريا رفيع المستوى.
وقالت المصادر إن اللقاء كان يهدف بشكل أساسي إلى مناقشة إعادة ترتيب البيت الليبي، وفقاً لتصور التحالف المصري الإماراتي، وناقش المستقبل السياسي لنجل حاكم ليبيا المخلوع، وإمكانية الاستعانة به مجدداً لتوحيد قطاع من القبائل الليبية حوله.
وأوضحت المصادر أنه “بدأت أخيراً تحركات مصرية وإماراتية واسعة، بهدف إيجاد بدائل متعددة ومقبولة ليبياً، للدفع بها إلى المشهد السياسي ولعب دور على الساحة، تحت سيطرة كاملة من تحالف القاهرة وأبوظبي”.
وأكدت المصادر أن التفكير في إمكانية خوض سيف الإسلام القذافي أي انتخابات رئاسية مقبلة في ليبيا، كان محل نقاش واسع خلال اللقاء.
وقالت “مصر والإمارات ضد تنظيم أي انتخابات في الوقت الراهن في ليبيا، قبل التخلص من حكومة الوفاق الوطني، المدعومة أممياً، وعلى رأسها فائز السراج، وكذلك القضاء تماماً على نفوذ القوى الإسلامية هناك، لإدراكهما أنه في حال إجراء أي انتخابات، نيابية أو رئاسية، ستكون نتيجتها غير مأمونة العواقب بالنسبة لهما، وستمنح الإسلاميين هناك مزيداً من الشرعية الدولية والنفوذ على الأراضي الليبية”.
ولفتت المصادر إلى أن التحالف المسيطر على شرق ليبيا، ويتقدمه قائد القوات التابعة لمجلس النواب في طبرق، اللواء المتقاعد خليفة حفتر، بمعاونة من القاهرة وأبوظبي، لديه خطط واضحة لإضعاف السراج إلى أبعد مدى، لإسقاط الدعم الدولي عنه، وترسيخ تصور بأن قواته هي الوحيدة التي يمكنها بسط السيطرة على الأراضي الليبية.
وبحسب مصادر مصرية رفيعة المستوى، فإن القيادي المفصول من حركة “فتح” الفلسطينية محمد دحلان الذي يعمل مستشاراً أمنياً لولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، قام في وقت سابق بترتيب لقاءات في القاهرة بين ممثل قانوني لسيف الإسلام مع مسؤولين مصريين على درجة عالية من القرب من الرئيس، كاشفة عن أن إحدى وسائل الإعلام المصرية تلقت أموالاً مباشرة من دحلان وكان من بين أهدافها الترويج لنجل معمر القذافي.
وقالت مصادر ليبية إنها لا تستبعد تأدية التحالف المصري الإماراتي، وذراعه في ليبيا خليفة حفتر، دوراً بارزاً في الأحداث التي تشهدها العاصمة طرابلس من تقاتل، من وقت لآخر، بين المجموعات المسلحة، من دون أسباب واضحة.
وأضافت المصادر “اللقاءات التي تدور أحاديث بشأنها في الأوساط الليبية، بين نجل القذافي وأطراف من المسؤولين عن إدارة الصراع في ليبيا، بالتأكيد ليست بعيدة عما تشهده العاصمة”، مضيفة “بالتأكيد هناك من يحركهم سيف الإسلام القذافي، خصوصاً أنه ما زال يملك من الأموال والنفوذ القبلي ما يجعله يستقطب مجموعات مسلحة تساعده في العودة مجدداً للصورة”.
ورجحت المصادر أن يكون هناك تنسيق بين مجموعات تابعة لنجل القذافي وخليفة حفتر بترتيب مصري إماراتي، على أن يكون لكل منهم دور مقبل في مستقبل ليبيا.
وكان المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة أكد أن البعثة حصلت على توقيع جميع الأطراف المتصارعة في العاصمة طرابلس على اتفاق وقف إطلاق النار “باستثناء واحد” من دون أن يسميه، مؤكداً أن هذا الاتفاق “بحاجة إلى تحصين لكي يبقى مستمراً”، وفق ما نشرته بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عبر صفحتها على “فيسبوك”.
وفي يونيو/حزيران من عام 2017، أعلنت كتيبة “أبوبكر الصديق”، في بيان، إطلاق سراح سيف الإسلام، بموجب قانون العفو، والذي كان محتجزاً في مدينة الزنتان غرب ليبيا، منذ نوفمبر/تشرين الثاني عام 2011.
وأشارت إلى أنها أطلقت سراح سيف الإسلام بناءً على طلب من الحكومة الانتقالية التي تتخذ من شرق ليبيا مقراً لها، والتي عرضت العفو عنه في وقت سابق.
وكانت محكمة في طرابلس قضت غيابياً بإعدامه رمياً بالرصاص في عام 2015، بعد محاكمة خضع لها مع نحو 30 من رموز نظام القذافي، بعدما أدين بجرائم حرب، بينها قتل محتجين خلال ثورة 17 فبراير/شباط ضد والده، فيما تطالب المحكمة الجنائية الدولية بمحاكمة سيف الإسلام بجرائم ضد الإنسانية خلال قمع الثورة ضد حكم والده.
ودان المجلس العسكري لثوار الزنتان، الذي شارك سابقاً في احتجاز نجل القذافي، والمجلس البلدي للزنتان، إطلاق سراحه من قبل “كتيبة أبوبكر الصديق”.