تذيلت دولة الإمارات مجددا مؤشر الحرية العالمي لعام 2024، وتم تصنيفها دولة قمع واستبداد غير حرة بحصولها على 18 من أصل 100 نقطة بناء على معايير الحريات السياسية والمدنية.
وأكد المؤشر الصادر عن مؤسسة فريدوم هاوس غير الحكومية، استمرار تضاءل الحقوق السياسية والحريات المدنية في الإمارات إلى مستوى متدن.
وجاءت الإمارات ضمن الدول العربية الأقل حرية في المؤشر الدولي الذي فضح حقيقة استبداد النظام الإماراتي، في ظل انعدام الحقوق والحريات فيها.
ونالت أبوظبي 5 نقاط فقط في مؤشر الحقوق السياسية و13 نقطة في مؤشر الحريات المدنية، بينما لم تحصل على أي نقاط في غالبية التصنيفات وأبرزها الانتخابات والتعددية السياسية وحرية التعبير.
وأبرزت منظمة فريدوم هاوس أن نحو 90 في المائة من سكان الإمارات يفتقرون للحقوق السياسية والفرص الانتخابية.
ووثقت المؤسسة افتقار عمل حكومة الإمارات إلى الشفافية، منتقدة نفوذ كبار أعضاء الأسر الحاكمة بحماية أنفسهم وشركائهم من الرقابة العامة.
وجاء في التقرير، الذي صدر مطلع الشهر الجاري أنه تكاد لا توجد معارضة سياسية ذات معنى، حيث إن التعبير عن المعارضة يمكن أن يؤدي إلى الملاحقة الجنائية والسجن.
وتخضع الحريات المدنية، بما في ذلك حرية الصحافة وحرية التجمع، لقيود صارمة.
من جهته أبرز مركز الإمارات للدراسات والإعلام “إيماسك” غياب العدالة في الإمارات كنتيجة واقع يكرسه الاستبداد والقمع الممارس من النظام الحاكم في الدولة.
وقال المركز إنه مع دخول الإمارات النصف الثاني للقرن الأول من التأسيس، هو عمر وأجيال تساهم في النهضة الوطنية المتسارعة التي تزدهر باطراد يتصاعد البحث في الدولة عن تحقيق العدالة.
وذكر المركز “لقد تغيّرت الإمارات كثيراً -من ناحية العمران والاقتصاد- منذ التأسيس وحتى اليوم، في الوقت ذاته تغيّرت أمورٌ كثيرة خلال العقد الأخير على وجه التحديد، ونعني هنا العدالة”.
فُرضت في البلاد قوانين، وهو انتقال إيجابي إلى مأسسة الدولة والسلطة ولم تكن الإمارات بهذا الازدهار لولا هذه القوانين، لكن تدخلات جهاز الأمن وتخطيه لكل الحدود جعلت من وصول المواطنين والمقيمين إلى “العدالة” أكثر صعوبة إن لم يكن معدوماً خاصة في القضايا المتعلقة بالتعبير عن الرأي، وانتقاد سلوك السلطات.
وشدد المركز على أن الوصول إلى “العدالة” يبدأ بالمعرفة، ونقصد بها “معرفة حقوقك” -معرفة المواطنين حقوقهم- التي يجب أن تُفرّض بسلطة الدستور والقانون.
والحقوق -كما جَرت العادة- تنتزع لا توهب، بمقابلها تفرض السلطات الواجبات على المواطنين من دفع الضرائب إلى دفع قيمة المخالفات المرورية.
وعندما يعرف المواطن حقوقه ويفرضها تأتي القوانين لحماية حقوقه، ضمن مؤسسات عدالة يفترض أن تكون مستقلة لا تخضع للنفوذ، حيث يعيّن القضاة ومسؤولي النيابة العامة وفق مؤهلات وقانون لا يخضع لأي سلطنة تنفيذية.
عدا ذلك فإن المواطنين الإماراتيين يعيشون في موطنهم في ظروف قاسية من الظلم وهم محرومون من أي حماية قانونية قادرة على درء حمايتهم وعائلاتهم من انتهاكات تمارسها السلطات عبر أجهزة إنفاذ القانون التي يفترض بها حمايتهم.
تبرر السلطات الإماراتية سلوكها تجاه المطالبين بالإصلاحات أو المنتقدين، بكونه عملية جراحية في حقوق معينة وفئة محددة من أجل الازدهار.
لكن هذا ليس صحيحاً فما يكون فئة محددة في2010 يصبح كل المجتمع تحت التهديد بعد ذلك، وما يكون جزئية “السياسة” يصبح كل المجالات بما في ذلك العبادات والاقتصاد، لذلك فإن الافتقار إلى العدالة يمنع البلدان من تحقيق إمكاناتها الاقتصادية والاجتماعية، فالظلم يغذي المزيد من الظلم.
وعدّ الحُكام الأوائل مع تأسيس الاتحاد ب”العدالة” في كل شؤون الحياة، ومؤسسات حامية للمجتمع، لكن ما حدث في العقد الأخير من استخدام القوانين كأداة لتجريم الحقوق والحريات، وسياسة العقاب الجماعي كنموذج لإسكات المجتمع، هو خروج واضح عن العقد الاجتماعي، وابتعاد عن المنهجية الأولى للآباء المؤسسين، وهو لا يضرّ المواطنين وعلاقتهم بالسلطات فحسب بل يضرّ مستقبل الدولة الاتحادية، ويؤثر على ازدهار الدولة وتقدمها.
واكد مركز الدراسات أن التقدم في العمران والاقتصاد يؤكد أن الإماراتيين شاركوا في هذا البناء العظيم لدولة اليوم، وهو أمرٌ لا يلغي الحقوق والحريات ولا يُقدم “عدالة منقوصة”، بل يرفض “عدالة كاملة”.
وخلص إلى أنه من دون هذه العدالة فإن رحلة الإمارات نحو المستقبل صعبة ومؤشر مؤشرات الانسحاب إلى الوراء، ولعلّ العقد الماضي تجربة قاسية تتطلب من السلطات التراجع والانفتاح على الحوارات الوطنية الجامعة مع كل مواطنيها.