موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحقيق: الإمارات وأزمة سد النهضة.. دفع مصر للمصير المجهول

515

يجمع المراقبون على أن الإمارات تدفع مصر للمصير المجهول من خلال دورها المشبوه في أزمة سد النهضة وانحياز أبوظبي الكامل إلى أثيوبيا خدمة لمصالحها.

ويبرز المراقبون أنه منذ انطلاق ثورات الربيع العربي، بدأت الثورة المضادّة في المنطقة لاحتواء هذه الانتفاضات والدفع بالوضع إلى ما كان عليه من قبل، بوجود نظام عسكري مدعوم إقليميا.

وقد مثّلت أبوظبي رأس الحربة في هذه الثورة المضادّة، وتدخلت تدخلا مباشرا في تلك الدول بغرض تخريب هذه الثورات، أو الاستحواذ على ثروات هذه الدول، أو تقويض نفوذها الإقليمي.

تم معاينة ذلك في اليمن وليبيا وكذلك مصر، إلا أن التدخل الإماراتي في مصر يهدف إلى شيءٍ مرعب، قد يؤدي إلى محاصرة الشعب المصري وتعطيشه.

فمنذ اللحظة الأولى لأزمة سد النهضة، لم تكن الإمارات الوسيط النزيه الذي يجب أن يكون موجودا في هذه الأزمة.

بل لعبت أبوظبي دورا مضللا للسياسة المصرية، وداعما، بصورة واضحة، إثيوبيا في مخطّطاتها التي تهدف إلى بيع المياه لمصر.

يظهر الدور الإماراتي منذ اللحظة الأولى بإعداد اتفاقية المبادئ التي جرى التوقيع عليها في 2015، وهي اتفاقية لم تراع الحقوق التاريخية لمصر في مياه النيل.

كانت مجلة نيوزويك الأميركية قد نشرت تقريرا لها في إبريل/ نيسان 2015، أي بعد أيام من توقيع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إعلان المبادئ مع نظيره السوداني المخلوع عمر البشير، ورئيس وزراء إثيوبيا السابق هيلاماريام ديسالين، في الخرطوم، وهو الاتفاق الذي يمثل الورقة القانونية الوحيدة في يد إثيوبيا بشأن السد، ويفسّر جزءاً كبيراً من ذلك التعنّت.

ورصد تقرير المجلة الدور المحوري الذي لعبه المسؤول الفلسطيني السابق، المفصول من حركة فتح والمقيم في أبوظبي، محمد دحلان، في صياغة بنود اتفاق المبادئ بناء على “طلب السيسي ورئيس وزراء إثيوبيا”، بعد عام من جولات التفاوض بين الطرفين في القاهرة وأبوظبي وأديس أبابا.

وأفاد التقرير بأن تلك المفاوضات التي نتج عنها إعلان المبادئ كانت محصورة بين مسؤولين محدودين تماماً، بينهم وزير خارجية إثيوبيا وقتها تيدروس أدهانوم غيبريسيوس (مدير منظمة الصحة العالمية حاليا)، ومدير المخابرات المصرية وقتها، خالد فوزي، والسيسي، وولي عهد أبوظبي في حينه، محمد بن زايد، إضافة إلى دحلان ومساعديه.

ويفصّل التقرير (المنشور قبل ست سنوات) دور دحلان مبعوثا خاصا لمحمد بن زايد في بعض ملفات المنطقة.

وأظهرت التطورات على مدى تلك السنوات أن ما جاءت عليه “نيوزويك” يتحقّق على أرض الواقع بصورة لا تختلف كثيراً عما قيل وقتها.

في ذلك كله، لا يُلقى اللوم بالطبع على الإمارات، بل على السيسي، الذي رهن بلاده في يد الإمارات، بصورة تطرح أسئلة عديدة بشأن ما يقوم به السيسي في التفريط في الأمن القومي المصري ومستقبل مصر بأكمله في يد دولة أخرى.

لم يتوقف الدور الإماراتي عند صياغة بنود هذه الاتفاقية المشبوهة، بل إنها الآن تستحوذ على أصول للدولة المصرية.

لدعم الإمارات إثيوبيا جذوره الممتدة، خصوصا بعد الانقلاب في مصر الذي دعمت فيه السيسي. تعد الإمارات الدولة الخليجية الثانية بعد السعودية في الاستثمار في إثيوبيا، حيث وصل حجم الاستثمار الإماراتي في البلاد إلى ثلاثة مليارات دولار في عام 2014.

كما أودعت الإمارات في 2018 مليار دولار في البنك الوطني (لإثيوبيا) لمعالجة نقص العملة الأجنبية. لا يمكن أيضا إخفاء الدعم الإماراتي لأثيوبيا من خلال دعم الحكومة الإثيوبية.

ويمكن ملاحظة ذلك في متابعة وسائل الإعلام الإماراتية، والتي يجرى توجيهها لدعم الحكومة الإثيوبية في أي موقف، فقد احتفت وسائل الإعلام التي تمتلكها الإمارات بهزيمة جبهة تحرير تيغراي وانتصار الجيش التابع للحكومة الإثيوبية.

وأبرزت الإمارات، أخيرا، نياتها السيئة تجاه مسألة سد النهضة، ودعمها المطلق أثيوبيا، فمع بداية الملء الثالث منذ أسابيع، وجهت مصر إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، يوم 5 أغسطس/ آب الحالي، خطابا تتحفّظ فيه على شروع أديس أبابا في الملء الثالث لسد النهضة بشكل أحادي، من دون التوصل إلى اتفاق قانوني مع مصر والسودان.

فردّت إثيوبيا في خطاب مضادّ للخطاب المصري بأنه “لا يوجد التزام قانوني يُجبرها على مشاركة البيانات والمعلومات عن عملية ملء السد مع مصر والسودان”.

واتهمت مصر بتقويض الجهود المبذولة لإجراء دراسة لتقييم الأثر العابر للحدود التي أوصى بها فريق الخبراء الدوليين.

المدهش في هذا ليس الموقف الإثيوبي، بل موقف الإمارات، وهي الدولة العربية حاليا العضو في مجلس الأمن، التي أصدرت خطابا إلى الأمم المتحدة بشأن السد، رحّبت فيه بما سمته التزام الدول الثلاث بالمفاوضات التي يقودها الاتحاد الأفريقي.

وشجّعت أبوظبي الدول أطراف الأزمة على مواصلة التفاوض بحسن نيّة، مع مراعاة التقدّم الذي أُحرز من خلال مبادرات مختلفة، جرى الاضطلاع بها لدعم العملية التي يقودها الاتحاد الأفريقي.

ثم عادت الإمارات وأكّدت دعمها إعلان المبادئ لعام 2015 بشأن سد النهضة الإثيوبي، بوصفه مرجعاً أساسياً، وتدعم الإمارات هدف الأطراف الثلاثة في التوصل إلى اتفاق وحل اختلافاتهم لتعظيم المكاسب لهم ولشعوبهم.

هنا يجرى الكشف عن الدور الإماراتي منذ اللحظة، خصوصا في صياغة بنود إعلان المبادئ، فقد عادت وأكدته في بيانها، وهي تعلم جيدا أن هذا الإعلان ورّط مصر وجعلها تفرّط في حقوقها المائية التاريخية.

كانت القاهرة تطمع في دعم أكبر من الإمارات، لكنها أصيبت بخيبة أمل، فمعنى البيان الإماراتي أن مجلس الأمن ليس ذا اختصاص في تناول الأمر، وأن الاتحاد الأفريقي هو المكان المناسب الذي يجب أن يستمر التفاوض في إطاره، من دون إشارة إلى أن إثيوبيا ماضية في مخطّطاتها للملء الثالث للسد، وهذا في مجمله إضعاف للخطاب الذي وجهته مصر إلى مجلس الأمن.

في كل هذه التصرّفات الإماراتية، تظهر إسرائيل من الخلف، فمعروفٌ إن الإمارات هي قائدة ملف التطبيع في المنطقة العربية، ويبدو أنها تهدف إلى إيصال المياه إلى إسرائيل.

وبالتالي، السعي في تحقيق فكرة إنشاء بنك مياه في إثيوبيا، عن طريق حجز مياه النيل التي كانت تصل بشكل طبيعي إلى دولتي المصبّ (السودان ومصر)، ثم بيعها لأي دولة تحتاجها.

وفي هذه الحالة، سيصبح احتمال نقل مياه النيل إلى دول الخليج وإسرائيل عبر أنابيب في البحر الأحمر مثل أنابيب الغاز، وارد وبشدة.

سيذكُر التاريخ أن عبد الفتاح السيسي فرّط في حقوق مصر التاريخية، وباع أصولها للإماراتيين ودول خليجية أخرى، وأن مصر قد تواجه مصيرا مجهولا يؤدّي إلى تدميرها وإسقاطها، بل وأن تصبح دولة مفكّكة تتنازعها الصراعات، إذا ما جفّ ماء النيل، أو نضب منبعه.