موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

ناس ديلي .. ذراع إماراتي مشبوه للترويج لعار التطبيع

319

دعت حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات (BDS) صانعي المحتوى والمؤثرّين/ات في المنطقة العربية لمقاطعة برنامج “ناس ديلي القادم”، والذي “يهدف لتوريطهم/ن في التطبيع مع “إسرائيل” والتغطية على جرائمها”.

وقالت اللجنة في بيان صحفي إن البرنامج الذي تدعو إلى مقاطعته “يهدف إلى تدريب 80 صانع/ة محتوى عربي/ة من خلال “أكاديمية ناس” التي تضمّ إسرائيليين من ضمن طاقم الإشراف والتدريب الذي يرأسه الاسرائيلي جوناثان بيليك، وبتمويلٍ من أكاديمية “نيو ميديا” الإماراتية التي أنشأها محمد بن راشد قبل شهرين”.

وأضافت أن “هذا الدعم من قبل النظام الإماراتي الاستبدادي يشكّل تواطؤاً صريحاً في الجهود الإسرائيلية لغزو عقول شعوبنا وتلميع جرائم نظام الاستعمار الاستيطاني والأبارتهايد الإسرائيلي، فضلاً عن تسويق اتفاقية العار التي أبرمها النظام مع الاحتلال”.

ويقود البرنامج صانع المحتوى نصير ياسين، “الغارق في التطبيع والذي ينتج ويبث محتوى تطبيعي ناعم، ينتزع إسرائيل من سياقها الحقيقي وطبيعتها القائمة على الإجرام والتطهير العرقي… ووصل تطبيعه (نصير ياسين) إلى حدّ تحميل الفلسطيني مسؤولية الصراع لعدم قبوله بـ “السلام” الإسرائيلي- الأميركي المزعوم”.

وحيّت اللجنة الوطنية الفلسطينية لمقاطعة إسرائيل صناع المحتوى الذين رفضوا الانخراط في هذا المشروع، مطالبة كافة المشاركين بالانسحاب فوراً.

ودأبت إسرائيل منذ أن تأسست في أرض الفلسطينيين المسلوبة، على تجميل صورتها وتبرير جرائمها، من خلال أنواع مختلفة من العلاقات العامة.

ومن ذلك الاعتماد على ناشطين معروفين في وسائل التواصل الاجتماعي، مثل نصير ياسين، الذي يكشف الموقع تورطه في نقل السردية الإسرائيلية للصراع من خلال فيديوهات “الدقيقة الواحدة” التي يعدها في فيسبوك.

قبل بضع سنوات، عثرت على موقعٍ “لم يعد له وجودٌ الآن” تديره وزارة الدبلوماسية العامة والإعلام وشؤون اليهود في الشتات الإسرائيلية، ويشجع الإسرائيليين المسافرين أو المقيمين في الخارج ليقوموا بدور “السفراء المبتدئين” نيابة عن دولة إسرائيل، من خلال التصدي إلى “المفاهيم الخاطئة” و”الانتقادات اللاذعة” الدولية أينما وجدوا.

وكان هدف الموقع المُعلَن هو “تمكين كل واحد منا من تسليح نفسه بالمعلومات والاعتزاز بتاريخ إسرائيل وإسهاماتها العالمية، وتقديم صورة أكثر واقعية عن إسرائيل إلى العالم”.

ومن بين مخزون “المعلومات” المجمعة لخدمة السفير المبتدئ الطموح، كانت هناك حقائق مبهمة من قبيل “اختراع إسرائيلي لجهاز كهربائي لإزالة الشعر يجعل النساء سعيدات في جميع أنحاء العالم”، ومثل أيضًا “الإرهاب الإسلامي يحدث في جميع أنحاء العالم، ولا علاقة له بالصراع العربي الإسرائيلي، أو القضية الفلسطينية، أو العلاقات الإسرائيلية الأمريكية، أو وجود إسرائيل وسياساتها”.

ظهر الآن سلاح من نوعٍ آخر أكثر دهاءً في ترسانة العلاقات العامة الإسرائيلية؛ يتمثل في مُدوّن الفيديو الإسرائيلي/الفلسطيني نصير ياسين، المشهور بصفحته على فيسبوك، “ناس ديلي-Nas Daily”.

استقال نصير ياسين خريج جامعة هارفارد وابن قرية عرابة في الجليل من وظيفته في مجال التقنية العالية، والتي كان يتقاضى منها 120 ألف دولار سنويًا، في مدينة نيويورك عام 2016، عندما كان عمره 24 عامًا، وذلك من أجل السفر حول أنحاء العالم ونشر مقاطع فيديو يومية مدتها دقيقة واحدة، والتي غالبًا ما تكون مبهجة للغاية.

لا شك أن صيغة الفيديوهات ذات الدقيقة الواحدة ملائمة تمامًا للاستحواذ على عدم الإصغاء العالمي الرائج، في حين أنه ليس من الصعب تخمين المنافع والمميزات التي تأتي من وراء صفحة ناس ديلي-Nas Daily ونجمها نصير ياسين.

وأشار تقرير لصحيفة تايمز أوف مالطا Times of Malta التابعة لجمهورية مالطا، إحدى الوجهات التي قصدها نصير ياسين مؤخرًا، إلى أن مُدوّن الفيديو استقر في “جناح إداري في فندق شهير من فئة الخمس نجوم، والذي تقول مديرة مبيعات الشركة فيه، إنها سعيدة بتوفير مثل هذا الجناح له مجانًا، وذلك في مقابل إشارة واحدة للفندق على صفحته على موقع انستغرام”.

يكتب المؤلف والباحث ستيفن سالايتا، الذي كان يشغل سابقًا كرسي إدوارد سعيد للدراسات الأمريكية بالجامعة الأمريكية فى بيروت، على موقع Mondoweiss، أنه على الرغم من أن زيادة وتشديد نصير ياسين على “الإيجابية” الذي ربما يحظى بجاذبية واسعة في “عالمٍ محطمٍ ظاهريًا”، فإنه يمكن قراءة خطابه في الواقع على أنه “دليل ميداني على التعاون”.

وبالنظر إلي إحدى فيديوهات نصير ياسين ذات الدقيقة الواحدة التي تفسر تأسيس دولة إسرائيل في عام 1948، التي يقول فيها “غادر بعض الفلسطينيين، وقُتل بعضهم، وبقي البعض في أرضهم.. وبقي شعبي”، وهذا هو بالأحرى موجز ملل لا مبال لتدمير أكثر من 400 قرية فلسطينية، وذبح عدة آلاف من الفلسطينيين، وطرد 750 ألف آخرين من أرضهم.

يشدد نصير ياسين على أنه اختار “قبول حدود إسرائيل… والحدود الجديدة لفلسطين”، وأنه يجب “المضي قدمًا”، وبرر ذلك قائلًا: “لأنه يوجد في الحياة أمور أفضل وأكبر وأكثر أهمية للتركيز عليها، بدلًا من الخلاف على اسم قطعة من أرض”!

يبدو هذا عادلًا بما فيه الكفاية، من الناحية النظرية؛ إلا أنه بالنسبة لكثيرٍ من الفلسطينيين، فإنه من المستحيل حرفيًا “المضي قدمًا” بينما تواصل إسرائيل فرض الحصار، والقيام بالمذابح، وخلاف ذلك فإنها تمارس ضدهم الاضطهاد في سياق مستمر من التطهير العرقي والاحتلال والاستعمار.

وفي مناسبة أخرى، قدم نصير ياسين في إحدى فيديوهاته “الحل لإسرائيل وفلسطين”، التي أعلن فيها أنه “لن تنجح فكرة دولة واحدة لشعبين”، واقترح إنشاء دولتين؛ مع حدود على طول ما يسمى بالخط الأخضر بعد عام 1967. وسوف يتعين على إسرائيل إزالة مستوطناتها غير الشرعية، ويجب على فلسطين أيضًا “تشكيل حكومة موحدة، والتي لا تدعو إلى العنف متى أُتيحت لها الفرصة”.

ولا يهم احتكار السلطة الإسرائيلية لاستخدام العنف طيلة سبعة عقود، أو حقيقة أن الإسرائيليين دأبوا على تخريب هذه الفكرة غير الجديدة عن حل الدولتين باستمرار.على سبيل المثال، في مقابلة أجرتها صحيفة هآرتس الإسرائيلية عام 2004 مع دوف ويسجلاس، كبير مستشاري آرييل شارون، رئيس الوزراء آنذاك، أوضح أن “أهمية ومغزى” خطة الانسحاب الإسرائيلية من قطاع غزة كانت في أنها بمثابة “تجميد لعملية السلام”، والتي بفضلها “حُذفت كل هذه الرُزمة المسماة دولة فلسطينية، وبكل ما تنطوي عليه، من جدول أعمالنا إلى أجل غير مسمى”.

يردد نصير ياسين وينشر النغمات القديمة وشعارات “اللوم يقع على كلا الجانبين” المعتادة، التي تُخفي بشكل واضح العلاقة بين المعتدي والضحية، التي وصلت إلى مستويات جديدة الشهر الماضي عندما قامت إسرائيل في 14 أيار/ مايو بقتل أكثر من 60 فلسطينيًا في غزة.

أخذ نصير ياسين وقتًا من جدول أعماله المزدحم في إعداد تقارير حول المنتجعات الفاخرة والمسابح اللا نهائية في جزر المالديف، واعتذر ياسين عن وقف وعرقلة برنامجه المجدول بانتظام معتاد، ليُدلي بدلوه بشأن الأحداث قائلًا: “أنا آسف للغاية، أكره إعداد مقاطع الفيديو السياسية”.

في النهاية، تمثل هذا التدخل السياسي في قوله إن “الأمر ليس إما أسود أو أبيض، إذا وقفت مع جانبٍ واحدٍ وجانب واحد فقط، فأنت مخطئ.. لأنه يمكنني تسمية مئة شيء خاطئ قمنا به نحن الفلسطينيون (وفعله العرب كما في مصر والأردن) خلال السبعين سنة الماضية، وينطبق الأمر نفسه على إسرائيل”.

حظيت الرسالة بالتأكيد بالتقدير البالغ من جانب ما يقرب من مليوني فلسطيني في غزة، عالقين في منطقة ساحلية معزولة ومحاصرة، وغير مؤهلين للحصول على خدمة وجبة الإفطار العائمة في البحر المالديفي!

على الرغم من تفاديه المزعوم للأمور السياسة، إلا أن محتوى فيديوهات نصير ياسين السطحي ظاهريًا -من الجزر العائمة في المالديف، إلى الرقص في سوازيلاند، إلى التصفيق الحار للكسكس في المغرب- يُسيس بشكل جوهري، بفضل ترقيته من قبل وسائل الإعلام الإسرائيلية المختلفة كما لو أنه نوع من الكنوز الوطنية. على سبيل المثال، تقدمه صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية – The Jerusalem Post، على أنه “نجم الفيس بوك العربي الإسرائيلي”.

وبالفعل، فإن النجومية في فيسبوك هي مثال رائع على الحياة المجيدة التي قد يصل إليها الفلسطينيون فقط لو أنهم توقفوا عن التذمر بشأن إسرائيل و”مضوا قدمًا”.

عندما أصدر نصير ياسين في تشرين الأول/أكتوبر 2017 فيديو بعنوان “هذا غير مقبول”، في إشارة إلى موقف لم تسمح فيه الخطوط الجوية الكويتية له بالانتقال من نيويورك إلى الهند باستخدام جواز سفر إسرائيلي، استحوذ الخبر على وسائل الإعلام الإسرائيلية بشغف. وأعلنت صحيفة The Times of Israel أن  الكويت قامت بذلك لأن نصير ياسين “انتقد الكويت لمقاطعتها الدولة اليهودية في فيديو شُوهد أكثر من 400 ألف مرة”، وقال رأيه بوضوح: “هذا الحظر الغبي هو عبارة عن عمل سياسي محض”.

وكما يلاحظ سالايتا: “إن أسهل طريقة للفلسطينيين لكسب جمهور كبير هي من خلال استرضاء وتهدئة القلق الصهيوني الليبرالي”. وبعبارة أخرى؛ لا يبدو أن نصير ياسين “يفهم أو يهتم بأنه يكرر بكل بساطة البروميدات المضجرة نفسها التي يقدمها الدبلوماسيون والسياسيون والمثقفون والنقاد والمذيعون الغربيون لما يقرب من خمسة عقود”.

يمكن ترجمة أداء نصير ياسين الناجح، بطبيعة الحال، إلى أنه تطبيع مع الاستعمار والاحتلال الإسرائيلي، وإضفاء القدسية والطهارة على مشهد الأرض التي تم الاستيلاء عليها بجريمة. حتى نقده السطحي العابر لإسرائيل، يكون في نهاية المطاف باسم الدولة، موفرًا بذلك وهم ثقافة المعارضة الديمقراطية النشطة والحيوية.

يقتبس موقع Business Insider، وصف نصير ياسين لمجال عمله الذي يصف فيه صناعة مقاطع الفيديو التي تدور “حول قصص الناس بطريقة إنسانية”. ولكن في حين أن فيديو واحد مدته دقيقة واحدة ربما يكون نموذج عمل مثاليًا في عالم رأسمالي تقني بحاجة إلى ومضات يومية من الأمور التافهة المبهجة، فإن التبييض والتجميل لعملية الاضطهاد المصاحب لذلك بصراحة فعل لا إنساني.