موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

النظام الإماراتي خصم الثورة التونسية والمناهض الأكبر لشعبها

134

جعل النظام الإماراتي نفسه خصما للثورة التونسية عبر التغطيات الإعلامية المنحازة، وصولا إلى نوعٍ من القطيعة السياسية من طرف واحد والمناهض الأكبر للشعب التونسي.

ومرة أخرى، تتخذ الإمارات قرارا بمنع التأشيرات عن التونسيين. وعلى الرغم من أن الجهات الرسمية التونسية تجاهلت التعليق على الخبر، إلا أن رئيس لجنة النقل الجوي في الجامعة التونسية لوكالات الأسفار أفاد، في تصريح لوسائل إعلام محلية، بأن الإمارات قرّرت منع التأشيرة عن فئة واسعة من التونسيين، وأوضح أن القرار يستثني التونسيين المقيمين في الإمارات والذين يتجاوز عمر الواحد منهم الستين عاما.

ليس في قرار أبوظبي هذا أدنى مفاجأة، فقد اعتاد النظام السياسي هناك على اتخاذ مواقف مماثلة تستهدف المواطنين التونسيين منذ سنة 2011 وسقوط نظام زين العابدين بن علي.

وترتبط هذه المواقف عادة بأحداث سياسية تونسية تثير حفيظة السلطات الإماراتية، على الرغم من أن لا أحد يستهدف الإمارات في السياسة الرسمية التونسية.

ففي سنة 2011 وبعد انتخابات أكتوبر/ تشرين الأول من ذلك العام، اتخذت الإمارات إجراءاتٍ مماثلة ضمن ما اعتبره بعضهم رفضا إماراتيا لمخرجات الانتخابات التونسية التي أفرزت صعود قوى سياسية، مثل حركة النهضة، ووصول المنصف المرزوقي إلى منصب رئاسة الجمهورية.

وقد جعل النظام الإماراتي من نفسه خصما للثورة التونسية منذ بداية فعالياتها، عبر التغطيات الإعلامية المنحازة، وصولا إلى نوعٍ من القطيعة السياسية من طرف واحد، ورفض تقديم أدنى دعم مالي أو اقتصادي لتونس.

تترافق المواقف الإماراتية ذات المزاج المتقلب من المشهد التونسي في كل مرة مع توجهاتها الساعية إلى إخضاع تونس، وإدخالها ضمن حظيرة الدول التابعة لها، وبشكل فج يثير السخرية أحيانا، والاشمئزاز أحيانا أخرى.

فإثر انتخابات سنة 2014، كانت الإمارات تراهن على الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي، وتصورت أن في وسعها التلاعب به وبتوجهاته.

ولهذا كانت صدمة صانع القرار الإماراتي حادّة، كما عبرت عنها في حينها وجوه قريبة من دائرة ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، عندما اختار السبسي سياسة التوافق ونهج التعايش السياسي، عبر تشكيل تحالف حكومي واسع، كانت حركة النهضة من المشاركين فيه، وهو الأمر الذي أدى إلى اندلاع أزمة دبلوماسية بين البلدين، بعد قرارات مفاجئة سنتي 2015 و2016، بمنع التونسيين من السفر إلى الإمارات، وصولا إلى القرار الصادر في شهر ديسمبر/ كانون الأول 2017، بعدم منح التأشيرة للتونسيات تحديدا، ما أثار حينها موجة من التنديد في الشارع التونسي.

هذه المرّة، جاء قرار الإمارات بعدم منح تأشيرات السفر للتونسيين يوم 17 نوفمبر/ تشرين الثاني الحالي، أي مباشرة بعد انتهاء زيارة الرئيس التونسي قيس سعيد، إلى قطر، والتي تواصلت ثلاثة أيام، ما يعني أن القرار رد فعل إماراتي على الزيارة.

وعلى الرغم من أن جهات قريبة من رئاسة الجمهورية حاولت التخفيف من وقع القرار، إلا أن أي متابع موضوعي يدرك الصلة المباشرة بينه وبين زيارة الرئيس الدوحة.

ويظل السؤال دائما: ماذا تريد الإمارات من تونس؟ لا تتطلب الإجابة عن السؤال فلسفة سياسية، ولا مقاربة فكرية، فنحن لسنا بصدد الحديث عن سياسة دولة عظمى ذات مؤسسات، وإنما يتعلق الأمر بدولة الإمارات التي تخضع لقرارات مزاجية يُصدرها صاحب السلطة.

ومن جانب آخر، اختارت الإمارات الانحياز للقوى المضادة للثورات العربية، وهي تعتبر تونس أساس “الخطيئة العربية” المتمثلة في المطالبة بالديمقراطية والحرية والتعدّدية السياسية، وهذه في أعراف دول الاستبداد العربي بدع لا يمكن السكوت عليها.

ومن هنا، كان العمل الإماراتي على إفشال المسار الديمقراطي التونسي، مثلما فعلت في ليبيا عبر دعم مليشيات اللواء المتمرّد خليفة حفتر، وبدعم الانقلاب العسكري في مصر. ولكنها تشعر بالفشل إزاء المشهد التونسي، حيث المسار الديمقراطي ما يزال قائما، والمواطن هو الذي يختار من يحكمه.

وبالنظر إلى فشل الأسلوب المفضل لدى النظام الإماراتي الذي يعتمد الدفع إلى الفوضى، وصولا إلى قلب النظام السياسي، انتقلت استراتيجيتها المعلنة في تونس إلى محاولة استخدام الديمقراطية ذاتها للانقلاب عليها، عبر تمويل أحزاب سياسية وجمعيات وقنوات إعلامية تسعى إلى تقويض المشهد الديمقراطي التونسي.

ما يجهله صانع القرار الإماراتي أن الديمقراطية في تونس أصبحت أكثر قدرةً على التأقلم، وأن الذين تدعمهم لن يتمكّنوا من حكم البلد مهما فعلوا، لأن النظام السياسي والانتخابي التونسي والبنية الدستورية القائم عليها هي من التعقيد، بحيث تمنع أي طرفٍ من التغوّل السياسي، أو من الانقلاب على النظام الجمهوري الذي يتأسّس على الحرية والتعددية.

وكان الأجدى لو حاولت الإمارات تطبيع علاقاتها مع البلاد التونسية، والتوقف عن المواقف المزاجية، وحالة العداء غير المبرّر للديمقراطية التونسية التي هي تعبير عن روح شعب تونس، وليست نتاجا لقرار مفروض من سلطة معينة مهما كان نفوذها.